السلام عليكم ورحمة الله اخوتي الكرام لا زلنا في سلسلة نصرة للشريعة. قبل متابعة السلسلة اود ان اوضح مقصودي بالتدرج في تطبيق في الشريعة حتى لا يحصل لبس. فبعد الحلقات الثلاثة الاولى جاءتني استفسارات واعتراضات يتلخص كثير منها في الاستدلال واهدة صحيحة من الشريعة والسيرة على التدرج غير الشرعي المطروح في هذه الايام. فالاخوة المعترضون يسمون هذه الشواهد تدرجا بها على صحة التدرج المطروح. وكانني برفضي للتدرج اخالف هذه الشواهد التي يأتون بها. بتفصيل وتوضيح اكثر. مجمل ما يريده الاخوة من شواهد ويعتبرونه دليلا على التدرج. اما انه في الواقع دليل على ترتيب الاولويات في عرض الشريعة وبيانها للناس او دليل على وقف لحكم شرعي معين عملا بالشريعة لان شروط هذا الحكم لم تتحقق بعد فوجب العمل بحكم اخر اما ترتيب الاولويات في عرض الشريعة وبيانها فكاستدلالهم بارسال النبي صلى الله عليه وسلم معاذا الى اليمن وتوجيهه ان يدعو الناس الى الشهادتين اولا ثم الصلاة ثم الزكاة. واما وقف الحكم الشرعي عملا بالشريعة. فكوقف حد السرقة في حق السارق الجائع الفقير او كاسقاط بعض اشكال انكار المنكر عن الحكومة الاسلامية لعجزها عنه وعدم قدرتها على القيام اخواننا يسمون ذلك تدرجا ثم يستدلون به على صحة التدرج المطروح في الساحة الاسلامية. ثم يقولون لي ما مفاده ان كنت تنكر التدرج المطروح فانت اذا تنكر مراعاة ترتيب الاولويات في عرض الشريعة. وتنكر وقف العمل باحكام اسلامية عند عدم وجود شروطها وتنكر سقوط وجوب احكام على الدولة لعدم قدرتها على تنفيذها. فتوضيحا لاخواني اود ونبين اني لا انكر ايا من هذه الامور الثلاثة. بل سابين مشروعيتها في الحلقات القادمة باذن الله. انا لا اقول ان على الدولة الاسلامية الناشئة ان تبني المجتمع بناء اسلاميا في اليوم الاول. وتقضي على المنكرات كلها بجرة قلم. وتدخل في صراع على كل الجبهات واحدة لكنني في الوقت ذاتي اقول كل ما يطرحه اخواني ليس دليلا على التدرج غير الشرعي الذي ينادى به هذه الايام لان التدرج المطروح والذي ننتقده ونقول بعدم مشروعيته في هذه السلسلة قد تحقق فيه واحد او اكثر من المشاكل الكبيرة التالية لا تعلن فيه السيادة للشريعة بحيث تعتبر المرجعية العليا الحاكمة على القوانين من البداية او يستأذن فيه مجلس الشعب في تطبيق الشريعة او تقر فيه مرحليا قوانين وضعية مخالفة لاحكام الشريعة. او تنفذ فيه قوانين مخالفة لاحكام الشريعة موروثة من الحكم غير الاسلامي. او يقال فيه بالتدرج في التشريع وكأن الشريعة تتنزل من عند الله تعالى من جديد او يربط فيه تطبيق الشريعة بحل مشاكل الناس الاقتصادية او الامنية اولا. او يقال فيه ان ترسيخ العقيدة والاخلاق الاسلامية لدى الناس قبل تطبيق الشريعة. او يربط فيه تطبيق الشريعة برضا القوى الداخلية او الخارجية المعارضة للشريعة او يقدم الاسلاميون فيه في سبيل الوصول الى الحكم تنازلات ستبقى اثارها وتمنعهم من تطبيق الشريعة ان وصلوا الى الحكم. هذه هي المشاكل في التدرج المطروح الذي ينادى به. وسنفرد حلقة خاصة لبيان عدم مشروعية كل منها باذن الله تعالى. تبقى هنا نقطة مهمة. موضوعنا هذا ضخم ومتشعب للغاية. فلا بد من من تفكيكه لعناصر صغيرة للرد على الشبهات واحدة تلو الاخرى. ومن ثم بيان الحل الشرعي الذي على الامة ان تنتهجه وانا الان اسير بخطة معينة لذلك. فاتمنى على اخواني الذين يريدون الاعتراضات ان يناقشوا الجزئية التي اطرحها تحديدا. بدلا من ان تعجل الامور بايراد شبهة جديدة. فمثلا في الحلقة الاولى بينت انه لا يمكن حل مشاكل المجتمع قبل تطبيق الشريعة هل هناك خلاف على ذلك؟ اتوقع ممن سيناقشني ان يناقش هذه النقطة بالذات بان يقول لي مثلا ما اوردته من ادلة ما اوردته من لا يشهد لصحة استنتاجك. بل هناك ما يدل على انه يمكن حلها قبل تطبيق الشريعة. لكن اخواني يتركون هذه النقطة ويقولون عمر رضي الله عنه عطل حد السرقة عام المجاعة. اخواني هذه شبهة اخرى تماما سيأتي دورها ان شاء الله. ان ناقشتها مع على شكل رد مجتزأ مبتور فلن نوفي الموضوع حقه. وسيختل الترتيب ويخرج القطار عن السكة. كذلك في الحلقة الثانية بينت ان القول بحل المشاكل قبل تطبيق الشريعة فيه غض من قيمة الشريعة. هل ترحي هذا كان خاطئا؟ دعونا نناقش هذه الجزئية بالذات في الحلقة الثالثة بينت ان الذي يصل الى الحكم لن يصل الى فراغ. بل سيحتاج الى انفاذ احكام اجتماعية واقتصادية وسياسية وجنائية وغيرها. فان حكم باحكام موافقة للشريعة في بعض ذلك فهو في المقابل سيحكم بغير ما انزل الله في البعض الاخر اتوقع من المعترض ان يناقش هذه الجزئية بالذات وعندئذ الرد سيكون جاهزا باذن الله تعالى. اخواني بغير ذلك لن نصل الى عرض مرتب متكامل مؤسس على اسس صحيحة. وللمستعجلين جدا اقول كنت قديما قد خطبت في سلسلة بعنوان فقه التنازلات والسلسلة موجودة على موقع الفرقان فللاخ المتعجل ان يرجع اليها وان كانت لا تغطي جميع ما اود عرضه لكنها قد تطمئنه الى ان هناك جوابا لما يورد من شبهاته اخواني الموضوع متعلق بازمة الامة وسبيل خلاصها وتحقيق عبوديتها لله باخضاع الحياة لشرعه. المسألة متعلقة بسعادة الدارين. تستحق منا بذل الجهد وطول النفس بارك الله فيكم. فخطتنا المرحلية للحلقات القادمة باذن الله ان نوضح اولا ان ما يطرحه اخواننا المدافعون عن التدرج هو في الحقيقة دليل على ترتيب الاولويات في بيان الشريعة او سقوط احكام شرعية معينة وعملا باحكام شرعية اخرى من الشريعة. وليست ادلة على التدرج الذي يدافعون عنه. ثم نبين نقاط الخلل في التدرج المطروح نقطة نقطة باذن الله تعالى. الخلاصة ما يورد من ادلة على التدرج المطروح في الساحة ليست ادلة عليه والى لقاء قادم في الحلقة القادمة باذن الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته