السلام عليكم ورحمة الله. اخوتي الكرام لا زلنا نبني حبنا لله عز وجل على اسس سليمة منها تأمل نعمه سبحانه علينا. بدأنا بذلك في الحلقة الماضية بعنوان حب بلا رجعة. واليوم سنتعاون سوية لنحول البلاء الى سبب لتذوق النعم التي فطرت بحس ما اخواني واخواتي تمر سنوات من حياتنا تجتمع لنا فيها اسباب كثيرة للسعادة. لكننا ان سألنا انفسنا هل نحن سعداء فقد يأتي الجواب من اعماقنا لست متأكدا. هناك طموحات وتطلعات تشغل بالك لم تتحقق بعد تصبح هي محط تركيزك. اما ما اجتمع لديك من اسباب السعادة فقد فتر في حسك وبهتت الوانه واصبح كالخلفية الجامدة غير المهمة في سورة التي ينقصها محط تركيز العدسة. وهو هذه الطموحات التي لم تتحقق بعد كما يصدأ الحديد فان ادوات تذوق النعم المركوزة في نفوسنا تصدأ. لذا فان الله عز وجل يذكرنا بها في مواضع كثيرة. يذكرنا بهذه نعم التي فطرت في حسنا ولم تعد تعني لنا شيئا الم تروا ان الله سخر لكم ما في السماوات وما في الارض واسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة الله الذي خلق السماوات والارض وانزل من السماء ماء فاخرج به من الثمرات رزقا لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بامره وسخر لكم الانهار وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم ليل ونهار واتاكم من كل ما سألتموه. وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها ان الانسان لظلوم كفار وايات كثيرة عن السمع والبصر والمسكن والملبس والطعام والشراب والنار والمعادن والنوم والبعث بعد النوم والازواج والاولاد وغيرها ايات كثيرة حتى لا نزدري نعمة الله وننساها لكننا مع هذا التذكير الالهي قد لا نستمتع بهذه النعم. ليس الحديث هنا عن الاغتمام لمشاكل المسلمين والتألم لالمهم. وتنغص العين عش برؤية ومعاناتهم فهذا كله مطلوب بالقدر الذي يدفع الى العمل بايجابية لمساعدتهم ونصرتهم لكن الحديث هنا عن فقدان القدرة على تذوق النعم والشعور بمنة الله علينا فيها. وهذا داء يصيب النفس بغض النظر عن الاهتمام المسلمين. هذا الداء جزء من ظاهرة نفسية مرضية يعرفها المعالجون النفسيون بالكوجنيتيف ديستورشن. كوجنيتيف ديستورشن. والذي يترجم عادة الى التشويه المعرفي وقد يكون الادق تسميته الخلل الادراكي. وقد شرح الاخصائي ديفيد بيرمز هذه الظاهرة عام الف وتسعمية وتسعة وثمانين في كتابه ذفيل جدهن بوك. ذفيل جودهان بوك. حيث ذكر من اعراض الخلل الادراكي ظاهرة الفلترة الذهنية. الفلترة الذهنية. وهي عدم على ملاحظة النواحي الايجابية في الحياة بسبب انشغال ذهن الفرد بمعكر بسيط نسبيا. كمن لا يرى الا خللا بسيطا في ثوب النافع. هذه اخواني ظاهرة غير صحية تحتاج علاجا لكنها في الواقع قد تكون موجودة لدى اكثرنا. اذا لم يفلح احدنا في تذوق نعم الله عليه وقدرها حق قدرها فقد يبتليه الله تعالى بفقدان احد هذه النعم. والسعيد حينئذ من اتعظ ونبهه فقدان هذه النعمة الى ان هناك اشياء كثيرة في حياته لا زال يمتلكها تستوجب شكر الله وتستحق ان نكون بها سعداء يأتي البلاء ليزيل الصدأ عن ادوات استشعار النعم المركوزة في فطرتك وينظفها ويعيد للحياة رونقها ويضفي عليها الوانا بهيجة من جديد. بعد ان كانت خلفية باهتة رتيبة. لا لون فيها بعد ان كان الخلل الادراكي يشغل الذهن عنها ويغض من قيمة هذه النعم ويعكر رونقها بالتطلع الى ما لم يتحقق بعد من طموحات يأتي البلاء ليعلم الانسان فن تذوق النعم. كانت النعم لديك وفيرة. لكن قدرتك على تذوقها كانت ضعيفة لم تحفل بها وتسعد كما يجب قد تقل النعم بالبلاء الذي افقدك مالا او جاها او صحة او غيرها. لكن ان كنت من اهل الرضا وحسن الظن بالله وتأمل حكمته فانك ستتنبه بالبلاء الى الكثير الذي بقي لديك وتستحي من الله ان لم تقدر نعمته عليك من قبل. فتكتسب فن تذوق النعم وتسعد وتطمئن. نسأل الله عز وجل ان يجعلنا من عباده الذين يرزقون العافية ويشكرون. والسلام عليكم ورحمة الله