بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف المرسلين خاتم النبيين وعلى اله واصحابه اجمعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا انك انت العليم الحكيم ربي يسر وعم رحمتك يا ارحم الراحمين نبدأ بعون الله تعالى وتوفيقه الدرس الثاني والاربعين من التعليق على كتاب ابن عاشر وقد وصلنا الى قول المؤلف رحمه الله تعالى ويثبت الشهر برؤية الهلال او بثلاثين قبيلا في كمال ينبغي ان يعلم ان صوم رمضان له ثلاثة اركان زمان ونية وامساك والزمان على قسمين زمان عام وهو الشهر كله وزمان خاص ونعني به وقت الامساك وهو طلوع الفجر وهو من طلوع الفجر الصادق الى غروب الشمس والزمن العام ينظر فيه من جهة دخول الشهر وخروجه وقد ذكر المؤلف رحمه الله تعالى هنا جملة من المثبتات التي تثبت هلال رمضان او تثبت خروجها فالشهر يثبت باحد امرين كما بين المؤلف رحمه الله رحمه الله تعالى اولهما الرؤية والثاني كمال شعبان اما الرؤية فهي قسمان. رؤية الشخص في خاصة نفسه وظبوط الخبر برؤية غيره له اما اذا رأى الانسان هلال رمضان بنفسه فقد وجب عليه الصيام اجماع ولو لم يثبت الشعر برؤيته واختلفوا اذا رأى هلال شوال بنفسه ولم يثبت عند الناس هل يفطر ام لا فالمالكية قالوا يرفض النية لحرمة صوم يوم الفطر ولكن لا يطعم الا لعذر مبيح للفطر سدا للزريعة عن الفسقة الذين يمكن ان يتزرعوا بدعوى الرؤية كذبا الى الفطر وقال الحلفية والحنابلة لا يفطر وقال الشافعي يخطئ واما الرؤية بطريق الخبر فقد اشترط فيها المالكية رؤية عدلين فاكثر الا ان تستفيض الرؤية فيحصل العلم الا ان تستفيض الرؤية فيحصل العلم حينئذ بالتواتر والتواتر يقع بغير العدول. بل بغير المسلمين لانه دليل عقلي وهو معتبر شرعا ايضا ولو حصل بخمسة وصاعدا قال محمد مولود رحمه الله تعالى في الكفاف برأي عدلين الهلال يثبت كذا اذا علما افاد خمسة واوجب الشافعية والحنابلة رمضان دون غيره من الشهور برؤية عدل واحد وقال ابو حنيفة ان غيب الافق اكتفي برؤية واحد وان كانت السماء صحوا فلابد من العدد الكثير وهذا جار على مذهب واصل ابي حنيفة رحمه الله تعالى في ان الامور التي من شأنها ان تستفيض ان الامور التي من شأنها تستفيض من الناس لا يقبل فيها الواحد ولا الاثنان وسبب الخلاف في هذه المسألة امران احدهما ما يظهر من التعارض بين الاحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في العدد المعتاد في الرؤية فيشهد للمالكية ما اخرجه النسائي واحمد عن عبدالرحمن بن زيد بن الخطاب انه خطب الناس في اليوم الذي فقال اني جالست اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسألتهم وكلهم حدثوني ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته فان غم عليكم فاتموا فاهمين فان شهد شاهدان فصوموا وافطروا ولابي داوود نحو منه عن الحارث بن حاطب عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا يقتضي بدليل الخطاب انه لا يقبل ما دون الاثنين ومثله ما اخرجه ابو داوود من حديث ربعي ابن حراش انه قال اختلف الناس في اخر يوم من رمضان وقدم اعرابي الجاني في الشيخ دا عند النبي صلى الله عليه وسلم بالله لاهل الهلال امس فشهدا عند النبي صلى الله عليه وسلم بالله لاهل الهلال بالامس عشيا فامر النبي صلى الله عليه وسلم الناس بان يفطروا وان يغدوا الى مصلاهم وهذا الحديث ليس نصا في نفي ما دون الشاهدين ويشهد للشافعية والحنابلة حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما انه قال جاء اعرابي الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ابصرت الهلال الليلة فقال اتشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله وان محمدا عبده ورسوله رسوله قال نعم. قال يا بلال اذن في الناس فليصوموا غدا رواه اصحاب السنن وابن خزيمة وابن حبان وقال الترمذي روي مرسلا وصوب النسائي ارسالا ولاجل انه حديث متكلم فيه لم يرى المالكية انه صالح لمعارضة دليل الخطاب في الحديث السابق واستدل هؤلاء ايضا بحديث ابن عمراء انه قال فرأى الناس الهلال واخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم اني رأيته فصامه وامر بصيامه. اخرجه ابو داوود لكنه ليس صريحا في ان صوم النبي صلى الله عليه وسلم كان بمجرد رؤية ابن عمر فقط رضي الله تعالى عنه وعن ابيه والسبب الثاني هو الاختلاف في الرؤية هل هي من باب الرواية او من باب الشهادة فان المالكي يتشبه الرائي بالشاهد لان الرؤية تترتب عليها مسائل كثيرة في معاملات الناس كعدة النساء واجال الديون ونحو ذلك ومعلوم ان الشهادة لابد فيها من العدد فلا يقبل فيها الواحد ويرجح مذهب المالكية في ذلك ان الاصل عدم التفريق بين الشهور في الرؤية ومعلوم ان غير المالكية انما يخالف في العدد في رمضان فقط لا في غيره من الشهور ومن رأى الرؤية من باب الرواية اكتفى بالواحد. لان الرواية يكفي فيها الواحد والرواية هي الاخبار عن عام لا ترافع فيه في الكوكب رواية اخبارنا عن عامي بلا تراجع لدى الحكام وغيره شهادتي اما المثبت الثاني لرمضان فهو كمال شعبان ثلاثين يوما وذلك ان الشعر العربي يكون تسعا وعشرين ويكون ثلاثين ولكنه لا يتجاوز الثلاثة فاذا كمل شعبان ثلاثين تعين ان الليلة التي بعد ذلك هي اول رمضان ولو لم يرى الهلال وقد قال صلى الله عليه وسلم صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته فان غم عليكم ساكملوا العدة ثلاث وهذان المثبتان اعني الرؤية وكمال شعبان لا خلاف فيه ما بين اهل العلم. ولا يختصان برمضان فالرؤية في اصلها متفق على اعتبارها. وانما وقع الخلاف في القدر المعتبر منها ولعل ذلك هو الذي دعا المؤلف رحمه الله تعالى الى ان يعبر بالشهر بدل رمضان وبقوله وبثلاثين قبيلا بدل كمال شعبان لان هذا الحكم لا اختص بشهر عن شهر واختلفوا ان غيبت الليلة التي هي مظنة هلال رمضان هل يجوز الصوم في صبيحة الجمهور على ان الصوم احتياطا غير جائز. لحديث عمار ابن ياسر رضي الله تعالى عنه قال من صام اليوم الذي يشك فيه الناس فقد عصى ابا القاسم صلى الله عليه وسلم ورأى المالكية مشروعة مشروعية صومها في غير ذلك قال خليل رحمه الله تعالى وان غيبت ولم يرى فصبيحته يوم الشك والصيام عادة وتطوعا وقضاء وكفارة ولنذر صادق الاحتياطا ورأى الحنابلة وجوب الصوم احتياطا وحملوا عليه قوله صلى الله عليه وسلم فاخطروا له فقالوا هو من قدر بمعنى ضيق على حد قوله تعالى ومن قدر عليه رزقه ومقتضى ذلك التضييق عندهم صوم يوم الشك على وجه كونه من رمضان والجمهور على خلاف ذلك ورأوا ان النبي صلى الله عليه وسلم ان قول النبي صلى الله عليه وسلم فاقدروا له مجمل وقد بدله قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الاخر فاكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما واختلفوا في اثبات الهلال بالحساب الملكي فروي الاثبات به عن بعض الشافعية وجماهير المتقدمين من اهل العلم على ان الحساب لا يثبت الهلال مع انه يثبتون به وقوت الصلوات وقد فرقوا بين ما يعتبر به وقت الصلاة وما يعتبر به الشهر لان الصلاة مأمور بها عند دخول وقتها لا بشرط ملاحظته بالعين المجردة بل بحصول اليقين بدخوله قال تعالى اقم الصلاة لدلوك الشمس الى عسق الليل وقرآن الفجر ان قرآن الفجر كان مشهودا ولم يشرط الشارع ملاحظتنا الدلوك بالعين المجردة بده يكفي حصول اليقين بذلك واما الصيام فانه صلى الله عليه وسلم قال صوموا لرؤيته فربط وجوب الصوم بالرؤية لا بتحقق دخول الشهر بوسيلة اخرى واختلف العلماء المعاصرون في اثبات الهلال بالحساب الفلكي على ثلاثة اقوال منهم من اعتبره مطلقا ومنهم من نفع اعتباره مطلقا ومنهم من فرق بين النفي والاثبات فقالوا يعتبر في النفي فلا يصام اذا حكم الفلكيون بعدم امكان الرؤية ولكن لا يلزم الصوم باثبات الهلال لا يلزم الصوم باثباتهم الهلال لاننا انما كلفنا بالرؤية البصرية واختلفوا اذا شوهد الهلال في مصر من الانصار هل يثبت بذلك على الجميع ام لا فمذهب المالكية عموم الرؤية الا في الاقطار البعيدة جدا كخراسان من الاندلس ومذهب الحنفية عموم الرؤية ايضا وهو الرواية المشهورة عن الامام احمد وهؤلاء رأوا ان البلاد اذا لم تختلف مطالعها كل الاختلاف فيجب ان يحمل بعضها على بعض وقال الشافعية لاهل كل بلد رؤيته وتمسكوا بما رواه مسلم من حديث قريب مولى ام الغدر بنت الحارث رضي الله تعالى عنها ان ام الفضل بعثته الى الشام قال فرأيت الهلال ليلة الجمعة ثم قدمت المدينة في اخر الشهر فسألني عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما فقال متى رأيتم الهلال؟ فقلت رأيته ليلة الجمعة فقال انت رأيته؟ قلت نعم. ورآه الناس وصاموا وصام معاوية رضي الله تعالى عنه فقال لكن رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل العدة ثلاثين لا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين يوما او نراه وقلت الا تكتفي برؤية معاوية؟ فقال لا هكذا امرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الشافعي هذا الحديث يقتضي ان لاهل كل بلد رؤيتهم وايضا نحن نقيس القمر على الشمس والقمر معيار الصوم والشمس معيار الصلاة ولا خلاف في ان وقت الصلاة يختلف في البلدان بحسب مطالع الشمس فينبغي ان يكون وقت الصوم كذلك واما الزمن الخاص فهو وقت وجوب الامساك. وهو من طلوع الفجر الصادق الى غروب الشمس ولا بأس باتصال المفطر بالفجر ولو نزعه وقت طلوع الفجر لم يكن مفسدا لصيامه قال محمد مولود رحمه الله تعالى بالكفاف ونزع فرجه وما بفيه حين طلوع فجره يكفيه ولا يجوز التلبس بشيء من المفطرات بعد طلوع الفجر واما حديث ابي هريرة الذي اخرجه ابو داوود من ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا سمع احدكم النداء والاناء على يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته حتى يقضي حاجته منه فهو محمول على الاذان الاول ولا يمكن ان يعارض مفهوم الغاية في الاية حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من البشر ولا مفهوم حديث الشيخين فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن ام مكتوم وهذا الزمن عام في كل صوم عند المالكية اخذا بعموم حديث حفصة بنت عمر رضي الله تعالى عنها وعن ابيها من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له وفي رواية لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل اخرج هو واصحاب السنة واختلف في رفعه وقال الجمهور بجواز انشاء نية التطوع اول النهار ما لم يطعم بعد الفجر لما اخرجه مسلم في صحيحه من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءها ذات يوم فقال يا عائشة هل عندكم شيء قالت قلت لا يا رسول الله ما عندنا شيء قال فاني صائم نقتصر على هذا القدر ان شاء الله سبحانك اللهم وبحمدك نشهد ان لا اله الا انت استغفرك