ومن ثمراتها كذلك ان يهب المسلمين في الذب عن كتاب الله عز وجل ممن تنقصه او سخر به او استهان به او استهزأ او سخر منه والا يقف المسلمون مكتوفي الايدي وكتاب الله عز وجل يهان او يحرق او ينال بشيء من السوء فطوبى لمن سخره الله عز وجل في الذب عن كتابه واعظم ما يذب به عن كتاب الله عز وجل للرؤى بانه من حين ما يسمع الرؤيا يقع في قلبه علم ضروري يريد ان ينتزعه فلا يستطيع قد يسأل عن تفسير الرؤيا كيف طريقها ولا يجيد جوابا على هذا السؤال الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ وليد بن راشد السعيدان حفظه الله يقدم لشرح متن العقيدة الطحاوية. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله واصحابه ومن والاه واهتدى بهداه اما بعد فلا نزال في سرد المسائل المتعلقة بالقطعة التي قرأناها في الدرسين في الدرس الماظي او اللي قبل الماضي وهي في قول الامام الطحاوي رحمه الله تعالى وان القرآن كلامه منه بدا بلا كيفية قولا وجل وهذا هو الدرس الثالث في شرح هذه القطعة من المسائل المتعلقة بهذه القطعة ان قيل لك هل القرآن يتفاضل هل القرآن يتفاضل الجواب ان المتقرر عند العلماء رحمهم الله تعالى ان الالفاظ المجملة لا تقبل مطلقا ولا ترد مطلقا بل هي موقوفة على الاستفصال حتى يتميز حقها فيقبل من باطلها فيرد فحينئذ بناء على هذه القاعدة لا يجوز لنا ان نطلق القول بان القرآن يتفاضل ولا يجوز لنا ان نطلق القول بان القرآن لا يتفاضل وانما المسألة فيها اجمال لابد فيه من التفصيل فان كان المقصود بكونه يتفاضل اي باعتبار المتكلم به فهذا غلط. لان المتكلم به انما هو واحد وهو الله تبارك وتعالى. فالقرآن كلام الله منه بدا بلا كيفية قولا فالذي قال الحمد لله رب العالمين ابتداء هو الذي قال يا ايها الذين امنوا اذا تداينتم بدين الى اجل مسمى فاكتبوه. فالله هو المتكلم بهذا القرآن فلا يتفاضل القرآن باعتبار المتكلم به واما اذا كان المقصود بكونه يتفاضل اي باعتبار معانيه ودلالاته فلا جرم ان القرآن يتفاضل بهذا الاعتبار وعلى ذلك دلت الادلة فقد اجمع العلماء على ان سورة الفاتحة هي اعظم سور القرآن. وهي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي اوتيه النبي صلى الله الله عليه وسلم وفي صحيح الامام البخاري من حديث ابي بن كعب ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له اي اية في القرآن اعظم فقلت لا ادري يا رسول الله قال اي اية في القرآن اعظم فقلت الله لا اله الا هو الحي القيوم اي اية الكرسي قال فضرب في صدري وقال ليهنك العلم ابا المنذر فهنا اثبت النبي صلى الله عليه وسلم ان اية الكرسي هي اعظم اي القرآن لا باعتبار المتكلم بها. وانما باعتبار دلالتها ومضمون معانيها العظيمة وكذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم ايعجز ان يقرأ احدكم قل هو ثلث القرآن في ليلة؟ قالوا وكيف يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟ قال الله احد الله الصمد تعدل ثلث القرآن ثلث القرآن والايات والنصوص في هذا المعنى عفوا والاحاديث في هذا المعنى كثيرة فاذا معاني القرآن تختلف ولذلك ليست معاني اية الكرسي كمعاني اية الدين وليست معاني ايات الاعتقاد كمعاني ايات الفقه والاداب والسلوك هذا هو الحق الذي يجب اعتقاده عند اهل السنة والجماعة المسألة التي بعدها لو سألنا سائل وقال ما حكم الحلف بالمصحف ما حكم الحلف بالمصحف الجواب بما ان الامام الطحاوي رحمه الله واثبت ان القرآن كلام الله والكلام صفة من صفاته تبارك وتعالى اذا يجوز الحلف بالمصحف على انه كلام الله والمتقرر عند اهل السنة انه لا يحلف الا باسم من اسماء الله او صفة من صفاته فيجوز لك ان تحلف بالقرآن كله او ببعضه فيجوز لك ان تقول والمصحف باعتبار انه كلام الله. لا باعتبار اوراقه او الحبر الذي كتب به وانما باعتبار كونه كلام الله عز وجل منزل غير مخلوق منه بدأ واليه يعود ويجوز لك ان تقول اقسم بسورة البقرة يجوز هذا لانها كلام الله عز وجل فكما انه يجوز ان تحلف بوجه الله وبيد الله وبعين الله فيجوز لك ان تحلف بكلام الله والقرآن كلام الله فيجوز حينئذ الحلف به على هذا الاعتبار فقط لا غير ومن مسائل هذه القطعة ايضا ان قيل لك ما مسألة اللفظ والملفوظ التي كثر كلام اهل السنة عليها في الرد على المعتزلة ما مسألة اللفظ والملفوظ وهل يجوز ان نقول لفظي بالقرآن مخلوق وهل يجوز ان اقول لفظي بالقرآن غير مخلوق مع ذكر التفصيل في ذلك والاساس الذي انطلقت منه هذه الكلمة من افواه المعتزلة الجواب اعلم رحمك الله تعالى ان من عادة اهل البدع انهم لا يظهرون بواطن ما في صدورهم الا في حال القوة والعلو واما في حال الضعف والمهانة والاستكانة فانهم يتقون عن اهل الحق بالتقية لكن متى ما استلموا زمام الامور وكانت القوة في جانبهم فانهم لن يقصروا في اعلان باطلهم ومن ذلك ما جرى للمعتزلة عليهم من الله ما يستحقون وهي انه لما كانت الدولة في ايديهم في زمن المأمون والمعتصم والواثق بالله كانوا قد اقنعوا هؤلاء الخلفاء بهذه العقيدة الكفرية الباطلة وهي ان القرآن ليس كلام الله وانما هو من جملة مخلوقات الله تبارك وتعالى وهذه العقيدة كفر بالاتفاق كما بينا سابقا فلما اقتنع بها هؤلاء الخلفاء دعوا الناس الى اعتقادها فلما ابى كثير من اهل السنة اقنع هؤلاء العلماء هؤلاء الخلفاء بحمل الناس على القول بها بالحديد والنار فحملوا الناس قهرا وظلما وعدوانا على القول بها فمن الناس من صبر حتى مات ومن اهل السنة من اجاب تقية واضطرارا على غرار قول الله عز وجل الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان ومن اهل السنة من ثبت وناضل ولم ولم ينطق بشيء مما يريدون. وعلى رأس هؤلاء الامام احمد بن حنبل وتلميذه العلامة محمد ابن نوح رحمهم الله تعالى فاما محمد ابن نوح فمات بين يدي الامام احمد رحمه الله من شدة التعذيب وهو صابر لم ينطق بكلمة السوء واما الامام احمد رحمه الله فقد طاله بسبب القول في هذه المحنة شيئا عظيما من العذاب ولكنه صبر واحتسب في ذات الله عز وجل وكان فقهاء بغداد يأتون للامام احمد ويقولون له لم لا تتقي شر هذا الرجل وتأخذ برخصة الله عز اجل قال ومن يخبر من بعدنا بذلك يعني انه صبر واحتسب نظرا للمحافظة على عقائد الاجيال القادمة ولذلك ينبغي للعالم الا بل لا يجوز للعالم ان يأخذ بالرخصة التي تتضمن المفاسد. الخالصة ابو الراجح لكن اذا كان الامر فيه سعة والحق واضح ابلت وفي الارظ من يقول به انه استحب الحلف على المصحف او جعل مما تعظم به اليمين ان يحلف الانسان على كتاب الله عز وجل ولذلك فنقول انه من الامور المكروهة التي هي الى الاحداث اقرب منها الى الاتباع ثم اكره احد العلماء في اطراف البلد على القول بشيء والا قتل فله رخصة ومندوحة في ان يقول اذا كان قلبه مطمئنا بالايمان. اما ان يتفق الناس على القول بالباطل فمن يخبر الاجيال القادمة باننا كنا نتقي سطوتهم وتعذيبهم وقتلهم فصبر الامام احمد رحمه الله حتى كشف الله عز وجل هذه الغمة بالمتوكل بالخليفة المتوكل على الله جزاه الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء وجعل قبره روضة من رياض الجنة فطرد المعتزلة فطرد المعتزلة من بلاط الملك وامر بسجن كثير منهم وامر باخراج جميع من في السجون من اهل السنة واعاد واعاد حلقاتهم لهم ومنع القول بخلق القرآن في ارجاء بغداد بل وفي ارجاء المملكة كلها فحمد اهل السنة له ذلك العمل واكرم الامام احمد غاية الاكرام ورفع من شأنه بل كان الامام احمد يقول ابتلينا بالضراء فصبرنا وابتلينا بالسراء فلم نصبر فلما سلب بساط السلطة من تحت اقدام المعتزلة بدأوا يتذرعون في نفس سمومهم في هذا المعتقد الخبيث في القرآن باقوال محتملة مجملة لم يعودوا يقدرون يصرحون كما كانوا من قبل فقالوا الفاظنا بالقرآن مخلوقة فلما سمع بعض اهل السنة ان هذه الكلمة انطلقت من افواه هؤلاء الذين ساموا الناس على هذه العقيدة ظنا من انهم لا يريدون الا معناها الباطل فاجاب البدعة ببدعة اخرى استعجالا فقال الفاظنا بالقرآن غير مخلوقة فلما وصلت الكلمتان الى امام اهل السنة رحمه الله تعالى قال كلمته الشهيرة من قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي. اي معتزلي ومن قال لفظي بالقرآن غير مخلوق فهو مبتدع وتفصيل هذا القول اننا نخرجه على قاعدة المجملات والتي ادندن حولها كثيرا وهي ان ما كان من الالفاظ المجملة المحتملة للحق والباطل فاننا لا نقبلها مطلقا ولا نردها مطلقا وانما هي موقوفة على الاستفصال حتى يتميز حقها فيقبل من باطلها فيرد وبناء على تقرير هذه القاعدة نخرج عليها هذين الفرعين بتلكم اللفظتين فنقول وبالله التوفيق الفرع الاول قولهم الفاظنا بالقرآن مخلوقة ان كانوا يقصدون ما يرجع الى صفاتهم هم من حركات شفاههم والسنتهم وحبالهم الصوتية واصواتهم التي خلقها الله عز وجل فيهم فان هذا حق لان هذه الالات التي يؤدى بها القرآن لا جرم انها مخلوقة. فهي صفات ترجع الى العبد فالله عز وجل خلق الشفتين وخلق اللسان وخلق الحبال الصوتية وخلق هذه الحنجرة التي تعين ابن ادم على النطق بهذه الحروف والكلمات وخلق الاسنان التي ينطق بها بها ابن ادم بعض الحروف بعض الحروف فتلك الوسائل التي يؤدى بها القرآن هي صفات ترجع الى ابن ادم وابن ادم ذاتا وصفات مخلوق ولكن المعتزلة لا يريدون هذا المعنى اصلا وانما يريدون المعنى الباطل الثاني وهي انهم يقصدون بقولهم الفاظنا بالقرآن مخلوقة يقصدون ما يتلفظ به يقصدون الملفوف ولا يقصدون اللفظ الذي يرجع لهم وانما يقصدون عين كلام الله عز وجل اي عين القرآن وذلك لان المصدر في اللغة العربية يصدق على الفعل ويصدق على المفعول فاذا كانوا يقصدون الفعل فهذا حق هو مخلوق. ولكنهم لا يقصدون الفعل وانما يقصدون المفعول فهم لا يقصدون اللفظ وانما يقصدون الملفوظ كقولك مثلا قراءتي مخلوقة. اذا كنت تقصد قراءتك التي هي صفتك انت فلا بأس واما اذا كنت تقصد بقراءتك اي ما قرأته فهذا باطل فاللفظ مخلوق والملفوظ غير مخلوق والقراءة مخلوقة والمقروء غير مخلوق بل حتى لو كتبت القرآن فتقول كتابتي مخلوقة ان كنت تقصد بكتابتك ما يرجع لك انت من حركة اصابعك وقلمك ومداد حبرك فهذا حق لانها كلها مخلوقة. واما اذا كنت تقصد المكتوب فهذا باطل فاذا كنت تقصد الكتابة فهذا حق واذا كنت تقصد المكتوب فهذا باطل بل اننا نقول ونصف بعض القراء بان تلاوته جيدة. وبعض القراء تلاوته غير جيدة ماذا نقصد التلاوة التي ترجع لهم من تغنيهم وتطريبهم وتحزينهم واصواتهم ومخارج حروفهم هذه هي التلاوة فالتلاوة مخلوقة لكن المتل غير مخلوق اذا لابد ان نفرق في هذه اللفظة بين الامر الذي يرجع للمخلوق فيكون مخلوقا وبين الامر الذي يرجع الى الخالق فلا يكون مخلوقا الى ومن اصدق من الله حديث قل صدق الله كما في الايات المعروفة ولا يخفى على شريف علمكم ان هذا في غير القرآن. لان القرآن قد تولى الله عز وجل حفظه فاما القراءة فهي مخلوقة واما المقروء فليس بمخلوق واما التلاوة فهي مخلوقة واما المتلو فليس بمخلوق واما الكتابة فهي مخلوقة واما المكتوب فليس بمخلوق واللفظ مخلوق والملفوظ غير مخلوق وقد اختصر لكم هذا المعنى الامام حافظ الحكمي رحمه الله بقوله فالصوت والالحان صوت القارئ لكنما المتلو قول الباري فالصوت والالحان صوت القارئ لكنما المتلو قول الباري. وبهذا التفصيل يتحرر الجواب ويتضح الحق من في هذه الجملة فاقبل الحق ورد الباطل وهذا هو الفرع الاول الفرع الثاني نقول فيه عكس ما قلنا في الفرع الاول وهي قولهم الفاظنا بالقرآن غير مخلوقة ان كانوا يقصدون الفاظهم هم اي ما يرجع الى صفتهم هم من حركة شفاههم والسنتهم واضراسهم وحبالهم الصوتية فان كانوا يقصدون بان هذه الاشياء غير مخلوقة فهذا بدعة كونك تعتقد ان فيك شيئا غير ان فيك شيئا غير مخلوق فهذا في حد ذاته بدعة فكل هذه الاشياء مخلوقة. كيف تقول بانها غير مخلوقة واما اذا كنت تقصد بقولك لفظي بالقرآن غير مخلوق. تقصد ما تلفظت به اي الملفوظ والمتلو والمكتوب والمقروء فهذا حق وصدق نقطع انه العقيدة الصحيحة لانه كلام الله وكلام الله منزل غير مخلوق واني لاعجب اشد العجب اذا اذا كنت اشرح هذه اللفظة من سرعة استحضار الامام احمد رحمه الله للخلل في تلك الالفاظ بلا معلم يشرح له هذه المسألة وهذا من التوفيق وهو دليل على عظم فهمه رحمه الله تعالى انه من حين ما عرضت عليه هذه الجملتان اصدر فيها حكمه وانما شرحها وتولاها من جاء بعده. كابي العباس ابن تيمية وغيره وقد هجر بعض اهل السنة والجماعة من قال من رد على المعتزلة بدعتهم ببدعة وسموهم اللفظية ولكن هذا من باب الاحتياط لعقيدة اهل السنة والجماعة. والا فانت خبير ان الانسان معذور بجهله اذا نطق في دين الله عز وجل وهو جاهل مجتهدا ظانا انه على صواب فهذا من جملة ما يعتبر من الخطأ المغفور ولكن من باب الاحتياط لعقيدة المسلمين في كتاب الله عز وجل هجر هؤلاء من بعض اهل السنة والجماعة رحمهم الله تعالى واضحة مسألة اللفظ والملفوظ؟ نعم ومن المسائل ايضا ليتك تكتب سؤالك ثم تنساه سقط مني ونستفيد اتفق الفقهاء على ان من انكر القرآن او انكر حرفا منه لم تختلف فيه القراءات او استهزأ بشيء من القرآن او سورة من سوره فانه كافر مرتد يستتاب فان تاب والا قتل قال الامام النووي رحمه الله تعالى اجمع المسلمون على وجوب تعظيم القرآن العزيز على الاطلاق وتنزيهه وصيانته واجمعوا على ان من جحد منه حرفا مما اجمع عليه او زاد حرفا لم يقرأ به احد وهو عالم بذلك فهو كافر. انتهى كلامه رحمه الله وقال الامام الحافظ ابو الفضل القاضي عياض رحمه الله تعالى اعلم ان من استخف بالقرآن او المصحف او بشيء منه او سبهما او جحدا حرفا منه او كذب بشيء مما صرح به فيه من حكم او خبر او اثبت ما نفاه او نفى ما اثبته وهو عالم بذلك او يشك في شيء من ذلك فهو كافر باجماع المسلمين ومن المسائل ايضا هل يصح لنا ان نقول ان التوراة والانجيل والزبور كلام الله؟ ام ان هذا خاص بالقرآن الجواب بل يجب علينا ان نعتقد ان جميع ما انزله الله عز وجل من الكتب على انبيائه سواء اعلمنا اسمائها بالدليل الصحيح او لم نعلم اسماءها يجب علينا فيها جميعا ان نعتقد انها كلام الله منزلة غير مخلوقة ولا يجوز لنا ان نعتقد في شيء منها انه من كلام جبريل ابتداء او من كلام النبي او الرسول الذي نزلت عليه ابتداء بل هي كلام الله تبارك وتعالى منزلة غير مخلوقة فلا يجوز ان نعتقد فيها انها مخلوقة مطلقة فالتوراة كلام الله منزلة غير مخلوقة والانجيل كلام الله منزل غير مخلوق والزبور كلام الله منزل غير مخلوق. وصحف ابراهيم منزلة غير كلام الله منزلة غير مخلوقة وان اول من تكلم بها الله عز وجل على وجه الحقيقة وانها كلام الله عز وجل حروفها ومعانيها كما نقوله في القرآن تماما ومن المسائل ايضا لو سألك سائل وقال ما حكم الحلف على المصحف الجواب لا يعرف هذا عن السلف رحمهم الله تعالى فلا يعرف لا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابته الكرام ولا عن احد من اهل القرون المفضلة فيما نعلم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد وفي الصحيحين من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد فاذا لا يجوز تعظيم اليمين بالحلف على المصحف لعدم وجود الدليل الدال على ان هذا مما تعظم اليمين به والامور مثل ذلك مبناها على التو قيف ومن المسائل ايضا لقد خرج في زماننا ايها الاخوان دعوات تدعو الى كتابة القرآن على قواعد الاملاء الحديثة وترك الرسم العثماني الذي يخالف قواعد الاملاء التي يقرأ بها الناس والطلاب والعامة والكبار والصغار في الكتب ويكتبون بها فهل هذه الدعوة مقبولة ام لا الجواب لقد عرضت هذه المسألة على هيئة كبار العلماء على اللجنة الدائمة في المملكة العربية السعودية واجابوا بالمنع وان الواجب هو ابقاء كتابة القرآن ورسمه على الرسم العثماني فلا يجوز لاحد ان ان ان يمد يده على تغيير شيء من قواعد الرسم العثماني الى القواعد الاملاء الحديثة بل يترك القرآن على ما هو عليه. وعلى ذلك اجمعت الامة والاجيال التي جاءت من قبلنا. ويسعنا ما يسعهم وسدا لزريعة تغيير قواعد القرآن عفوا وسدا لذريعة تغيير الفاظ القرآن وحروفه وكلماته لتغير قواعد الاملاء الحديثة فانها تتغير بين الفينة والاخرى واذا امتدت هذه اليد للكتاب بالحق فان ورائها يد سوف تمتد لتحريف القرآن بالباطل فسدا لزريعة وصول اليد الملعونة الاخرى نقطع اليد الاولى وسد الذرائع ربع الدين وهو مطلوب من الشارع فحتى لا يتغير كتاب الله بتغير القواعد الاملائية الحديثة يترك على ما هو عليه. ويسعنا في هذا الزمان وما يستقبل من الازمنة الى ان تقوم الساعة الى ان يرفع الله عز وجل تابه وهو باق على قواعد الرسم العثماني لا يجوز لاحد ان يكتبه على قواعد الاملاء الحديثة ويعلم الصغار هذه القواعد مشافغة بالنطق حتى تتمرس السنتهم على النطق بها اما ان تطول القرآن يد التغيير فان هذا والله من اعظم الخطر على كتاب الله عز وجل ومن المسائل ايضا قول الامام الطحاوي رحمه الله بلا كيفية قولا يعني اننا نؤمن بان الله تكلم بهذا القرآن ولكننا نسكت عن الكيفية التي تكلم بها لاننا لاننا معاشر اهل السنة والجماعة نؤمن ايمانا جازما بانه لا يعلم كيفية شيء من صفات الله على ما هي عليه الا من الا الله تبارك وتعالى فلا يعلم كيفية شيء من صفات الله لا ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا ولي صالح. فضلا عن غيرهم فنحن نؤمن ايمانا جازما بان الله تكلم بهذا القرآن. ولكن كيفية كلامه بهذا القرآن هذه امرها الى الله تبارك وتعالى فنقول في هذا المقام كما نقوله في سائر الصفات. نعلم معنى الكلام ونكل كيفية على ما هو عليه الى الله تبارك وتعالى. وقد احسن الامام الطحاوي ايما احسان بقوله هذا فلا يجوز لاحد ان يقول لك كيف تكلم الله بالقرآن لانه سؤال عن كيفية الصفة. وقد اجمع اهل السنة على حرمة السؤال عن كيفية شيء من صفات الله عز وجل فكما اننا نحرم السؤال عن كيفية وجهه وكيفية استوائه وعلوه واصابعه ورحمته وغضبه فكذلك نحرم كيفية عفوا نحرم السؤال عن كيفية كلامه عز وجل بهذا القرآن. لكننا نقطع بانه تكلم به ومن المسائل ايضا قوله بلا كيفية قولا قوله قولا هذه مهمة جدا لان فيها الرد على الاشاعرة الذين يقولون نحن نؤمن بان القرآن كلام الله ولكنه ليس عن قول. وانما هو وكلام نفسي ليس بحرف ولا بصوت ولم يسمع جبريل من الله عز وجل شيئا وانما الله خلق ما يريده من القرآن في نفسي جبريل وجبريل نزل به مبلغا للنبي صلى الله عليه وسلم. فرد عليهم الامام الطحاوي بقوله قولا يعني ان الله تكلم به بحرف وصوت وان جبريل سمع هذا الكلام من من الله عز وجل مشابهة ثم نزل به على قلب محمد صلى الله عليه وسلم فاذا قول الامام الطحاوي رحمه الله قولا هذا فيه رد على الاشاعرة الذين يقولون بانه كلام نفسي لا حرف ولا صوت نداء فيه ومن المسائل ايضا اعلم رحمك الله تعالى ان هذا الايمان ليس خاصا بالقرآن فقط. بل ان من اركان الايمان ان تؤمن بكافة كتب الله تبارك وتعالى فلا يمكن ان تدخله او تطوله يد التحريف او التبديل او التغيير قال الله عز وجل انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون. واما في اخبار التوراة والانجيل فالواجب الحذر. فلا يجوز لنا ولكن بما ان الكلام عن القرآن خصصنا الكلام عليه والا فقد اجمع العلماء على انه لا يتم ايمان العبد الا بركن الايمان بالكتب المنزلة من الله تبارك وتعالى فالايمان بالكتب ركن من اركان الايمان. قال الله تبارك وتعالى امن الرسول بما انزل اليه من ربه والمؤمنون كل امن بالله وملائكته وكتبه ورسله وقال الله عز وجل ومن يكفر بالله واليوم الاخر ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله اليوم الاخر فقد ظل ضلالا بعيدا وفي حديث جبريل الطويل الذي لا يخفى على شريف علمكم يقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله ما الايمان؟ قال ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وتؤمن بالقدر واليوم الاخر وتؤمن بالقدر خيره وشره وهذا متفق عليه بين علماء الاسلام. فمن كفر بواحد من كتب الله عز وجل فقد كفر بها جميعا فمن كفر بالتوراة فقد كفر بالكتب المنزلة من الله جميعا ومن كفر في صحف ابراهيم فقد كفر بالكتب المنزلة من عند الله جميعا ومن كفر بالقرآن او بالانجيل فقد كفر بالكتب المنزلة من عند الله عز وجل جميعا فالايمان بها لابد ان يكون ها ايمانا واحدا ايمانا واحدا اي باعتبار اصله ايمانا واحدا كما قلناه فيمن كفر برسول واحد ولذلك لعلكم تحفظون هذه القاعدة؟ ان من كفر برسول واحد نزل منزلة من كفر بهم جميعا ومن كفر بكتاب واحد نزل منزلة من كفر بالكتب جميعا ولذلك كفر اليهود والنصارى بالقرآن يتضمن كفرهم بالتوراة والانجيل وايماننا نحن بالقرآن وبالتوراة والانجيل يتضمن اننا اهل الكتب المنزلة حقا وصدقا من عند الله عز وجل فالمسلمون هم اعظم من يحترم كتب الله تبارك وتعالى ولا لانهم يؤمنون بها جميعا ولا يكفرون بشيء منها واعلم رحمك الله تعالى ان الايمان بالكتب يتضمن عدة امور لابد من تحقيقها الامر الاول ان تؤمن انها من عند الله عز وجل حقا وصدقا من غير تفصيل بينها وانها ليست من اختراع احد من الانبياء او الرسل الارضيين او احد من الرسل الملكيين وانما هي من عند الله تبارك وتعالى واما نسبة القرآن الى انه قول جبريل او قول محمد صلى الله عليه وسلم فهي نسبة تبليغ واداء وليست نسبة كما بيناها سابقا والامر الثاني والامر الثاني ان تؤمن بما بما علمت اسمه منها فكل كتاب علمت اسمه بالدليل الشرعي الصحيح الصريح فالواجب عليك ان تعطيه ايمانا زائدا على الايمان المجمل وهي ان تؤمن به كتابا من الله وان اسمه كذا وكذا. وقد سمى الله عز وجل في القرآن صحف ابراهيم والتوراة والانجيل والقرآن والزبور واما الكتب التي ذكرها الله عز وجل في معرض الاجمال فاننا نؤمن بها ايمانا مجملا من غير تفاصيل ولا يجوز لنا ان نؤمن باسم كتاب ورد في خبر اسرائيلي لا اصل ولا سند له ولا يجوز لنا ان نؤمن باسم كتاب ورد في خبر اسرائيلي لا سند ولا اصل له لانكم لو نقبتم وفتشتم في اخبار بني اسرائيل لوجدتم اسماء كتب منزلة على بعض الانبياء ولكن لا صدر لا دليل يصح في تسمية هذه الكتب. ولا اصل لها فحينئذ لا يجوز ان نثبت شيئا من هذه الاسماء الا بالنص الصحيح ومنها كذلك من مقتضيات الايمان بالكتب ان نؤمن باسم النبي ان ان نؤمن بانها نزلت على هذا النبي الذي عين الله عز وجل انزالها عليه فنؤمن بان التوراة كلام الله ونؤمن باسمها ونؤمن بانها نزلت على موسى عليه الصلاة والسلام ثلاثة انواع من الايمان لا يكفي بعضها عن بعض ونؤمن بان الانجيل كلام الله. اي من عنده ونؤمن بان اسمه الانجيل. ونؤمن كذلك بانه نزل على على رسول الله عيسى. عليه الصلاة والسلام وكذلك نؤمن بالزبور بانه كلام الله وانه وان اسمه الزبور وانه الكتاب الذي انزله الله عز وجل على داوود. وكذلك نقول في القرآن ايضا نؤمن بان القرآن من عند الله وان اسمه القرآن وان النبي الذي انزل عليه اسمه من؟ محمد صلى الله عليه وسلم. فهذا من جملة فيما يجب علينا ومن مقتضيات الايمان بها ايضا تصديق اخبارها التي لم يدخلها تحريف ولا تبديل فكل خبر نزا انزله الله عز وجل في هذه الكتب فلا يتحقق ايمانك به الا اذا امنت به جزما وصدقا. لا مبدل لكلماته. ومن اصدق من الله ان نقبل منها خبرا باعتبار النظر في كتب اليهود والنصارى التي في ايديهم. ولكننا نجزم بانه خبر من اخبار التوراة والانجيل اذا ورد في ماذا بادلة الوحيين عندنا كقول الله عز وجل كقول الله عز وجل وكتبنا عليهم فيها ان النفس بالنفس. اذا نجزم بان هذا من احكام التوراة وذلك لان الله عز وجل اخبرنا ان هؤلاء الذين استحفظوا على كتاب الله وكانوا عليه شهداء قد خانوا هذا الاستحفاظ وحرفوا وبدلوا وزادوا ونقصوا بالتوراة والانجيل ومن المقتضيات الايمان بها كذلك العمل بما لم ينسخ من احكامها العمل بما لم ينسخ من احكامها اما العمل باحكام القرآن فهذا لا نقاش لنا فيه لاننا متعبدون بالاصالة ان نعمل بما في القرآن واما العمل بما في التوراة والانجيل فهو عمل بشرع من؟ قبلنا وقد بحثنا هذه في دروس الاصول وتبين ان الراجح ان شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد ناسخه في شرعنا فاذا نجمل ذلك ونقول يجب العمل بكل ما لم ينسخ من احكام هذه الكتب ومن مقتضيات الايمان بها ايضا ان نؤمن بان هذه الكتب يصدق بعضها بعضا ويؤيد بعضها بعضا. وانه ليس بينها اي اضطراب ولا تناقض ولا اختلاف كما يدعيه من يدعيه من اليهود والنصارى فكل من يدعي وجود خلاف او تناقض او اضطراب. بين هذه الكتب المنزلة فهو كاذب. الا اذا كان مزيدا وحرف في التوراة والانجيل لكننا نؤمن ايمانا جازما بانه لا تناقض ولا اضطراب بين هذه الكتب. بل هي يصدق بعضها بعضا فان قلت وما الدليل على هذا فقول قول الله تبارك وتعالى في شأن الانجيل وقفينا على اثارهم بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة واتيناه الانجيل فيه هدى ونور ومصدقا. فاذا عيسى مصدق لما بين يديه من الرسل والانجيل مصدق لما بين يديه من الكتب فكتب الله عز وجل لا تناقض ولا اختلاف فيها. بل اسمع ماذا يقول الله عز وجل في شأن القرآن. قال وانزلنا اليك الكتاب بالحق مصدقا قل لما بين يديك فلا يجوز ان نعتقد ان هناك تعارضا او تناقضا او تضاربا بين شيء من هذه الكتب مطلقا ومن مقتضيات الايمان ان نعتقد الاعتقاد الجازم ان التوراة والانجيل والزبور قد دخلها كثير من التحريف قد دخلها كثير شيء كثير من التحريف. كما قال الله عز وجل من الذين هادوا يحرفون الكلمة عن مواضعه ويقول الله عز وجل افتطمعون ان يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه ومن مقتضياتها كذلك ان نؤمن بان القرآن هو افضلها ان القرآن هو افضلها؟ ولا افضلها؟ افضلها واعلاها منزلة عند الله عز وجل وانه اخرها واجمعها والمهيمن عليها قال الله عز وجل وانزلنا اليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه ومن مقتضياتها ان نؤمن كذلك بان القرآن محفوظ بحفظ الله عز وجل من كل تبديل او تغيير او زيادة او نقصان كما قال الله عز وجل انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون. ومنها كذلك ولعله اخرها ان نؤمن ان الايمان الجازم بشمول هذه الكتب لجميع ما يحتاجه اهل الزمان ان نؤمن الايمان الجازم بشمول هذه الكتب لجميع ما تحتاجه البشرية سواء اهل الزمان في مسألة التوراة والانجيل او ما تحتاجه البشرية جمعا بالنسبة للقرآن. فهو كتاب لجميع الناس لا تختص به امة دون امة وقد قال الله عز وجل ما فرطنا في الكتاب من شيء والمقصود به القرآن على احد التفسيرين انتم معي ولا لا ومن المسائل كذلك ان قلت لقد بينت لنا مقتضيات الايمان بالكتب والادلة فهل هناك ثمرات اذا امنا تظهر على جوارحنا هل هناك ثمرات؟ الجواب نعم من ثمرات الايمان بالكتب ان تعلم العلم الكبير بعظيم عناية الله عز وجل بخلقه وانه لم يتركهم سدى ولا هملا رعاعا. في ظلماء تتخطفهم الشبهات والشياطين والشهوات او في دوامة لا يدرون عما يعتقدون وما يدينون وما يتعبدون الله به بل من عظيم رحمته وفضله واحسانه ارسل اليهم رسلا وانزل اليهم كتبا حتى تنير لهم طريق التعبد وتبصرهم بمصالحهم ومنافعهم في عاجل امرهم واجله ومن ثمراتها ايضا ان يسعى ابن ادم السعي الحثيث في طلب الهداية من القرآن فانه لا هداية ولا فلاح ولا نجاح ولا نجاة ولا صلاح الا باتباع هدي القرآن كما قال الله عز وجل في وصفه هدى للناس وقال عز وجل في اية اخرى هدى للمتقين تعليم الناس العقيدة الصحيحة في هذا القرآن والرد على العقائد الفاسدة في كتاب الله تبارك وتعالى هذا من اعظم ما ينبغي تعليم الناس اياه ومن هذا ومن ذلك كذلك من الثمرات ان نعلم ان نعلم عظيم حكمة الله عز وجل في تشريعه فانك ما قلبت طربك طرفك بين صفحات هذا القرآن واياته الا ويعظم ايمانك بان المتكلم به حكيم خبير عليم لانه يتضمن بين طياته حكما احكاما لها حكم ومصالح وغايات عظيمة جدا لا تقوم مصالح الناس الا الا بها انتهى الوقت فهذه جمل من المسائل في ثمرات الايمان بالكتب ومن مسائل هذه القطعة ايضا لو قال لنا قائل عندنا اشكال يحتاج الى جواب وهو انكم تستدلون على ان القرآن غير مخلوق بالايات التي تدل على انه منزل فتثبتون عدم خلقه بكونه منزلا ويلزم على قولكم يا اهل السنة ان كل ما حكم الله عليه بانه منزل فانه يكون غير مخلوق فيلزم من هذا ان المطر لا يكون مخلوقا وان الحديد الذي انزله الله عز وجل لا يكون مخلوقا كما قال الله عز وجل وانزلنا من السماء ماء فمجرد انزال المطر من السماء لا يخرجه عن كونه مخلوقا وكذلك يقول الله عز وجل وانزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس ومع ذلك فالحديث مخلوق ولم يقتضي وصفه بالانزال ان يكون غير مخلوق فكيف تجيبون عن هذا كيف تجيبون عن هذا الجواب لابد اولا ان نبين لكم انواع الانزال الواردة في القرآن حتى تنكشف لكم هذه الشبهة الخبيثة فالانزال الذي ذكره الله عز وجل في القرآن على قسمين او نقول على ثلاثة اقسام من باب التفصيل المباشر الاول انزال مقيد بانه من عنده من عنده وهذا ليس في القرآن الا الا فيك الا عفوا وهذا ليس في كلام الله الا في القرآن. احسنت يا شيخ محمد اصبت واخطأت. هذا ليس في كلام الله عز وجل الا في القرآن قل نزله رح القدس من ربك بالحق. وانه لتنزيل رب العالمين انا نحن نزلنا الذكر فهذا الانزال المقيد بالعندية من الله عز وجل انما هو انزال واحد وهو انزال القرآن القسم الثاني انزال مقيد بانه من السماء وهو انزال المطر في ايات كثيرة. يقول الله عز وجل وانزلنا من السماء ماء فهذا مقيد بانه من السماء. وليس من عند الله عز وجل لم يقيد بالعندية من الله حتى يشكل عليك انزال هذا وانزال هذا فالانزال الاول مقيد بانه من عند الله والانزال الثاني مقيد بانه من السماء فبما ان الانزاء بين المقيدين يختلف موضع انزالهما فحينئذ ليس هذا كهذا حتى تقيس هذا على هذا لان من شرط القياس الاتفاق بين الاصل والفرع والقرآن اخبر الله انه نازل من عنده والمطر اخبر الله انه نازل من السماء. فهل هما متفقان ام مختلفان اجيبوا يا اخوان اذا هما متفقان في الانزال ومختلفان في الموضع فبما ان بينهما فرق فلا يصح لك القياس. لان المتقرر عند العلماء ان القياس مع الفارق باطل. واما الانزال الثالث فهو الانزال المطلق الذي لم يقيد لا من الله ولا من السماء كانزال الحديد. كانزال الحديد في قول الله عز وجل وانزل وانزلنا الحديد فيه بأس شديد ولم يقيد هذا الانزال بكونه من الله او من عند الله وانما اطلق هذا الانزال والاصل بقاء المطلق على اطلاقه بل ومثل انزال الانعام وانزل لكم من الانعام ثمانية ازواج. هذا انزال ها وهذا انزال نحسن وهذا انزال مطلق لم يقيد لا بكونه من عند الله ولا بكونه من السماء ولا بكونه من السماء فمن اين هذا الانزال؟ المطلق انزال الحديد وانزال الانعام من اين قال العلماء ان انزال الاشياء المطلقة يختلف باختلافها هي في حسبها فمن المعلوم ان انزال الانعام انما يكون من الذكاء من نطفة ذكرها الى رحم انثاها هذا هو الانسان في الانعام بخصوصها واما انزال الحديد فانت خبير بان اجود الحديد انما يكون موجودا في سفوح الجبال وفي اعاليها. فالناس يأخذونه من سفوحها واعاليها وينزلون به لانه انزال مطلق والانزال المطلق يختلف باختلاف المنزل بحسبه. لكن على جميع الاقوام لا يمكن ان نلحق الانزال المقيد بالسماء بالانزال من الله لوجود الاختلاف. ولا يمكن ان نلحق الانزال المطلق بالانزال المقيد لعدم اتفاقه في الحكم والسبب والمتقرر عند العلماء ان المطلق والمقيد اذا اختلفا في الحكم والسبب فانه لا يحمل بعضها على بعض اجماعا. فاذا نعمل بالانزال لكل انزال في مكانه فالانزال من السماء نعمل به في مكانه وهو المطر والانزال من عند الله نعمل به في مكانه وهو القرآن والانزال المطلق نعمل به في مكانه وهو ان يختلف ذلك الانزال باختلاف الشيء المنزل فانزال الانعام هل هو كانزال الحديد؟ اجيبوا يا اخوان انزال الانعام هل هو كانزال الحديد؟ الجواب؟ الجواب لا فهل قال الله عز وجل في المطر انه انزله من عنده حتى يشكل عليك الانزالان؟ الجواب لا. ولكن المشكلة في عقول اهل البدع انهم يجمعون بين المختلفات فيثقل عليهم الامر او يفرقون بين المتماثلات ويشكل عليهم الامر. ولو انهم جمعوا بين المتماثلات وفرقوا بين المختلفات لما وقعوا في شيء في اي شيء من الالباس او الالغاز فاذا انزال القرآن من عند الله يثبت انه غير مخلوق لانه كلام الله وليس في شيء من ذات وليس شيء من ذات الله عز وجل مخلوقا وانزال المطر من السماء يقتضي كونه مخلوقا. وانزال الحديد من رؤوس الجبال او نزول الانعام في نطف الذكور الى ارحام امهاتها اماتها هذا ايضا يقتضي كونها مخلوقة. فاذا عندنا في القرآن ثلاثة انواع من الانزال انزال لا يقتضي كون المنزل مخلوقا وهو انزال القرآن خاصة وانزال مقيد ومطلق ها مقيد بالسماء ومطلق هذا يقتضي كونها مخلوقا فلابد من التفريق بين هذا وهذا وفقكم الله انتهى الوقت طيب اخذ مسألة ومن المسائل هذه القطعة ايضا قوله رحمه الله وانزله على رسوله وحيا اعلم ان الوحي له معنيان عام وخاص اما المعنى العام فهو الالهام بخفاء فالوحي هو الالهام مطلق الالهام وليس كل من اوحي اليه بهذا الوحي العام يكون نبيا او رسولا لقول الله عز وجل واوحى ربك الى النحل اي الهمها وقول الله عز وجل واوحينا الى امي موسى اي الهمها ان تتصرف بهذا التصرف فهذا الوحي هو الالهام ولذلك قد يكون الوحي العام متحققا في غير الانبياء والرسل. بل ان من الوحي العام ما يسميه العلماء بالتحديث لقول النبي صلى الله عليه وسلم كان في من كان قبلكم من الامم محدثون فان يكن في امتي محدث فعمر. فهذا التحديث هو الالهام. بل ان الرؤيا الصالحة الصادقة تدخل في مسمى الوحي لقول النبي عليه الصلاة والسلام الرؤيا الصالحة جزء من ست واربعين جزءا من النبوة. فاذا هي الهام ولكنه الهام لا يحصل به النبوة ولقد اخطأ من جعل اسية امرأة فرعون. ومريم ابنة عمران نبيتين. واحتج على مريم بقول الله بان الله عز وجل اوحى لها وكذلك ام موسى ايضا جعلها نبي فمن اهل العلم من جعل ثلاث نساء من الانباء ثلاث نساء جعلهن انبياء ورسلا ام موسى نبيه ومريم نبيه واسية امرأة فرعون نبيا. ولكن هذا خطأ. واهل السنة والجماعة يقولون بان الله عز وجل لم يبعث نبيا الا الا من الرجال. قال الله عز وجل وما ارسلنا من قبلك الا رجالا. نوحي اليهم. ولان مقام النبوة يقتضي البروز للناس ورفع الصوت وتعليم الناس والاختلاط بهم. وهذا مقام الذكور ليس مقام الاناث. هذا مقام الذكور الى الاناث هذا واضح فاذا هذا هو الوحي بالمعنى العام. واما النوع الثاني وهو الوحي بالمعنى فهو ذلك الوحي الذي تحصل به النبوة والرسالة تحصل به النبوة والرسالة وهو المذكور في قول الله عز وجل انا اوحينا اليك اي وحيا خاصا تحصل به النبوة والرسالة كما اوحينا الى نوح والنبيين من بعده اي وحيا خاصا تحصل به النبوة والرسالة فان قلت لك واي الوحيين انقطع الجواب انما الذي انقطع من الوحي هو الوحي الخاص الذي تحصل به النبوة والرسالة وهذا باتفاق المسلمين فاخر من نزل عليه الوحي بهذا المعنى انما هو محمد صلى الله عليه وسلم واما الوحي بالمعنى العام الذي يدخل فيه الالهام والتحديث والرؤيا الصالحة فانه باق في الامة لله الحمد والمنة يختص الله عز وجل به من يشاء بل انني ارى والله اعلم ان تعبير الرؤى الصادق مبناه على الالهام وان غذاه صاحبه بشيء من التعلم والدراسة وطلب اصوله وقواعده الا ان له لابد ان يكون مبنيا على على الهام. ولذلك يعبر بعض المعبرين لكن تفسيرها كذا وكذا ويجزم بهذا التفسير انه واقع في قلبه ظرورة فهو علم الى الى الالهام اقرب منه الى التعلم وان غذاه صاحبه بشيء من التعلم او الدراسة. مسألة لابد من التفريق بين ما كان يدخل بوحي الشيطان وما يدخل في وحي الرحمن لان الشياطين توحي ايضا. اليس كذلك؟ الجواب بلى وبرهانها قول الله تبارك وتعالى يوحي عن الشياطين يوحي بعضهم الى بعض زخرف القول غرورا يجب علينا ان نفرق بين الامرين لان الخلط بينهما قد اوقع طوائف وامم كثيرة. في حفر من الشبهات شهوات من حيث لا يشعرون ومن طريف ما يذكر هنا ان بعض الصالحين من اهل السنة خرج من بلاده فلما اسفر عن البنيان اذا بسحابة عظيمة قد ظللته وثمة صوت خاطبه فقال يا فلان قد عنك التكليف فقال له اخسأ يا عدو الله قال فتلاشت السحابة وناداه رجل من بعيد. كيف عرفت قال ما سقطت عن محمد صلى الله عليه وسلم وهو اعظم منا فكيف تسقط عني فقال لقد اظللت بذلك عشرين من قبلك قل اضللت بذلك عشرين كلهم ظنوا ان هذا هو الله عز وجل وانما هو وحي من الشيطان وعلى ذلك الف الامام ابن تيمية كتابا حافلا اسمه الفرقان بين اولياء الرحمن واولياء الشيطان وقد بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بيانا شافيا كافيا في قوله صلى الله عليه وسلم ان للملك بابن ادم لمة. وللشيطان لمة فاما لمة الملك فايعاد بالحق وتصديق به واما لمة الشيطان فتكذيب بالحق وايعاذ بالشر فاذا رأيت ما يوحى اليك في صدرك وما يوسوس به في قلبك شيء يؤزك على مخالفة شيء من شريعة الله او التنكب عن صراط الله فاعلم انه من وحي الشيطان فاحذره واستعذ بالله عز وجل منه واما اذا رأيت الذي في قلبك شيء يؤزك على طاعة الله ويدفعك لها دفعا ويحثك عليها حثا ويأمرك بالخير والتصديق بالحق فاعلم انها من الله عز وجل الهمك الله عز وجل رشدك ولذلك شرع في الدعاء اللهم الهمني رشدي وقني شر نفسي او كما قال صلى الله عليه وسلم ففي باب الوحي لا بد من التفريق بين هذا وهذا. وقد اعطى الله عز وجل الشيطان قدرة على الولوج الى القلب بامر الله عز وجل واسمع الى قول الله عز وجل وما ارسلنا من قبلك من رسول ولا نبي الا اذا تمنى القى الشيطان في امنيته. هذا الالقاء وحي من الشيطان. القى الشيطان في امنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان يحكم الله ثم يحكم الله اياته والله عليم حكيم يرحمك الله يا من عطست ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم. ولذلك لا يجري وحي الشيطان الا على من في قلبه قسوة ومرض لكن ماذا قال الله في حق اهل العلم؟ وليعلم الذين اوتوا العلم انه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم وان الله لهادي الذين امنوا الى صراط مستقيم فاذا وحي الشيطان وتزيينه وتضليله ووسوسته وتغريره لا يمشي على اهل العلم ولا ينفذ في قلوبهم ويعرفونه من حين ما يقع في قلوبهم يعرفون تصريفه اهون من هذا القبيل او من هذا القبيل لان عندهم الفرقان الذي يفرقون به بين الحق والباطل واما من حرم هذا الفرقان فانه ربما ينطلي عليه شيء من ذلك كما انطلي على الصوفية ايأتيهم الشيطان في صورة العبد الصالح ان في البقعة الفلانية دفن ولي من اولياء الله فيصبحون ويبنون على هذا قبة او بناء ويجعلونه من جملة عقائدهم. الشيطان له دور كبير في اضلال هؤلاء بل لقد ذكر الامام ابن تيمية ان الشياطين كانت تتكلم على السنة الاصنام وكانت تخاطبهم بلغاتهم. وان من يعبد القبر اذا دعاه ربما ينشق القبر ويخرج الميت ويعانقه ويلبي له ما يريد والميت لم يخرج حقيقة وانما هو شيطان وسوف يشتد علينا ذلك الامر عند سكرات الموت. وهي فتنة المحيا والممات، الممات التي امرنا ان نستعيذ بها بالله عز وجل فيها منها من ان نستعيذ بالله عز وجل منها في كل صلاة وهي اشد ما يكون الشيطان فيه وجنوده كلبا على ابن ادم لعله ان ينال منه وان يظفر بشيء في اخر هذه الحياة بكلمة سوء تكون خاتمة لابن ادم الحذر الحذر من وحي الشيطان ولا يستهان ولا يستهان به. اسأل الله عز وجل ان يوفق هذه الوجوه وان يبارك فيكم. وان يجعلكم موفقين مسددين وان يعصمنا واياكم من الشيطان ومن شركه وشركه. وان يجعلنا واياكم هداة مهتدين وان يعيذنا واخواننا من نزغات الشياطين وان يحضرون. والله اعلم وصلى الله الله وسلم على نبينا محمد تابع بقية هذه المادة من خلال المادة التالية