السلام عليكم ورحمة الله. اخواني واخواتي لا زلنا في سلسلة فن احسان الظن بالله تعالى. ولا زلنا نبني حبنا لله على اسس سليمة. اولها تأمل اسماء الله تعالى وصفاته. قلنا انك ان اتقنت التعامل مع البلاء فانك ستفهم اسماء الله تعالى وصفاته اكثر واكثر من خلال البلاء. وهذا يفضي في المحصلة الى تحويل البلاء الى سبب لزيادة محبة الله تعالى. في الحلقات الماضية تأملنا حكمة الله في البلاء ثم تودده لعباده بالبلاء. اليوم نتأمل صفة اخرى من صفات الله تعالى. ما هي هذه الصفة؟ احيانا نعاني من مشكلة. لا نعلم كم ستستمر والى اي مدى يشرق في نفوسنا الامل بزوالها وتلهج السنتنا بالدعاء. لكن ما نلبث ان يعترينا الخوف ويتراءى لنا شبح اليأس. عندما نفكر في ان بلائنا سيطول ويشتد. نخاف حينئذ لاننا ننظر في جوانب انفسنا وحناياها فلا نجد فيها ما يعول عليه ان يصبرنا اذا البلاء الى الدرجة المخوفة. نتعامل مع المسألة بطريقة رياضية. فاذا كانت المصيبة مرضا يخشى ان يؤدي الى العمى مثلا فانك قد تعقد معادلة التالية. انا ناقص بصر يساوي انسان تعيس. لا اتصور الحياة دون بصر. وان كان ابنك في غرفة العناية المركزة بين الحياة الموت فقد تعدل المعادلة التالية. الحياة ناقص ابني يساوي حزن مستمر وهكذا. اننا ننسى في معادلاتنا هذه صورا مهما جدا وهو ان الصبر لن ينبع من جوانب نفسك الضعيفة وحماياها عند حلول المصيبة او اشتدادها. انما الصبر ينزل من عند الله تعالى المعين لمن استعان به. اختلف العلماء في اعتبار المعين من اسماء الله لكنه بلا شك من صفاته تعالى. اذا فالصبر ينزل من عند ربنا المعين تماما كما ينزل النصر. ينزل الصبر من عند الله لينصرك في معركتك ضد اليأس والحزن. وان ينصركم الله فلا غالب لكم. لاحظ كما ان الله تعالى قال وما النصر الا من عند الله فقد قال ايضا واصبر وما صبرك الا بالله فتركيب الكلمات متشابه. وما النصر الا من عند الله. واصبر وما صبرك الا بالله. انها حقيقة مهمة جدا ينزل من عند الله تعالى وكذلك الامان والسكينة والشواهد لذلك كثيرة جدا. قال تعالى ثم انزل عليكم من بعد الغم امنه وقوله تعالى فانزل السكينة عليهم. وقوله تعالى حكاية عن السحرة الذين امنوا بموسى عليه السلام وهم الان على وشك في ان تقطع ايديهم وارجلهم وان يصلبوا قالوا ربنا افرغ علينا صبرا. ربنا افرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين. ينزل الصبر كالمطر على القلوب المرتجفة الحرة فيسكنها ويبردها وعلى العيون الدامعة فيكف دمعتها. انها ليست نفسك البشرية الضعيفة. التي يعول عليها ان تختلق الصبر وتخوض المعركة انه الله تعالى المعين الذي يثبت يثبت الله الذين امنوا بالقول الثابت. وبما انه تعالى الذي يثبت فليس هناك ملأ اكبر من تثبيت الله المعين. انه الله تعالى الذي يربط على القلوب المرتجفة التي كادت تنخلع من الصدر حزنا او خوفا من المجهول قال تعالى عن فتية الكهف وربطنا على قلوبهم وربطنا على قلوبهم. وحينئذ فلا شيء يخيف ان كان الله عز وجل هو المعين. ام موسى عليه سلام القت ابنها في اليم فترك وراءه قلبا فارغا. قلب ام فقدت فلذة كبدها. فنزل التثبيت من عند الله. واصبح فؤاد ام موسى فارغة ان كادت لتبدي به لولا ان ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين. اذا فالصبر ينزل نزولا من عند الله المعين التالي فالمعادلة لم تعد بالجمود الذي كنا نظنه بل اصبحت انا ناقص بصر زائد صبر من الله المعين. يساوي انسان راض. الحياة ناقص ابني زائد. سكينة من الله المعين. يساوي رضا واحتساب وانطلاقة جديدة اخي لسنا من الملاحدة الذين لا يؤمنون الا بالظواهر المادية. بل نحن نؤمن ان الله تعالى معنا. السنا نقرأ في صلاتنا يوميا سبعة عشر مرة على الاقل اياك نعبد واياك نستعين. هل خطر ببالك وانت مبتلى ان تتأمل هذه الاية عند قراءتها وتتصور قوتك وانت يمد العون من الله تعالى امام البلاء. لا تقل لن اصبر. ان استعنت بالله اعانك. انظر الى قول الله سبحانه وتعالى. قال رب احكم بالحق وربنا رحمن المستعان على ما تصفون. وانظر الى ما حكاه عن يعقوب عليه السلام. والله المستعان على ما تصفون. وقال النبي صلى الله الله عليه وسلم واذا استعنت فاستعن بالله. نحن نستعين بالله المعين. لا تقل لن اصبر. لا بلاء اكبر من اعانة المعين ان استعنت به بصدق تذكر اهل الاخدود وسحرة فرعون وماشطة ابنته كيف نزل عليهم صبر عظيم مقابل بلائهم الشديد بمجرد ان خالط الايمان قلوبهم فطابت نفوسهم بالتضحية في سبيل الله مع انهم عاشوا حياتهم قبل ذلك مشركين سنوات طويلة. فالذي صبرهم قادر على ان يصبرك انت اذا لجأت اليه. لا تقل لن اصبر. فكل ما عليك فعله هو ان تستعين بربك الرحمن المستعان قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه مسلم ومن يتصبر يصبره الله ومن يتصبر يصبره الله. لا تقل لن اصبر بل ان استعنت بالله افسينزل عليك الصبر بالمقدار المناسب. ليطمئن قلبك مهما كان حجم البلاء. قال الله تعالى ما اصاب من مصيبة الا باذنه لله ومن يؤمن بالله يهد قلبه. اي يهدي قلبه للخير والصبر والرضا عند المصيبة. لا تقل لن اصبر بل انظر الى هذا الحديث العظيم الذي يلخص حلقتنا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي صححه الالباني ان المعونة تأتي من الله على قدر المؤونة. وان الصبر يأتي من الله على قدر المصيبة ان المعونة تأتي من الله على قدر المؤونة على قدر التكليف وان الصبر يأتي من الله. لاحظوا يأتي الصبر من الله تعالى المعين ليس من جوانب نفسك الضعيفة. وان الصبر يأتي من الله وباي مقدار على قدر المصيبة بالمقدار المناسب. خلاصة الحلقة كل ما عليك فعله هو ان تتبرأ من حولك وقوتك ما لك الا الله فتستعين بالمعين وتصلح علاقتك به لتكسب معيته. وحينئذ فلا بلاء اكبر من اعانة المعين الله تعالى اعلم والى لقاء في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله