بسم الله الرحمن الرحيم حياكم الله في الحلقة الثانية من هذه الحلقات التي اشرح فيها معلقة امرئ القيس. وكنت في الحلقة الاولى قد قدمت الاولى عن المعلقات والثانية عن امرئ القيس وفي هذه الحلقة ابدأوا شرح هذه المعلقة على بركة الله تعالى فاقول كل قصيدة لها هيكل بنائي تقوم عليه هو بمنزلة الهيكل العظمي من الجسد. والنفوذ الى هيكل بناء القصيدة من اعظم الاسباب المعينة على تصور اصولها وبناء الفروع عليها وضبط حفظها والاسترسال في شرحها. لان الانطلاق من هيكل البنائي يجعل الانتقال من الكل الى الاجزاء. منطقيا سلسا مفهوما. ومعلقة امرئ القيس لها ثلاثة اصول او قل ثلاثة اجزاء رئيسة الجزء الاول المقدمة او مطلع القصيدة وقد وقف فيه على اطلال ديار محبوبة له. فوصف مآلت اليه من الوحشة بعد حيل اهلها عنها واستدعى المكان الموحش ذكرى مشهد الرحيل وموقفه منه فخنقته عبرة حرا استطاع ان يشفي نفسه منها بالبكاء وهو دواء قد اثبتت تجاربه انه هو الشفاء من كل ذكرى مؤلمة فللبكاء عنده فلسفة واضحة فليس المقصود من البكاء عند رسوم الديار تعظيم تلك الديار بل الاستشفاء من الم الذكريات التي تحييها مشاهد الديار في نفسه حتى اذا ما اذهب البكاء حرام قات الذكرى جعل الديار نفسها محركا لاستحضار الذكريات السعيدة التي تملأ نفسه جمالا منشراحا وهذا هو الجزء الثاني من المعلقة الذي استدعى فيه ذكرياته الصالحة مع النساء فسرد عددا من الذكريات الخاصة هي ذكرى يوم جلجل وذكرى يوم عقر الناقة للعذارى وذكرى يوم خدر عنيزة وذكرى يوم دلال فاطمة ثم تحدث عن ذكرى عامة وهي ذكراه مع بيظات الخدور من العذارى اللواتي ركب اليهن الاهوال فوصف مغامرته في الوصول الى احداهن ليلة وبلوغ خدرها والخروج بها من الحي الى مكان امن ثم وصف تلك العذراء بكوامل الصف ولان اكثاره من ذكر النساء في هذا الجزء الكبير من معلقته سيحمل السامع على ان يظن انه زير نساء لا بطولة له الا في اغوائهن ولا ذكر له الا في اللهو معهن ولا معرفة له الا بمسامرتهن لاجل ذلك تخلص من سرد ذكريات اللهو والعبث مع النساء الى سرد جده وجلده وفروسيته في الجزء الثالث والاخير من المعلقة. في هذا الجزء اعتد القيس بجلده وصبره على احتمال الهموم الثقال في الليالي الطوال وبانه قد ذلل كاهله لحمل مغارم الاقوام ودياتهم. واعتد بقدرته على قطع الاودية الخالية والفيافي المقفرة مع قلة الزاد واعتد بتبكيره للصيد على فرس لا يعتسفه اي فارس وببقائه في البر متنقلا في طوله وعرضه. في مواسم المطر مع ما فيها من المخاطر والاهوال وقد دعاه ذلك الى وصف فرسه بصفات عظيمة لا ليظهر ابداعه في وصف الفرس باعلى العتق والكرم فحسب بل ليستثمر ذلك كله لنفسه. لان كرم الفرس دليل على كرم الفارس الذي انعسف ذلك ورسوله كما دعاه الى وصف شدة وقائع المطر الذي وصفه ووصف ما خلفه من دمار في الارض لا ليبرز قدرته على تصوير مشاهد اثار السيول الجارفة فحسب. بل ليعتد بقدرته على التنقل في البراري في الاجواء العاصفة والبروق الخاطفة. ومن هذا الهيكل سابدأ شرح هذه المعلقة مقدمة المعلقة تقع مع الزيادات في اربعة عشر بيتا هي قوله قفا نبكي من ذكرى حبيب ومنزل. بسقط اللواء بين الدخول فحومل فتوضح الميراث لم يعفر اسمها. لما نسجتها من جنوب وشمئلي رخاء تسح الريح في جنباتها كساها الصبا سحق الملاء المذيل ترى بعر الارقام في عرصاتها وقيعانها كانه حب فلفل كاني غداة البين يوم تحملوا. لدى سمرات الحي ناقف حنظلي وقوفا بها اه صحبي علي مطيهم. يقولون لا تهلك اسى وتجملي ودع عنك شيئا قد مضى لسبيله ولكن على ما غالك اليوم اقبلي فقلت لهم عوجوا على ذي صبابة قليل التعازي هائم القلب منحلي وقفت بها حتى اذا ما ترددت عماية محزون بشوق موكلي بكيت. وهاجتني الصبابة والاسى لعرفان مغنى الدار والمتحول بكيت وهاجتني الصبابة والاسى لعرفان مغنى الدار والمتحول وان شفائي عبرة مهراقة. فهل عند رسم دال من معول كدأبك من ام الحويرث قبلها وجارتها ام الرباب بمأسلي وان شفائي عبرة مهراقة فهل عند رسم من دارس من معول كدأبك من ام الحويرث قبلها وجارتها ام الرباب بمأسلي اذا قامتا تضوع المسك منهما نسيم الصبا جاءت بري القرنفل ففاضت دموع العين مني صبابة على النحر حتى بل دمعي محملي هذه الابيات الاربعة عشر هي مقدمة القصيدة وبشرحها ابدأ الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى والى ذلك الحين استودعكم الله. واسأل الله تعالى لكم التوفيق والسداد