المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي لما اخبر تعالى انه مع المؤمنين امرهم ان يقوموا بمقتضى الايمان الذي يدركون به معيته. فقال يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله ورسوله. بامتثال امرهما واجتناب نهيهما. ولا تولوا عنه. اي عن هذا الامر الذي هو طاعة الله وطاعة رسوله وانتم تسمعون ما يتلى عليكم من كتاب الله واوامره ووصاياه ونصائحه اتوليكم في هذه الحال من اقبح الاحوال ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون. اي لا تكتفوا بمجرد الدعوة الخالية التي لا حقيقة لها فانها حالة لا يرضاها الله ولا رسوله. فليس الايمان بالتمني والتحلي. ولكنه ما وقر في القلوب وصدقته الاعمال ان شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. يقول تعالى قال ان شر الدواب عند الله من لم تفيد فيهم الايات والنذر. وهم الصم عن استماع الحق البكم عن النطق به الذين لا يعقلون ما ينفعهم ويؤثرونه على ما يضرهم. فهؤلاء شر عند الله من جميع الدواب لان الله اعطاهم اسماعا وابصارا وافئدة. ليستعملوها في طاعة الله فاستعملوها في معاصيه. وعدموا بذلك الخير الكثير فانهم كانوا بصدد ان يكونوا من خيار البرية. فابوا هذا الطريق واختاروا لانفسهم ان يكونوا من شر البرية. والسمع الذي نفاه الله عنهم سمع المعنى المؤثر في القلب. واما سمع الحجة فقد قامت حجة الله تعالى عليهم بما سمعوه من اياته. وانما لم يسمعوا السماع النافع لانه لم يعلم فيهم خيرا يصلحون به لسماع اياته ولو علم الله فيهم خيرا لاسمعهم ولو اسمعهم لتولوا وهم معرضون ولو معهم على الفرض والتقدير. لتولوا عن الطاعة وهم معرضون. لا التفات لهم الى الحق بوجه من الوجوه. وهذا دليل على ان الله تعالى لا يمنع الايمان والخير الا لمن لا خير فيه. الذي لا يزكو لديه ولا يثمر عنده وله الحمد تعالى والحكمة في هذا يا ايها الذين امنوا استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم لما يحييكم. واعلموا ان الله يحول بين المرء وقلبه وانه اليه تحشرون. يأمر تعالى عباده المؤمنين بما يقتضيه الايمان من منهم وهو الاستجابة لله وللرسول. اي الانقياد لما امر به والمبادرة الى ذلك والدعوة اليه. والاجتناب لما نهيا عنه والانكفاف عنه والنهي عنه. وقوله اذا دعاكم لما يحييكم. وصف ملازم لكل ما دعا الله ورسوله اليه. وبيان لفائدته وحكمته فان حياة القلب والروح بعبودية الله تعالى ولزوم طاعته وطاعة رسوله على الدوام. ثم حذر عن عدم الاستجابة لله وللرسول فقال واعلموا ان الله يحول بين المرء وقلبه وانه اليه تحشر فاياكم ان تردوا امر الله اول ما يأتيكم في حال بينكم وبينه اذا اردتموه بعد ذلك. وتختلف قلوبكم فان الله يحول بين المرء وقلبه. يقلب القلوب حيث شاء ويصرفها انا شاء. فليكثر العبد من قول يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك. يا مصرف القلوب. اصرف قلبي الى طاعتك. وانه اليه تحشرون. اي تجمعون ان ليوم لا ريب فيه فيجازى المحسن باحسانه والمسيء بعصيانه. واتقوا فتنة لا تصيبن الذين واعلموا ان الله شديد العقاب واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة بل تصيب فاعل الظلم وغيره وذلك اذا ظهر الظلم لم يغير فان عقوبته تعم الفاعل وغيره. وتقوى هذه الفتنة بالنهي عن المنكر وقمع اهل الشر والفساد. والا يمكنوا من المعاصي والظلم مهما امكن لمن تعرض لمساخطه وجانب رضاه