بسم الله الرحمن الرحيم حياكم الله في الحلقة التاسعة والثلاثين من هذه الحلقات التي اشرحوا فيها معلقة امرئ القيس كنت قد ذكرت لكم في الحلقة السابقة ان نمرأ القيس في اثناء وصفه لفرسه خرج خرجة يصف فيها مشهدا من مشاهد طرد صيد فقال فعنى لنا سرب كأنني عاجه عذارى دوار في ملاء مذيل. يقول فظهر امامنا واعترض لنا سرب من المها كأنني عاجه في انتظامه وتبختره وبياضه وطول اذياله عذارى قد لبسنا الملاء البيظ المذيلة وهن يطوفن حول دوار في سكينة وهدوء وانتظام ثم قال فادبرنا كالجزع المفصل بينه بجيد معم في العشيرة مخول فادبرنا ادبر ولى ذاهبا مشتقة من الدبر والدبر والدبر من كل شيء عقبه ومؤخره وضدوا ادبر اقبلا مشتقة من القبل والقبل. وقد روي هذا البيت ضد الدين فروي فادبرنا كالجزع المفصل بينه وروي فاقبلنا كالجزع المفصل بينه فعلى رواية فادبرنا يكون المعنى عنا لنا سرب من النعاج فرأيننا فادبرن وعلى روايتي فاقبلنا يكون المعنى عنا لنا سرب من النعاج فاقبلن. اي عن لنا مقبلا علينا كالجزع الجزع بفتح الجيم والجذع بكسرها وبهما روي البيت خرز يمني فيه بياض وسواد تشبه به العيون ومن ذلك قول امرئ القيس كان عيون الوحشي حول خبائنا وارحلنا الجزع الذي لم يثقب وواحدة الجزع جزعة وسمي جزعا لانه مجزع اي مجزأ اي مقطع الالوان قطع سواده ببياضه وانما اختاره لتشبيه المها به لان اجساد المهابيظ الا قوائمها وخدودها فهي سود يقول ادبرنا حين رأينا وبينهن مسافات متقاربة فكأنهن في بياضهن وسوادهن وتقاربهن المتقطع خرز الجزع المفصل بينه فقوله المفصل بينه كناية عن المسافات القصيرة الفاصلة بين الخرز وكانهن ادبرن موليات بابعاد متقاربة فلسنا بالمتفرقات بلا نظام ولسنا بالمتلاصقات في ازدحام كما ان الخرز المفصل في القلادة مفرق بابعاد متساوية او متقاربة فليس بالمتفرق غير المنتظم ولا بالمتلاصق المتزاحم. وهذا الخرز الذي شبه به سربا نعاج المها ليس في اي قلادة بل هو في قلادة كريمة الجواهر فهي بجيد معم في العشيرة مخول الجيد العنق وجمعه اجياد ذكرناه عند تفسير قوله وجيد كجيد الريم ليس بفاحش اذا هي نصته ولا بمعطل بجيد معم في العشيرة مخول المعم والمعم كريم الاعمام والمخول والمخول كريم الاخوال وجاءت الرواية بها جميعا بجيد معم في العشيرة مخول وبجيد معم في العشيرة مخول فهو جيد صبي كريم الابوين اصيل الطرفين وعشيرة الرجل بنوا ابيه الادنون. ولذلك قال الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم وان عشيرتك الاقربين فادبرنا كالجزع المفصل بينه بجيد معم في العشيرة مخول فهذه النعاج في بياضها المفصل بالسواد وهي تسير متقاربة كانها خرز الجزع المنظوم في قلادة معلقة بجيد صبي كريم الاعمام كريم الاخوال وانما نص على كرم اعمامه واخواله. لان خرز قلادته لن يكون الا نفيسا منتخبا فقوله بجيد معم في العشيرة مخولي اصلها بجيد صبي معم مخول في العشيرة ثم حذف الموصوف صبي وابقى الصفتين معم مخول والاصمعي يروي هذا الشطر بجيد معم في العشيرة مخول وفي روايته وجهان الاول ان يكون قد وصف الجيد بصفة صاحبه مبالغة منه فكأن هذا الصبي لكرم اعمامه واخواله اصبح كل عضو منه كريما. فاجرى على الجزء صفة الكل الثاني ان يكون اصل التركيب بجيد جيد معم في العشيرة مخول ثم حذف المضاف واقام المضاف اليه مقامه فادبرنا كالجزع المفصل بينه بجيد معم في العشيرة مخولي فالحقنا بالهاديات ودونه جواحرها في سرة لم تزيلي فالحقنا بالهاديات اي مكننا من ادراك سوابق سرب المها المتقدمات وفي هذا تأكيد لما قاله في بيت سابق كأن دماء الهاديات بنحره فالحقنا بالهاديات ودونه جواحرها الجواحر المتأخرات فالجاحر هي التي تأخرت حتى ادركت قال الاصمعي وقد تقول من جاحر جحرا ولا ادري كيف يفعل منه يقول وقد تقولوا من جاحر جحرا ولا ادري كيف يفعل منه يريد رحمه الله ان العرب قد تبني من جاحر فعلا ماضيا فتقول جحر فلان اي تأخر حتى ادرك ولكنه لا يعلم كيف يكون بناء المضارع منه ايكون يجحر ام يجحر ام يجحر فرحمه الله اكرم مثواه ما كان اخشاه لله في نقل العربية فهو والله بخاريها المقدم ومسلمها المكرم فالحقنا بالهاديات ودونه جواحرها يقول امرؤ القيس ان هذا الفرس ادرك اوائل السرب متجاوزا اواخرها فهي دونه في سرة لم تزيلي السرة لها ثلاثة معان الاول الظجة والصيحة والثاني الجماعة والثالث الكرب الشديد والبيت يحتمل المعاني الثلاثة وبها فسر قول الله تعالى عن امرأة ابراهيم عليه السلام فاقبلت امرأته في سرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم لم تزيلي تزيل اي تتزيل وهي تفعلوا من قولهم زال الشيء يزيله زيله وازاله يزيله ازالة وازالة وزينه جيلا اي فرقة وروي لم تزيل بالبناء لغير الفاعل من زينه فتزيل اي فرقه فتفرق ومن هذا الباب قول الله تعالى ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين اشركوا مكانكم انتم فزيلنا بينهم. وقال شركاؤهم ما كنتم ايانا تعبدون اي تفرقنا بين الذين اشركوا بالله وما اشركوه به يقول امرؤ القيس ان هذا الفرس يدركه اوائل سرب المها فيغدوا ما خلفها من القطيع دونه وهي ما تزال مجتمعة لم تتفرق وهي منه في كرب شديد ولها ضجة بسبب مباغتته لها فهو في عدوه كالبرق الخاطف اقفوا عند هذا الحد واكمل التعليق على هذا البيت فالحقنا بالهاديات ودونه جواحرها في سرة لم تزيل في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى والى ذلك الحين استودعكم الله واسأل الله تعالى لكم التوفيق السداد