الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد هذا هو المجلس الاول من شرح الكتاب السابع والاخير من لب الاصول لشيخ الاسلام زكريا الانصاري رحمه الله تعالى ورضي عنه ونفعنا بعلومه في الدارين وهذا الكتاب عقده المصنف رحمه الله تعالى في الاجتهاد وما معه واراد بذلك ما يذكر مع احكام الاجتهاد من احكام المتعلقة بالتقليد ومن هو المجتهد؟ ومن هو المقلد والشروط التي يجب ان تتوفر في الشخص لكي يستنبط الاحكام الشرعية من ادلتها التفصيلية فيقول المصنف رحمه الله تعالى الكتاب السابع في الاجتهاد وما معه قال الاجتهاد استفراغ الفقيه الوسع لتحصيل الظن بالحكم قال والمجتهد الفقيه وهو البالغ العاقل اي ذو ملكة يدرك بها المعلوم. فالعقل الملكة في الاصح فقيه النفس وان انكر القياس العارف بالدليل العقلي ذو الدرجة الوسطى عربية واصولا ومتعلقا بالاحكام من كتاب وسنة. وان لم يحفظ متنا اهه ويعتبر للاجتهاد كونه خبيرا بمواقع الاجماع والناسخ والمنسوخ واسباب النزول والمتواتر والاحاد والصحيح وغيره وحال الرواة. ويكفي في زمننا الرجوع لائمة ذلك. ولا يعتبر علم الكلام قال وتفاريع الفقه والذكورة والحرية وكذا العدالة في الاصح وليبحث عن المعارض قال ودونه مجتهد المذهب بدأ المصنف رحمه الله تعالى كلامه عن الاجتهاد. والاجتهاد المراد به الاجتهاد في الفروع. فهذا الباب انما عقده المصنف رحمه الله تعالى في الاجتهاد في هذا الباب على وجه الخصوص. الاجتهاد لغة افتعال من الجهد او الجهد فتح والضم وهو الطاقة والوسع. يقال اجتهد في الامر يعني بذل ما في وسعه وما في طاقته ابلغ ما يطلبه معناه هو ان يبذل المجتهد غاية ما يقدر من اجل ان يحصل امرا شاقا فخاصوا الاجتهاد في اللغة بتحصيل الامور الشاقة. اما الامور التي لا مشقة في تحصيلها فهذا لا يسمى اجتهادا كمن حمل شيئا خفيفا لا يقال اجتهد من اجل حمل هذه الورقة مثلا. لا يقال اجتهد من اجل حمل القلم. وانما يقال في الامور الشاقة فالاجتهاد في اللغة استفراغ الوسع يعني ان يبذل غاية ما يقدر على استفراغه من اجل ان يحصل امرا شاقا واما الاجتهاد في الاصطلاح فعرفه شيخ الاسلام رحمه الله تعالى بانه استفراغ الفقيه الوسع لتحصيل الظن فهذا راجع هذا التعريف راجع الى المعنى المصدري الذي هو فعل المجتهد فيقول هو استفراغ يشمل كل ما يطلق عليه او كل ما فيه بذل للطاقة سواء كان استفراغ الطاقة هذا في الاحكام او في غير الاحكام سواء كان استفراغ الطاقة هذا في امر شرعي او في امر لغوي او في امر منطقي عقلي او في مسألة حسابية كل ما فيه بذل للطاقة هذا يدخل في هذا التعريف لانه قوله هنا استفراغ جنس يشمل كل ذلك لكن جاء بعد ذلك وقال استفراغ الفقيه فخرج بذلك غيره فخرج بذلك من بذل طاقته في مسألة حسابية. من بذل طاقته في مسألة هندسية. من بذل طاقته في مسألة عقلية فهذا لا يدخل في هذا الباب. فقال هو استفراغ الفقيه الوسع. طيب ما المراد بالفقيه هنا المراد بالفقيه هو ما ذكره المصنف بعد ذلك من توفرت فيه شروط خاصة ومن عنده ملكة استنباط. من عنده قدرة على استخراج الاحكام الشرعية في الحوادث المتجددة التي يعرفها العلماء يلقبها العلماء بالنوازل. اذا نزلت النازلة وحدثت حادثة جديدة استطاع هذا المجتهد ان يستخرج الحكم الشرعي لهذه الحادثة المتجددة. مهيأ بالقوة على معرفة الاحكام الشرعية بحيث انه لو نزلت نازلة جديدة استطاع ان يعرف حكم الله تبارك وتعالى فيها قد يجتهد ولا يتوصل في نهاية الامر الى معرفة هذا الحكم. هل معنى هذا انه ليس بفقيه؟ لا هو فقيه. هو فقيه بالقوة قد يصل في نهاية الامر الى معرفة حكم الله تبارك وتعالى وقد لا يصل فالمقصود اذا بالفقيه هنا يعني المهيأ للفقه الذي عنده ملكة ملكة استنباط عنده القدرة على استخراج احكام شرعية لحوادث متجددة فاذا نزلت حادثة من هذه الحوادث وبذل وسعه وبذل طاقته لمعرفة حكم الله تبارك وتعالى فيها استطاع ان يصل الى معرفة حكم الله تبارك وتعالى في هذه النازلة. فبنقول هو استفراغ الفقيه الوسع يعني الطاقة لتحصيل الظن بالحكم لتحصيل الظن بالحكم. يعني لتحصيل حكم الله تبارك وتعالى ولو ظنا فيبذل طاقته في نظره في الادلة بحيث انه يشعر من نفسه العجز عن بذل المزيد قال رحمه الله تعالى والمجتهد الفقيه بمعنى ان المجتهد هو الفقيه والفقيه هو المجتهد هذا هو الاصل ثم صار بعد ذلك يستعمل في فقهاء المذاهب غير المجتهدين. لكن الاصل عندنا لما نقول فلان فقيه يعني انه بلغ هذه العالية في الفقه بحيث انه صار عنده القدرة على استنباط الاحكام الشرعية من ادلتها التفصيلية. قال رحمه الله تعالى المجتهد الفقيه وهو البالغ العاقل ذو ملكة يدرك بها المعلوم وهذا شروع منه رحمه الله تعالى في الكلام عن شروط المجتهد فمعنى ذلك ان الاجتهاد لا يقبل ولا يعمل به ولا ينظر فيه الا اذا صدر من شخص قد توفرت فيه هذه يذكر الشيخ رحمه الله تعالى ان اول هذه الشروط ان يكون بالغا. هذا هو الشرط الاول فهذا خرج به غيره. فغير البالغ ليس بمجتهد. لماذا؟ لانه لم يكتمل عقله. حتى نعتبر برأيه قال رحمه الله تعالى العاقل خرج بذلك المجنون فالمجنون لا يمكن ان يكون مجتهدا. من باب اولى اذا كان الصبي الذي لم يكتمل عقله لا يدخل في جملة المجتهدين. فمن باب اولى المجنون الذي لا عقل له واختلف العلماء في تفسير العقل فقيل هو ملكة يدرك بها المعلوم يعني هي قوة نفسية تدرك بها الاشياء فالعاقل هو صاحب تلك الملكة عنده قوة نفسية يدرك بها الاشياء. وقيل العقل هو نفس الادراك ضروريا كان او نظريا لا القوة التي يدرك بها وقيل العقل هو ادراك العلم الضروري فقط واستدرك بعضهم قائلا هو ادراك بعض العلم الضروري كي لا يخرج ان يكون عاقلا من فقد الادراك لبعض العلوم الضرورية كمن فقد حسا من حواسه الخمس ولذا قالوا من فقد حسا فقد علما ومن العلماء من يقول العقل لا يحتاج الى تعريف. فعلى كل حال بنقول لابد في المجتهد ان يكون بالغا عاقلا الامر السالس يقول الشيخ رحمه الله تعالى فقيه النفس يعني شديد الفهم بالطبع لمقاصد الكلام صار الفقه له سجيا. ملازمة له وصار الفقه ملكة قائمة به يستطيع بواسطتها استنباط الاحكام واختلف العلماء فيمن انكر القياس الذي هو باب الاجتهاد الاكبر. هل يكون مجتهدا؟ والصحيح كما يذكر الشيخ رحمه الله ان يكون مجتهدا ولهذا قال فقيه النفس وان انكر القياس وبعض العلماء يقول من انكر القياس لا يكون مجتهدا وبعضهم يقول ان انكر القياس الجلي هذا لا يكون مجتهدا. فالمسألة فيها خلاف. ولهذا المصنف رحمه الله تعالى قال وان انكر القياس. فذكر الغاية هنا للرد على من ذهب الى غير ذلك فالحاصل يعني ان المجتهد لابد ان يكون فقيه النفس يعني شديد الفهم بالطبع لمقاصد الكلام. صار الفقه له سجية ملازمة وملكة قائمة به يستطيع بواسطتها استنباط الاحكام وخرج بذلك غيره الذي لا يفهم آآ مقاصد الكلام فهذا لا يكون مجتهدا لانه لا يتأتى منه الاستنباط الذي هو مقصود الاجتهاد قال العارف بالدليل العقلي. يعني بالبراءة الاصلية. فيتمسك بها الى ان يصرف عن ذلك بصارف شرعي. قال ذو الدرجة الوسطى عربية واصولا ومتعلقا للاحكام من كتاب وسنة ان لم يحفظ متنا لها ذو الدرجة الوسطى عربية يعني من نحو وصرف ومعان وبيان ولا يشترط ان يكون متبحرا فيها. بل يكفي ان يكون متوسط الدرجة في هذه العلوم قال واصولا يعني وكذلك في اصول الفقه قال ومتعلقا للاحكام. يعني ما تتعلق الاحكام به بدلالته عليها من كتاب وسنة. ولا يشترط ان كون حافظا لنصوص الكتاب والسنة لا يشترط ان يكون حافظا لكن يكفي ان يكون عارفا مظان الاحكام الشرعية. بمعنى لو انه اراد ان يبحث في مسألة من مسائل البيوع فيكفي ان يكون عارفا مظن الادلة التي يرجع اليها من اجل بحث هذه المسألة ولا يشترط ان يكون حافظا لكل ادلة البيوع في الكتاب والسنة. بل لا يشترط ان يكون حافظا للقرآن اصلا ولا يشترط ان يكون حافظا لشيء من السنة. بل يكفي ان يكون عارفا بما ظن هذه الادلة. كما سيأتي معنا ان شاء الله تعالى قال ومتعلقا للاحكام من كتاب وسنة يعني ما يتعلق به بدلالته عليها قال وان لم يحفظ متنا لها. يعني حتى وان لم يكن حافظا. لهذه النصوص طيب لماذا اشترط المصنف رحمه الله تعالى ذلك كله؟ او لماذا اشترط الاصوليون ذلك كله في المجتهد اشترطوا ان يكون عارفا بايات الاحكام وباخبارها يعني بمواقعها حتى وان لم يحفظها لانه يحتاج اليها من اجل ان يستنبط منها الاحكام الشرعية. فلابد ان تكون عارفا بايات الاحكام ولابد كذلك ان يكون عالما بالاصول لان بعلم الاصول يعرف كيفية الاستنباط واما بالنسبة للباقي اللي هو معرفة العربية او على الدرجة الوسطى على اقل الاحوال لانه لا يمكن ان يفهم المراد الا بذلك الا بذلك. لان القرآن نزل بلسان عربي مبين. كما اخبر ربنا سبحانه وتعالى والنبي صلى الله عليه وسلم هو افصح من تكلم بالعربية فلابد ان يكون على دراية بلغة العرب حتى يستطيع ان يفهم المراد والامام التقي السبكي رحمه الله تعالى بالغ في ذلك. لم يكتفي رحمه الله التوسط في تلك العلوم فذكر رحمه الله تعالى في الاصل ان المجتهد لابد ان يكون محيطا بمعظم قواعد الشرع ولابد ان يكون مارس هذه القواعد بحيث يكتسب قوة يفهم بها مقصود الشارع. قال رحمه الله تعالى ويعتبر جهاد كونه خبيرا بمواقع الاجماع والناسخ والمنسوخ واسباب النزول والمتواتر والاحاد. والصحيح وغيره وحال الرواة ويكفي في زمننا الرجوع لائمة ذلك ولا يعتبر علم الكلام. يعني يشترط لتحقق اجتهاد المجتهد ستة شروط. اول هذه شروط ان يكون خبيرا ان يكون خبيرا بمواقع الاجماع. يعني لابد ان يعرف المسائل التي حصل الاجماع عليها بين العلماء حتى لا يخرق هذا الاجماع بمخالفة له بعد ذلك. وخرق الاجماع لا يجوز وهذا تقدم معنا لما تكلمنا عن الاجماع وحكم مخالفة الاجماع وفصلنا بين النوعين الاجماع الظني والاجماع القطعي فلابد ان يكون عالما بالاجماع حتى لا يجتهد في مسألة ويخالف بعد ذلك هذا الاجماع فيقع في الحرام الامر الساني وهو انه لابد ان يكون خبيرا بالناسخ والمنسوخ لابد ان يكون خبيرا بالناسخ والمنسوخ. بمعنى ان يكون عارفا بالمتقدم من المتأخر ويعرف ان هذا المتأخر قد نسخ المتقدم حتى لا يأتي على دليل منسوخ ويجتهد فيه. وهو قد نسخ اصلا فلابد ان يكون خبيرا بالناسخ والمنسوخ الامر السالس لابد ان يكون خبيرا باسباب نزول الايات واسباب ورود الحديث لان هذا مما يعين على فهم المراد من تلك النصوص الامر الرابع وهو ان يكون خبيرا بالمتواتر والاحاد من الاخبار الامر الخامس وهو ان يكون خبيرا بالصحيح وغيره من حسن وضعيف الامر السادس والاخير لابد ان يكون خبيرا باحوال الرواة ويذكر الشيخ رحمه الله انه يكفي في زمننا ان نرجع الى كتب الائمة من المحدثين. كالامام احمد والبخاري ومسلم ان نعتمد على تعديلهم وعلى تجريحهم للرواية وهل يشترط معرفة آآ المعرفة بعلم الكلام قال ولا يعتبر علم الكلام يعني لا يشترط معرفة علم الكلام ولا تفاريع الفقه لانها ثمرة الاجتهاد وكذلك لا يشترط الذكور والحرية وكذلك العدالة في الاصح بمعنى انه يجوز ان يكون المجتهد امرأة. ويجوز ان يكون عبدا ويجوز ان يكون فاسقا. قال رحمه الله وتفاريع الفقه والذكورة والحرية وكذا العدالة في الاصح لجواز ان يكون المجتهد فاسقا باعتبار ان الاجتهاد عبارة عن ايه؟ عبارة عن ملكة. من حصل هذه الملكة مع ما ذكرنا صار مجتهدا بغض النظر عن تدينه هو يقع في الكبائر. لكن هل هو مجتهد؟ نعم. زي مسلا واحد فاسق وهو طبيب. واحد فاسق مهندس. هذا الشخص حصل من العلوم ما اهله لان يكون طبيبا. لكن هو بنفسه فاسق هذا الاخر حصل من العلوم ما اهله ان يكون مثلا مهندسا لكن هو في نفسه فاسق. كذلك بالنسبة هنا للاجتهاد. الاجتهاد هو عبارة عن ملكة. من حصلها؟ صار مجتهدا. بغض النظر عن ينهي هو ولهذا لم يشترطوا في المجتهد ان يكون عدلا على الاصح. وبعض العلماء يرى انه لابد فيه من العدالة من اجل ان يعتمد قوله تعقب شيخ الاسلام رحمه الله تعالى القولين وقال اعتبار العدالة لاعتماد القول لا ينافي عدم اعتبارها لاجتهاده. لان الفاسق يعمل باجتهاده في حق نفسه حتى وان لم يعتمد قوله اتفاقا. قال رحمه الله تعالى وكذا العدالة في الاصح قال وليبحث عن المعارض يعني ويجب على المجتهد ان يبحث عما يعارض دليله من ناسخ او مقيد او مخصص او غير ذلك. كما يجب عليه ان يبحث عن اللفظ الوارد هل معه قرينة تعين المراد من هذا اللفظ هل معه قرينة تصرف هذا اللفظ عن ظاهره؟ من اجل ان يسلم من هذه الاعتراضات ومن اجل كذلك ان يسلم فهمه من الخلل ثم قال بعد ذلك ودونه مجتهد المذهب وهو المتمكن من تخريج الوجوه على نصوص امامه نتكلم ان شاء الله عن هذه المرتبة في الدرس القادم ونتوقف هنا ونكتفي بذلك وفي الختام نسأل الله سبحانه وتعالى ان يعلمنا ما ينفعنا وان ينفعنا بما علمنا وان يزيدنا علما وان يجعل ما قلناه وما سمعناه زادا الى حسن المصير اليه وعتادا الى يمن القدوم عليه انه بكل جميل كفيل وهو حسبنا ونعم الوكيل وصل اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين