الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ وليد بن راشد السعيدان حفظه الله يقدم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تقول السائلة نريد كلمة موجزة عن عبادة التفكر والتأمل في السماء والكون. الحمد لله رب العالمين ان الله تبارك وتعالى قد تعرف الى عباده بطرق شتى وتعرف عليهم بطريق الفطرة. فالفطرة السليمة دالة على وجود الله عز وجل وعلى ربوبيته. وعلى استحقاقه للعبادة يقول الله تبارك وتعالى فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم كل مولود يولد على الفطرة. فابواه يهودانه او ينصرانه او يمجسانه. وتعرف الينا عن طريق العقل فان عقولا فان العقل اذا كان سليما وتفكيره مستقيما فانه يتعرف على ان ربه الذي خلقه موجود وهو رب كل شيء لا رب سواه واله كل شيء لا اله غيره. وتعرف الله علينا عن طريق النقل فارسل رسله وانزل كتبه التي تدل العباد عليه وتعرفهم بشريعته. وتعرف الينا وكذلك عن طريق الحس. وهذا الحس هو الذي يقصده السائل بالايات الكونية الباهرة فقد امر الله عز وجل بالتدبر والتأمل في ايات هذا الكون. ان ننظر فيها وان نتعرف على وجود الله عز وجل عن طريقها. وذلك ان هذا الكون بما فيه من الافلاك العظيمة والهالات السيارة والكواكب والمجرات الضخمة ذات الملايين المملينة من النجوم الهائلة والتي لا الارض عندها الا بمثابة حجر من من جبل عظيم. كل هذه الهالات والكواكب والمجرات. كل تسير في طريق واحد. لا يعتدي احد على احد. ولا يختلف نظامها ولا يتغير ابداعها نجوم تخرج في وقت معين وتغرب في وقت معين وشمس وقمر سيارة وسماء وارض وجبال وبحار واشجار. هذا الكون كله من الذي اوجده؟ ومن الذي ابدعه؟ ومن الذي خلقه على هذا النظام البديع والنسق وفي لا يخلو الجواب من ثلاث حالات. الحالة الاولى او الجواب الاول ان يكون هذا كونه هو الذي خلق نفسه بنفسه. يعني انه هو الذي اوجد نفسه بنفسه. وهذا جواب يرفضه العقل والفطرة فضلا عن رفض الشرع له. فان هذا الكون قبل ان يوجد كان يوصف بانه معدوم. وكيف يوصف المعدوم بانه يوجد نفسه. فلا يمكن للعقل ابدا ان يقبل هذه المقدمة الفكرية الباطلة الفاسدة ان شيئا معدوما ثم هو نفسه يوجد نفسه بلا ربان يسيره ولا خالق خلقه هذا هذا جواب باطل. هناك جواب اخر انه موجود صدفة لم يكن موجودا بالامن ووجد هذا اليوم وهذا الجواب يضحك منه العقلاء. لان الشيء لا يمكن ان يوجد صدفة بلا فاعل فعله او محدث احدثه. بل ان المتقرر عند العقلاء ان لكل حادث محدث ولكل فعل فاعل. ولا يتصور خلو المفعول عن فاعله. ولا خلو الحادث عن محدثه فكيف نقبل ان هذا الكون بافلاكه السيارة ومجراته الهائلة ونظامه البديع يوجد نفسه بنفسه او انه يوجد صدفة. فاذا بطل هذان الجوابان بقي الجواب الثالث الذي هو الحق الذي لا احق منه. والصدق الذي لا اصدق منه ان ثمة خالق خلقه. ان ثمة مبدع ابدعه. ان ثمة قوي قادرا انشأه الا وهو الله تبارك وتعالى. وهذا البرهان الكوني الفطري العقلي الذي ليقطعوا كل حجة لما سمعه جبير بن مطعم رضي الله عنه على لسان النبي صلى الله عليه وسلم في سورة الطور في صلاة المغرب ام خلقوا من غير شيء ام هم الخالقون؟ قال جبير فكاد قلبي ان يطير من مكانه. وذلك اول ما وقر الاسلام في قلبي. ولذلك اكثر الله عز وجل من ايات كونه ودعانا الى التفكر والتأمل فيها. ان في في السماوات والارض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس. وما انزل الله من السماء من ماء احيا به الارض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والارض لايات لقوم يعقلون. ان في خلق السماوات والارض واختلاف الليل والنهار لايات لاولي الالباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والارض. ربنا ما هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار. والايات في هذا المعنى كثيرة. افلم ينظروا الى السماء كيف بنيناها وزيناها ومالها من فروج والارض مددناها والقينا فيها رواسي وانبتنا فيها من كل زوج بهيج تبصرة وذكرى لكل عبد منيب. ويقول العلماء رحمهم الله تبارك وتعالى ان الانسان لو عرض عليه ان قصرا لم يكن موجودا بالامس في برية فلما طلعت الشمس اليوم فاذا هو موجود قصر منذ شرفات عظيمة لم يره لم يكن الناس يرونه بالامس ثم رأوه اليوم. فلما تعجب الناس من وجوده في يوم واحد سألوا من الذي بناه؟ فقالوا انه قد وجد صدفة من غير بان بناه ولا رفع لبناته. فهل عقولنا تصدق هذا الامر؟ والله لو عرض هذا الامر على مجنون يبصق في وجه من عرظه عليه. افتصدق عقولنا ان سماوات اوجدت نفسها بنفسها. اوتصدق ان تلك الارض العظيمة الهائلة الواسعة الشاسعة ذات الاطراف المترامية بجبالها وبحارها وانهارها كره وانسها وجنها واشجارها وحيواناتها. يعقل ان توجد صدفة من غير خالق خلقها ولا بارئ برأها فاذا كانت عقولنا تمتنع عن قبول ذلك في قصر صغير ذي غرفات يسيرة فكيف تقبل عقول ان هذا الكون بمجراته الهائلة وافلاكه السيارة العظيمة الكبيرة. وكواكب البعيدة والقريبة. كيف تقبل عقولنا ان يكون موجودا بلا موجد اوجده ولا خالق خلقه ومن الذي يقدر على خلق ذلك الا الله؟ يروى عن ابي حنيفة انه ناظره قوم من السمنية في وجود الله تبارك وتعالى فوعدهم في مكان المناظرة على شط نهر فتأخر عليهم قليلا فجاء قد حفزه نفس فقالوا ما شأنك؟ فقالوا ما شأنك؟ قال اني رأيت على شط النهر هذا عجبا. قالوا وماذا رأيت قال رأيت ان الاشجار بجوار النهر قد قطعت نفسها بنفسها. ثم القت نفسها في اليم اي النهر. ثم اجتمع بعضها على بعض فصارت سفينة عظيمة. فصارت تحمل المتاع وتخب النهر خبا من هذا الشاطئ الى هذا الشاطئ كل هذا من غير موجد اوجدها ولا صانع صنعها ولا ربان يقودها. فتضاحك القوم عليه اويعقل هذا يا يا ابا حنيفة ان يكون ثمة سفينة توجد نفسها بنفسها وتسير بهذا الابداع بنفسها ضحك عليهم وقال اذا كانت عقولكم تمتنع عن قبول ذلك في امر سفينة. افيعقل ان يكون هذا العالم علويا وسفليه وافلاكه ومجراته وكواكبه ونجومه ايعقل ان وجد صدفة هكذا من غير موجد اوجده ولا خالق خلقه. سبحانك هذا بهتان عظيم. فنشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ونشهد ان محمدا عبده ورسوله. والله اعلم