عند هذا الشخص الامر الثالث من الاداب الواجبة يجب على القاضي الا يسأل المدعى عليه الجواب قبل ان يفرغ المدعي من كلامه ودعواه مثال يتضح المقال زيد ادعى ان عمرا استدان منه بمائة الف فيلقى من شدة الحساب ما يتمنى انه لم يقضي بين اثنين في تمرة يدعى القاضي العدل يوم القيامة فيلقى من شدة الحساب ما يتمنى انه لم يقضي بين اثنين في تمرة الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فهذا هو المجلس الاول من شرح كتاب الاقضية والشهادات من مختصر القاضي ابي شجاع رحمه الله ورضي عنه ونفعنا بعلومه في الدارين وكنا في الدرس الماضي كنا قد فرغنا من الكلام عن احكام الايمان والنذور. فرغ منها المصنف رحمه الله. وشرع بعد ذلك في المسائل التي تتعلق بالاقضية والشهادات لما في ذلك من المناسبة. قال المصنف رحمه الله تعالى تابوا الاقضية والشهادات والاقضية جمع قضاء والقضاء في اللغة هو الحكم يقال قضى زيد بكذا اي حكم به واما القضاء في الشرع فهو فصل الخصومة بين المتنازعين بحكم الله تبارك وتعالى. قال الله عز وجل وان احكم بينهم بما انزل الله وقال الله عز وجل فاحكم بينهم بالقسط وقال عز وجل واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل وقال النبي صلى الله عليه وسلم اذا اجتهد الحاكم فاخطأ فله اجر وان اصاب فله اجران وبين صلى الله عليه وسلم ايضا ان من قضى بحكم الله تبارك وتعالى فهو في الجنة فقال عليه الصلاة والسلام القضاة ثلاثة قاضيان في النار وقاض في الجنة قال فاما الذي في الجنة فرجل عرف الحق وقضى به واللذان في النار رجل عرف الحق فجار في الحكم هو رجل قضى على جهل وايضا جاء في مسند الامام احمد ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يدعى القاضي العدل يوم القيامة هذا في حق القاضي اذا كان عدلا وتولي القضاء فرض على الكفاية في حق في حق الصالحين له. واما تورية الامام لاحد القضاة فهذا فرض على العين. فاذا نرجع ونقول القضاء هو فصل الخصومة بحكم الله تبارك وتعالى صورة ذلك ان يتنازع زيد وعمرو في ملكية دار. فيترافعا الى القاضي. فيسمع القاضي من كل منهما ويرى البينة فيحكم لمن معه البينة والمصنف رحمه الله تعالى قال ولا يجوز ان يلي القضاء الا من استكملت فيه خمس عشرة خصلة يعني لا يصلح كل شخص ان يتولى القضاء من لابد ان يتوفر فيه شروط. اول هذه الشروط قال رحمه الله تعالى الاسلام. فالاسلام شرط صحة تولي القضاء. فعلى ذلك لا يصح ان يتولى القضاء شخص كافر ولو كان ذميا وذلك لما جاء في قوله سبحانه وتعالى ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ولما جاء عن عمر رضي الله تعالى عنه انه انتهر ابا موسى لما علم انه استعمل كاتبا نصرانيا. وقال عمر رضي الله تعالى عنه لا تدنوهم وقد اقصاهم الله. ولا تكرموهم وقد اهانهم الله. ولا تأمنوهم وقد خونهم الله يبقى الشرط الاول في من يتولى القضاء ان يكون مسلما. الشرط الثاني قال والبلوغ الشرط الثاني قال والبلوغ فلابد ان يكون بالغا فلا يصح ان يكون القاضي صبيا الشرط السالس قال والعقل يعني لابد ان يكون عاقلا فخرج بذلك ما لو كان مجنونا ذلك لان الصبي والمجنون لا يمكن ان يتولى احدهم الحكم لنفسه فعلى غيره من باب اولى فقال رحمه الله تعالى والحرية فلا يصح ان يكون القاضي عبدا حتى ولو كان مكاتبا قال رحمه الله تعالى والذكورة فيشترط ان يكون القاضي ذكرا فلا يصح ان يكون القاضي امرأة حتى ولو كانت فقيرة لكن يمكن ان تكون مفتية. فمقام الافتاء مغاير لمقام القضاء. وعائشة رضي الله تعالى عنها ام المؤمنين مؤمنين كانت تفتي الصحابة رضي الله تعالى عنهم جميعا وكان الصحابة رضي الله تعالى عنهم كثيرا ما يرجعون الى عائشة رضي الله تعالى عنها. مقام الافتاء مغاير لمقام القضاء. القضاء هذه ولاية. ولهذا اشترطت فيها الذكورة. فلا يصح ان يكون القاضي امرأة. فقال رحمه الله تعالى والذكورة. قال رحمه الله والعدالة. فلا يصح ان يكون القاضي فاسقا فلو كان القاضي تاركا للصلاة او كان شاربا للخمر او كان سارقا او نحو ذلك من هذه موبقات والكبائر فلا يصح ان يتولى القضاء. فقال رحمه الله تعالى والعدالة. قال ومعرفة احكام الكتاب والسنة ذلك لانه يفصل الخصومة بين الناس بحكم الله تبارك وتعالى. فلابد ان يكون عارفا باحكام الكتاب والسنة. وان بينهم بما انزل الله قال رحمه الله تعالى والاجماع يعني لابد ان يكون القاضي عارفا بالاحكام المجمع عليها لابد ان يكون عارفا بالاحكام المجمع عليها حتى لا يخالفها في قضائه. فلو انه قضى بخلاف الاجماع انتقض هذا القضاء. لانه باطل. قال والاختلاف وطرق الاجتهاد اختلاف وطرقي الاجتهاد. يعني يشترط كذلك ان يكون عارفا بالاجماع. ويكون كذلك عارفا بالاختلاف وطرق الاجتهاد يعني طرق الاجتهاد الموصلة الى مدارك الاحكام الشرعية. وهي معرفة العام والخاص والمجمل والمجمل والمفصل والمطلق والمقيد والمحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ وغير ذلك وغير ذلك من انواع ادلة الاحكام من الكتاب والسنة وان يكون كذلك عارفا من انواع السنة بالمتواتر والاحاد والمتصل والمنقطع والمرفوع والمرسل وغير ذلك. ولابد ان كن عارفا بحال الرواية قوة وضعفا. زلك لانه يتمكن من الترجيح عند تعارض الادلة بهذا الذي ذكرناه وعليه ايضا ان يكون عارفا بالقياس وانواعه. وايضا لابد ان يكون عارفا بالاستصحاب وعلى درار معرفة اصول الاعتقاد ومعرفة الادلة المختلفة فيها الى اخر ذلك. فاذا هنا بيقول ومعرفة احكام الكتاب والسنة. قال والاجماع والاختلاف وطرق الاجتهاد. قال وطرف من لسان العرب لغة واعرابا وتصريفا وبلاغا. قال وتفسير كتاب الله تبارك وتعالى يعني يكون عالما بتفسير كتاب الله ولا يشترط ان يكون متبحرا في كل نوع من هذه العلوم حتى يكون مثلا في النحو كسيباويه. او يكون في اللغة كالخليل بل يكفي ان يكون عارفا بجمل من هذه العلوم ثم ان اجتماع هذه العلوم انما يشترط في المجتهد المطلق اما المقلد لمذهب امام خاص فليس عليه الا ان يعرف قواعد هذا الامام وما يتعلق بالباب الذي يجتهد فيه. قال رحمه الله تعالى وان يكون سميعا وبصيرا وكاتبا ومستيقظا. وان يكون سميعا فلا يصح ان يكون القاضي اصم لانه لا يتمكن من سماع الدعوة اذا كان كذلك وان يكون بصيرا فلا يصح ان يكون القاضي اعمى. لكن لو كان اعور صح توليه لهذا القضاء. فيشترط ان يكون بصيرا فلا يصح ان يكون اعمى من اجل ان يميز المتنازعين هذا هو المدعي وهذا هو المدعى عليه. لا يمكن ان يميز بين ذلك اذا كان اعمى. قال رحمه الله تعالى وان يكون سميعا بصيرا وكاتبا وهذا على احد وجهين وهو غير معتمد. لان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقضي بين الناس وكان اميا عليه الصلاة والسلام. ولهذا لا يشترط ان يكون القاضي كاتبا قال ومستيقظا يعني فطنا حازقا بحيث لا يؤتى من غفلة ولا يخدع من غرة والمعتمد ايضا عند الشافعية ان هذا ليس بشرط والمصنف رحمه الله تعالى ترك خصلتين تشترطان في القاضي وهما ان يكونا ناطقا وفيه كفاية للقيام بامر القضاء وذلك بان يكون فيه قوة على تنفيذ الحق بنفسه. والالزام والسطو حتى لا يطمع في جانبه. فكل حق لابد له من قوة فاذا لم يكن لهذا القاضي قوة على تنفيذ الحق بنفسه فلا يصح ان يتولى هذا القضاء هذه الشروط التي تشترط في القاضي. وهنا سنلاحظ ان المصنف رحمه الله تعالى ذكر جملة من الشروط تتعلق صال خصال القاضي وشروط اخرى تتعلق بكونه مجتهدا سواء كان هذا الاجتهاد اجتهادا مطلقا او كان اجتهادا مقيدا بمذهب واذا اردنا ان نفصل في تلك المسألة اكثر نقول الاجتهاد شرط في القاضي. اما ان يكون هذا الاجتهاد شهادة مطلقا واما ان يكون اجتهادا مقيدا. والاجتهاد هو القدرة على استخراج الحكم الشرعي من الادلة الشرعية. بمعنى انه ينظر في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في قدر على معرفة الحكم في الطهارة بيوعي والجنايات وغير ذلك من الابواب دون الحاجة الى التقليد دون الحاجة الى الاعتماد على عالم مجتهد كالشافعي رحمه الله تعالى. فيأخذ بكلامه بل هو عند الالة التي تسمح له لمعرفة الاحكام بنفسه ثم ان المجتهد المطلق له شروط. اولا ان يكون عارفا بالكتاب والسنة وان يكون عارفا بالاجماع وان يكون عارفا بمسائل الخلاف. ولما نقول ان يكون عارفا بالكتاب والسنة يعني يكفي ان يكون عارفا بايات واحاديث الاحكام التي تتعلق بالفقه دون الايات او الاحاديث التي تتعلق بقصص الانبياء او فهذه ليست بشرط. وقلنا كذلك ان يكون عارفا بالاجماع. يعني المسائل التي اتفق عليها المسلمون من عاصر الصحابة. فمن بعدهم حتى لا يقع في حكم اجمعوا على خلافه. فيكون الحكم باطلا وان يكون عارفا بمسائل الخلاف حتى يستفيد من اقوال العلماء ونظرهم وان يكون كذلك عارفا بطرق الاجتهاد يعني بكيفية الاستدلال بالنصوص الشرعية وذلك يكون بمعرفته بعلم اصول الفقه وكذلك من شروط الاجتهاد ان يكون عارفا بطرف وجزء جيد من علوم اللغة. كالنحو والصرف والبلاغة معاني الكلمات التي يستعين بها على فهم النصوص الشرعية. وايضا يكون عارفا بالتفسير تفسير كتاب الله سبحانه وتعالى فمن استجمع الشروط هذه فهو المجتهد المطلق وهذه رتبة عالية جدا. قد يتعذر وجود هذه الرتبة بين الناس في هذه الازمنة. ولهذا اكتفى العلماء بالمجتهد بالمجتهد المقيد. يعني يكون قد بلغ الاجتهاد لا من خلال استخراج الحكم الشرعي مباشرة. وانما باتباعه لقواعد امام مجتهد اخر. كأن يكون مثلا مجتهدا في مذهب الامام كان يكون مجتهدا على مذهب الامام الشافعي او ان يكون مجتهدا على مذهب الامام احمد او ان يكون مجتهدا على مذهب الامام مالك او على مذهب الامام ابي حنيفة رضي الله عن الجميع فاذا عندنا الان الاجتهاد اما ان يكون مطلقا واما ان يكون مقيدا. سواء كان القاضي مجتهدا اجتهادا مطلقا او مجتهدا اجتهادا مقيدا فهذا يصح توليه لهذا القضاء. فالخلاصة الان ان انه يشترط ان يكون القاضي اما مجتهدا مطلقا او مجتهد مذهب. اما العلماء الذين لم يصلوا الى واحد من هاتين المرتبتين فهؤلاء لا يجوز لهم تولي القضاء لانهم قاصرون مهما كانت عندهم من مؤلفات او لهم شهرة علمية فهؤلاء لابد ان يتركوا هذه المناصب لمن اولى لمن هو اولى واصلح لهذا المنصب والقضاء كما هو واضح ولاية. ولاية عظيمة. فهي سلطة تمنح لهذا الشخص هذا القاضي قد يأمر بالقتل قد يأمر بالجلد قد يأمر بمصادرة الاموال. قد يزوج امرأة او يطلقها. قد يأمر بغير ذلك من هذه الاحكام فلابد ان يكون هذا الشخص على درجة عالية من العلم على درجة عالية من الديانة فرغ المصنف رحمه الله تعالى من الكلام عن شروط تولي القضاء فشرع بعد ذلك في الكلام عن اداب القاضي ونقصد بالاداب يعني الامور المطلوبة من القاضي على وجه الوجوب او على وجه الاستحباب. فبعض هذه الاداب التي واجبة وبعض الاداب هي مستحبة آآ او نبدأ اولا بالكلام عن الاداب الواجبة ثم نذكر بعد ذلك الاداب المستحبة. من الاداب الواجبة التي يجب على القاضي ان يفعلها ولا يجوز له ان يتركها. اولا يجب على القاضي ان يسوي بين الخصمين في ثلاثة امور. اولا في المجلس. اولا في المجلس يعني لا يجلس احد الخصمين في مكان قريب او في مكان عال ويجلس الاخر في مكان بعيد عيد او في مكان نازل. واذا كان واقفين فلا يقدم احدهما على الاخر. او يجلس احدهما الموقف الاخر لابد ان يسوي بين الخصمين في المجلس. هذه من الاداب الواجبة التي يجب على القاضي ان يتأدب بها. كذلك توي بين الخصمين في اللفظ يعني في الكلام. فلا يسمع من احدهما كلمات قليلة ويترك المجال للاخر ويجعله يسترسل ويتكلم كيفما اراد هذا لا يجوز. بل لابد من العدل في الكلام والاستماع لهؤلاء الخصوم. الامر الثالث لابد ان يسوي بين الخصمين في النظر. يعني لا ينظر لاحدهما ويصرف النظر عن الاخر بل ينظر الى هذا عند كلامه مثلا وينظر الى الاخر ايضا عند كلامه فلا ينظر لاحدهما ويعرض عن الاخر اذا تكلم بالدعوة ونحو ذلك. فالقصد من هذه الشروط هو انه لا يكرم احد الخصمين دون الاخر. فيؤدي هذا الى انكسار قلب الخصم. وبالتالي تضعف حجته ويشعر ان القاضي مائل مع مع خصمه. فهذا لا يجوز. كذلك من هذه الاداب الواجبة يجب على القاضي الا يقبل الهدية من اهل محل عمله. يعني من الناس الذين هم في البلدة التي هو قاضيها فهؤلاء قد يترافعون اليه فيجامل القاضي هؤلاء على حساب الحق بسبب هذه الهدية التي اعطيت له. فلا يجوز له ان يقبل شيئا من الهدايا. طيب نفترض ان هذا القاضي سافر وخرج عن البلدة التي هو قاضي لها. فجاء صديق له واهداه هدية. فهذا جائز لا شيء فيه. يجوز للقاضي حينئذ ان يقبل هذه الهدية طالما ان هذا الصديق او الذي اهداه هذه الهدية ليست له قضية عند هذا مع القاضي من المدعى عليه اولا بل لابد ان يتكلم المدعي فاذا فرغ اتى بعد ذلك المدعى عليه ودافع عن نفسه او نقض كلام المدعي الى اخر ذلك مما سيأتي بيانه ان شاء الله تعالى. الامر الرابع وهو ايضا من جملة الاداب الواجبة يجب على القاضي الا يستحلف المدعى عليه قبل ان يطلب المدعي ذلك. مثال ذلك ادعى زيد بان عمرا استدان منه مائة الف. فسمع القاضي من زيد المدعي ثم قال لعمرو تكلم يحلف عمرا. يعني يقول له قل والله العظيم لم استن من زيد هذا المبلغ. ويجب على عمرو ان يحلف كي تبرأ ذمته. ففي هذا المثال طلب المدعي الحلف من المدعى عليه. فعلى ذلك لا يجوز للقاضي ان يبادر هو من تلقاء نفسه ويطلب من المدعى عليه الحلف. لابد ان يطلب مدعي زلك بنفسه من القاضي هو الذي يطلب من القاضي ان يحلف المدعى عليه. فهذه من فقال لم استدن منه شيئا. فهنا انكر عمرو هذه الدعوة. فيرجع القاضي لزيد اللي هو المدعي ويقول له الك بينة؟ يعني عندك شهود عندك ورقة تثبت هذا الدين. فاذا قال ليس عندي بينة فهنا لزيد ان يطلب من القاضي ان اداب الواجبة. كذلك من الاداب الواجبة انه يجب على القاضي الا يلقن الخصم حجة او ان يفهمه كيف يتخلص من حجة خصمي يجب على القاضي الا يلقن الخصم شيئا من ذلك. يعني لا يجوز للقاضي ان يأتي لاحد خصمين ويقول له اهو قل كذا من اجل ان تحصل على الحق ولا يجوز ان يقول للاخر قل كذا من اجل ان تدفع من اجل ان تدفع حجة الخصم عن نفسك هذا لا يجوز. هذا لا يجوز. كذلك من جملة الاداب الواجبة انه يجب على القاضي الا يتعنت بالشهود. يعني لا يشق عليهم في الكلام الان الشهود بينة الشهود هؤلاء بينة. اتى بها احد الخصمين من اجل ان يثبت حقه. لا يجوز للقاضي ان يتعنت مع هؤلاء الشهود بمعنى انه لا يشق عليهم في الكلام كأن يستهزئ بهم اثناء اداء الشهادة. او ان يصرخ في الشهود او ان ينهر هؤلاء الشهود فمثل هذه الافعال تجعل الناس ينفرون عن الشهادة وتضيع بذلك الحقوق. كذلك من هذه الاداب الواجبة يجب على القاضي الا يقبل شهادة شهود الا بعد ثبوت عدالتهم واحنا عرفنا فيما مضى معنا معنى العدالة فعلى ذلك من ثبت فسقه لم تقبل شهادته طيب نفترض ان حاله قد خفي على القاضي لو خفيت عدالته على القاضي الكبائر فحينئذ يقبل القاضي شهادة هذا الشاهد. ثم ذلك المزكي يجب ان يكون هو في نفسه عدلا اي يقبل قوله في غيري كذلك من هذه الاداب الواجبة يجب الا يقبل شهادة من شخص بينه وبين المشهود عليه عداوة من جملة الاداب الواجبة ايضا انه يجب الا يقبل شهادة والد لولده ولا يقبل شهادة ولد لوالده. لوجود التهمة. تهمة المحاباة. والمربي الوالد هنا ما يشمل الاصول والفروع يعني الاجداد وكذلك الاولاد وان نزلوا. اما بالنسبة لشهادة الاخ لاخيه او الاخت لاخيها او الاخ لاخته وسائر الاقارب فلا مانع من ذلك كله. وكذلك شهادة احد الزوجين للاخر او شهادة الصديق لصديقه كل هذا لا مانع منه. انما الذي يمنع منه شهادة الوالد للولد او الولد للوالد لما في ذلك من تهمة الذي في بلد ذلك الشخص الغائب. فهنا يشترط لكي يقبل القاضي الثاني حكم القاضي الاول ان شاهدان عدلان على مضمون ما في الكتاب كي يمضي حكم القاضي الاول ويصير ملزما مثال ذلك زيد يسكن في القاهرة. وادعى ان عمرا استدان منه مائة الف. وكان عمرو غائبا عن البلد. وهو متواجد الان في الاسكندرية. فاقام زيد على الدين وجاء بالشهود. فحينئذ سيحكم القاضي غيابيا على عمرو بانه ملزم بدفع هذا المبلغ لزيد في كتب القاضي الذي هو في القاهرة الان في بلد الدعوة كتابا يعني رسالة يخبر فيها انه قد حكم لزيد بكذا وكذا للبينة. ويطلب تنفيذ هذا الحكم عمرو المقيم في الاسكندرية. وانه قد اشهد على مضمون هذه الرسالة ومضمون هذا الكتاب عليا وسعيدا وهما عدلان فيرسل هذا الكتاب الى قاضي الاسكندرية فيقرأ القاضي مضمون الكتاب وكذلك تعديل هؤلاء الشهود ويقضي على هذا الشخص وينفذ الحكم. فلولا الشاهدان اللذان شهدا على مضمون في هذه الرسالة ومضمون هذا الكتاب لم يكن للقاضي ان يقبل ذلك او ان ينفذ هذا الحكم يبقى هذه كلها من الاداب الواجبة. نأتي بعد ذلك للكلام عن الاداب المستحبة. الان احنا فرغنا وانتهينا من الكلام عن الاداب الواجبة التي لابد ان يأتي بها القاضي نشرع الان في الكلام عن الاداب المستحبة اما ما يستحب للقاضي ان يفعله ويكره له ان يتركه يستحب ان يكون المكان الذي يتخذه القاضي للحكم يستحب ان يكون هذا المكان في وسط البلد وفي موضع بارز للناس. يهتدي اليه اهل البلد وكل من دخله غريبا عن تلك البلد. فالمكان اذا كان في وسط البلد اذا كان بارزا للناس سهل على الناس الوصول اليه. بخلاف ما لو كان في مكان بعيد نائي فهذا قد يشق على الناس الذهاب اليه ويصعب على الناس الاهتداء الى مثل هذا المكان المحاباة. كذلك من هذه الاداب الواجبة انه يجب على القاضي الا يقبل كتاب قاضي اخر الا بعد هذا شاهدين عدلين بما في هذا الكتاب. ما معنى ذلك؟ يعني اذا حكم قاض على شخص غائب عن البلد بحكم وكتب كتابا الى القاضي لا سيما اذا كان غريبا عن البلد يبقى هذه من جملة الاداب المستحبة. كذلك من الاداب المستحبة لا يتخذ حاجبا يستحب للقاضي الا يتخذ حاجبا يعني من يقف على باب مكتبه يمنع الناس من الدخول اليه قبل ان يستأذن ويستثنى من ذلك فيما اذا كان هناك زحام وهذا الحاجب يقوم بتنظيم دخول الناس على القاضي فهذا لا بأس به فهذا لا بأس به. لكن حينئذ نقول يستحب ان يكون هذا الحاجب امينا حتى لا يدخل الناس بالرشاوى او يحابي الاقارب او نحو ذلك. كذلك من هذه الاداب المستحبة انه لا يجلس قضاء بين الناس في المسجد. ذلك لان المسجد انما هو للعبادة والدعاوى بين الناس لا تخلو غالبا من رفع الاصوات واللغط ونحو ذلك والمسجد ينبغي ان ينزه عن كل ذلك ثم احيانا قد تكون المرأة حائضا فلا يمكن للمرأة حينئذ ان تمكث في المسجد كذلك من هذه الاداب المستحبة يستحب للقاضي الا يحكم والا يقضي بين الناس في عشرة مواضع. اولا عند الغضب استحبوا الا يقضي بين الناس عند الغضب. وذلك بان يكون هنالك ما يغضبه ويدخل عليه الغضب ونحو ذلك لانه قد يشوش على ذهنه. وبالتالي لا يصيب في حكمه كذلك لا يحكم عند الجوع الشديد لنفس العلة ولا يحكم عند العطش الشديد وعند شدة الشهوة وعند الحزن المفرط وعند الفرح المفرط. وعند مرض المؤلم وعند مدافعة الاخبثين البول والغائط وذلك عندما يكون محتصرا لان ذلك كله يشوش على ذهن القاضي وكذلك لا يحكم عند غلبة النعاس وعند الحر والبرد الشديدين. وذلك لان لا يوجد مشوش على ذهن القاضي. فيحول بينه وبين اصابة في الحكم. قال المصنف رحمه الله تعالى ويستحب ان ينزل القاضي في وسط البلد. في موضع للناس ولا حاجب له دونه ولا يقعد للقضاء في المسجد ويسوي بين الخصمين في ثلاثة اشياء. في المجلس واللفظ واللحظ ولا يجوز ان يقبل الهدية من اهل عمله. يعني ممن كان له خصومة عنده. او توقعها منه عن قرب وان كان له عادة قبل ذلك لصداقة او قرابة. قال ويجتنب القضاء في عشرة مواضع عند الغضب والجوع والعطش وشدة الشهوة عند الغضب وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم ليحكم احد بين اثنين وهو غضبان وقيس بهذا بقية المواضع. وقيس به بقية المواضع. طيب لو اخرجه الغضب عن حالة الاستقامة. وهنا حرم عليه القضاء قال والجوع والعطش يعني المفرطين. قال وشدة الشهوة يعني الى النكاح قال والحزن والفرح المفرطين وعند المرض يعني المرض المؤلم. قال ومدافعة الاخبثين. وكذلك عند مدافعة الريح. قال وغلبة النعاس وشدة الحر والبرد وكذلك عند الخوف المزعج او الملل والتعب. فيستحب له ان يترك القضاء عند هذه وفي تلك في تلك الاحوال قال ولا يسأل المدعى عليه الا بعد كمال الدعوى ولا يحلفه الا بعد سؤال المدعي وهذه من الاداب الواجبة كما سبق معنا قال ولا يلقن خصما حجته ولا يفهمه كلاما ولا يتعنت بالشهداء ولا يقبل الشهادة الا ممن ثبتت عدالته وذلك لقوله سبحانه وتعالى واشهدوا ذوي عدل منكم قال ولا يقبل شهادة عدو على عدوه. ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم لا تقبل شهادة ذي غمر على اخيه والغمر هو الغل والحقد لما في ذلك من تهمة التحامل عليه بخلاف ما لو شهد له والحق او الفضل ما شهدت به الاعداء والمراد بالعداوة هنا يعني العداوة الدنيوية. اما العداوة الدينية فهذه لا توجب رد الشهادة فعلى ذلك تقبل شهادة المسلم على الكافر وتقبل شهادة السني على المبتدع قال رحمه الله تعالى ولا شهادة والد لولده. ولا شهادة والد وان علا لولده وان نزل قال ولا ولد لوالده وذلك لتهمة المحاباة. قال ولا يقبل كتاب قاض الى قاض اخر في الاحكام الا بشاهدين يشهدان بما فيه ثم قال المصنف رحمه الله تعالى بعد ذلك فصل في القسمة. اتكلم ان شاء الله عن احكام القسمة والدعوة في الدرس القادم ونتوقف هنا ونكتفي بذلك وفي الختام نسأل الله سبحانه وتعالى ان يعلمنا ما ينفعنا وان ينفعنا بما علمنا وان يزيدنا علما وان يجعل ما قلناه وما سمعناه زادا الى حسن المصير اليه وعتادا الى يمن القدوم عليه. انه بكل جميل كفيل وهو حسبنا ونعم الوكيل وصل اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين فلم يعلم هل هو عدل ولا ليس كذلك؟ فهنا ايضا لا يقبل شهادته بحال. الا بعد وجود من يزكيه يعني يزكي زلك الشاهد ويشهد بانه عدل مستقيم صاحب صلاة وصوم وانه بعيد عن وانه لم يوفي هذا الدين. فهذا مدعي وعمرو مدعى عليه فيقول القاضي للمدعي تكلم يعني ما هي دعوتك؟ فاذا فرغ قال للمدعى عليه تكلم يعني دافع عن نفسك واخرج من هذه الدعوة. فعلى ذلك هل يجوز للقاضي ان يسمع المدعى عليه اولا؟ جوابه لا. لا يسمع