الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد فهذا هو المجلس الثاني من شرح الكتاب السادس في التعادل والتراجيح من لب الاصول لشيخ الاسلام زكريا الانصاري رحمه الله تعالى ورضي عنه ونفعنا بعلومه في الدارين وكنا وصلنا لقول المصنف رحمه الله تعالى قال والترجيح تقوية احد الدليلين والعمل بالراجح واجب في الاصح قال ولا ترجيح في القطعيات والمتأخر ناسخ وان نقل بالاحاد قال والاصح ان العمل بالمتعارضتين ولو من وجه اولى من الغاء احدهما. وانه لا يقدم الكتاب على ولا عكسه فان تعذر العمل فان علم المتأخر فناسخ والا رجع الى مرجح. فان تعذر فان لم تقارن وقبل النسخ طلب غيرهما والا يخير ان تعذر الترجيح وهذا شروع من المصنف رحمه الله تعالى في الكلام عن الترجيح وهو الجزء الثاني من الترجمة. من ترجمة هذا الكتاب انه جعل هذا الكتاب في التعادل والتراجيح. تراجيح كما ذكرنا قبل ذلك هو جمع ترجيح والترجيح كما يعرفه المصنف رحمه الله تعالى هو تقوية احد الدليلين المتقابلين بوجه من وجوه الترجيح التي سيأتي بعضها ان شاء الله تعالى وتقدم معنا قبل ذلك في الدرس الماضي انه لا تعارض بين قطعيين لا يمكن ان ان يحصل تعارض بين قطعيين. وكذلك لا تعارض بين قطعي وظني عقليين فعليه انما يجري الترجيح بين الظنيين وبين القطع والظن فيما لو كان نقليين الترجيح هو تقوية احد الدليلين المتقابلين ويذكر الشيخ رحمه الله تعالى ان العمل بالراجح واجب. واما بالنسبة للمرجوح فالعمل به ممتنع سواء كان هذا الرجحان قطعيا او كان ظنيا فالعمل بالراجح واجب في الاصح وقيل لا يجب العمل بالراجح فيما لو كان الرجحان ظنيا فعلى ذلك لا يجب العمل بواحد منهما. لا الراجح الظني ولا المرجوح. لماذا؟ لانهم اشترطوا في ذلك ان يكون قطعية لكن على الاصح كما يذكر الشيخ رحمه الله تعالى هنا وهذا فيه اشارة الى الخلاف في المسألة ان العمل بالراجح واجب سواء كان قطعيا او كان ظنيا قال بعد ذلك ولا ترجيح في القطعيات ولا ترجيح في القطعيات لانه لا تعارض بينهما كما مر معنا انه لا يمكن ان يحصل تعارض بين قطعيات ولهذا الى ترجيح في القطعيات. قال والمتأخر ناسخ وان نقل بالاحاد. يعني المتأخر من نصين المتعارضين ناسخ للمتقدم. سواء نقل المتأخر تواترا ام احادا؟ يعني الان عندنا نصان متعارضان نص منهما متأخر والاخر متقدم فهنا بيقول المتأخر الناسخ للمتقدم سواء كان المتأخر هذا متواترا او كان احادا فهو ناسخ للمتقدم لذلك يقول الشيخ رحمه الله تعالى والمتأخر ناسخ والمتأخر ناسخ وان نقل بالاحاد اي فان قيل فيلزم من ذلك اسقاط القطع الذي هو المتواتر بالاحاد الذي هو ظني لو اشكل احد على ذلك فقال يلزم من ذلك اسقاط القطعي الذي هو المتواتر. بالاحاد الذي هو ظني وهذا لا يجوز باعتبار اننا قلنا ان المتأخر ناسخ للمتقدم سواء كان متواترا او احادا طب كيف سيسقط القطعي الذي هو المتواتر بالظن الذي هو الاحاد فالاجابة عن ذلك ان ان يقال ان القطعي حينما عرض صار دوام معناه ظنيا يعني لما عرض هذا القطعي صار دوام معنى هذا القطعي ظنيا فلا يقطع بان الشارع اراد به الدوام على ذلك القطع في معناه لا ينافي الظن في دوامه فلا يلزم اسقاط القطعي بالاحاد لان الدوام غير قطعي. يبقى عندنا الان الدوام غير قطعي بدليل انه عرض بغيره. ولهذا قلنا المتأخر ناسخ للمتقدم حتى ولو كان قطعيا كأن كان متواترة قال بعد ذلك والاصح ان العمل بالمتعارضتين ولو من وجه اولى من الغاء احدهما وانه لا يقدم الكتاب على السنة فيذكر الشيخ رحمه الله تعالى هنا ان الواجب على المجتهد في حالة التعارض هو الجمع بين النصوص اول ما يقوم به المجتهد هو الجمع بين النصوص كتخصيص العام فيما لو تعارض نص عام مع نص خاص فنجمع بينهما ونقول خصص يخصص هذا العام بالخاص وكذلك تقييد المطلق بالمقيد فيما لو تعارض مطلق مع مقيد. نقول لا تعارض بينهما. يقيد هذا المطلق بما جاء مقيدا وكذلك حمل كل من النصين على حالة غير حالة الثاني. يعني لو عندنا نصان ظاهرهما التعارض فنجمع بينهما الصورة فنحمل النص الاول على حالة ونحمل النص الثاني على حالة المغايرة. وبهذا نكون قد جمعنا بين النصين كما في النبي عليه الصلاة والسلام نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن استقبال القبلة واستدبارها ببول او بغائط وحديث عبدالله بن عمر رضي الله تعالى عنه انه ارتقى بيت حفصة فرأى النبي صلى الله عليه وسلم مستدبر الكعبة مستقبل بيت المقدس ببوله فكيف نجمع بين نصرين؟ هنا النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن الاستقبال والاستدبار ببول او بغائط وهنا في حديث عبدالله بن عمر وجده عليه الصلاة والسلام بيت المقدس ببوله مستدبر الكعبة فجمع العلماء بينهما فقالوا هذا فيما لو كان في البنيان. والاخر فيما لو كان في الصحراء. يعني اذا كان في غير البنيان وغير المكان المعد لقضاء الحاجة فهذا ينهى عن الاستقبال والاستدبار. حملوا هذا النص على حالة معينة وحملوا النص الاخر وهو حديث عبدالله ابن عمر رضي الله عنه على حالة اخرى. وهو فيما اذا كان داخل البنيان فاول ما اه يعمله المجتهد في حالة اذا رأى تعارضا بين نصوص محاولة الجمع. محاولة الجمع يجمع بين النصين على النحو الذي مثلنا به. طيب اذا لم يمكن الجمع بينهما فحينئذ يبحث عن تاريخ عن تاريخ في خروج النصين وهنا عند الاحتمالات وهنا عندنا احتمالات ثلاثة. الاحتمال الاول ان يعلم المتقدم منهما. ويعلم كذلك اخر فحينئذ يكون المتأخر ناسخا للمتقدم كما ذكرنا انفا فيم لو علم المتأخر من المتقدم فالمتأخر يكون ناسخا للمتقدم حتى ولو نقل بالآحاد فهذه هي الحالة الاولى. الحالة الثانية ان يعلم تقارنهما معا يعني يعلم ان هذا النص مقارن للنص الاخر. فحينئذ سيلجأ الى الترجيح ان امكن ذلك فان لم يمكنه الترجيح فيتخير بينهما الحالة الثالثة وهو ان يجهل المتقدم منهما والمتأخر. يعني لا يعلم هل بينهما تقدم ولا بينهما تقارن فحينئذ في حالة الجهل بالمتقدم من المتأخر فان كان الحكم قابل للنسخ بان لم يكن في باب العقائد وجب الرجوع الى غيرهما وجب الرجوع الى غيرهما لانه يجوز في كل منهما ان يكون هو المتأخر فيكون ناسخا لحكم لحكم المتقدم وان يكون هو المتقدم. يعني جائز كذلك ان يكون هو المتقدم فيكون منسوخا بالاخر. لهذا لا يقبل الترجيح لاحتمال ان يكون للمتقدم المنسوخ فان لم يجد غيرهما توقف يبقى في حالة الجهل هذا خلاصة ما يذكره الان في هذه الحالة. في حالة الجهل ما هو المتقدم وما هو المتأخر؟ فحينئذ سنرجع الى غيرهما لماذا قلنا ان نرجع الى غيرهما؟ لانه يجوز في كل واحد منهما ان يكون ناسخا للاخر فوجب الرجوع الى غيرهما فاذا لم نجد غيرهما فحينئذ التوقف فحينئذ التوقف. يبقى الواجب في فيما ذكرناه الجمع فاذا لم يمكن الجمع وعلم المتقدم من المتأخر فالمتأخر هو الناسخ. فان كان علم تقارنهما فحينئذ يرجح والا فيتخير. فاذا جهل المتقدم من المتأخر وجهل كذلك حصول التقارن. فحينئذ الجأ الى غيرهما على النحو الذي فصلناه. قال المصنف رحمه الله تعالى قال وانه لا يقدم الكتاب على السنة ولا عكسه يعني والاصح انه لا يقدم في ذلك في حال التعارض الكتاب على السنة ولا عكسه ولا سنة على الكتاب وهذا على خلاف ما يذكره بعض المعاصرين من انه اذا تعارض الكتاب مع السنة فلا يمكن ابدا ان نقدم شيئا على كتاب الله فتطرح السنة مباشرة هكذا يقولون فهنا الشيخ رحمه الله تعالى يقول لا الاصح انه لا يقدم الكتاب على السنة ولا السنة على على الكتاب فلا ترجيح بمجرد زلك بل الواجب كما يذكر بعد ذلك اننا نحاول الجمع والا لو علمنا التاريخ قال فان تعذر العمل يعني بالنصين. فان علم المتأخر فناسخ والا رجع الى مرجح فان تعذر فان لم يتقارنا وقبل النسخ طلب غيرهما والا يخير ان تعذر الترجيح ثم قال الشيخ بعد ذلك مسألة قال يرجح بكثرة الادلة والرواة في الاصح وبعلو الاسناد وفقه الراوي ولغته ونحوه وورعه وضبطه وفطنته وان روى المرجوح باللفظ قال ويقظته وعدم بدعته وشهرة عدالته وكونه مزكى بالاختبار او اكثر مزكين ومعروف النسب قيل ومشهوره وصريح التزكية على الحكم بشهادته والعمل بروايته وحفظ المروي وذكر السبب والتعويل على الحفظ دون الكتابة وظهور طريق روايته. وسماعه بلا حجاب وكونه ذكرا وحرا في الاصح ومن اكابر الصحابة ومتأخر الاسلام في الاصح. ومتحملا بعد التكليف الى اخر ما قال رحمه الله تعالى فالشيخ رحمه الله تعالى بعدما ذكر اننا في بعض الاحوال نقدم احد النصين على الاخر بالترجيح شرع في الكلام عن المرجحات والمرجحات اما ان تكون بحسب السند واما ان تكون بحسب المتن فبدأ الشيخ رحمه الله تعالى بالكلام عن المرجحات بحسب السند فيذكر رحمه الله تعالى ان من جملة المرجحات بحسب السند علو الاسناد علو الاسناد وعلو الاسناد يعني مكانة مراتب الرواسي فيه اقل لانه كلما كان الاسناد عاليا كلما كان احتماله الخطأ فيه اقل. وهذا درسناه في مصطلح الحديث. قلنا وكل ما قلت رجاله على وضده ذاك الذي قد كلما قل عدد الرواة في السند كلما كان السند عاليا. فنرجح حلو الاسناد لان ظن الخطأ فيه اقل على الاسناد النازل فهذا من جملة المرجحات وكذلك يذكر الشيخ رحمه الله ان من جملة المرجحات فقه الراوي ومعرفته باللغة والنحو وذلك لقلة احتمال الغلط ممن كان متصفا بذلك. وكذلك من جملة المرجحات ورعه وضبطه وفطنته ويقظته وعدم بدعته وشهرة عدالته لان الوثوق بمن كان كذلك اكثر ولو كان احد الخبرين المتعارضين روي باللفظ والثاني روي بالمعنى لكان راويه ارجح بواحد من هذه الستة كورعه او ضبط المروي بالمعنى لترجحه بما ذكر من حال راويه الامر الرابع وهو كون الراوي مزكى بالاختبار من المجتهد. فهذا يرجح على المزكى عنده بالاخبار. لان العيان اقوى من الخبر. الامر الخامس من كان مزكوه اكثر فيقدم على من كان مزكوه اقل الامر السادس وهو معروف النسب على مجهول النسب لشدة الوثوق بالاول الامر السابع من صرح بتزكيته فيقدم على من لم يصرح بتزكيته. بل اخذت من الحكم بشهادته او من العمل بروايته لان الحكم والعمل بالمروي قد يبنيان على الظاهر من غير تزكية الامر السامن يقدم الحافظ لمرويه على غيره كأن يروي عن كتاب او تلقين الغير له الامر التاسع الخبر المذكور آآ الخبر المذكور معه سببه على غير المذكور معه سببه الاهتمام راوي الاول به. الامر العاشر من يعول على الحفظ فيقدم على المعول على الكتابة لاحتمال ان يزاد في كتابه او ينقص منه الامر الذي يليه الحادي عشر ظهور طريق روايته كالسماع بالنسبة للاجازة فيرجح المسموع على المجاز الامر الثاني عشر سماعه بلا حجاب فيرجح المسموع بلا حجاب بينه وبين شيخه على المسموع بحجاب لبعده عن الاشتباه الامر التلتاشر الثالث عشر خبر الذكر على الانثى والحر على العبد يعني يقدم خبر الذكر على خبر الانثى ويقدم خبر الحر على العبد لان الذكر اضبط من غيره في الجملة واما بالنسبة للحر فلشرف منصبه آآ يحترز عما لا يحترز عنه غيره من الرقيق وقيل لا ترجيح بالذكورة ولا بالحرية وهذا الذي صوبه زركشي في الاولى وكذلك غيره الامر الرابع عشر خبر اكابر الصحابة على غيرهم فهذا مقدم ويترجح به الخبر آآ لانهم ملازمون للنبي صلى الله عليه وسلم. الخامس عشر رواية من تأخر اسلامه لظهور تأخر خبره فيقدم على غيره السادس عشر رواية من تحمل بعد البلوغ على من تحمل الرواية قبل البلوغ لان من تحمل الرواية بعد البلوغ احتمال الخطأ عنده اقل ممن تحمل الرواية وهو صغير فتقدم روايته على غيره السابع عشر رواية غير المدلس على المدلس لان الوثوق بالاول اكثر الثامن عشر رواية من كان له اسم واحد على من كان له اسمان فاكثر لاحتمال الاشتباه في الثانية. التاسع عشر رواية من كان مباشرا لما رواه على من نقل اليه بالواسطة لهذا قال الشيخ ومباشرا يعني من كان مباشرا لما رواه قال وصاحب الواقعة يعني تقدم رواية صاحب الواقعة لانه اعرف بها من غيره. اللي هو الواحد والعشرون الخبر المروي باللفظ على المروي بالمعنى لسلامة الاول من احتمال الخلل. الا اذا كان الراوي افقه او افطن او اورع كما تقدم الثاني والعشرون رواية من لم ينكر من لم ينكر شيخه تلك الرواية عنه لان الظن بصحته اقوى مما انكره. وهذه المسألة تكلمنا عنها ايضا مسألة من حدث ونسي مسألة من حدث ونسي. لو جاء الشيخ وانكر الرواية قلنا لنفرق بين حالتين فيما لو انكر هذه الرواية ويا جزما او انكر هذه الرواية احتمالا فهنا الشيخ بيقول الخبر الذي لم ينكر شيخه فيه تلك الرواية مقدم على ما لو انكرها لان الظن بصحتها اقوى مما انكرها. الثالث والعشرون الخبر المذكور في الصحيحين البخاري ومسلم او في احدهما على ما ورد في غيرهما. يعني يقدم الخبر المذكور في الصحاح على ما كان مذكورا في غيرهما. لان الامة قد تلقت ما في صحيحين بالقبول. قال رحمه الله تعالى وفي الصحيحين قال بعد ذلك والقول فالفعل فالتقدير وهذا اه شروع من الشيخ رحمه الله في الكلام عن الترجيح بحسب حال المروي يعني المتن والمرجحات بالمتن كثيرة نتكلم عنها ان شاء الله تعالى هنتكلم عنها ان شاء الله تعالى في الدرس القادم. ونتوقف هنا ونكتفي بذلك وفي الختام نسأل الله سبحانه وتعالى ان يعلمنا ما ينفعنا وان ينفعنا بما علمنا وان يزيدنا علما وان يجعل ما قلناه وما سمعناه زادا الى حسن المصير اليه واعتادا الى يمن القدوم عليه انه بكل جميل كفيل وحسبنا ونعم الوكيل. وصل اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين