بسم الله الرحمان الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف المرسلين خاتم النبيين وعلى اله واصحابه اجمعين ومن تبعا باحسان الى يوم الدين نبدأ بعون الله تعالى وتوفيقه الدرس الرابع والاربعين من التعليق على كتاب ابن عاشر وقد وصلنا الى قول المؤلف رحمه الله تعالى ندب تعجيل لفطر الرفعة كذلك تأخير سحور تبعه من افطر الفرض قضاه وليزد كفارة في رمضان ان عمد لاكل او شرب فمن او للمني ولو بفكر او لرفض ما بني بلا تأول قريب ويباح للضر او سفر قصر اي مباح وعمده في النفل دون ضري محرم وليقضي لا في الغير مكفرا بشهر صومي مكفرا بصوم شهرين ولاء او عتق مملوك باسلام حلى وفضلوا اطعام ستين فقير مد لمسكين من العيش الكثير قوله ندب تعجيل لفطر يعني ان من مندوبات الصيام تعجيل الفطر اذا تيقن الغروب وتأخير السحور بان يكون قبيل الفجر اما الترغيب في تعجيل الفطر فقد ثبت في احاديث صحيحة منها حديث سهل ابن سعد الساعدي رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر اخرجه الشيخان وروى مسلم عن ابي عطية قال دخلت انا ومسروق على عائشة رضي الله تعالى عنها فقلنا يا ام المؤمنين رجلان من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم احدهما يعجل الافطار ويعجل الصلاة والاخر يؤخر الافطار ويؤخر الصلاة قالت ايهما الذي يعجل الافطار ويعجل الصلاة قال كنا عبد الله يعني ابن مسعود قالت كذلك كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي الصحيحين عن ابن ابي اوفى رضي الله تعالى عنه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقال لرجل انزل فازدح لنا قال يا رسول الله الشمس قال انزل فازدح لنا. قال يا رسول الله الشمس قال انزل فازدح لنا. فنزل فجدح له فشرب ثم رمى بيده ها هنا ثم قال اذا رأيتم الليل اقبل من ها هنا فقد افطر الصاد واما ندبية تأخير السحور فاصح ما ورد فيها حديث ان معاشر الانبياء امرنا بثلاث بتعجيل الفطر وتأخير السحور ووضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة رواه ابن حبان والطبري بسند صحيح واما ما اخرجه احمد من حديث ابي ذر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر واخروا السحور فان زيادة تأخير السحور فيه منكرة وقد وردت احاديث صحيحة تدل على عمل النبي صلى الله عليه وسلم بتأخير السحور كحديث انس تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قمنا الى الصلاة قلت كم كان قدر ذلك قال خمسين اية متفق عليها لكن هذا الحديث من قبيل الفعل فالاستدلال به على الندب يجري فيه الخلاف الواقع بين الاصوليين في دلالة فعله صلى الله عليه وسلم قوله من افطر الفرد قضاه يعني ان من افطر في صوم مفروض لزمه القضاء ومن افطر عمدا او سهوا او غلبه عالما كان بحرمة الفطر او جاهلا فمن افطر في رمضان او في قضائه او في صوم كفارة او نذر لزمه القضاء الا ان المالكية استثنوا النذر المعين لمن افطر لمرض او حيض فانه لا قضاء عليه عندهم فيه واختلفوا ان افطر فيه اي في النذر المعين بنسيان هل يقضي ام لا واختلف العلماء في جواز الفطر عمدا في صوم التنفل. فذهب المالكية الى منعه فهو من المسائل التي استثنوها من قاعدة ان النفل لا يلزم الشروع فالاصل عند المالكية ان النفل لا يلزم بالشروع وهي قاعدة عندهم الا انهم استثنوا منها مسائل هي التي جمعها الحطاب في الابيات التي استفردها ضمنها الشيخ سيدي عبد الله بن الحاج ابراهيم رحمه الله تعالى في مراقي السعود بقوله والنفل ليس بالشروع يجب في غير ما نظمه مقربوا يعني الحطاب قف واستمع مسائلا قد حكموا بانها بالابتداء تلزم صلاتنا وصومنا وحجنا وعمرة لنا اعتكافنا طوافنا مع ائتمام المقتدي فيلزم القضاء بقطع عامدي ووافقهم الحنفية لان قاعدتهم ان النفل يلزم بالشروع مطلقا وقال الشافعية والحنابلة الصوم لا يلزم بالشرع. وللصائم بالمتطوع ان يفطر متى شاء ومن اسباب الخلاف ايضا في هذه المسألة اختلاف الاثار في ذلك وذلك انه جاء عن ام هانئ بنت ابي طالب رضي الله تعالى عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال الصائم المتطوع امير نفسه ان شاء او قال فان شاء افضل حديث صحيح رواه الترمذي واحمد ووجد حديث ام هانئ ايضا ان النبي صلى الله عليه وسلم ناولها الشراب يوم الفتح فشربت فقالت لقد افطرت وكنت صائمة. قال اكنت تقضين شيئا؟ قالت لا. قال فلا يضرك ان كان تطوعا. اخرجه ابو داوود والترمذي ويشهد للمالكية ما اخرجه مالك في موطأه عن الزهري من حديث عائشة وحفصة رضي الله تعالى عنهما زوجي النبي صلى الله عليه وسلم انهما اصبحتا صائمتين فاهدي لهما طعام فافطرتا عليه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقضيا يوما مكانة واما من افطر ناسيا فان كان في صوم واجب فانه يقضي عند المالكية خلافا لجمهور اهل العلم واستدل الجمهور على صحة صوم المفطر ناسيا بما اخرجه الشيخان من حديث ابي هريرة رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من نسي وهو صائم فاكل او شرب فليتم صومه فانما اطعمه الله وسقاه فقالوا هذا الحديث يدل على صحة صوم المفطر نسيانا لان قوله فليتم صومه يدل على ان صومه باق لم يفسد بعد وحمل الصوم هنا على الحقيقة الشرعية على الصوم الشرعي اولى من حمله على الامساك الذي هو الحقيقة اللغوية كما هو مقرر عند الاصوليين ويظهر قوله فانما اطعمه الله وسقاه يقتضي كون الفعل الصادر من الناس هنا مسلوب الاضافة اليه فلا تأثير له في صومه وايضا فان اصل العذر بالنسيان ثابت في الشرع فهو مناسب للتخفيف لا للتغليظ ولا شك ان الامساك مع القضاء فيه تغليظ لا يناسب النسيان ولا يناسب الامتنان في قوله انما اطعمه الله وسقاه واما المالكية فانهم قالوا من افطر ناسيا في فرض فقد فات عليه ركن من اركان الصيام وهو الامساك فلا يصح صومه كما لا يصح صوم من نسي ركنا من صلاته فالقاعدة ان النسيان لا يؤثر في طلب المأمورات والحديث ليس نصا في سقوط القضاء فيحمل قوله صلى الله عليه وسلم انما اطعمه الله وسقاه على عدم المؤاخذة وقد اخرج الحاكم زيادة هي نص في مذهب الجمهور وهي قوله ولا قضاء عليه ولا كفارة وكان المالكية لم تبلغهم او لم تصح عندهم والحديث جاء في الاكل والشرب ولكن يحمل عليه ايضا كذلك غيره من المفطرات لان تعليق الحكم بالاكل والشرب تعليق له باللقب وهو مفهوم غير معتبر عند جماهير اهل العلم واذا قلنا باعتباره فهنا ايضا خارم من خوارم اعتبار مفهوم المخالفة وهو جريان الخطاب على الصورة الغالبة اذ الغالب نسيان الاكل والشرب لا الجماع ونحوه واما من افطر ناسيا في التطوع فلا قضاء عليه عند المالكية وغيرهم وكان المالكي تراعوا الخلاف في هذه المسألة قوله وليزد كفارة لرمضان ان عمدت معنى قوله عمد اي افطر متعمدا بلا عذر. بلا عذر ولا جهل ولا تأويل قريب فمن افطر متعمدا بلا عذر ولا جهل ولا تأويل قريب لزمته الكفارة وقوله عمد معناه قصد وقالوا عمد الى الشيء يعمد اذا قصد فالكفارة الكبرى تلزم عند المالكية بتعمد مفطر ما باكل او شرب او اخراج مني ولو بفكر او جماع او ورفض بالنية في نهار رمضان بشرط كونه متعمدا غير معذور بعذر شرعي ولا جاهل غير معذور بعذر شرعي ولا جاهل للحكم ولا متأول تأويلا قريبا قال محمد مولود رحمه الله تعالى في الكفاف وشرطها العمد وكون اليوم من رمضان مع علم الحكم كبعد تأويل بان يستدعي ما في ظنه الحل لامر عدم واشترطوا كون الاكل والشرب بالفم لان علة وجود الكفارة علة وجوب الكفارة عند المالكية هي انتهاك حرمة الشهر والشارب من انفه غير منتهك وكذا الجاهل والمتأول تأويلا قريبا فهم غير منتهكين لحرمة الشهر والتويل القريب هو ان يستند في فطره الى سبب موجود وقت الفطر كمن سافر مسافة دون مسافة القصر وافطر لذلك او رأى شوالا نهارا فظن اباحة الفطر بخلاف التأويل البعيد وهو استناد لسبب غير قائم كمن افطر لانه يظن انه ستصيبه الحمى غدا او من افطرت لان عادتها ان تحيض غدا فعليهما الكفارة ولو حصل ما افطرا من اجلهم فان قلت لماذا عذر الجاهل فاسقطت عنه الكفارة؟ مع ان الاصل في العبادات انها لا يعذر فيها بالجهل. كما قال المنهج في المسائل التي لا يعذر بها لا يعذر فيها بالجهل وهو وهو العبادات ومصرف غبر وهو العبادات ومصرف غبر منفقة او ذات شرط او ضرر الى اخره قلنا لان لان العلة هي انتهاك الزمن. والجاهل لا انتهاك له وما الاعذار المبيحة للفطر فهي بالجملة تسعة اربعة منها مختصة بالنساء وخمسة مشتركة بين الرجال والنساء اما الاربعة التي تختص بالنساء زي الحيض والنفاس والحمل والارضاع. واما الخامسة المشتركة فهي المرض والسفر والهرم والاكراه وحصول الاذى الشديد من الجوع والعطش وهذه الاعذار منها ما يوجب الفطرة وما يبيحه. فالموجب له الحيض والنفاس وخوف الهلاك او تلف العضو على النفس او الحمل او الربع وما عدا ذلك فهو مبيح للفطر لا موجب له ولم يكتفي المالكية بمسمى لمرضه اباحة الفطر بخلاف التيمم والسفر المبيح للفطر عند المالكية تشترط له اربعة شروط اولها كونه سفرا تقصر الصلاة لاجله والثاني ان يشرع فيه قبل الفجر والثالث ان يبيت نية الفطر والرابع كونه سفرا مباحا لان المعصية ستبطل الرخصة عندهم في المشهور على خلاف اشار اليه صاحب المنهج بقوله وهل تعدى رخصة محلها عليه كالنجس؟ هل ابطلها معصية كشجر لبس وهل كذا كراهة تردد النقل وما ذكرنا من لزوم الكفارة من الاكل والشرب هو مذهب المالكية والحنفية وذهب الشافعي يسوى الحنابلة الى ان الكفارة خاصة بالجماع وسبب الخلاف هو ان اصل هذا الحكم حديث الاعرابي الذي جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال هلكت يا رسول الله؟ قال ما اهلكك؟ قال وقعت على امرأتي وانا صائم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل تجد رقبة تعتقها قال لا قال فهل تستطيع ان تصوم شهرين متتابعين؟ قال لا قال فهل تستطيع اطعام ستين مسكينا او تجد اطعام اطعام ستين مسكينا؟ قال لا الى اخر الحديث وهذا الحديث انما هو في الجماع فقال الشافعي ايتها الحنابلة النقص انما ورد في الجماع فقط ولا يقاس عليه غيره لوجود الفارق فكأنهم رأوا ان الفطر بالجماع اغلو من الفطر بالاكل والشرب واما المالكية والحنفية فقد نقحوا العلة بزيادة وصف مناسب وهو انهم رأوا ان النبي صلى الله عليه وسلم رتب الكفارة على الجماع ولكن الغوا خصوص الجماع وزادوا وصفا مناسبا وهو تعمد افساد الصوم انتهاكا لحرمة الشهر واحتجوا بالاجماع على ان من افطر متعمدا في قضاء رمضان انه لا كفارة عليه قالوا فدل ذلك على ان حرمة الزمن معتبرة اذ لو كان الجماع بمفرده موجبا للكفارة دون الانتهاك لزمت الكفارة في تعمده في القضاء فكأنهم رأون النبي صلى الله عليه وسلم لم يأت بالخصوص الجماع فقط وانما اعتبر افطارا متعمدا انتهاكا لحرمة الشهر واشار المؤلف رحمه الله تعالى بقوله مكفرا بصوم شهرين ولا اوعدك مملوك باسلام الحلى وفضلوا اطعام ستين فقير مد لمسكين من العيش الكثير فشعر بهذين البيتين الى خصال الكفارة وهي المذكورة في الحديث وهي على التخيير عند المالكية خلافا للجمهور واستدل المالكية بما اخرجه مسلم في صحيحه من ان رجلا افطر في رمضان فامره النبي صلى الله عليه وسلم ان يعتق رقبة او يصوم شهرين متتابعين او يطعم فيه كاينة مشكلة وقالوا هذا الحديث وقع فيه التعاطف التي تخطب التخيير فهذه الفصال مخير بينها ورأى الجمهور ان هذه الكفارة على الترتيب وانه لا يجوز للانسان ان يفعل خصلة حتى يعجز عن التي قبلها وتمسك الجمهور بظاهر حديث الاعرابي وهو مقتض بالترتيب لانه رتب له الصوم على عجزه عن العتق. والاطعام على عجزه عن العتق والصيام وفضل المالكية الاطعام لانه عبادة متعدية النفع. ينتفع بها الناس فليست قاصرة على صاحبها فقط والصوم مثلا انما يحصل اجرا لصاحبه وآآ العتق وان كان عبادة متعدية الا انه عبادة متعدية لشخص واحد. ينتفع به شخص واحد وهو انه يصبح حرا واما الاطعام فينتفع به ستون فقيرة وايضا لان الاطعام كان بدلا عن الصيام قبل تعين الصيام في اول الامر كان الانسان مخيرا دون ان يصومه وبين ان يطعم. ولا يلزم من نسخ ذلك بتعين الصيام نسخ افضليته بل ان اه الاطعام قد بقي في حكم اصحاب الاعذار كالشيخ الهرمي مثلا والمرضع لمن يقول بان فهؤلاء عليهم الاطعام وايضا بمناسبة الاطعام لجبر الصيام الذي هو امساك عن الطعام قوله اطعام ستين فقير وقف على فقير بالسكون وقف ربيعة. تمييز للعدد قوله مدى لمسكين يعني انه ينبغي ان يدفع مد لكل مسكين وقوله من العيش الكثير يعني به غالب قوت البلد ولا تجزئوا الكفارات الملفقة فلا يصح ان يصوم شهرا مثلا ويطعم ثلاثين مسكينا لان المشهورة عند المالكية ان التخفير في الاحاد لا يستلزم التخيير في الاجزاء فكونه مخيرا بين الخصال في الجملة لا يقتضي تخييره في اجزائها على خلاف اشار اليه في المنهج بقوله وهل لبعض ما لكل من خيار وهل بالانتشار معنى الاختيار ونقتصر على هذا القدر ان شاء الله سبحانك اللهم وبحمدك نشهد ان لا اله الا انت نستغفرك ونتوب اليك