الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اما بعد هذا هو المجلس الثاني عشر من شرح كتاب الصيام من منهاج الطالبين وعمدة المفتين للامام ابي زكريا يحيى ابن شرف النووي رحمه الله تعالى ورضي عنه ونفعنا بعلومه في الدارين كنا توقفنا عند قول الشيخ رحمه الله تعالى وتأخير السحور ما لم يقع في شك. يعني ويستحب تأخير السحور ذلك لان الامة لا يزالون بخير ما اخروا السحور كما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرفنا انه يسن ان يكون على تمر وذلك لخبر ابي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال نعم سحور المؤمن تمر والحكمة من هذا السحور هو التقوي او مخالفة اهل الكتاب وجهان وقلنا الذي يتجه انها في حق من يتقوى به التقوي وفي حق غيره مخالفة اهل الكتاب وبهذا يرد على قول من يقول انما يسن السحور لمن يرجو نفعه جاء في الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم تسحروا ولو بجرعة ماء فالنبي عليه الصلاة والسلام لم يذكر هذه الغاية من اجل النفع بل لبيان اقل ما يجزئ نفع او لا ينفع ثم قال الشيخ رحمه الله تعالى ما لم يقع في شك يعني يستحب تأخير السحور ما لم يقع في شك والا كان تردد في طلوع الفجر فالاولى تركه وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم دع ما يريبك الى ما لا يريبك قال بعد ذلك وليصن لسانه عن الكذب والغيبة. يعني هذا مما يتأدب به الصائم ابدا مما يتأدب به الصائم استحبابا من حيث الصوم ان يصن لسانه عن الكذب والغيبة. وهذا لا ينافيه كونه واجبا من جهة اخرى فصون اللسان عن الكذب وعن الغيبة هذا واجب من حيث هو. لكن يتأكد هذا في حق الصائم حتى ولو كان هذا الكذب مباحا فانه يستحب ان يصون صومه عن ذلك بخلاف صون اللسان عن الكذب الواجب. يبقى عندنا الان الكذب المحرم والمباح كذلك الغيبة المحرمة وكذلك المباحة يتأكد في حق الصائم ان يصون لسانه عنه. طيب لو كان هذا الكاذب واجبا اراد ان يكذب لانقاذ مظلوم. او اراد ان يذكر عيبا لخاطب هل يصون لسانه عنه حال الصوم؟ لا هذا لا يتأكد صون اللسان عنه حال الصوم الذي يتأكد صون اللسان عنه حال الصوم الغيبة المحرمة وكذلك المباحة. الكذب المحرم وكذلك المباح. اما لو كان هذا الكذب واجبا او كانت هذه الغيبة واجبة فلا يتأكد في هذه الحالة صون اللسان عنها بالنسبة للصائم ذلك يصون جوارحه عن كل محرم وذلك لخبر البخاري. قال النبي صلى الله عليه وسلم من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه اختلف العلماء في الغيبة والكذب المحرم. هل يبطل ثواب الصوم فالذي نص عليه الشافعي والاصحاب واقرهم النووي رحمه الله تعالى في المجموع ودلت عليه الاخبار قبل ذلك ان الغيبة المحرمة تبطل ثواب الصوم ولما نقول الغيبة المحرمة خرج بذلك المباح فهذا لا يحبط ثواب الصوم. وان استحب للصوم قائم ان يتركه فالغيبة المحرمة هي التي تبطل ثواب الصوم وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش. ورب قائم حظه من قيامه السهر يبقى الغيبة المحرمة تبطل ثواب الصوم خرج بذلك الغيبة المباحة فهذه وان كانت يستحب للصائم ان يصون لسانه عنها لكن لا تبطل لا تبطل ثواب الصوم. وبهذا يرد على ما بحثه الاذى من حصول الصوم بالغيبة المحرمة. لكن عليه الاثم وهذا اخذه مما قاله المحققون في الصلاة في المغصوب. قالوا قالوا يأثم بصلاته في في المغصوب. لكن آآ صلاته يثاب عليها. فالازراعي رحمه الله تعالى يقول كذلك هنا في الصوم فيما لو خرجت منه الغيبة المحرمة يأثم بالغيبة المحرمة لكنه يثاب على صومه. وهذا مردود كما عرفنا بما جاء في الاخبار وهذا الذي نص عليه الشافعي رحمه الله تعالى والاصحاب واقرهم النووي رحمه الله تعالى في المجموع وذهب جماعة من العلماء الى بطلان اصل الصوم بالغيبة المحرمة وممن قال بذلك الاوزاعي رحمه الله تعالى. قال يبطل اصل صومه وهذا قياس مذهب الامام احمد رحمه الله تعالى في الصلاة في المغصوب وجاء في الخبر قال خمس يفطرن الصائم الغيبة والنميمة والكذب والقبلة واليمين الفاجرة. لكن هذا الحديث حديث باطل كما ذكر ذلك النووي رحمه الله تعالى في المجموع وعلى فرض صحة هذا الحديث فالمقصود بالبطلان هنا يعني بطلان الثواب لا الصوم في نفسه كما قال الموارد رحمه الله تعالى ولهذا يقول السبكي رحمه الله تعالى ومن هنا حسن عد الاحتراز عن ذلك من ادب الصوم وان كان واجبا مطلقا يبقى الغيبة يجب على الانسان ان يجتنبها. وكذلك بالنسبة للنميمة وكذلك بالنسبة للكذب ومع ذلك نقول يتأكد ذلك في حق الصائم كما عرفنا. وكذلك مما يتأدب به الصائم فان احد فليقل ولو في نفل اني صائم. الشتم يعني حتى ولو كان بحق. وذلك لخبر الصحيحين. حديث ابي ابي هريرة رضي الله تعالى عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم واذا كان يوم صوم احدكم فلا يرفث ولا يصخب فان ادبه احد او قاتله فليقل فليقل اني امرؤ صائم يعني يقول في نفسه تذكيرا لها وبلسانه حيث لم يظن رياء. يقول ذلك مرتين او ثلاثة وايضا من باب الزجر للخصم فلو اقتصر على احدهما لو اقتصر على احدهما فالاولى ان يكون ذلك بلسانه الاولى ان يكون ذلك بلسانه قال ونفسه عن الشهوات يعني وليصن ندبا نفسه عن الشهوات يعني المباحة. سواء كانت هذه الشهوة المباحة من اه مما يبصره بعينه او مما يسمعه اذنه او مما يشتمه كنظر الى ريحين او الى مس الريحان او الى شم هذا الريحان الى اخره. فيستحب ان يصن نفسه حال الصوم عن كل هذا الشهوات المباحة. بل قال بعض اصحابنا يكره ان ينظر الى مثل ذلك. وجزم بعض الاصحاب ايضا بكراهة شم ما يصل ريحه الى الدماغ وكذلك يصل نفسه عن ملبوس. فان ذلك هو سر الصوم. وهو مقصوده الاعظم. ومن اجل ان يتفرغ للعبادة على وجهها الاكمل ظاهرا وباطنا. اللي بعض الناس آآ ربما وهو صائم ينظر الى ما يشتهى. وان كان هذا مما اباحه الله تبارك وتعالى زي مسلا الى بعض الاطعمة ينظر الى بعض الاطعمة او يشتم بعض الروائح الطيبة هذا وان كان في اصله مباح لكن يستحب للصائم ان ينزه نفسه عن ذلك من اجل ان يفرغ نفسه بالكلية الى عبادة الله تبارك وتعالى حال الصوم قال ويستحب ان يغتسل عن الجنابة قبل الفجر ومثل الجنابة الحيض والنفاس فلو طهرت المرأة من حيضها او من نفاسها في الليل فيستحب ان تبادر بالاغتسال قبل الفجر. لان لا يصل الماء الى باطن نحو الاذن او الدبر لانه لو وصل الى ذلك وكان عن مبالغة ربما ادى ذلك الى بطلان الصوم وهذا مبناه على ان الاذن منفذ الى الجوف وهذا درسناه فيما مضى معنا. وعرفنا ان الطب الحديث اثبت ان الاذن ليس منفذا مفتوحا الى الجوف فلا يمكن ان يصل الماء من خلال الاذن الى الجوف الا لو كان في هذه الاذن عيب كان كان فيه مسلا اه يعني خرق في الاذن او ما شابه ذلك يمكن في هذه الحالة ان يصل الماء من خلال الاذن الى الجوف والا فلا يمكن ذلك ولهذا قالوا باستحباب الاغتسال ليلا من نحو الجنابة قبل الفجر لئلا يصل الماء الى باطن نحو الاذن او الدبر او ان يصل شيء الى جوفه كما عرفنا وقضية ذلك انه مفطر يعني لو وصل من اثر الاغتسال شيء الى الجوف ظاهر ما ذكره الاصحاب انه مفطر والصواب ان هذا ليس على ظاهره. بل هذا يكون مفطرا فيما لو بالغ في ماء لو بالغ وكذلك ذكروا هنا تفريعا على هذه المسألة انه يكره دخول الحمام من غير حاجة. والمقصود بالحمام يعني موضع تسال وليس المقصود بذلك اللي هو التخلي انما ارادوا بذلك بالحمام يعني موضع الاغتسال. لا يغتسل ولا يدخل الحمام من غير حاجة لانه قد يضره فيفطر. يعني بسبق الماء الى الجوف. لكن لو انه اعتاد على ذلك من غير ان يتأذى به لم يكره كما بحثه الاذرعي رحمه الله تعالى قال وان يحترز عن الحجامة. يعني ويسن ان يحترز عن الحجامة وكذلك الفصل لما مر فيهما وعرفنا ان محل الكراهة في الحجامة وكذلك في الفصل. اذا كان ذلك لغير حاجة وبالنسبة لضعيف البدن. طيب لو انه اذا كانت الحجامة تضعفه وكان يحتاج اليها فلا كراهة او كان لا يحتاج اليها وهو قوي البدن. ايضا لا كراهة في ذلك يبقى محل الكراهة في الحجامة اذا كانت لغير حاجة بالنسبة لضعيف البدن. فعلى ذلك لو كانت لحاجة او كانت لغير حاجة وهو قوي البدن فلا كراهة في هاتين الحالتين قال رحمه الله تعالى والقبلة يعني ويسن ان يحترز عن القبلة المكروهة وعرفنا ان محل الكراهة في القبلة اذا لم يخف انزالا فان خاف انزالا حرمت عليه في الصوم الواجب. بخلاف ما لو كان الصوم مندوبا فلا يحرم عليه ذلك قال وذوق الطعام يعني ويسن ان يحترز عن ذوق الطعام وغيره. بل يكره ذلك خوفا من وصوله الى حلقي وايضا محل الكراهة في ذوق الطعام اذا كان لغير حاجة. لو احتاج الى ذوق الطعام من اجل اصلاحه فلا كراهة في ذلك. وهذا النساء كثيرا في اسناء اعداد الطعام في نهار الصوم. لا كراهة في ذلك اذا كان هذا ذوق لاصلاح الطعام. اما لغير حاجة فهذا مكروه. لان لا يصل شيء الى الحلق او الى الجوف قال والعلك يعني ويسن ان يحترز عن العلق. ومحل الكراهة اذا لم ينفصل منه شيء الى الجوف. اما لو كان ينفصل منه شيء الى الجوف في حرم عليه ذلك في الصوم الواجب كما عرفنا قال رحمه الله تعالى وان يقول عند فطره اللهم لك صمت وعلى رزقك افطرت. يعني ويسن ان يقول عند فطره والمقصود بقوله رحمه الله تعالى عند فطره يعني عقب الفطر عقب الفطر يفطر اولا على راطبات وترا كما سبق معنا ثلاثا او خمسا او اكثر من ذلك. وبعد الفطر يدعو بهذا الدعاء. اللهم لك صمت ويقدم زلك كما ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام لكمال الاخلاص. يعني كانه يقول صمت لك يا ربنا لا لغرض ولا لاحد غيرك وانما صمت ذلك لك ابتغاء ما عندك من الثواب وابتغاء ما عندك من الاجر فيقول اللهم لك صمت وعلى رزقك يعني رزقك الواصل الي من فضلك لا بحولي وقوتي وعلى رزقك افطرت وذلك اتباعا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والخبر وان كان فيه ضعف لكن لا بأس بالعمل به فانه قد رواه ابو داوود باسناد حسن وان كان وان كان الحديث مرسلا. ورواه كذلك البيهقي مرسلا عن معاذ بن زهرة رحمه الله تعالى. واخرجه درقطني والطبراني في الكبير مرفوعا عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وفيه زيادة فتقبل مني انك انت السميع العليم قال الهيثمي رحمه الله تعالى فيه عبدالملك بن هارون وهو ضعيف قال رحمه الله تعالى وان يقول عند فطره وقلنا يعني بعد فطره اللهم لك صمت وعلى رزقك افطرت وجاء في سنن ابي داوود ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الاجر ان شاء الله تعالى وثبت ايضا انه كان يقول يا واسع الفضل اغفر لي وهذا جاء عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه فيما اخرجه ابو نعيم في الحلية ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا اه لقم اول لقمة. قال يا واسع المغفرة اغفر لي وجاء كذلك موقوفا عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه فيما رواه عنه البيهقي في شعب الايمان ورواه كذلك غيره قال رحمه الله تعالى وان يكثر الصدقة وتلاوة القرآن في رمضان. يعني ويسن ويتأكد من حيث الصوم الا هو سنة في كل زمن ان يكثر الصدقة وتلاوة القرآن في رمضان وهذا لخبر الترمذي قال الترمذي رحمه الله تعالى هو غريب. قال اي صدقة افضل؟ قال صدقة في رمضان ورواه كذلك البزار في مسنده عن انس رضي الله تعالى عنه وارضاه. وجاء في الصحيحين ان جبريل كان يلقى النبي صلى الله عليه وسلم في كل سنة في رمضان حتى ينسلخ في عرض صلى الله عليه وسلم القرآن عليه. فهذا فيه استحباب قراءة القرآن في رمضان واستحباب كذلك الصدقة وجاء في حديث عبدالله بن عباس رضي الله تعالى عنه وارضاه كان النبي صلى الله عليه وسلم اجود الناس. وكان اجود ما يكون في رمضان حين القاه جبريل فيدارسه القرآن ففيه استحباب الاكثار من الصدقة وفيه كذلك استحباب الاكثار من تلاوة القرآن قال قال رحمه الله تعالى وان يعتكف لا سيما في العشر الاواخر منه. يعني ويسن كذلك ان يعتكف فيه يعني في رمضان كثيرا وذلك لانه اقرب لصون النفس وتفرغها للعبادة. فيستحب ان يعتكف في رمضان كثيرا. واقل الاعتكاف كما سيأتي معنا ان شاء الله تعالى لحظة فمعنى ذلك انه يستحب ان يكثر من الجلوس في المساجد في رمضان بنية الاعتكاف من اجل ان يصون نفسه عن الوقوع في المكروهات او عن الوقوع في المحرمات. ومن اجل ان يفرغ نفسه للعبادة. قال لا سيما في العشر الاواخر منهم. فيتأكد له الاكثار في هذه الامور الثلاثة. وذلك اتباعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم او تأكد استحباب الاعتكاف تأكد استحباب الاعتكاف في العشر الاواخر رجاء مصادفة ليلة القدر فهي منحصرة عندنا في هذه العشر الاواخر كما دلت عليه الاحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهذا قالوا لو انه قال لزوجته انت طالق ليلة القدر. فان كان قاله اول ليلة آآ اول ليلة احدى وعشرين او قبلها طلقت في الليلة الاخيرة من رمضان او في يوم احدى وعشرين مثلا لم تطلق الا في ليلة احدى وعشرين من السنة الاتية فعلى كل الاحوال يستحب له ان آآ يحافظ على هذه العبادات ويتأكد هذه العبادات الثلاث الصدقة قراءة القرآن الاعتكاف في ايام رمضان وخصوصا في العشر الاواخر منه كما عرفنا رجاء يصادف ليلة القدر هذا هو دأب النبي عليه الصلاة والسلام. وجاء في البخاري ومسلم عن ابي سعيد رضي الله تعالى عنه. وفيه قد اريت هذه الليلة ثم انسيتها. فابتغوها في العشر الاواخر وابتغوها في كل وتر. وكذلك جاء عن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم كان ايعتكف العشر الاواخر من رمضان حتى توفاه الله. ثم اعتكف ازواجه من بعدي. والكلام عن الاعتكاف بتفصيله سيأتي ان شاء الله تعالى في اخر هذا الكتاب. ثم قال بعد ذلك فصل شرط وجوب صوم رمضان العقل والبلوغ نتكلم ان شاء الله عن شروط وجوب الصوم ومرخصاته في الدرس القادم ان شاء الله تعالى ونتوقف هنا ونكتفي بذلك وفي الختام نسأل الله سبحانه وتعالى ان يعلمنا ما ينفعنا وان ينفعنا بما علمنا وان يزيدنا علما وان يجعل كما قلناه وما سمعناه زادا الى حسن المصير اليه وعتادا الى يمن القدوم عليه انه بكل جميل كفيل وهو حسبنا ونعم الوكيل. وصل اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين