فيكون الامر في قوله وقل مما يليك في الاصح انه يفيد الوجوب اذا كان صنف الطعام واحد ومن الفروع ايضا في الصحيحين من حديث ابن عمر عن ابيه عمر رضي الله عنهما وطلب واذا صدر منك الى من هو ادنى منك فامر واذا صدر منك الى من يساويك فالتمس. هذا هو حقيقة الامر باختصار. المسألة الثانية هل للامر صيغة نعرفها اذا مررنا عليها في ادلة الكتاب بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على رسول الله الامين وعلى اله واصحابه الطيبين الطاهرين ومن تبعهم الى يوم الدين ثم اما بعد ابو عبد الرحمن تقدم تقدم عندنا في هذه في هذا الدرس مفتاح يتكرر على السنة العلماء كثيرا. وانا اعتبره الحقيقة من اعظم المفاتيح التي ينبغي لطالب العلم ان يهتم بها وهما مفتاحان متلازمان ولكن سنشرح في هذا الدرس مفتاحا وفي الدرس الاخر المفتاح الاخر ان شاء الله هذا المفتاح عنوانه الامر المتجرد عن القرينة يفيد الوجوب والفورية الامر المتجرد عن القرينة يفيد الوجوب والفورية قال وفقه الله تعالى والامر للوجوب والنهي للتحريم عند العارفين. نعم الامر للوجوب دون صارف فمتى ما رأيت الامر متجردا عن القرينة فانه يفيد شيئين. يفيد الوجوب ويفيد الفورية. والكلام على هذا المفتاح في جمل من المسائل. المسألة الاولى ما تعريف الامر اختلفت عبارات الاصوليين رحمهم الله تعالى في تعريفه ودائما عادة السلف رحمهم الله تعالى الاختصار في التعريفات. حتى كان كثير من السلف يعرفون الشيء بضرب مثال له فلو انك رجعت الى عبارات الاصوليين بتعريف الامر لظاق صدرك من كثرة الاعتراظات والقيل والقال ولكن باختصار قال اهل السنة في تعريف الامر انه طلب الفعل ممن هو دونه وذلك لان الامر اذا صدر من الانسان فلا يخلو من ثلاث حالات اما ان يصدر منه الى من هو اعلى منه رتبة كقول العبد ربي اغفر لي فمتى ما صدر الامر من الادنى الى الاعلى فهو دعاء وسؤال وطلب واما ان يصدر الامر منك الى من هو ادنى منك رتبة فمتى ما صدر الامر من الاعلى الى الادنى فهذا هو حقيقة الامر لغة وشرعا كقول الله عز وجل للمكلفين اقيموا الصلاة واتوا الزكاة فهما امران صدرا من الاعلى العلي عز وجل الى الادنى من المكلفين واما ان يصدر الامر منك الى من يساويك في الرتبة. كقول بعض الطلاب لبعض اعطني قلما. او قول ملك دولة لملك دولة اخر اعطنا بعض ما عندك من كذا وكذا. فمتى ما صدر الامر منك الى من يساويك فيسميه العلماء بالالتماس يعني انك تلتمس منه ذلك الامر فاذا صدر منك الى من هو اعلى منك فدعاء السنة؟ الجواب نعم. لقد نص العلماء رحمهم الله تعالى على صيغ للامر. متى ما وجدتها في اية من القرآن او حديث من احاديث السنة الصحيحة فاعلم ان الشارع يأمرك الان بامر اكثر هذه الصيغ تكرارا هي صيغة فعل الامر وما تصرف منه قولنا افعل هذا امر افعلي هذا امر افعلا هذا امر افعلوا هذا امر افعلن هذا امر اذا صيغة قال وما تصرف منها على حسب المأمور تذكيرا وتأنيثا وانفرادا وجمعا هذه اكثر الصيغ تكرارا في الكتاب والسنة ومنها كذلك ما يسميه العلماء باسم فعل الامر. فهو ليس فعل الامر لكنه يعبر عنه كقولك اذا اكثر احد كلامه صح اي اسكت فانت لم تقل اسكت ولكن عبرت عن فعل الامر الذي هو اسكت باسمه وهو صه وكقول المؤذن من حيا على الفلاح حي على الصلاة حي على الفلاح اي تعالوا وهلموا واقبلوا لكن لم يقل هذه الافعال وانما عبر عنها باسمها. وكقول النبي الله عليه وسلم لعائشة لما كانت تحكي فعل المرأة. وتذكر يعني صلاتها قال مه يا عائشة عليكم من الاعمال بما تطيقون فوالله لا يمل الله حتى تملوا. فقوله مه ليس هو الامر وانما هو اسم فعل وهذا قليل وروده في الكتاب والسنة على حسب الاستقراء الثالثة المصدر النائب عن فعل الامر فبدل ان اقول اضربوا محمدا فاقول ضربا لمحمد فانا عبرت عن الامر بمصدره فهو مصدر ناب عن فعل الامر ومنه قول الله عز وجل فاذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب. لم يقل اضربوا رقابهم وانما عن فعل الامر بمصدره. فضرب الرقاب. وقال العلماء ان التعبير عن الامر بمصدره يفيد والمبالغة يفيد التأكيد والمبالغة. وهذا قليل وروده في القرآن ايضا. في ادلة الشريعة ايضا الصيغة الرابعة فعل الامر المقرون بلام فعل الفعل المضارع المقرون بلام الامر. مثل اجلس اجعلها فعل امر ادخل عليها اللام. لتجلس تطوف اجعلها امرا لتطف. فاي فعل مضارع دخلت عليه لام الامر فانه ينقلب من المضارعة الى الامرية كقول الله عز وجل ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم قم وليطوفوا بالبيت العتيق. كلها اصلا افعال مضارعة. يقضوا وش بعد؟ ثم ليوفوا وايضا يطوفوا. كل هذه افعال مضارع لكنها انقلبت الى امر بدخول وهذا وروده في الكتاب والسنة هذا كثير وروده في الكتاب والسنة. فمتى ما رأيت واحدة من هذه الصيغ في اية او حديث فاعلم ان الشارع الان يأمرك يأمرك بشيء. المسألة الثالثة هذه الصيغ اذا وردت في الكتاب والسنة تفيد ماذا الاصوليون في ذلك اختلافا كثيرا طويلا لا نهاية له واصح هذه الاقوال والذي دلت عليه ادلة الكتاب والسنة واجماع الصحابة ودلالة اللغة والاعتبار الصحيح هو ان صيغة امري تفيد شيئين. الوجوب وفورية الامتثال وكل واحدة منها لها ادلتها فان قلت ما الدليل على ان الامر يفيد الوجوب؟ فاقول عدة ادلة منها قول الله عز وجل الا مخاطبا لابليس للملائكة اسجدوا لادم فسجد الملائكة كلهم اجمعون الا ابليس. ماذا فعل الله بابليس لما لم يمتثل الامر في قوله اسجدوا الجواب عاقبه بالعقوبة المعلومة فلو كان الامر لا يفيد الوجوب لما استحق ابليس هذه العقوبة. ولكن سبب عقوبة الله له لانه لم يمتثل امره في قوله اسجدوا وهو فعل امر. فدل ذلك على ان الامر يفيد الوجوب اذ من علامات الوجوب العقوبة على الترك من علامات الوجوب العقوبة على الترك ومنها قول الله عز وجل عن عن الملائكة عليها ملائكة غلاظ شداد ايش؟ لا ايعصون الله ما امرهم لا يعصون الله ما امرهم. اذا دل على ان مخالف الامر موصوف بانه عاصي. ولو كان الامر لا يفيد الوجوب لما وصف مخالفه بانه عاصي فلما وصف الله عز وجل الملائكة بامتثال امره وانهم لا يعصونه علمنا ان الامر يفيد الوجوب اذ مخالف الوجوب هو الموصوف بالمعصية فلو كان لا يفيد الا الندبة لما وصف تارك المندوب بانه عاص وهذا واضح ومنها قول الله عز وجل في سورة الاحزاب ان لم اكن مخطئا يا شيخ هيثم وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة الخيرة من امرهم. ومن يعصي الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا. وجه من هذه الاية من جهتين. الجهة الاولى ان الله نفى الخيارة عند ورود الامر. فلو كان الامر لا يفيد الا الندب لكان المندوب مبنيا على الخيرة ان شئت ان تفعل وان شئت ان تترك. فلما نفى الله الخيرة بعد صدور الامر عرفنا ان المكلف لا خيارة له. والوجوب هو الذي تنتفي معه الخيرة فالوجوب هو الذي تنتفي معه الخيرة. واما الندب فلا تنتفي معه الخيرة. لان المتطوع امير نفسه ان شاء فعل وان شاء ترك. بل ان شاء بعد الشروع في الفعل ان يقطع فله ذلك. الا في النسكين الثاني ان الله وصف مخالف الامر بعد صدوره بانه عاص. قال ومن يعصي. وهذا تكلمت عنه قبل قليل ومنها ايضا قول الله عز وجل واذا قيل لهم اركعوا لا يركعون ويل ما وجه الدلالة انهم امروا بالركوع فلما لم يركعوا عوقبوا فعوقبوا على عدم امتثال الامر في قوله اركعوا. فدل ذلك على ان الامر في قوله اركعوا يفيد الوجوب. اذ لو لم يكن يفيد الوجوب لنا استحقوا قوله عز وجل ويل ومن الادلة ايضا قول الله عز وجل يا ايها الذين امنوا انتم معي ولا ما انتم معي؟ ترى بسأل للحين ماشيين يا ايها الذين امنوا استجيبوا استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم لما يحييكم هذه استدل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ان الامر يفيد الوجوب وذلك في صحيح الامام البخاري من حديث سعيد بن المعلى. قال كنت اصلي في المسجد. فناداني رسول الله صلى الله عليه وسلم من ورائي فلم اجبه حتى قضيت صلاتي فقلت يا رسول الله اني كنت اصلي. فقال ما منعك وهذا انكار وتغليظ فيه. ما منعك ان تجيبني وقد قال الله عز وجل استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم لما يحييكم. فلو لم يكن الامر يفيد الوجوب لما استحق هذا الصحابي هذه المعاتبة. اذ لا يعاتب الانسان بمثل ذلك الا على تفويت واجب. بل ويدل على ان الامر يفيد الفو رية لان رسول الله صلى الله عليه وسلم انكر عليه عدم الاستجابة وعدم فوريتها. عدمها الاستجابة وعدم فورية ومن الادلة ايضا ما في الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لولا ان اشق على امتي لامرتهم لامرتهم بالسواك عند كل صلاة علمنا بذلك انه لو امر لحصلت المشقة. لانتفاء الاختيار في الامتثال. فدل ذلك على ان الامر يفيد الوجوب. اذ ان المشقة لا تكون في المندوبات. وانما المشقة تكون في الواجبات المتحتمات التي لا خيرة للمكلف فيها ومنها ايضا ما في الصحيحين من حديث بريرة او المعروف عند اهل العلم بحديث بريرة انها كانت امة فكاتبت اهلها على تسع اواق فعجزت عن سدادها. فجاءت الى عائشة رضي الله تعالى عنها قالت يا اماه اني كاتبت اهلي على تسع اواقم في كل عام اوقية فاعينيني فقالت لها عائشة رضي الله عنها ان شاء اهلك ان اعدها لهم عدة ويكون ولاؤك اي ميراثك بعد موتك لي فعلت فذهبت بريرة الى اهلها فقالت لهم فابوا الا ان يكون الولاء لهم طماميع يبون يستفيدون من ثمن الشراء للبيع ومن الارث فجاء النبي صلى الله عليه وسلم اخبرته عائشة بذلك. فقال خذيها واعتقيها واشترطي لهم الولاء فانما الولاء لمن اعتق ثم خطب النبي صلى الله عليه وسلم خطبته المعروفة. وفي اخر الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم للعباس يا عباس الا ترى او قال الا تعجب من حب مغيث وهو زوج بريرة وبغض بريرة مغيثا. يا بريرة وهذا هو الشاهد. لو راجعتيه فقالت يا رسول الله اتأمرني؟ قال لا انما انا شافع. فقالت لا حاجة لي به وذلك لان الامة اذا اعتقت وزوجها عبد فان لها الخيار في الفسخ او في البقاء. وكان زوجها مغيث يحبها حبا شديدا في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنه قال كان زوج بريرة عبدا اسود يقال له مغيث كاني به يطوف خلفه يطوف خلفها في الاسواق ودموعه تسيل على لحيته. وهي معرضة عنه حتى حتى كان الصحابة يرحمونا. حتى رحمه النبي عليه الصلاة والسلام قال لو رجعتيه قالت اتأمرني؟ قال لا. انما اشفع. قالت لا حاجة لي فيها ما عنده الا ذا العبد ها؟ لا حاجة لي فيه ووجه الشاهد انها قالت اتأمرني؟ يعني بمعنى ان الرجعة له او البقاء تحت سلطان زواجه لا اختيار لي فيه فكان الصحابة يفهمون بان الامر مقرون بماذا؟ بالوجوب وان الانسان متى ما امر شرعا فانه لا خي فانه لا خيرة له ومن الادلة ايضا والادلة كثيرة ولا اريد الاطالة عليكم. اجماع الصحابة رضي الله عنهم. فقد ذكر القاضي ابو يعلام اصحابنا رحمه الله ادلة كثيرة ونقولا واثار متعددة عن كثير من الصحابة انهم استفادوا الوجوب من مجرد من مجرد الامر وقد ذكرتها في موضع اخر في الكتاب في كتابي في الاصول ولا اريد الاطالة عليكم بها. فاستفاد الصحابة رضي الله تعالى عنهم الوجوب من مجرد الامر. بل كان بعضهم ينكر على بعض اذا تخلف عن امتثال الامر. انكار من يرى ان الامر للوجوب بل ودلت اللغة عليه فان العبد لو قال لسيده اسقني ماء ولم يمتثل العبد. فعاقبه فان العلماء فان العقلاء من البشر. لو اطلعوا على تلك العقوبة لقالوا بحسنها لماذا لم يمتثل امرك؟ بل لو قال السيد لعبده اسقني فتأخر العبد وعاقبه السيد لحسنت عقوبته له لماذا لم يمتثل الامر فورا فهذه الادلة تراها واضحة المعالم وان هناك امرا قد احدثه المتأخرون في اوامر الشرع وهي انهم اذا سمعوا امرا في الكتاب والسنة فان هم الواحد منهم هو ان يسأل اهو للوجوب او للندب؟ وهذا لم يكن معروفا في عهد السلف وانما كانوا يحرصون على امتثال الامر اكثر من حرصهم على معرفة نوع الامر ان كثيرا من اهل زماننا يعني من الخلف يكسلون عن فعل الاوامر لان همهم بعد سماعها ان يتعرفوا على نومهم. فمتى ما رأيت من نفسك هذا فاعرف انك من اكسر الناس في امتثال الاوامر اما الصحابة رضي الله تعالى عنهم وارضاهم ومن بعدهم من السلف الصالح فانهم كانوا يمتثلون الامر مباشرة من غير سؤال اهو امر وجوب لا اختيار فيه ام امر ام امر ندب؟ الا اذا ورد عندهم شيء من الاشكال او القرائن التي توجب لهم السؤال والا في الاصل انهم يمتثلون اوامر الشرع بغض النظر عن كونها امر وجوب او امر ندب. وهذا ادخل في تعظيم تنفيذ امر الشارع عز وجل تنبيهان مهمان التنبيه الاول لقد ذهب بعض اهل العلم رحمهم الله تعالى ورفع قدرهم ومنازلهم في الدارين الى ان الامر ان كان في عبادة فيفيد الوجوب. وان كان في مجرد ادب من الاداب فيفيد الندب فهل هذا التفريق صحيح؟ ام مردود؟ الجواب فيه خلاف بين اهل العلم والاصح رده وعدم قبوله. وذلك لعدة اوجه. الوجه الاول ان الادلة التي دلت على ان الامر يفيد الوجوب والتي منها ما ذكرته لكم انفا. وردت من غير تفصيل بين باب وباب. والمتقرر في القواعد ان ما ورد مطلقا فالواجب بقاؤه على اطلاقه ولا يجوز تقييده الا بدليل. فيصل انت تفكر ولا معي؟ اكيد؟ وش قلت انها تفكر فالادلة وردت مطلقة من غير تفصيل بين باب وباب. وما ورد مطلقا فالواجب بقاؤه فالواجب بقاؤه على اطلاقه. ولا يجوز تقييده الا بدليل. فالذين فرقوا بين باب العبادات وباب الاداب قيدوا المطلق ولا دليل معهم على هذا التقييد. الوجه الثاني اننا نجد في الادلة اوامر في في باب الاداب والعلماء يقولون بانها من الواجبات. كحديث عمر ابن ابي سلمة في الصحيحين رضي الله عنهما قال قال لي النبي صلى الله عليه وسلم يا غلام سم الله وهذا ادب والعلماء يقولون بالوجوب وكل بيمينك وهذا ادب والعلماء يقولون بالوجوب وكل مما يليك وهذا ادر والعلماء يقولون بالوجوب اذا كان صنف الطعام واحدا الوجه الثالث اننا لا نجد فرقانا. يميز لنا بينما كان تعبدا لا ادب فيه وبينما كان ادبا لا تعبد فيه اذ العبادات اداب والاداب عبادات فكيف اميز بين الامر الذي هو عبادة وليس من الاداب وبينما كان من باب الاداب وليس من باب العبادات. لا تجد فرقانا يفرق لك بين هذين البابين لان الشريعة اصلا كلها اداب وكلها عبادات. فاما ادب فيما بينك وبين الله يدخل فيه الصلاة والزكاة والصيام والحج فكلها اداب فيما بين العبد وبين ربه او فيما بينك وبين المخ لو قيم او فيما بينك وبين نفسك. فاداب الشريعة لا تخرج عن هذه الاقسام الثلاثة وتعبدات الشرع ايضا لا تخرج عن هذه الاقسام الثلاث. اما عبادة فيما بينك وبين الله واما عبادة لله فيما بينك وبين المخلوقين كصلة الارحام او غيرهم. واما عبادة لله فيما بينك وبين نفسك من الاقتصاد والوسطية التعبد مثلا فليس هناك فرقانا نستطيع التفريق به بين باب العبادات التي لا ادب فيها او بين باب الاداب الذي لا عبادة فيه والشريعة قسطاسها وميزانها الذي لا ينخرم. هو انها لا تعلق فروقها واقسامها واحكامها بما لا يمكن التمييز فيه لان من مقاصد التشريع استقرار الاحكام والانواع والاقسام. فكل تقسيم او تنويع لم يبن وجه التقسيم او التنويع فيه فليس من الشرع ولذلك فالعلماء رحمهم الله تعالى الذين فرقوا لم يستطيعوا الى ساعتي هذه. ان يوجدوا لنا فرقانا فرقانا بين هذا الباب وهذا الباب لتستقر الاحكام ونعرف الامر الواجب من الامر المندوب ولذلك فالقول الصحيح والرأي الراجح المليح هو ان الامر متى ما صدر فانه يفيد الوجوب اذا لم يكن له قرينة تصرفه بغض النظر عن باب وروده. سواء اورد في معاء ملت او في انكحة او جناء يات روح قدام او في باب عبادات لا شأن لنا بموضع وروده. وانما الشأن لنا في صيغته. فمتى ما وردت صيغة الامر المتجردة عن القرينة فانها تفيد مباشرة الوجوب والفورية تنبيه اخر اذا رأينا امرا في الكتاب والسنة ورأينا الجمهور رحم الله امواتهم وثبت احيائهم جماهير العلماء من الخلف والسلف قالوا بانه امر ندب. فهل يصرف الامر بقول الجمهور هل يعتبر قول الجمهور في بعض الاوامر صارفا لها من الوجوب الى الندب ام لا؟ الجواب خلاف بين اهل العلم رحمهم الله تعالى. والقول الصحيح انه لا يعتبر صارفا فان قلت ولماذا فاقول لان قول الجمهور لا يعدو ان يكون قولا عالم واقوال العلماء يستدل لها لا بها ولان كلا يؤخذ من قوله ويترك الا قول الشارع فلا يجوز ان نصرف دلالة الامر في الكتاب والسنة الا بالكتاب والسنة. او باجماع اما ان نصرف دلالة الامر في الوحيين بمجرد بمجرد ان الجمهور قالوا بانه للندب لانه في باب الاداب فان هذا لا يصلح ان يكون صارفا مع كامل احترامنا للجمهور. وانهم تاج على رؤوسنا في التقدير. والتعظيم لكن تعظيم العلماء شيء والاخذ باقوالهم شيء اخر. فليس كل عالم اخذت بقوله تكون محترما له وليس كل عالم رددت قوله تكون مهينا له. فهذا التلازم النكد لابد ان يفصل. لان من الناس من يصفك او يصف بعض الطلاب بانه قليل ادب على العلماء اذا سمعه يرد بعض اقوالهم باكمل ادب وهذا ظلم واعتدال اذا علمتم ما ذكرته لكم قبل قليل من تعريف الامر ومن بيان صيغه ومن الادلة على دلالته ومن التنبيهين المذكورين لم يبق لنا الا اخر مسألة وهي التفريع على هذه القاعدة وقد جرت عادتنا في التفريع عندنا نسترسل فيه قليلا فلا تستطيل التفريع. ولي رسالة مختصرة في شرح هذه القاعدة ذكرت عليها اكثر من مائة فرع. لان العلوم التطبيقية لا تبنى ملكتها الا بكثرة التطبيقات لا بكثرة المحفوظات فاي شيء كان من العلوم التطبيقية كاصول الفقه او القواعد الفقهية او النحو. فمهما حفظت فيه من المتون ما حفظت فلن تبنى بمجرد الحفظ الملكة. وانما الملكة في الامور التطبيقية تبنى بكثرة التطبيقات هناك ملكة وفهم. فالفهم اول درجات الملكة ولا يكفي في اصول الفقه ان تفهم المسألة. لتكون اصوليا لا بل لا بد ان تبنى ملكة الاصول في ذهنك ولا تبنى الا بكثرة التطبيقات. فعلى هذه القاعدة جمل من تطبيقات من فروعها ما ذكرته لكم قبل قليل من حديث عمر ابن ابي سلمة رضي الله عنهما في قول النبي صلى الله عليه وسلم يا غلام سم الله وهذا امر متجرد عن القرينة فيفيد الوجوب. فلا يجوز لاحد ان يضع يده في الطعام الا بعد التسمية لا سيما وان النبي صلى الله عليه وسلم قد اخبرنا بان الشيطان يستحل الطعام الذي لا يذكر عليه اسم الله عز وجل كما في الحديث الصحيح وكل بيمينك وهذا امر متجرد عن القرينة فيفيد الوجوب. فلا يحل لاحد ان يأكل بشماله مع سلامة يمينه ايه لا سيما وان رجلا اكل بشماله في حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا فلان كل بيمينك فقال لا استطيع. فقال لاستطعت فما رفعها الى فيه. اي شلت. فلو كان ذلك انما فيدوا الندب لما استحق هذا المخالف هذه الدعوة التي حرمت هو من رفع يمينه الى فيه واما قوله وكل من ما يليك. فقد اختلف العلماء فيه. فمنهم من قال هو امر وجوب ومنهم من قال اذ لا صارف يصرفه من الوجوب الى الندب. ولان جميع الواصفين لوضوءه صلى الله عليه وسلم ذكروا انه كان يتمضمض في وضوءه. كعبد الله بن زيد في الصحيحين وابي هريرة في امرنا الذين قالوا بانه امر ندب استدلوا على انصرافه من الوجوب الى الندب. بان النبي صلى الله عليه وسلم كان يتتبع ايش؟ الدباء في القصعة يعني سواء اكانت مما يليه او مما يلي الطرف الاخر فكان يتتبعها من القصعة يأكلها. فلم يأكل رسول الله صلى الله عليه سلم من هذه القصعة مما يليه. فدل ذلك على ان الامر مصروف من الوجوب الى الندب وعندنا قاعدة اصولية تحل لنا اشكالات كثيرة جدا ولي رسالة مختصرة قواعد الجمع بين مظاهره التعارف وهي كم قاعدة؟ عشر قواعد لابد ان يضبطها طالب العلم حتى يستطيع ان يحل اي اشكال يثور بين دليلين دائما اقول لكم ان اعظم قاعدة على الاطلاق في قواعد الجمع بين الادلة التي ظاهرها التعارف هي قاعدة الجمع باختلاف باختلاف الحال. فمتى ما استطعت ان تجمع بين ما ظاهره التعارض بناء على هذه القاعدة فاجمع فان الجمع بها مقدم على الجمع بغيرها. بغيرها فنحمل قول النبي صلى الله عليه وسلم وقل مما يليك على ما اذا كان صنف الطعام اذا حملناه على حالة ونحمل تتبعه صلى الله عليه وسلم للدباء في القصعة في حديث انس صحيح؟ على ما فاذا كان الطعام مختلفا ذا انواع متعددة. فحملنا الحديث الاول على حال وحملنا الحديث الثاني على حال انه قال للنبي صلى الله عليه وسلم ان الجنابة تصيبني من الليل. فقال توضأ واغسل ذكرك ثم نم. فعندنا في هذا الحديث امران. الامر الاول توضأ. والامر تاني اغسل فهل هما يفيدان الوجوب او الندب؟ الجواب فيه خلاف بين اهل العلم رحمهم الله تعالى الاصح انه يفيد الندب. فان قلت ولماذا صرفت الامر فيهما من الوجوب الى فاعطنا الصارفة فاقول الصارف لذلك فعله صلى الله عليه وسلم. فقد اخرج الاربعة باسناد صحيح غيره من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم ينام وهو جنب من غير ان يمس ماء من غير ان يمس ماء. فقولها من غير هذا نفي وقولها ماء نكرة فهي نكرة في سياق النفي تقرروا في القواعد ان النكرة في سياق النفي تعم. فيعم ماء الغسل فلم يكن يغتسل. ويعم ماء الوضوء فلم يكن يتوضأ ويعم ماء غسل الفرج فلم يكن يغسل فرجه لان الاصل بقاء العام على عمومه. فترك النبي صلى الله عليه وسلم لمس الماء مع كونه جنبا. ومع ذلك ينام دليل على ان امره لعمر في قوله توضأ واغسل ذكرك ثم نم انه ليس على وجه الوجوب والتحتم وانما اعلى وجه الندب والاستحباب ومن هاء. في الصحيحين من حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه. قال قال النبي صلى الله عليه وسلم اذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول عندنا في هذا الحديث امر وهي قوله فقولوا فهل الامر هنا يفيد الوجوب او الندب؟ الجواب خلاف هم بين اهل العلم رحمهم الله تعالى والاصح انه يفيد الندب. فان قلت واين صارف للامر من الوجوب الى الندب. فاقول الصارف في ذلك فعله صلى الله عليه وسلم. ففي الامام مسلم من حديث انس رضي الله عنه وارضاه. قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يغير اذا طلع الفجر وكان يستمع الاذان. فان سمع اذانا امسك والا اغار. فسمع رجلا يؤذن الله اكبر الله اكبر فقال النبي صلى الله عليه وسلم على الفطرة ثم قال الرجل اشهد ان لا اله الا الله فقال له النبي صلى الله عليه وسلم خرجت من النار فنظروا فاذا هو راعي معزة ووجه الشاهد منه ان الراوي لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم انه ردد وراء هذا المؤذن مما يدل على ان الترديد ليس من واجبات المتحتمات وانما من المندوبات المستحبات. فان رددت فحسن وان لم تردد فلا بأس عليك وهذا في الاصح وبعض اهل العلم جعل صارفا اخر وهو فيما في الصحيحين من حديث مالك ابن الحويرث رضي الله تعالى عنه وارضاه قال فاذا سافرتما فاذ زنا. واقيما وليؤمكما اكبركما ووجه الشاهد منه انه لم يأمر المستمع ان يردد وراء المؤذن ولكن في هذا شيء من النظر وما ذكرته لكم هو اصح ان شاء الله تعالى. ومن الفروع ايضا قول النبي صلى الله عليه وسلم واذا توضأت فمضمض اخرجه الاربعة من حديث لقيط ابن صبرة رضي الله تعالى عنه. فهل الامر بالمضمضة هنا امر وجوب اما امر ندب؟ الجواب فيه خلاف بين الائمة بين الائمة رحمهم الله تعالى والاصح انه للوجوب وابن عباس في الصحيح والربيع بنت معوذ بن عفراء في السنن وغيرهم ممن وصفوا وضوءه لم يخرن احد في ذكر المظمظة ومثلها ايظا قول النبي صلى الله عليه وسلم اذا توضأ احدكم فليجعل في به ماء وهذا الامر الاول ثم لين تثر. وهذا الامر الثاني. ففي هذا الحديث امران فهل هما مفيدان الوجوب؟ الجواب فيه خلاف بين اهل العلم والقول الصحيح نعم انهما يفيدان الوجوب. اذ لا صارف يصرف هما عن الوجوب الى الندب وبناء على ذلك فمن توضأ ولم يتمضمض فوضوؤه باطل. او لم يستنشق فوضوؤه باطل. او ولم يستنثر فوضوؤه باطل. ومن الفروع ايضا قول النبي صلى الله عليه وسلم توضأوا مما مست النار اي من اي شيء يطبخ على النار ولو من اثوار الاقط كما رواه الامام مسلم في صحيحه من حديث ابي هريرة رضي الله عنه. فعندنا في هذا الحديث امر وهو قوله توضأوا فقال له منكرا عليه تأخره. لم تأخرت فقال اني شغلت في اهلي فلم ازد على ان توضأت ثم جئت. فقال له عمر رضي الله عنه والوضوء ايضا وقد علمت ان النبي صلى الله عليه وسلم فيفيد ماذا؟ فيه خلاف بين اهل العلم. والقول الصحيح انه للندب لا للوجوب. فان قلت لقد خالفت الاصل والدليل يطلب من الناقل عن الاصل. فاقول نعم والناقل لذلك فعله صلى الله عليه وسلم. ففي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال اكل النبي صلى الله عليه وسلم كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ. وفي سنن ابي داوود باسناد حسن من حديث ابن عباس رضي الله وعنهما قال اكل النبي صلى الله عليه وسلم كتفا فمسح يده بمسح تحته ثم صلى ولم يتوضأ. وفي مسند الامام احمد اسناد صحيح من حديث ام سلمة رضي الله عنها قالت قربت جنبا مشويا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فاكل منه ثم صلى ولم يتوضأ. وفي صحيح الامام مسلم من حديث ابي رافع رضي الله عنه وهو مولى رسول الله. قال اشهد لقد كنت اشوي بطن الشاة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيأكل ويصلي ولا يتوضأ. وفي مسند الامام احمد ايضا باسناد من حديث انس قال كنت انا وابي وابو طلحة جلوسا فاكلنا خبزا ولحما ثم دعوت بوضوء الا لي مما تتوضأ؟ فقلت من اجل هذا الطعام الذي اكلناه؟ فقال اتتوضأ من الطيبات؟ لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ يتوضأ منها. لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ منها. فالشاهد من ذلك ان هذه الادلة صرفت الامر في قوله توضأوا من الوجوب والتحتم الى الندب والاستحباب. وعندنا قاعدة شرحتها في موضع اخر انه متى ما نسخ الوجوب ثبت الاستحباب. ومن الفروع ايضا ما في الصحيحين من حديث ابي قتادة رضي الله عنه. قال قال صلى الله عليه وسلم اذا دخل احدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين وهذه الرواية لا تخدمن لكن رواية الاخرى فليركع ركعتين قبل ان يجلس الامر عندنا في قوله فليركع. فهل هذا الامر يفيد وجوب تحية المسجد؟ الجواب فيه خلاف بين اهل العلم رحمهم الله تعالى والاصح انه يفيد وراكم شي والاصح انه يفيد الندب المتأكد لا الوجوب المتحتم. فان قلت فهل اعطيتنا القرينة التي صرفت الامر من بابه الى باب الندب فاقول نعم. وهي عدة قرائن منها ما في ان النبي صلى الله عليه وسلم قال خمس صلوات كتبهن الله على العباد. فدل ذلك على ان غيرهن ليس بمكتوب وفي وفي حديث اخر لما قال اخبرني عن الاسلام قال خمس صلوات في اليوم والليلة قال هل علي اي وجوبا غيرها؟ قال لا. الا ان تطوع. ومنها ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب بالناس فرأى رجلا يتخطى رقابهم فقال يا فلان اذ اجلس فقد اذيت وانيت ولم يأمره بصلاة ركعتين. ومنها ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يصعد المنبر بعد دخول المسجد ويجلس بلا تحية استعدادا للخطبة فافادت هذه القرائن ان الامر في قوله في قوله فليركع ركعتين قبل ان يجلس انها ليست الوجوب والتحتم وانما للندب والاستحباب. ومنها قوله صلى الله عليه وسلم في مسألة استغسال العائن واذا سلتم اي طلب منكم ان تغسلوا شيئا من اثاركم فاغسلوا فقوله فاغسلوا ماذا يفيد؟ الجواب فيه خلاف بين اهل العلم والاصح انه يفيد الوجوب فمتى ما علمت علم يقين او غلب على ظنك ان فلانا هو الذي اصابك بالعين فامرته بان يغسل شيئا من اثاره كداخلة ازاره او ان يتوضأ لك في ماء فيجب عليه وجوب عين ان يفعل ولانه لو لم يفعل لربما افظى الى فوات نفس المعيون. او فوات شيء من منافعه كبصر او سمع. او عقل او وجوب شيء من العطب في صحته. ومن مقاصد الشريعة حفظ النفوس والاطراف والصحة. فهذا استوجب فهذا يوجب عليه ان يغتسل امتثالا لامر النبي صلى الله عليه وسلم واذا استغسلتم فاغسلوا منها ايضا قول النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين من حديث ابن عمر مللتم مليتوا؟ نوقف قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر اذا جاء احدكم الى الجمعة فليغتسل وهذا امر. والامر يفيد الوجوب فهل الامر في هذا الحديث يفيد الوجوب؟ الجواب فيه خلاف طويل بين اهل العلم رحمهم الله تعالى على اقوال ثلاثة والاصح انه يفيد الندب لا الوجوب. فان قلت واين الصارف الذي صرف الامر من الوجوب الى الندب؟ فاقول عدة منها ان عثمان رضي الله تعالى عنه دخل يوما من الايام المسجد يوم الجمعة وعمر رضي الله تعالى عنه يخطب كان يأمر بالغسل ووجه الشاهد من ووجه الشاهد من هذا ان عمر رضي الله عنه والصحابة الذين كانوا مع اقروا صلاة عثمان للجمعة وعلى مجرد الوضوء. فهذا دليل على ان الغسل للجمعة ليس من الواجبات المتحتمات وانما من باب المندوبات. فان قلت فلو كان مندوبا فلما ينكر عليه عمر هذا الانكار امام الناس. فاقول ان عمر رضي الله عنه ان وعليه الامر الاول الذي لم تأخذ بالك منه. فانه انكر عليه التأخير. يعني انكر عليه عدم التبكير والعلماء مجمعون على ان التبكير ليس من الواجبات. وذلك لان القوم لم يكونوا يريدون في من اهل الفضل ان يتأخروا هذا التأخر فانهم اهل قدوة والناس ينظرون لهم بعين الاعتبار فينبغي لهم ان يحسبوا للامر حسابه. فالانسان اذا كان مقدما في العلم ومقدما في الطلب والناس ينظرون له بعين الاكبار فان مخالفته للمندوب عند من يعظمه كأنها مخالفة امر واجب والا فان انكاره امام الناس عليه على على عثمان في تأخيره دليل على ان التأخير واجب الجواب لا. عفوا التبخير واجب الجواب لا. فاذا هو انكر عليه امرين مندوبين انه تأخر ولم يبكر وهذا مندوب. وانه كفى بالوضوء عن الغسل. فدل على انه منضبط. ومن الصوارف ايضا ما في صحيح الامام مسلم رحمه الله تعالى من حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم من توضأ ثم اتى الجمعة هذا لفظ الامام مسلم من توضأ ثم اتى الجمعة فهذا دليل على ان مجرد وضوءه كاف. ومن اهل العلم من قال بانها لفظة شاذة. اذ المحفوظ قوله من اغتسل ثم اتى الجمعة. فنقول ان الاصل في الالفاظ الثابتة عدم السدود. الا ان يأتينا مد السدود بدليل وبرهان وقرينة. لان حكمنا على لفظة رواها الرواة في حديث رسول الله صلى الله عليه سلم بانها شاذة هذا يتضمن تضعيفها واهمالها. والاصل في الكلام الاعمال للاهمال. فهي لفظته صحيحة وقد يستدل على انه ايضا للندب بحديث اخرجه ابو داود باسناد حسن لغيره من حديث الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمة. ومن اغتسل فالغسل افضل. وفي سنن ابي داوود باسناد حسن من حديث عكرمة ان ناسا من اهل العراق اتوا ابن عباس فقالوا يا ابن عباس اترى الغسل يوم واجبا؟ فقال لا. ولكنه خير وافضل لمن اغتسل. وساحدثكم كيف بدء الغسل او الغسل كان الناس مجهدين يلبسون الصوف ويعملون على ظهورهم وكان مسجدهم ضيقا مقارب السقف انما هو عريس. فخرج عليهم النبي صلى الله عليه وسلم في يوم حار. فخرجت منهم الروائح حتى اذى بعضهم بعضا. فوجد النبي صلى الله عليه وسلم منهم اثر الريح. فقال اذا كان هذا فليغتسل احدكم وليمس افضل ما يجد من طيبه ودهنه. قال ابن عباس ثم جاء الله عز وجل بالخير ولبسوا غير الصوف ووسع مسجدهم وكفوا العمل. وذهب بعض ذلك الذي كان يؤذي بعضهم بعضا من العرق فهذا دليل على ان الامر به ليس للوجوب والتحتم وانما هو للندب والاستحباب. وهناك قول لابي العباس ابن تيمية وتلميذه الامام العلامة ابن القيم رحمهما الله تعالى. وليس ببعيد وهي انه يجب احيانا ويندب احيانا. فيجب على من به ريح تؤذي المصلين على من ليست فيه هذه الرائحة. ومن الفروع ايضا قول النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين من حديث عبدالله بن المغفل رضي الله عنه صلوا قبل المغرب صلوا قبل المغرب وهذا امر يفيد الوجوب اصالة ولكن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدها كلمة اسقطت الوجوب الى الندب وهي لمن شاء. فتعليق الامر بالمشيئة دليل على انه ليس امر وجوب. اذ امر الوجوب لا اختيار ولا مشيئة للعبد للعبد فيه. ومنها ايضا من عجائب الامام ابن حزم. رحمه الله تعالى وغفر له وجعل قبره روضة من رياض الجنة. وانه من اعظم من يعجبني في فقهي الامام ابن حزم وابن تيمية والامام الشوكاني رحمه الله والامام الشنقيطي هؤلاء من ائمة من الائمة الذين جمعوا بين الرسوخ الاصولي التقعيدي التأصيلي وبين قوة الفقه. فهؤلاء لا يطرقون المسألة الا ويردونها اليه الى اصولهم. وهذا مما ينبغي لطالب العلم. اذ العلم ليس معرفة الحكم. وانما معرفة ماخذ الحكم. واما مجرد استجماع الاحكام هذا حلال وهذا حرام. هذا ما يكفي. لكن العلم لما كان هذا حلالا ولم كان هذا حراما وهذا لا يأخذه الانسان بمجرد قراءة كتب الفقهاء اذا لم ترد المسألة الى اصولها. ماذا كنت اقول؟ ايه. وانما الشأن لنا باختياره الثاني في الله عز وجل عن المرأة الحائض. فاذا تطهرن فاتوهن. فاوجب ابن حزم على الزوج بعد طهر ان يأتيها ولو مرة فيما بين الطهرين فهل ما ذهب اليه من القول بالوجوب في هذه الاوامر؟ صحيح؟ الجواب للاسف ليس بصحيح. فان قلت ولماذا اقول لانها اوامر وردت بعد حظر. والامر بعد الحظر يعيد الامر الى ما كان قبل الحظر فان كان قبل الحظر جائزا فهو بعد فك الحظر عنه جائز. وان كان قبل الحظر من فهو بعد فك الحظر عنه مندوب وان كان قبل الحظر واجبا فهو بعد فك الحظر عنه واجب فورود الامر بعد الحظر قرينة تصرف الامر عن بابه. وانما نرد دلالة الامر بعد الحظر الى ما انا قبل الحظر يقول الناظم والامر بعد الحظر قد عاد الى سابقه. طيب قول النبي صلى الله عليه عفوا قول قول النبي صلى الله عليه وسلم كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الاضاحي من اجل للدافة الا فا ادخروا كلمة فادخروا امر فتفيد ما كانت تفيد قبل النهي فقد كان الاكل والادخار من لحوم الاضاحي جائزا ثم حرم من اجل الفقراء الذين دفوا الى المدينة بكثرة ثم عاد سارعوا وامر به والامر بعد الحظر يفيد ما كان يفيد قبل الحظر فقول وكذلك قول الله عز وجل عن من تحلل من النسك. فاصطادوا فقد كان حكم الصيد قبل الدخول في النسك جائزا ثم حرم من اجل النسك ثم عاد الله وامر به في قوله واذا حللتم فاصطادوا. فاذا يعود الامر بعد الحظر الى حكم ايه؟ سابقا. ومنها ايضا ان جماع الزوج لزوجته قبل حيضها كان جائزا. ثم حرم لعارض حيض ثم عاد وامر به في قوله فأتوهن. فالامر في قوله فاتوهن لا يفيد الوجوب لانه امر بعد حظر والامر بعد الحظر يفيد ما كان يفيده قبل الحظر. افهمت؟ طيب. ومن الفروع ايظا وليس باخرها لكن ان شاء الله يعني لا افرحوا بكثرة التفريع كثرة قول النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين من حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه اذا رأيتم الجنازة قوموا فالامر في قوله يا بندر قوموا. هل يفيد الوجوب او الندب؟ الجواب فيه خلاف بين اهل العلم رحمهم الله على والاصح انه يفيد الندب وذلك لان النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه انه امر به ثم خالفه. وقد قلت لكم قاعدة اصولية كل فعل على خلاف الامر القولي فصارف للامر من الوجوب الى الندب وكل فعل على خلاف النهي القولي فصارف للنهي من التحريم الى الكراهة. وقد شرحناها في غير هذا بامثلتها فثبت عنه صلى الله عليه وسلم هذا وثبت عنه هذا. ففي صحيح الامام مسلم من حديث علي رضي الله عنه قال قام النبي صلى الله عليه وسلم للجنازة ثم قعد. فثبت عنه الامران. ومنها ايضا اخرج الاربعة باسناد صحيح من حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم اذا توضأتم فابدأوا بميامنكم يعني في العضو الذي ها فيه طرفان كاليدين والرجلين. قال فابدأوا بميامنكم فقوله فابدأوا امر فهل يفيد الوجوب؟ الجواب اجمع العلماء رحمهم الله تعالى وانزل لهم الاجر والمثوبة. وجعل قبورهم روضة من رياض الجنة. وجمعنا بهم في جنات الفردوس الاعلى على ان التيامن فيما هو كالعظو الواحد في الوضوء انه مندوب وليس بواجب فهذا الاجماع يصرف النهي عفوا يصرف الامر من الوجوب الى الندب. فان من جملة صوارف الامر الاجماع وهذا الاجماع حكاه الامام النبوي. وكذلك حكاه الامام ابن قدامة وجمع من اهل العلم رحمهم الله تعالى. فلو ان كان بدأ بيده اليسرى قبل اليمنى او برجله اليسرى قبل اليمنى لصح وضوءه ولكن خالف السنة. ومنها قول النبي صلى الله الله عليه وسلم اجعلوا اخر صلاتكم بالليل وترا في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما فهذا امر والامر يفيد الوجوب. ولكن وجدناه صلى الله عليه وسلم خالف امره فعله ففي صحيح الامام مسلم من حديث هشام ابن سعد عن عائشة انه سألها عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت كان يصلي من الليل تسع ركعات لا يجلس في شيء منها الا في الثامنة فيقعد في ذكر الله ويحمده ويدعوه ثم يقوم فيصلي التاسعة ثم يسلم ثم يصلي ركعتين وهو جالس فتلك احدى عشرة ركعة يا بني والحديث في صحيح الامام مسلم. اين الشاهد منه؟ ان النبي صلى الله عليه وسلم خالف امره بفعله. والمتقرر في القواعد ان فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا كان على خلاف امره القولي فيفيد انصراف الامر من الوجوب الى الندب فيستحب للانسان ان يجعل اخر صلاته بالليل وترا ولكن لا يجب عليه ذلك ومنها ما في الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فانه اغض للبصر واحصن للفرج فالامر في قوله فليتزوج. هل يفيد الندب او لا؟ عندنا قاعدة اريدكم ان تفهموها. ولذلك اخرت هذا فرع الى اخر كلامه. وهي ان الامر متى ما كان في باب الوسائل فانه يأخذ حكم مقصوده فان ورود الامر في باب الوسائل من القرائن التي تجعلنا ننوع دلالته على حسب تنوع مآلاته ومقاصده وغاياته. فالامر بالزواج ليس امر مقاصد فان الزواج ليس مقصودا في ذاته. وانما هو وسيلة لامر صرح بها رسول الله في قوله فانه اغض للبصر واحصن للفرد فهذه من جملة مقاصد الزواج العظيمة فلما كان الزواج وسيلة فان حكمه يتنوع بتنوع تحقق هذه المقاصد من عدمها فمن توقف غظوا بصره وحفظ فرجه على الزواج فانه يجب عليه ان كان قادرا على بائته ومتى ما رأيتم الباءة فيقصد بها القدرة المالية. ولا يقصد بها الشهوة وانما يقصد بها القدرة المالية. اذ من لا شهوة له فلا يحتاج اصالة الى الزواج فكل شاب او رجل كان لا يستطيع غض بصره ولا تحصين فرجه الا بالزواج فيكون الزواج واجبا في حقه لان غض البصر وتحصين الفرج واجب وما لا يتم الواجب الا به جبن وما لا يتم الواجب الا به فهو واجب طبعا اذا كان قادرا على الباء. فاذا قيل لك متى يكون الزواج واجبا؟ فقل بشرطين. القدرة على الباءة وخوف الوقوع في العمت واما واما من كان قادرا على بائته ولكنه غير محتاج اليه. او غاظ لبصره محصن لفرجه اما لايمانه وتقواه او لوجوده في بيئة لا تنظر الى هذا الامر بعين الاعتبار او نحو ذلك. شاب لا صبوة له فحينئذ يكون الزواج في حقه مندوبا لان الزواج انما يحقق في حق هذا الشخص الامر المندوب فاذا كان الزواج وسيلة لواجب فيكون واجبا. واذا كان الزواج وسيلة لمندوب فيكون مندوبا. ولذلك قال العلماء ان الزواج يجري عليه الاحكام التكليفية الخمسة. فيكون واجبا تارة اي ان كان وسيلة لواجب ومندوبا تارة اي ان كان وسيلة لمندوب ومحرما. تارة ان كان وسيلة لحرام مكروها او مباحا تارة ان كان وسيلة لمكروه او مباح. والذي اريدكم ان تفهموه هو ان الامر متى ما كان وسيلة لغيره فاياك ان تفتي بانه يفيد الوجوب دائما. لا وانما يفيد ما تفيده مآلات او يفيد ما يفيده مقصوده. فان كان مقصود الامر واجبا فيكون الامر واجبا. وان كان مقصود الامر من فيكون مندوبا وهكذا هذا بالنسبة للجزئية الاولى جزئيات التي تفيدها صيغة الامر وهي الوجوب. واما الصيغة واما الجزئية الثانية فهي الفورية اننا سنترك شرحها للدرس القادم مع الادلة والفروع ان شاء الله عز وجل. والخلاصة من ذلك انك متى ما رأيت شيئا من صيغ الامر واردة في الكتاب والسنة فانك تحملها مباشرة على الوجوب حتى تنظر الى القرينة. فان وجدت قرينة تصرفها من بابها الى الندب فاهلا وسهلا والا فالاصل وهو البقاء على اصل الوجوب حتى يرد الناقل والله اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد