ان علماء الاسلام مجمعون على انه من جملة ضرورات الشرع ومقاصده الكبيرة فرفع الحرج مقصد من مقاصد الدين. فمتى ما حل شيء من الحرج فان الله عز وجل دائما يتبعه فرج كما قال الله عز وجل ان مع العسر اي الحرج يسرا. ان مع العسر يسرا وقد اجمع علماء الاسلام رحمهم الله تعالى على ان كل فعل في تطبيقه عسر فانه الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولوالدينا وللحاضرين يا رب العالمين. قال الناظم وفقه الله تعالى وخفف التكليف ان عذر طرى وابعد الاضرار عن كل الورى. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الامين وعلى اله واصحابه الطيبين الطاهرين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين رب اشرح لي صدري ويسر لي امري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي واجعل لي من لدنك سلطانا الرباط. سوف يكون هذا المجلس ان شاء الله مخصصا في شرح الشطر الاول من هذا البيت. وهي قول الناظم وخفف التكليف ان عذر طرأ والكلام على هذا الشطر في جمل من المسائل المسألة الاولى اعلم رحمك الله تعالى ان هذا الشطر مفرع على قاعدة عظيمة يقال لها رفع الحرج. رفع الحرج وهذا من اعظم المفاتيح العلمية الذي يبرز جانبا مهما من جوانب هذه الشريعة المباركة. وانها شريعة مبنية على التخفيف تيسير وعلى رفع الاثار والاغلال. فالله عز وجل فالله عز وجل انما يريد بنا التخفيف لا التعسير ويريد بنا التيسير لا الاثقال. كما قال الله تبارك وتعالى يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر وقال الله تبارك وتعالى يريد الله ان يخفف عنكم. وقال الله عز وجل ما جعل عليكم في من حرج والايات في هذا المعنى كثيرة والنصوص متواترة في صحة هذا الاصل. وهو رفع الحرج. بل دائما يصحب باليسر. كما قال الناظم وكل فعل فيه عسر قد بدا. يصحب تيسير شرع احمد صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم فهذا هو المفتاح الذي سيدور كلامنا حوله في هذا الدرس ان شاء الله. وهو رفع الحرج. رفع الحرج الثانية اعلم رحمك الله تعالى ان قاعدة ان اصل رفع الحرج ان اصل رفع الحرج يتضمن قواعد الفقهية الخمس الكبرى. فانما قرر الشارع ان الامور بمقاصدها لرفع الحرج وان اليقين لا يزول بالشك لرفع الحرج. وان المشقة تجلب التيسير لرفع الحرج. والا ضرر ولا ضرار لرفع الحرج. وان العادة محكمة لرفع الحرج. فهذا الاصل الكبير يتضمن جميع هذه قواعد التي يندرج تحتها الفقه الاسلامي كله. فان قلت ولم كانت قاعدة الامور بمقاصدها داخلة تحت هذا الاصل. فاقول لان الشارع دائما يراعي ربط الامور الظاهرة بالامور الباطنة فلا يدخلها في حيز التعبدات الا اذا كانت ايش؟ مبنية على نية التعبد. وذلك لان الله عز وجل لو كلفنا ان نتعبد له بعبادة بدون نية التعبد لكلفنا ما لا ما لا نطيقه. اذ ان كل عاقل يتصرف تصرفا من عمل او قول الا ولابد ان يسبق عمله وقوله نية وقصد. حتى قال الفقهاء لو ان ان الله كلف العقلاء ان يعملوا عملا بلا قصد لكان من تكليف ما لا يطاق. فمن باب رفع الحرج صارت الامور مقاصدها. فان قلت ولم كانت قاعدة اليقين لا يزول بالشك تدخل تحت قاعدة رفع الحرج. فاقول ان من اعظم الحرج اي يأمرك الشارع بان تعمل شكك وان تسقط به اليقين. فوالله لا تصفو لنا عبادة ولا يصفو لنا دين ولا دنيا لكن من رحمة الله عز وجل بعباده ومن باب رفع الحرج عنهم قال متى ما تعارض عندك يقين وشك فاعمل باليقين ولا تنظر الى الشكوك. فان العمل بالشكوك والوساوس والخطرات امر يفسد الدين والدنيا. فقرب هذه القاعدة من باب رفع الحرج. واما علاقة قاعدة المشقة تجلي بالتيسير مع رفع الحرج فهي محط حديثنا باذن الله الى اخر الدرس. واما قاعدة العادة محكمة فانها ايضا تتضمن رفعا للحرج لان الناس لو كلفوا ان يخالفوا عاداتهم لكان في ذلك من المشقة والحرج عليهم ما الله به عليم. لكن امر الناس وان يتركوا او اجيز للناس ان يتركوا على عاداتهم في بيوعهم وشرائهم. وكلماتهم وعقودهم البستهم ومشيتهم مشيتهم وطريقة اكلهم وشربهم الاصل ان يترك الناس على عاداتهم واعرافهم من باب ايش؟ من باب التخفيف والتيسير. فلو اننا كلفنا الامة كلها ان تترك عادتها لامر معين فلربما يتخلف وعن تطبيقه كثير من الناس لعدم جريان عادتهم به. لعدم جريان عادتهم به. ولذلك فالقول الصحيح ان العقود تنعى اقد بكل لفظ باي لغة جرى عرف المتعاقدين عليها. فتنعقد باللغة العربية ان كان المتعاقدة عربيين وتنعقد باللغة الانجليزية ان كان المتعاقدان يتكلمون بهذه اللغة وتنعقد باللغة اليابانية والصينية والهندية والافريقية اذا كانت تلك هي عادتهم. فلو اننا كلفنا الامم كلها الا تنعقد الا بالفاظ معينة لكان في ذلك من الحرج والمشقة ما لا يطيقه الناس. فقرر الشارع قاعدة العادة محكمة وبقاء على اعرافهم من باب التخفيف ورفع الحرج عن الناس. واما علاقة هذا الاصل العظيم بقاعدة لا ضرر ولا ضرار فلا اظنه يخفى عليكم. اذ لو ان الناس وقع بعضهم بعضا يضر بعضهم بعضا فهذا يصدر منه الضرر الضرر على غيره وهذا يصدر منه الضرر على غيره لهلك دين الناس وهلكت دنياهم. فمن باب رفع الحرج عن الناس الشريعة ان يصدر منك ضرر على غيرك وان يصدر من غيرك ضرر عليك. فبان لكم ان هذا الاصل الكبير الفخم وهو رفع الحرج يندرج تحته الدين كله. يندرج تحته الدين كله. وازيد الامر ايضاحا فاقول اعلموا رحمكم الله تعالى ان من اعظم ما تميزت به شريعة محمد صلى الله عليه وسلم يسرها سهولتها ان من اعظم ما تميزت به هذه الشريعة انها شريعة يسيرة خفيفة سهلة لا اصار فيها ولا اغلال ولا تكليف فيها يخرج عن الطاقة البشرية. فلا يكلف الله عز وجل نفسا الا وسعها ولا يكلف نفسا الا ما الا ما اتاها. ولذلك وصف الله عز وجل شريعة محمد صلى الله عليه وسلم بقوله ويضع عنهم اصرهم والاغلال التي كانت عليهم اي على الامم الماضية. ووضع اصري هو في تحليل بعض او اسقاط بعض الواجبات التي كانت تجب على من قبلنا. ففي هذه الامة اسقط الله وجوبها والاغلال في تحليل بعض المحرمات التي كانت على الامم الماضية. فلا تحريم فيها باعتبار لهذه الامة فاصل الشريعة مبني على ماذا؟ على التخفيف والتيسير ورفع الحرج. ولذلك قال صلى الله عليه وسلم ان بعثت بماذا؟ بالحنيفية السمحة اي السهلة اليسيرة. وهذا وصف الشرع كله لم يوجد فيك رخصة تقتضي التيسير. فاصل وضع الشرائع يسير وخفيف. ثم فزاد الله عز وجل بعض المكلفين اذا حل عليهم بعض الاعراض تخفيفا زائدا على اصل التخفيف. فاذا قيل لك ما انواع التخفيف في الشرع؟ فقل نوعان تخفيف عام وهو في اصل وضع الشرائع وتخفيف او نقول تخفيف اصلي وهو التخفيف في اصل وضع التشريع وتخفيف عارض وهو فيما يعرض من سفر فيأتي تخفيف زائد او خوف فيأتي تخفيف زائد او مرض فيأتي تخفيف فيأتي قيف زائد وسوف يأتينا انواع التخفيف ومسالكه باذن الله واسبابه فيما يلي باذن الله. فبان لكم ان هذه القاعدة يندرج تحتها الدين كله. فالشهادتان مبنية على رفع الحرج. واقامة الصلاة مبنية على رفع الحرج وايتاء الزكاة ايضا مبني على رفع الحرج. وصوم رمضان مبني على رفع الحرج. وحج بيت الله الحرام مبني على رفع الحرج وجميع شرائع الدين في مأموراته ومنهياته تجد وراءها هذا الاصل الفخم وهو رفع الحرج نأتي الى اقامة الصلاة. كم اوجب الله علينا في هذه الصلوات في اليوم والليلة؟ انما هي خمس صلوات في العدد ولكنها في الاجر ولكنها في الاجر آآ خمسين صلاة ولكنها في الاجر خمسين صلاة كما قال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه قد امضيت فريضتي وايش؟ وخففت عن فاصل الفرائض الخمس التي هي الركن الثاني مبنية على رفع الحرج. وهي لا تقتطع في ادائها من الانسان من وقت يومه الا جزءا يسيرا لا يساوي شيئا. ايتاء الزكاة مبني على رفع الحرج. فانه لا تجب الزكاة في كل انواع وانما خفف الشارع وجوبها في اربعة اموال فقط. في بهيمة الانعام وفي النقدين وفي الخارج من الارض وفي عروض التجارة اوليس هذا من التخفيف؟ الجواب بلى. ثم لما نظر الشارع الى تلك الاموال الاربعة لم يوجب بالزكاة في قليلها وكثير وانما حدد لها اذا بلغ ذلك المال الزكوي نصابه وجبت زكاته. ثم خفف تخفيفا ثالثا وهو انه جعل المقدار الواجب شيئا يسيرا لا يكاد ينقص اصل المال ولا كادوا يثقل على النفس اخراجه. اقصد النفوس التي سلمت من البخل والشح. وكذلك صيام رمضان. فان السنة ثلاث مئة وستون يوما لم يرد لم يوجب الله عز وجل علينا صيامها كلها. وانما اوجب علينا صيام شهر منها وهو شهر رمظان ثم لما فرضه ها لم يوجب الصيام في اليوم والليلة وانما اوجبه في نهاره ولم ما اوجبه في نهاره لم يوجبه على كل احد بل اوجبه على القادر واسقطه عن العاجز فهذه الشريعة مبنية على تخفيف وينتقل الى تخفيف ثاني وينتقل الى تخفيف ثالث. فاعظم ما تبرز به محاسن الاسلام هذه القاعدة. واعظم ما يدعى به الكفار للاسلام هي هذه القاعدة. لان جميع الشرائع فيها من العسر والمشقة ما يجعل النفوس تنفر. الا هذه الشريعة فان الناس اذا سمعوا رفع الحرج فيها وفصل لهم يسرها وسهولتها وبساطتها فان النفوس تقتنع بالاسلام في اقتناع تاما فبينت لكم الان علاقة رفع الحرج بالدين وعلاقة رفع الحرج بالقواعد الخمس وعلاقة رفع الحرج اركان الاسلام الخمسة. وكذلك الحج. وكذلك الحج. فان الله عز وجل لم يوجب في كل عام. ولا في كل عامين وانما اوجبه في عمر الانسان مرة واحدة فقد يعيش الانسان مئة سنة ولا يجب عليه ان يحج الا مرة. الحج مرة فما زاد فهو تطوع كما في سنن ابي داوود باسناد صحيح من حديث ابن عباس رضي الله عنهما وارضاهما. ثم لما جبهوا في العمر مرة اشترط له شروطا من القدرة المالية والقدرة البدنية امن الطريق والبلوغ وغير ذلك من الشروط التي تجعله في دائرة ضيقة لا يوجب تطبيقه تطبيق شيئا من الحرج ولا العنت على المكلفين. اوليس هذا من فضل الله علينا؟ الجواب بلى. فهذه الشريعة تميزت بهذا الاصل العظيم وهو قاعدة رفع الحرج وهو قاعدة رفع الحرج. ومن المسائل في هذه القاعدة ايضا لقد تواترت الادلة على صحة هذا الاصل. اعني به اصل رفع الحرج. وقد ذكرت لكم في اول شرحي لها جملا منها كقول الله عز وجل ذكروني يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر. وقول الله عز وجل ما عليكم في الدين من حرج وقول الله عز وجل ما جعل عليكم من حرج. كذا وقال الله عز وجل يريد ان يخفف عنكم. وقال الله عز وجل ويضع عنهم اصرهم والاغلال التي كانت عليهم. وقال الله عز عز وجل لا يكلف الله نفسا الا وسعها. وقال الله عز وجل لا يكلف الله نفسا الا ما اتاها. وقال الله عز وجل فاتقوا الله ما استطعتم. وقال الله عز وجل آآ من في الحج من استطاع من استطاع اليه سبيلا. وقال الله عز وجل وعلى الذين يطيقونه اي في الصيام فدية طعام مسكين قال النبي صلى الله عليه وسلم ان الدين يسر ولن يساد الدين احد الا غلبه. فسددوا وابشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة. وفي صحيح الامام البخاري من حديث عمران بن حصين رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم صلي قائما فان لم تستطع فقاعدا فان لم تستطع فعلى جنب وفي رواية بخاري والا فاومئ. ودخل النبي صلى الله عليه وسلم على مريض فرآه يصلي على وسادة فرمى بها وقال صلي على الارض ان استطعت والا فاومي ايماء واجعل سجودك اخفض من ركوعك. والادلة في هذا متواترة وقد انعقد اجتماع المسلمين. عموما واهل العلم على على تغاير ازمنتهم وتباين وتباعد اقطار سكناهم على تقرير هذا الاصل وانه كل وانه كل حرج فانه لابد وان يصحب بالفرج. فكل حرج لا بد ان يرفع. كل حرج لا بد ان يرفع. بل ان العقل بل ان العقل السليم تقتضي صحة هذا الاصل ايضا. بل ان العقل السليم يقتضي صحة هذا الاصل ايضا. اذ ان العقل السليم مفطور على ماذا على طلب الامر الخفيف. فجاءت الشريعة متوافقة مع مطلوب العقل. ولذلك لو خير الانسان بين امرين احدهما عسير ثاني يسير فان عقله ولو لم يعلم دليل الشرع سيدله على الامر الخفي. ولذلك ما خير النبي صلى الله وعليه وسلم بين امرين الا اختار ايسرهما ما لم يكن اثما. بل ويدل عليها الفطرة السليمة فان الناس مفطورون ايضا على محبة الامر الخفيف. ولذلك يمدح الرجل بماذا؟ بانه يخفف في كلامه ويمدح الطريق بانه خفيف في سلوكه ويمدح الجو بانه خفيف في برودته او حرارته. فالنفوس مفطورة دائما على محبة الامر الخفيف ومفطورة على كراهية الامر الثقيل او الامر الشاق. فدل على هذا الاصل الكبير والمفتاح الفخم العظيم. الكتاب والسنة والاجماع والعقل السليم والفطرة المستقيمة. ومن المسائل ايضا ومن المسائل ايضا اعلم رحمك الله تعالى ان الصور صور رفع الحرج في الشريعة كثيرة جدا. اعلم رحمك الله تعالى ان الصور رفع الحرج في الشريعة كثيرة جدا. واذكر لكم منها جملا من الصور فقرونة بامثلتها متى ما حل عليك حرج فارفعه بواحدة من هذه الصور. ايها الفقيه الكريم متى ما حل عليك او على غيرك شيء من الحرج فلك صور في رفعه. فمن هذه الصور وفقكم الله ان تسقط ان تسقط الامر الذي حصل فيه الحرج. ويسميه العلماء بتخفيف الاسقاط بتخفيف الاسقاط كاسقاط الصلاة عن الحائض والنفساء كاسقاط الصلاة عن الحائض والنفساء. واسقاط شطر الصلاة عن المسافر واسقاط وجوب الصوم عنه ايضا بل واسقاط القضاء عن المغمى عليه اذا طال زمن اغمائه. في الاصح وعدم اي واسقاط وجوب الحج بالنفس. عن المعضوب او كبير السن او المريض مرضا يمنعه من الثبوت على الراحلة فعليه ان يقيم من يحج عنه ويعتمر. ان كان قادرا قدرة مالية. بل واسقاط الحج عمن طريقه الى مكة غير امن فان امن الطريق من شروط وجوب الحج بل واسقاط وجوب الحج عن المرأة اذا لم تجد محرما. فهذه صور كثيرة في تخفيف الاسقاط. فان كان الذي سئلت عنه ينفع فيه هذه الصورة فافت بها وفقك الله النوع الثاني تخفيف التنقيص فان كان ينفع في رفع الحرج ان تنقص الامر الذي حصل فيه الحرج فانقص منه بالمقدار الذي عن المكلف الحرج كتخفيف الصلاة او كتنقيص الصلاة على المسافر من اربعة الى الى اثنتين وهذا ذكرناه في السورة الاولى لانه نوع اسقاط ونذكره في الثانية لانه نوع تنقيص ايضا ومن الصور ايضا التخفيف بالزيادة فان قلت وكيف نخفف الحرج بالزيادة؟ نقولك الزيادة في مدة المسح على بخفين بالنسبة لمن؟ للمسافر فاننا لو عاملناه كما نعامل المقيم لوقع في الحرج. فزادت الشريعة مدة المسح من باب التخفيف. فهو تخفيف زيادة ومن الصور ايضا تخفيف الابدال بمعنى انك تسقط الاصل عنه وتنقله الى بدنه كالتخفيف في اسقاط الطهارة بالماء المعجوز عنه عجزا حقيقيا او حكميا الى الطهارة الترابية وكاسقاط الكفارة العليا الى الكفارة الادنى منها وكاسقاط وجوب وكابدال وجوب الصوم على الكبير العاجز والمريض العاجز الى الكفارة في طعم عن كل يوم مسكينا نصف صاع وتبرأ ذمته. لقول الله عز وجل وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ومن صورها ايضا تخفيف التقديم او التأخير تخفيف التقديم او التأخير. فان كان الارفع للحرج ان تقدم فافت بالتقديم ان كان الارفع للحرج ان تؤخر فافت بالتأخير. كالجمع بعرفات بين الظهرين تقديما لان الاخف هو التقديم. وكالجمع بين العشائين بمزدلفة تأخيرا. لان الاخف التأخير ذلك فالقاعدة عندنا لمن جاز له الجمع تقول والافضل فعل الارفق به من جمع تقديم او تأخير. فلا نقول بان التقديم هو الافضل مطلقا. ولا بان التأخير هو الافضل مطلقا وانما ذلك يرد الى الى ان ارفع للحرج. الاربع للحرج. بل واجاز الشارع من باب رفع الحرج عن بعض المزكين ان يعجلوا اخراج زكواتهم لعام او عامين ان كان ذلك هو الارفق به او الارفق بالفقير والمسكين وكذلك ايضا تأخير وجوب الصوم على المسافر لعدة من ايام اخر وعن الحائض لعدة من ايام اخر. وكذلك النفساء. وكذلك النفساء ومنها كذلك تخفيف الاضطرار اي تخفيف تسقط التكليف عمن وقع عليه الحرج لسبب اضطراره. كالاكل من الميتة للمضطر والنظر الى عورة المريظ للظرورة والحاجة. ومن صورها ولعله اخرها تخفيف التغيير تخفيف التغيير ومثالها تبدل صفة اداء المفروضة في زمن الخوف فان صلاة الخوف وان كانت فريضة الا ان صفة ادائها تختلف عن صفة ادائها في حال الامن هذا يسمونه تخفيف لكنه تخفيف تغيير في الصفة تغيير في الصفة. فصارت عندنا انواع التخفيف كم؟ اما تخفيف اسقاط واما تخفيف تنقيص واما تخفيف ابدال واما تخفيف زيادة واما تخفيف تقديم واما تخفيف تغيير او تخفيف اضطرار او تخفيف اه قلنا ايش؟ تخفيف تقديم او طرار او تغيير. المسألة التي بعدها جمل من الاصول والقواعد تخرج على رفع الحرج. جمل من الاصول الكثيرة تخرج على رفع الحرج اذكرها مختصرة القاعدة الاولى قاعدة المشقة تجليب التيسير ومعناها ان كل امر فيه عسر فانه لا بد وان يصحب باليسر وهي من القواعد الخمس الكبرى والتي شرحنا اغلبها وادلتها فيما مضى من الكلام واما فروع تلك القواعد فسيأتينا في مسألة مستقلة ان شاء الله. الاصل الثاني اذا ضاق الامر اتسع ونقصد بقولنا اذا ضاق اي اذا حل الحرج. وقولنا اتسع اي جاء الفرج ومن القواعد ايضا التكاليف الشرعية منوطة بالقدرة على العلم والعمل فلا يوجب الله عز وجل عليك شيئا من التكاليف الا اذا كنت قادرا عليه بهذين الاعتبارين ان تكون قادرا عليه علما وضد العلم الجثم وعملا وضد العلم العجز كما سيأتينا بعد قليل ان شاء الله. ومن الاصول ايضا لا واجب مع العجز فواجبات الطهارة والصلاة وواجبات الصوم والحج. وواجبات سائر العبادات وشروطها واركانها كلها منوطة بماذا؟ بالقدرة. فاي شيء تعجز عنه فانه يسقط عنك كلا اذا كان العجز كليا او يسقط عنك المقدار الذي عجزت عنه. ومن القواعد ايضا لا محرم مع الظرورة لا محرم مع الضرورة. فمتى ما حل عليك شيء من الضرورات الى شيء من المحرمات فانه لك هذا المحرم بالمقدار الذي يندفع به ظرورتك. ولذلك فقد اجمع العلماء على ان حل المحرم الضرورات ليس حلا مطلقا. وانما هو حل مقيد بما تندفع به الضرورة. ولذلك قالوا الضرورات تقدر بقدر ومن القواعد الاصل في احكام المريض التخفيف الاصل في احكام المريض التخفيف. وانما قرر الفقهاء هذه القاعدة لان الحالة المرظية من الحالات التي توجب التخفيف فاحكام المريض في الكتاب والسنة تختلف عن احكام الصحيح. فدائما الشريعة تنحى بالمريض منحى التخفيف والتيسير عليه في تطبيق العبادات. ومن القواعد ايضا كل ما يشق التحرز عنه فعفوا فجميع الاشياء التي تعم بها البلوى ويشق التحرز منها فانها تعتبر في الشرع عفوا ولذلك حكم الشارع على الهرة بانها طاهرة معللا ذلك بقوله انها من الطوافين عليكم طوافت. فاخذ العلماء من ذلك ان كل شيء يشق التحرز منه فانه يعتبر عفو وليس من الفقه ولا من الدين ولا من العقل ان تشق على الناس بان يتحرزوا بما يشق عليهم ان يتحرزوا منه ومن القواعد ايضا لا تكليف مع نسيان. فان النسيان من الاسباب التي توجب التخفيف. ولذلك يقول الله عز وجل ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطأنا. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم ان الله عفا عن امتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. وفي الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم من نسي وهو صائم فاكل او شرب فليتم صيامه. فقرر الفقهاء هذه القاعدة رفعا للحرج. اذ لو كلفك الله حال كونك ناسيا لكلفك بما لا يطاق. ومن القواعد ايضا لا تكليف مع اكراه وانما رفع الشارع التكليف بالاكراه لسبب الحرج ولذلك قال الله عز وجل من كفر بالله من بعده ايمانه الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي ذكرته لكم انفا وما استكرهوا عليه. ولان الله لو كلفنا حال اكراهنا كلفنا بما لا تطيقه نفوسنا. ومن القواعد ايضا احكام السفر مبنية على التخفيف فدائما ينبغي للمفتي ان يراعي حالة المسافر ويطلب له الاخف. فالشارع دائما في احكامه على المسافر يطلب التخفيف. حتى في قراءة الصلاة لا ينبغي في حال السفر ان تراعي اتى الفرائض في الحظر ولذلك ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في بعض اسفاره انه صلى الصبح بالمعوذتين فالتخفيف مطلوب في كل احوال السفر ومن القواعد ايضا لا تكليف الا بعلم وضد العلم الجهل فلو ان الله كلفنا حال جهلنا بالشيء لكان ذلك من تكليف ما لا يطاق. ولذلك قال الله عز وجل وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا فلا تكليف الا بعلم ولا عقوبة الا بعد الا بعد انذار. ومن القواعد ايضا الجمع رخصة عارضة لرفع الحرج فمتى ما حل عليك شيء من الحرج في تفريق الصلوات التي يجوز جمعها فافتي بجواز الجمع. سواء كانت لسبب جمع من اجله رسول الله صلى الله عليه وسلم او كان لعذر اخر فانه في صحيح الامام مسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر العصر وبين المغرب والعشاء من غير خوف ولا سفر. وفي رواية ولا مرض. فقيل لابن عباس ما اراد بذلك قال اراد الا يحرج امته. وفهم الراوي مقدم على فهم غيره فبما انه قال اراد الا يحرج امته اخذ العلماء من ذلك قاعدة في الجمع. وهي ان الجمع رخصة عارظة لرفع الحرج. فلا يتنطع متنطع ويقول لا بد من ان يكون سبب الجمع مأثورا. فنقول لا لان الشريعة انما تقرر الاصل على سبب فمتى ما جاء سبب اخر يحمل نفس المأخذ فانه يأخذ نفس الحكم ولذلك يجوز الجمع بين الظهرين للمطر الذي يشق الخروج معه. وبين العشائين في المطر الذي يشق الخروج معه اي في المطر الذي يبل الثياب ويحصل التأذي بالخروج فيه. مع اننا لا نعلم ان النبي صلى الله عليه وسلم في مرة من المرات جمع بسبب المطر. لكن اراد الا يحرج امته. وهذا شأن التأصيل وهي ان يعطيك قاعدة وقد تكون قاعدة على سبب لكن لهذه القاعدة مأخذ. فاي شيء يشترك مع سببها في المأخذ فاشركه في حكمها. فمتى ما اتفقت المآخذ اتفقت الاحكام. والحكم يدور مع علته وجودا وعدما ولذلك لو سألك سائل هل يجوز الجمع بين الظهرين او العشائين للريح الشديدة الباردة فقل نعم لوجود الحرج وان سألك سائل هل يجوز الجمع بسبب الغبار الكثيف الذي يحصل التأذي بالخروج فيه فقل نعم لوجود الحق بل انه يجوز الجمع لمرافقي المريض. اذا كان الجمع ارفق بحالة من يرافقه بل وستأتينا في الفروع امثلة على جواز الجمع للطبيب مع ان هذا السبب ليس مأثورا. وعلى جواز الجمع لمن يراقبون حركة سير الطائرات. ان كان الجمع احفظ لحياة الناس. وعدم الانشغال عن حركة الطيران مع انه سبب ليس مأثورا. فبما ان الشارع اعطانا قاعدة فالدين صالح لكل زمان ومكان باعتبار مآخذه واصوله وعلانيه. فما من مستجدة من مستجدات الزمان الا ولابد ان تدخل تحت مأخذ من هذه المآخذ. فمتى ما كان التفريق الصلوات موجبا لحرج المكلفين فافتي انت بجواز الجمع تقديما او تأخيرا على ما هو الايسر. فالجمع رخصة عارضة لرفع خرج ومن القواعد اذا اذا تعذر الاصل يصار الى البدن واعلم بان الاصل ان تعذر للبدل المشروع صر دون مراء لقول الله عز وجل فلم تجدوا ماء فتيمموا وصوروا الانتقال كثيرة ولله الحمد. فالشارع انما نقلنا من الاصل للمعجوز عنه حقيقة او حكما الى بدله من باب رفع الحرج والتخفيف عنا ولله الحمد. ومن القواعد ايضا كل فعل في تطبيقه عسر فانه يصحب باليسر وهذا هو عين المشقة تجلب التيسير ولله الحمد ومن الاصول ايضا لا تكليف الا بعقل وبلوغ. لا تكليف الا بعقل وبلوغ اذ لو ان الله كلف المجنون حال جنونه بشيء من التكاليف لاهلكه. ولو ان الصغير كلف في حال صغره قبل بلوغه شيء من التكاليف لثقل عليه. الا ان الشارع يأمر الصبي ببعض التعبدات لا امر وجوب وانما امر ندب وتعويد وتمرين عليها حتى اذا وجبت عليه يكون قد اخذ لها اهبة الاستعداد علما وعملا ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم رفع القلم عن ثلاثة عن المجنون حتى يعقل وعن دائم حتى يستيقظ وعن الصبي او قال الصغير حتى يحتلم او قال حتى يبلغ. ومن القواعد ايضا حديث النفس عفو ما لم يصاحبه كلام او عمل او استرساء حديث النفس عفو ما لم يصاحبه كلام او عمل او استرسال. لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان الله تبارك وتعالى تجاوز عن امتي ما وسوست وفي رواية ما حدثت به صدورها. وفي رواية انفسها مالا تعمل به او تتكلم وفي صحيح الامام مسلم من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان رجالا من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا يا رسول الله انا نجد في انفسنا ما يتعاظم احدنا ان يتكلم به. قال اوقد وجدتموه قالوا نعم قال ذاك صريح الايمان. وفي مسند الامام احمد باسناد صحيح من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال قال النبي ان رجلا جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله اني لاحدث نفسي بالشيء لان اكون حممه احب الي من ان اتكلم به؟ فقال الحمد لله الذي رد كيده الى الوسوسة لكن ما لم يصاحبها قول او عمل او استرسال تفكير انت قادر على قطعه وعدم رضا به. وهذا من باب الرحمة. واما قول الله عز وجل وان تبدوا ما في انفسكم وهذا لا فيه لانك ان ابديته بكلام او عمل عوقبت او حسبت عليه. لكن المشكلة في قوله او تخفوه به الله فكيف هذا؟ فنقول اما ان نجعلها من المنسوخ بقول النبي صلى الله عليه بقول الله عز وجل لا يكلف الله نفسا الا وسعها. وبقوله صلى الله عليه وسلم ان الله تبارك وتعالى تجاوز عن امتي عفوا ما وسوست او قال ما حدثت به انفسها. فتعتبر هذه النصوص ناس يا خالي او تخفوه. واما ان نجعله من الاخفاء او درجة من الخفاء التي يمكن للعبد ان ايش ان يوقفه وذلك لان حديث النفس ليس على درجة واحدة. فمنه الفكرة والخاطرة والهمة والعزيمة والاسترسال. الذي يعقبه غالبا العمل. فاما ان نجعله من المنسوخ حكما لا لفظا او نجعله في درجة من الدرجات التي تقارن الهمة والعزيمة. تقارن الهمة هزيمة كما فصل ذلك الامام ابن القيم رحمه الله تعالى. ومن القواعد ايضا ولا ادري عن هاي السابع عشر. من حدثه دائم فانه يتوضأ لوقت كل صلاة ويصلي ولا يضر خروج حدثه. رفعا للحرج والمشقة عنه. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم وتوضئي لوقت كل صلاة. وفي رواية حتى يجيء ذلك الوقت اي الوقت اي الوقت الثاني وهذا من باب التخفيف. فكل ذي حدث دائم. من ريح لا تنقطع. او براز لا ينقطع او دم لا يرقى ولا ولا يتوقف او استحاضة مستمرة او غير ذلك من نواقض الوضوء. فاننا نأمره ان يؤخر وضوءه الى دخول وقت الصلاة. ثم توضأ وضوءا واحدا ويستمر حكم طهارته الى خروج الوقت. ثم يفعل في الوقت الثاني ما فعله في الاول ويفعل في اثناء الوقت ما تجب له الطهارة وتندب من غير ان يجدد وضوءا. تخفيفا ورفعا للحرج والمشقة عنه وهذا من فضل الله عز وجل علينا. من فضل الله عز وجل علينا. هذه جمل من الاصول كم جلسنا هذه جمل من الاصول والقواعد التي تندرج تحت رفع الحرج فاوصيكم بحفظها ومراجعتها حتى تعرفوا سعة هذا الاصل وتجيب عن اسئلة الناس وفتاويهم بناء على على هذا الامر. والذي اطلبه منكم ان تنظروا الى صورة الحرج ثم تعطوا هذه الصورة ما يناسبها من صور الفرج. صور الفرج المسألة الاخيرة في هذا الدرس جمل من الفروع على هذه القاعدة او على هذه القواعد عظيمة. مع اننا ذكرنا جملا منها فيما مضى لكننا نؤيدها بعشرة او باقل او باكثر قليلا فمن ذلك جواز النطق بكلمة الكفر حال الاكراه فقد اجمع العلماء فيما اعلم انه متى ما كان الاكراه ملجأ على النطق بها فانه يجوز له النطق بها مع اطمئنان قلبه بالايمان. لقول الله عز وجل الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان. فان قلت كيف يكون هذا؟ وقد عاقب الله عز وجل بالنار من قرب ذبابا لذلك في الحديث الذي رواه طارق بن شهاب ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من رأى رجل على صنم لا يجوزه احد حتى يقرب له شيئا. فقيل لاحدهما قرب. قال ما عندي شيء اقرب. قالوا اقرب ولو ذبابا. فقرب ذبابا فخلوا سبيله. فدخل النار. فهل هو قرب اختيارا او اكراها واضطرارا؟ الجواب اكراها واضطرارا. لا اختيارا. فان قلت ولم عوقب مع انه ارتكب الكفر اضطرارا واكراها. فاقول قد تباينت اجوبة اهل العلم في هذه المسألة على اجوبة شتى. فمنها قالوا بانه كان معتقدا لجواز تقريب اصالة. فهو لم يدخل لانه قرب عملا وانما دخل انه كان معتقدا لجوازه. واجيب عن هذا بانه لو كان معتقدا جواز التقريب لدخل النار بمجرد الاعتقاد فيكون ذكره في الحديث لا فائدة فيه. ولان النبي صلى الله عليه وسلم قال انتبه فقرب ذبابا فدخل النار. فاذا دخوله للنار ليس عن اعتقاد فاسد. وانما لانه قرب ذباب لان قرن الحكم بالفاء بعيد وصف مشعر بعليته. فلا ينبغي ان نعلل هذا الحكم بغير ما علل النبي صلى الله عليه وسلم واجاب بعضهم بقوله ان هذا الحديث حديث ضعيف اصلا. فانه رواه طارق بن شهاب وهو من التابعين. عن النبي صلى الله عليه وسلم فيكون مرسلة بعي ومرسل التابعي ضعيف. واجيب عنه بان طارق بن شهاب في الاصح من صغار الصحابة وله رؤية. فيكون من مراسيل الصحابة. والقول الصحيح عند جمهور المحدثين ان مرسل الصحابي صحيح او حجة. واجاب بعضهم بقوله ان هذا الرجل قرب عملا والرخصة في الكفر لا شأن لها بالعمل. وانما لها شأن بالنطق. ولذلك قال الله عز وجل من الا من اكره اي نطقا وقلبه مطمئن بالايمان واجيب عن ذلك بان الادلة الواردة في اسقاط التكليف بسبب الاكراه وردت عامة ومطلقة. فيدخل في فيها الفعل اكراها والقول اكراها. ومن فرق بينهما فقد خصص عموما بلا دليل وقيد اطلاقا بلا دليل والاصل ان العام يبقى على عمومه حتى يرد المخصص والمطلق يبقى على اطلاقه حتى يرد المقيد واجاب بعضهم بقوله انه قربه مختارا لا مضطرا ومكرها. فنقول هذا جواب فيه نظر. لان الاصل بقاء ظاهر النص على ظاهره فلا يجوز لنا ان نحمل النص ما لا يحتمله الظاهر فالظاهر ان هذا الصنم انما نصب في طريق الناس ليكره المارة ليكره المارة على احترامه وتعظيمه والتعبد له فالظاهر من تقريب الذباب انتبه فالظاهر من تقريب الذباب انه انما قربه اكراها لا اختيارا. هذا هو ظاهر النص فهذا جواب ساقط. ومنهم من اجاب بجواب اخر. قالوا ان هذا الرجل تلقرب قبل ان يدخل في حيز الاكراه. اذ من حين ان طلبوه اجاب فلم يماحل ولم يتملص ولم يعارض وانما وافق. فلم يدخل في حيز الاكراه بعد والرخصة في النطق بكلمة الكفر او فعله انما تخص المكره لا غيره وهذا فيه نظر. لان الاكراه لا ينتظر قد لا ينتظر به الانسان حتى يقع فيه. فاذا علمه او غلب على ظنه ثم فعل فلا شيء عليه. بدليل انه ومنهم الجد في تنفيذ ما توعدوا به. بدليل انهم فعلوا بصاحبه ها ما فعلوه به من القتل من حين ان امتنع فان قلت اعطنا جوابا على ذلك. فقل اصح الاجوبة ان هذا في شريعة من قبلك وقد جاءت شريعتنا بنسخه ورفعه. فقد كان في شريعة من قبلنا لا يعتبر الاكراه بعذر. يسوقه للانسان ان ينطق بكلمة الكفر او يفعلها. ولذلك كان الرجل في من قبلنا يؤتى فيحفر له في الارض ثم يمشط بامشاط امشاط الحديد فيما بين جلده وعظمه لا يصده ذلك عن دينه. وهذا من جملة اغلال والاثار التي وضعها الله عز وجل عنا في شريعة محمد صلى الله عليه وسلم. ويدل على ذلك ان غالب القصص التي يقول فيها الرسول خرج رجلان كان رجلان مر رجلان انها غالبا من قصص بني اسرائيل اي في امم في الامم التي قبلنا. فيكون ذلك مما رفعه الله عز وجل عنا. واما في شريعتنا فانه متى ما وقع الانسان في حيز الاكراه. ووصف بانه فيجوز له حينئذ ارتكاب المحرم لينجو من هذا الاكراه. فلا اشكال في ذلك ان شاء الله الفرع الثاني او ومن الفروع ايضا انه يجوز للمقيم ان يزيد في مدة المسح على يوم ان وليلة اضطرارا. ويجوز للمسافر ان يزيد في المسح على ثلاثة ايام بلياليهن اذ اضطرارا. وقد جاء بريد الى عمر وعليه خفان. فسأله فقال منذ الجمعة الماضية يعني انه جلس يمسح عليها اسبوعا كاملا فقال تلك السنة. والصحابي اذا قال تلك السنة فيقصد فلها حكم فلها حكم الرفع فمدة المسافر يوم وليلة اذا كان مختارا لكن يجوز له ان يزيد عليها اضطرارا. ومدة المسافر ثلاثة ايام لياليهن اختيارا لكن يجوز ان يزيد عليها اضطرارا. ولانه يقال في باب الظرورات والحاجات الملحة ما يقال في باب التوسع والاختيار. ومن الفروع ايضا. قال ابن تيمية رحمه الله ومن سحر تطلق فاكره. فاذا سلط عليك الساحر شياطينه لتطلق او لتنطق بكلمة الكفر ثم طلقت او نطقت بسبب تسلط الجان والشيطان الملابس فانه لا اثر لهذا الطلاق ولا لكلمة الكفر وهذا من رحمة الله عز وجل بنا. ومن الفروع ايضا انتفاء التكفير التعييني لفوات شرط او لوجود مانع. فان الانسان قد ينطق بكلمة الكفر مخطئا لا قاصدا. فلو ان الشارع رتب احكام التكفير التعييني على من فقد فيه شرط او وجد فيه ايمانع لكان في ذلك من الحرج والمشقة ما لا يطيقه المكلف. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في حق من قال اللهم انت عبد لي وانا ربك قال اخطأ من شدة الفرح ولا تكليف على مخطئ غير قاصد ولا تكليف على مخطئ غير قاصد. ولو ان انسانا اراد ان يقول لزوجته انت طاهر فسبق لسانه وقال طالق لما اوقعنا طلاقه لما اوقعنا طلاقه فانتفاء التكفير التعييني لعدم توفر الشروط او لوجود بعض الموانع هو صورة من صور رفع الحرج عن المكلف من الامثلة ايضا متى ما كثر الموتى وقل من يدفنهم وخيف من فساد فيجوز لنا اضطرارا ان ندفن الاثنين والثلاثة والاربعة في القبر الواحد. لما في صحيح البخاء ري. رحمه الله من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما. ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يدفن الرجلين والثلاثة من شهداء احد في قبر واحد. وذلك لان الناس شكوا له الموتى ووجود الجهد بسبب الجهاد. في الاحياء فلا يستطيعون ان يخصوا كل جثة بقبرها فاجاز لهم النبي صلى الله عليه وسلم ان يدفنوا الاثنين والثلاثة في القبر الواحد. وقال احفروا واعمق واوسع واحسن وادفنوا الاثنين والثلاثة في القبر الواحد. فكنا نقدم واكثرهم قرآنا وقال انا شهيد على هؤلاء. ومن الفروع ايضا ايهما افضل في السفر ان يصوم الانسان او يفطر؟ الجواب لا نقول بان الصوم في السفر افضل مطلقا ولا بان الفطر افضل مطلقا وانما نخرجه على رفع المشقة والحرج. فان اوجب الصوم في حال السفر شيئا من المشقة او الحرج على المسافر فليس من البر الصيام في السفر. وان لم يوجب ذلك فهي رخصة من شاء ومن شاء افطر وهذا القول هو الذي يجمع بين الادلة التي تنص على عدم الصوم في السفر وتنص في نفس الوقت على جوازه فيختلف باختلاف المشقة من عدمها. واختاره الامام ابن المنذر رحمه الله تعالى ومن الفروع ايضا جواز الوكالة في التعبدات عن العاجزين. فان دخول الوكالة في امر تعبدي عن الرجل العاجز هذا صورة عظيمة من صور التخفيف. فاذا عجز الانسان عن الحج بنفسه يقيم من يحج عنه ويعتمر. ففي الصحيحين من حديث ابن عباس ان امرأة من خثعم قالت يا رسول الله ان فريضة الله على عباده في الحج قد ادركت ابي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة افاحج عنه؟ قال نعم وذلك في حجة الوداع وفي سنن ابي داوود باسناد صحيح لغيره. من حديث ابي رزين العقيلي. رزين العقيلي رضي الله عنه. قال قلت يا رسول الله ان ابي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن. اي ركوب الرواحل قال حج عن ابيك واعتمر. وقال في الحديث الاخر حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة. دخلت الوكالة فهذا من فضل الله علينا. بل ويجوز التوكيل في الرمي عن العاجز. ويجوز التوكيل في ماذا في ذبح الاضاحي. وكذلك يجوز الوكالة في قبض الزكوات وفي توزيعها على الفقراء والمساكين فصور دخول الوكالة في الامر التعبدي هذا مما يدخل تحت رفع الحرج. ومنها ايضا جواز العرايا. مع ان الاصل حرمة المزابنة. والعرايا من صور المزامنة ولكن الشارع اجازها من باب رفع الحرج والمشقة عن الفقراء وحتى اخوانهم الاغنياء في اكل رطب العام. اذ قد يكون عند الفقير تمر من الحول الماضي. وهو يرى ذلك الرطب في هذه السنة ولا مال عنده. فاجاز له الشارع ان يشتري الرطب على رؤوس النخل بذلك القديم عنده مع ان الرطباء سينقص اذا يبس ولا يعلم مقداره ما دام على رؤوس النخل هذا استثناء من المزابنة. فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المزابنة ورخص في العرايا في خمسة اوسق او فيما دونها. فان قيل لك ولم اجاز الشارع العرايا؟ مع انها مزابنة؟ رفع للحرج والمشقة عن الفقراء وحتى لا يحرموا من مشاركة اخوانهم الاغنياء في اكل تمر هذا العام. وان كان عنبا وعنده عنب سابق فله ان يشتري به. وان كان حنطة لهذه السنة وعنده حنطة سابقة فله ان يشتري ولذلك في الصحيح يقول ابن عمر في في تفسير المزابلة او او جابر ابن عمر او جابر والشك مني ولعلكم تتأكدون ما منها لكن الحديث في الصحيح قال هو ان يبيع الرجل ثمر حائطه ان كان نخلا فبتمر كي لا وان كان عنبا فبكرم كيل كيلا. وان كان حنطة فبسعير فبحنطة كيلا او كما قال صلى الله عليه وسلم. فالشاهد من ذلك ان اصل تجويز عفوا العرايا انما هي مراعاة حال الفقير ورفع الحرج عنه. ومنها ايضا اغتفار الغرر اليسير التابع في المعاملات والعقود. فلو ان العقد يجب بيان كل جزئياته باعتبار سلعته لشق ذلك على الناس. فقال الشارع انما انا ابطل المعاملة اذا كان الغرر في الامر الظاهر المقصود. واما اذا كان الغرر تابعا يسيرا فانا اغتفر والا فنحن نشتري السيارة وفيها جوانب فيها غرر. فداخل المكينة نحن لا ندري عنهم. ونشتري البيوت وفي بعض جوانبها غرر فان اسلاك الكهرباء التي عمرت بها الجدران لا ندري عن نوعها. واساسات المنزل التي تختفي في الارض او اختفت في الارض لا ندري عنها. فلو ان الشارع راعى انكشاف جوانب الغرر الاصيلة والتابعة لكان في ذلك من الظرر والمشقة على المكلفين ما لا تأتي الشريعة به. فمن صور التخفيف ورفع الحرج اسقاط الغرر التابع الذي ليس مقصودا بالعقد اصالة ومنها ايضا العفو عن نجاسة طين الشوارع وانه ليس من ان تسأل عن ماء او مستنقع مشيت فيه. او ما ان قطر عليك من ميزاب دار. فليس من السنة ان تسأل وانما تمضي بناء على ان الاصل الطهارة وان الامر يطلب فيه التخفيف. ولذلك في سنن ابي باسناد صحيح لغيره من حديث ام سلمة رضي الله عنها ان امرأة قالت يا رسول الله اني اطيل ذيل وامر في المكان القذر. قال يطهره ما بعده. عفو تطهرهما بعده. وفي جامع الامام الترمذي باسناد صحيح. من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال كنا نصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم ولا نتوضأ من الموطئ. يعني ما بطأته اقدامنا لا نتوضأ منه لانهم يجرون الامر على التخفيف والتيسير وعلى رفع الحرج. وفي سنن ابي داود باسناد ان امرأة من بني عبد الاشهل. جاءت الى النبي صلى الله عليه وسلم. فقالت يا رسول الله ان لنا طريقا الى المسجد منتنة. فكيف نفعل اذا مطرنا؟ قال اوليس يأتي بعد طريق هي اطيب منها؟ قالت بلى. قال فهذه بهذه. فقال قال فهذه بهذه وكل ذلك من باب التخفيف ومن باب رفع الحرج والاصال عن المكلفين. ومن الفروع ايضا العفو عن افعال والتوسعة عليهم وافتاؤهم بالزيادة وصحة التعبد دائما. فان من اعظم ما يعالج الموسوس الا يفتى بشكه ولا بمقتضى وسوسته. اذ المتقرر بالاجماع ان الاحكام الشرعية لا تناط اوهام والخلجات النفسية فمتى ما استفتاك موسوس في تعبد ذي عدد بين اقل واكثر فتفتيه دائما بالاكثر او بين صحة وبطلان فافته دائما بالصحة. او بالزيادة والنقصان فافته دائما بالزيادة حتى تخرجه من دائرة شكه. ومن من الفروع ايضا انه يجوز للاطباء ان يجمعوا بين الصلاتين اذا كان الجمع ارفق بحالة مرضاه. كالذين سيدخلون في غرفة العمليات قبل الظهر فلهم ان يؤخروها الى العصر. او يدخل في حالة علاجية لمريض تقتضي تأخير صلاة المغرب الى العشاء او تقديم صلاة العشاء الى المغرب ونحو ذلك. ومنها وهو اخرها في هذا هذا الدرس انه يجوز الجمع عند الضرورة لمن يراقب حركة الطيران. اذا كانت غفلته عن عن هذه المراقبة ستوجب اصطدام الطائرات بعضها ببعض وهلاك الناس وتلف الاموال على كل حال وفقكم الله فهذا مفتاح عظيم جدا من مفاتيح العلم واصل رصين جدا يجعل الطالب يصل اذا فهمه حق فهمه وصارت عنده الملكة في تطبيق فروعه وتخريج جزئياته عليه يصل الى درجة الرسوخ في هذه الجزئية باذن الله عز وجل. واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم