بسم الله الرحمن الرحيم حياكم الله في الحلقة التاسعة عشرة من هذه الحلقات التي اشرح فيها معلقة امرئ القيس كنت قد وقفت في الحلقة السابقة عند البيت الذي ذكر فيه لحظة وصوله الى خدر بيضة الخدر بعد ان تجاوز اليها الاحراس والمعشر الحراس وهو قوله فجئت وقد نضت لنوم ثيابها لدى الستر الا لبسة المتفضل روي فجئت وقد مضت لنوم ثيابها وروي فجئت وقد نضت لنوم ثيابها وروي فجئت وقد القت لنوم ثيابها نبت ثيابها اي خلعتها وسلختها والقتها لتنام من قولهم نضى ثوبه عنه يمضوه نضوا. اذا خلعه والقاه عنه ومن هذه البابة مضى السيف نضوا وانتظى اذا سله من غمده. ومن ذلك في المعنى رواية فجئت وقد القت لنوم ثيابها اما نبضت ثيابها فتحتمل وجهين الاول ان تكون نضت فعلت من مضى يمضوا نضوا كالرواية الاولى الا انه بنى الفعل على فعل للمبالغة والتكثير. فقال في مضى الثوب نض الثوب كما تقول وخلع فاصل نضت لنوم ثيابها نضوت ثيابها ثم خفف فقال نضت والثاني ان تكون نظة فعلت من قولهم نض الماء ينض نضا ونضيضا اذا خرج وسأل شيئا فشيئا وهو يستند حقه من فلان ان يستنجزه بان يأخذ منه الشيء بعد الشيء فمعنى نضت ثيابها اي خلعتها شيئا فشيئا ثيابها تياب جمع ثوب وهو اللباس يجمع على ثياب واثواب واثوب واثأب بالهمز لدى الستر الستر والستار والستارة والسترة والسترة والمستر ما يستتر به وجمع ستر سطور واستار وستر ولد الستر اي عند ستار الخباء الا لبسة المتفضل لبس فعلة من قولهم لبس الثوب يلبسه لبسا وتسمى الثياب وكل ما يلبس لبوسا ولبسا ولباسا اما اللبسة فهي اسم للهيئة تعني حالة اللابس وهيئته. والمتفضل متفعل من قولهم تفضل اذا لبس الثياب التي تبتذل للنوم وتسمى ثياب النوم فضلة ومفضلا لانها فضلت عن ثياب التصرف والعمل اي زادت وقد يكون المتفضل بمعنى لابس الثوب الفضل. وهو الثوب الواحد المفرد. الذي ليس من تحته شيء يقول جئت وقد خلعت ثيابها الا ثوب النوم عند سترها ومن اهل اللغة من قال انما اراد بقوله فجئت وقد نضت لنوم ثيابها الا لبسة المتفضل التلميح الى ان هدفها من خلع ثيابها ولبس ثياب النوب هو ان تري اهلها انها تريد النوم وانما اراد بقوله لدى الستر انها وقفت عند ستر الخدر منتظرة له مترقبة وصوله. والشعر يحتمل هذا التوليد للمعاني بل هو اصل فيه ثم بين ردة فعلها حين رأته فقال فقالت يمين الله ما لك حيلة وما ان ارى عنك الغواية تنجلي روي يمين الله بالرفع ويمين الله بالنصب. فقالت يمين الله ما لك حيلة. ما لك حيلة من اهل اللغة من قال معنى ما لك حيلة ليس لك عذر ولا حجة ولا وجه. في ان تزورني ليلا وتعرضني للفضيحة وانت ترى الحراس والرجال من حولي ومنهم من قال معناها ما لك حيلة في الخلاص من الاحراس والمعشر وقد غامرت بدخولك خبائي ومنهم من قال معناها ما لك شغل تنشغل به عن هذه الغوايات التي لا اظنها تنجلي عنك ومنهم من قال بل معناها ليس لي حيلة لدفعك عني وهذا هو الاقرب والاظهر ويؤيده بقية كلامها في الشطر الثاني وما ان ارى عنك الغواية تنجلي فهي تقول لم اجد حيلة لدفعك عني لقوة غوايتك التي لا اظن انها ستنكشف وتنتهي وروي ايضا وما ان ارى عنك العماية تنجلي الغواية والعماية بمعنى الضلالة والجهالة والطيش ومجانبة الصواب والهدى يقال غوى يغوي غواية وغيا وعمي يعمى عماية وعمى وما ان ارى عنك الغواية تنجلي تنجلي تنفعل من قولهم جلل امر يجلوه جلوا وجلاء وجلاه وجلى عنه اذا كشف فمعنى تنجلي تنكشف ومن هذا قول الله تعالى عن الساعة يسألونك عن الساعة ايان مرساها قل انما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها الا هو اي لا يكشفها. وان في وما ان ارى عنك الغواية تنجلي زائدة يمكن حذفها دون ان يختل اصل المعنى فانت تقول وما ارى عنك الغواية تنجلي ولكن زيادتها تزيد المعنى لانها تؤكد النفي الذي فيما فكأنها قالت وما ارى عنك الغواية تنجلي ابدا فاهل اللغة حين يقولون هذا اللفظ زائد في الكلام. لا يريدون بزيادة انه لا فائدة منه البتة ولا داعي لذكره بل يريدون ان حذفه لا يخل بالتركيب ولزيادته معنى اضافي يستنبط من السياق وفي تقديمي عنك في قولها وما ان ارى عنك الغواية تنجلي معنى مضاف فهي لم تقل اما ان ارى الغواية تنجلي عنك بل قالت ما ارى عنك الغواية تنجلي وهذا يعني عنك انت دون غيرك فليس لك شبيه في غوايتك التي حملتك على اقتحام هذه الاهوال وهذه اشارة اخرى على موقفه النفسي من هذه المغامرات وانه يراها من البطولات التي يفتخر بها ويباهى بقي ان انبه الى ان الذي جعل بعض اهل اللغة يقول ان معنى ما لك حيلة هو ما لك عذر ولا حجة ولا وجه هو انها قالت ما لك حيلة ولم تقل ما لي حيلة فذهبوا الى هذا المعنى لانه اوفقوا لظاهر اللفظ ولكن الانسب للسياق والحال كما قلت هو ان المراد ما لك حيلة عندي تدفعك عني والشعر لمح تكفي اشارته واللفظ يحتمل هذا المعنى دون تكلف او اعتساف اذا هي قالت حين وصل الى خدرها يمين الله ما لدفعك حيلة ولا ارى الغواية تنجلي عنك ولكنه لم يعر هذا الكلام اهتماما بل بادر مباشرة الى اخراجها من خدرها فقمت بها امشي تجر وراءنا على اثرنا اذيال مرط مرحل واقف عند هذا البيت وبه ابدأ ان شاء الله تعالى في الحلقة القادمة استودعكم الله واسأل الله تعالى لكم التوفيق والسداد