بسم الله الرحمن الرحيم حياكم الله في الحلقة التاسعة والعشرين من هذه الحلقات التي اشرحوا فيها معلقة امرئ القيس بعد ان مهد امرؤ القيس للانتقال من سرد ذكريات اللهو والعبث مع النساء الى ذكريات الجد والجلد في مشاهد كثيرة بقوله لبيضة الخدر الا رب خصم فيك الوى رددته نصيح على تعزاله غير مؤتلي بدأ ذكرياته الجادة بذكر صموده للهموم الثقال في الليالي الطوال في قوله وليل كموج البحر ارخى سدوله علي بانواع الهموم ليبتلي فقلت له لما تمطى بصلبه واردف اعجازا وناء بكل كلكلي الا ايها الليل الطويل النجلي بصبح وما الاصباح منك بامثل فيا لك من ليل كأن نجومه بكل مغار الفتل شدت بيذبل كأن الثريا علقت في مصامها كتان الى صم جندل وليل كموج البحر ارخى سدوله والليل اي ورب ليل فالواو هنا واوروبا والسياق يقتضي حمل ربا على الكثرة. لان المقام مقام افتخار والليل اسم لكل ليلة. ظده النهار والنهار اسم لكل يوم والاصل الا يثنى ليل ولا يجمع وكذلك نهار بل الذي يثنى ويجمع هو ليلة ويوم فيقال ليلة وليلتان وليالي ويوم ويومان وايام فالليل ضده النهار ليلة ظدها اليوم وليل كموج البحر البحر الماء الكثير مالحا كان ام عذبا. وهو خلاف البر وقد غلب استعماله في المالح حتى قل في العذب وجمعه ابحر وبحور وبحار والموج ما ارتفع من الماء فوق الماء وجمعه امواج من قولهم ما جاء البحر يموج موجا جانا ومؤوجا وتموج تموج اذا اضطرب ماؤه وارتفع شبه الليل بموج البحر في هوله وصعوبته وكثافة ظلمته ونكارة امره. وليل كموج البحر ارخى سدوله روي مرخ سدوله. ارخى افعل. يقولون ارخى الرباط يرخيه ارخاء فهو مرخي والرباط مرخى اذا ارسله فاصبح رخوا غير مشدود ارخى سدوله السدول جمع سدل وسدل وهو الستار ويجمع على سدول واسدال من قولهم سدل الستر يسدله ويسدله سدلا واسدله اذا ارخاه وارسله فحجب ما وراءه وليل كموج البحر ارخى سدوله. علي بانواع الهموم ليبتلي الهموم جمع هم وهو الحزن. تقول العرب همه الامر يهمه هما ومهمة واهمه اذا احزنه ليبتلي ليفتعل من قولهم بلى الرجل يبلوه بلوا وبلاء وابتلاه ابتلاء اذا جربه واختبره ومن ذلك في كتاب الله تعالى تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير. الذي خلق الموت والحياة اتى ليبلوكم ايكم احسن عملا وهو العزيز الغفور. اي ليختبركم ايكم احسن عملا ومن ذلك قوله سبحانه ثم صرفكم عنهم ليبتليكم. ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين. اي ليختبركم معنى ليبتلي ليجربني ويختبرني يقول وكم من ليل يشبه موج البحر في كثافة ظلمته ووحشته وصعوبته ونكارة امره ارخى علي ستائره فحاصرني بانواع الاحزان والهموم ليختبرني ااصبر ام اجزع فقلت له لما تمطى بصلبه واردف اعجازا ونأ بكلكل تمطى بصلبه الصلب عظم ذو فقار يمتد من اعلى العنق الى رأس العصعص وهو والعمود الفقري وجمعه اصلب واصلاب وصلبة. والمراد هنا الظهر تمطع اي تمدد من قولهم مطى الشيء يمطوه مطوا اي مدة ويجوز ان يكون من المطا وهو الظهر فيكون تمطى بمعنى مد مطاه اي مد ظهره ويجوز ان يكون اصل تمطا تمطط ثم قلبت الطاء الثانية يا ان تخفيف كقولهم في قصصت اظفاري قصيت اظفاري فيكون معنى تمتى الليل بصلبه اي مطط ظهره ومدده. والمراد ترى طوله وزاد وروي فقلت له لما تمطى بجوزه جوز الليل وسطه وقيل جوزه معظمه والجمع اجواز والمراد في الروايتين واحد واردف اعجازا اردف الشيء بالشيء اتبعه به وزاده عليه ولذلك سمي من يركب خلف الراكب على الدابة رديف. والاعجاز هي مآخير الاشياء ومفردها عجوز وعجز وعجز وعجز وعجز. ولذلك سمي ما تحت الظهر من الانسان عجزا في الرجل والمرأة اي مؤخرة وخصت العرب مؤخرة المرأة بالعجيزة فلا تقال بالرجل الا من باب التشبيه وعلى هذا يكون معنى واردف اعجازا. اي وزاد الليل على مؤخرته مؤخرات فلم يعد له عجوز واحد بل اعجاز كثيرة. والمعنى ازدادت مآخير الليل امتدادا اولى وبعض اهل اللغة فهم من قوله واردف اعجازه انه يريد كلما ظننت ان هذا الليل سار نحو الانجلاء اردف اعجازه اي عاد الى الخلف ورجع الى الوراء وناء بكلكل ناء يجوز فيها وجهان. الاول ان تكون من نائب الشيء ينوء نوء ان اذا اثقله ومنه قول الله تعالى عن قارون واتيناه من الكنوز ما ان مفاتحه لتنوء بالعصبة اولي القوة واه والثاني ان تكون ناء مقلوبة ينأى نأيا اذا بعد مثل جبذ المقلوبة عن جذبا والكلكل الصدر من كل شيء وقيل هو ما بين الترقوتين وقيل هو بطن الزور يقول وناء الليل بكلكله. اي هذا الليل اثقله صدره فهو كلما اراد ان ينهظ سقط وانها ظلم ينهظ الا بجهد ومشقة. او هذا الليل ابتعد بصدره عن عجزه. كناية عن طوله وامتداده فهو حين وصل اواخره شعر بطول العهد باوائله من اهل اللغة من قال اصل ترتيب المعاني في البيت فقلت له لما ناء بكلكله وتمطى بصلبه واردف اعجازا ولكنه قدم واخر والحق ان امرأ القيس في هذا البيت قد اسرف في وصف طول هذا الليل وثقله وجاء في ذلك بالعجب العجاب فهذا الليل يتمطط ويمدد ظهره ويردف على عجوزه اعجازا كثيرة فلا يبلغ اخره. وقد اثقله صدره لضخامته وقد بعد اوله عن اخره فهو ليل ثقيل الصدر ممطوط الظهر مردوف الاعجاز من وله حتى يقترب من عجزه طال به العهد عن صدره لطول ما بينهما وقلت له لما تمطى بصلبه واردف اعجازا ونأ بكلكل ماذا قال له؟ الا ايها الليل الطويل النجلي بصبح وما الاصباح منك بامثل اقف هنا ومن هنا ابدأ ان شاء الله تعالى الحلقة القادمة والى ذلك الحين نستودعكم الله واسأل الله تعالى لكم التوفيق والسداد