فلله ذاك الموقف الاعظم الذي كموقف يوم عرض بل جل جلاله. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وامام المتقين وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان الى يوم الدين اما بعد فان من نعم الله عز وجل على عباده ومن فضله ورحمته بهم من من عليهم بمواسم الخيرات والبركات يزداد من الاعمال الصالحات ولتكون كفارة للسيئات ورفعة للدرجات وان من مواسم الخير والبركة عشرة ذي الحجة فان هذه العشر فضلها الله عز وجل على سائر الايام وقال الله تبارك وتعالى والفجر وليال عشر واقسم سبحانه وتعالى بهذه الليالي العشر والاقسام بالشيء يدل على اهميته وعظمته وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما انه قال ما من ايام العمل الصالح فيهن احب الى الله عز وجل من هذه الايام العشر قالوا ولا الجهاد في سبيل الله قالوا قال ولا الجهاد في سبيل الله الا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء وحث النبي صلى الله عليه وسلم على الاكثار في هذه العشر من التكبير والتهليل والتحميد كما في حديث ابن عمر وغيره وبالجملة فهذه العشر من افضل ايام السنة كما نطق بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ولان الرسول عليه الصلاة والسلام حث فيها على العمل الصالح وحثه على العمل الصالح يدل على ان العمل الصالح في هذه الايام له مزية على غيره وليعلم ان هذه العشر يشرع فيها جملة من الاعمال الصالحة فمن ذلك من الاعمال التي تشرع في هذه العشر الصيام فان الصيام من اجل الطاعات وافضل العبادات قد وردت النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم ببيان فضله ومنزلته فيسن صوم تسع ذي الحجة وقد روي ان النبي عليه الصلاة والسلام كان يصوم تسع ذي الحجة ولا يعارض هذا حديث عائشة رضي الله عنها انها قالت ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم صائما العشر قط لانها رضي الله عنها نفت رؤيتها والمثبت مقدم على النافي ولانه ايضا يحتمل ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يصم في تلك السنة التي قالت فيها لم ارى النبي صلى الله عليه وسلم صائما العشر قط وعلى كل حال فيسن للانسان ان يصوم تسع ذي الحجة لان الصيام من جملة الاعمال الصالحة فهو داخل في عموم قوله عليه الصلاة والسلام ما من ايام العمل الصالح فيهن احب الله ولا يسن للحاج ان يصوم يوم عرفة لانه قد روي ان النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة ولانه عليه الصلاة والسلام لم يصم ذلك اليوم ولو كان خيرا لكان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك او يرشد امته اليه ولان المطلوب من الحاج ان يتضرع الى الله عز وجل بالدعاء وان يلجأ الى ربه عز وجل في هذا اليوم ولا ريب ان الصوم يضعفه ويمنعه من كمال التعبد لله عز وجل بالضراعة الى الله بالدعاء وعلى هذا فالمشروع للحاج الا يصوم هذا اليوم لان لان هدي النبي صلى الله عليه وسلم انه لم يصم ذلك اليوم ولان الدعاء يفوت. وقد قال عليه الصلاة والسلام خير الدعاء دعاء يوم عرفة. واما الصوم فيتمكن الانسان من الصيام في اي يوم من ايام السنة ومن الاعمال المشروعة في هذه العشر التكبير الاكثار من التكبير والتحميد والتهليل لقوله عليه الصلاة والسلام في حديث ابن عمر فاكثروا فيهن من التكبير والتحميد والتهليل في شرع الاكثار من التكبير الله اكبر الله اكبر لا اله الا الله. الله اكبر الله اكبر ولله الحمد قال البخاري رحمه الله كان ابو هريرة وابن عمر رضي الله عنهم كان يخرجان الى الاسواق في ايام العشر يكبرن فيكبر الناس بتكبيرهما وكان امير المؤمنين عمر رضي الله عنه يكبر في خيمته بمنى فيسمع الناس تكبيره حتى ترتج منى تكبيرا ومن الاعمال المشروعة في هذه الايام اعني ايام العشر اداء الحج والعمرة فان الحج والعمرة من افضل الاعمال الصالحة قال النبي صلى الله عليه وسلم العمرة الى العمرة كفارة لما بينهما. والحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة وقال عليه الصلاة والسلام لما سألته عائشة رضي الله عنها هل على النساء من جهاد؟ قال نعم. عليهن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة وقال عليه الصلاة والسلام ايضا من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته امه ومن الاعمال الصالحة التي تشرع في هذه الايام العشر الاضحية فان الاضحية شعيرة من شعائر الدين دل على مشروعيتها قوله تبارك وتعالى فصل لربك وانحر وقال عز وجل ولكل امة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الانعام وقد ثبتت مشروعية الاضحية عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله ومن فعله ومن اقراره واعلم ان من رحمة الله عز وجل وحكمته وفضله على عباده انه اذا شرع لقوم عبادة في زمان او مكان شرع لغيرهم ممن حرم من هذه العبادة ما يشاركونهم في هذه العبادة فشرع الله عز وجل للحجاج ان يؤدوا مناسك الحج وشارع لاهل الامصار ان يضحوا ويتقربوا الى الله عز وجل بالظحايا فلم يحرم الله عز وجل اهل الامصار فاهل منى مثلا يتقربون الى الله عز وجل بذبح الهدايا واهل الامصار يشاركون اخوانهم الحجاج بذبح الضحايا ومن ومن اوجه المشابهة ايضا ان الانسان اذا احرم حرم عليه ان يأخذ شيئا من شعره او من ظهوره وكذلك بالنسبة من اراد ان يضحي فانه يحرم على المضحي ان يأخذ شيئا من شعره او ظهوره او بشرته كما دلت على ذلك السنة من في حديث ام سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم ومن ومن اوجه المشابهة ايضا ان الله عز وجل شرع للواقفين بعرفة الابتهال الى الله والضراعة اليه بالدعاء وشرع لاهل الامصار ما يشاركون به اخوانهم. فشرع لهم ان يصوموا ذلك اليوم واهل الموقف لهم دعاء حري بالاجابة وكذلك الصائم دعاؤه حري بالاجابة ومن اوجه المشابهة ايضا ان الله عز وجل شرع للحجاج يوم العيد ان يرموا جمرة العقبة وجمرة العقبة فيها تكبير ويعقبها ذبح وشرع لاهل الامصار ان يشاركوا اخوانهم في ذلك اشار علي اهل الانصار ان يصلوا صلاة العيد وصلاة العيد فيها تكبير وهي التكبيرة الزوائد ويعقبها ذبح تبين بهذا فضل الله عز وجل ونعمته ورحمته بعباده. وهو انه اذا شرع لقوم عبادة في زمان او مكان شرف لغيرهم ممن حرم من هذه العبادة ما يشاركون به غيرهم ونظير ذلك الاذان فان المؤذن له اجر باذانه. لكن الله عز وجل لم يحرم غير المؤذنين من الاجر بل شرع لغيرهم ان يتابعوا المؤذن وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم اذا سمعتم اذا سمعتم النداء فقولوا مثلما يقول المؤذن فارشد النبي عليه الصلاة والسلام امته لاجل ان يشركوا المؤذن في الاجر في الاذان ان يقولوا مثلما يقول المؤذن واي يكرروا هذه الكلمات الطيبات التي يرددها المؤذن ومن الاعمال الصالحة التي تشرع في هذه الايام العشر التوبة الى الله عز وجل فان التوبة الى الله عز وجل. وان كانت واجبة في كل زمان وفي كل مكان. الا انها في الايام الفاضلة وفي الازمنة الفاضلة لها شأن عظيم وذلك ان الغالب ان النفس في الازمنة الفاضلة تكون مقبلة على الله عز وجل راغبة في ثوابه وفيما عنده والذنوب تحول بين المرء وبين وبين فضل ربه عز وجل يشرع للمرء ان يجدد التوبة الى الله عز وجل في الازمنة الفاضلة ومنها عشر ذي الحجة. لان لا تكون هذه الذنوب وهذه المعاصي حائلا بين المرء وبين المسارعة الى الخيرات والمسابقة اليها. ولاجل الا تحرمه فضل ربه عز وجل ولان الاصرار على الذنوب والمعاصي يوجب للانسان ان يتشبث بها وان يتمسك بها ومن ثم يشق عليه تركها وفراقها ولان النفس اذا اعتادت على المعاصي فانها تألف الذنوب والمعاصي اذا الفت الذنوب والمعاصي صارت ديدنا لها فشق عليها ترك هذه الذنوب وهذه المعاصي فيما اذا اراد العبد التوبة الى الله تبارك وتعالى ومما يشرع ايضا في هذه العشر ان يستكثر المرء من سائر الاعمال الصالحة من الصلاة ومن الدعاء ومن قراءة القرآن ومن الذكر في شرع له ان يكثر من الصلاة فيصلي صلاة الضحى ويحافظ على السنن الراتبة ويحافظ على قيام الليل ويحافظ على سنة الوضوء وما اشبه ذلك من الصلوات المشروعات ويشرع له ايضا ان يكثر من قراءة القرآن فان قراءة القرآن فيها فضل عظيم. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم من قرأ حرفا من كتاب الله فله بكل حرف عشر حسنات الحسنة بعشر امثالها وكذلك يكثر من ذكر الله عز وجل على وجه العموم كالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير وكذلك ايضا من الاعمال الصالحة التي تشرع في هذه العشر الاحسان الى الخلق فيحسن الى عباد الله عز وجل بقوله وقولوا للناس ويحسن الى الناس ايضا بفعله من اعانة محتاج واغاثة البلهوف. ويحسن الى الناس ايضا بما يستطيع من بذل المال وبذل الجاه الحاصل والحاصل ان هذه الايام العشر ينبغي للمؤمن ان يعتني بها وان يقبل على ربه فيها فلعله ينال نفحة من نفحات ربه عز وجل فتكون سعادة له في الدنيا والاخرة. اسأل الله عز وجل ان يرزقنا واياكم اغتنام الاوقات بالاعمال الصالحات وان يوفقنا لما يحب ويرضى انه جواد كريم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. فلله ذاك الموقف الاعظم الذي كموقف يوم عرفة جل جلاله يقول اشهدكم اني غفرت ذنوبهم واعطيتهم ما املو فبشراكم يا اهل ذا الموقف الذي به يغفر الله الذنوب ويرحم