حتى لما قصرت بهم النفقة الحلال وعجزوا عن اقامة الكعبة على قواعدها كاملة اقاموا جزءا منها بالمال الحلال الذي تيسر له ثم اقاموا حائطا حاجزا عن الجزء الباقي الذي لم يبنى الى ان يرزقوا بمال حلال طيب يستكمل منه بناء هذا البيت مع تقديرنا لهذه المعاني كلها الا انه من حيث الحل والحرمة من حيث الصحة والبطلان لا حرج عند الحاجة السؤال الاول في هذه الحلقة سائل يقول انا مسئول عن مسجد في ولاية فيرجينيا في حاجة الى تصليحات وتوسيعات لهذا المسجد ومنطقتنا لا يوجد فيها كثير من المسلمين وهي تقريبا جالية فقيرة غالب من يريدون التبرع لهذا المسجد يحصلون على اموالهم من مصادر ليست مشروعة فهل يجوز لي طلب التبرع منهم واذا بادر احدهم بالمساعدة هل يجوز قبولها الجواب عن هذا مع تقديرنا الكامل لاهمية ان تبنى المساجد من اموال طيبة ومع استصحاب بناء تاريخيا الى ان المشركين قبل البعثة عندما ارادوا ان يعيدوا بناء الكعبة حرصوا وتواصوا على الا يدخل في بنائها درهم خبيث في طلب التبرعات لعمارة المساجد. من هؤلاء او من غيرهم لان ما حرم لكسبه ما حرم لم يكن محرما لذاته كالخمر والخنزير ولم يكن مسروقا ولا مغصوبا ولا منهوبا لا تتعدى حرمته الذمة الاولى التي اكتسبته الى الذمة الثانية التي انتقل اليها بطريق مشروع او بيع او ارث او نحوه نحن نتعامل مع غير المسلمين تنتقلوا اموالهم الينا بطريق مشروع ببيع وشراء ونحوه لا علاقة لنا بمصادر اموالهم حلالا كانت او حراما كل امرئ بما كسب رهين. كل نفس بما كسبت رهينة. لقد تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع اليهود في المدينة بيعا وشراء وقبل دعوتهم الى طعام وقد علم انهم يأخذون الربا وقد نهوا عنه ويأكلون اموال الناس بالباطل. فكل نفس بما كسبت رهينة. كل امرئ بما كسب رهين وله ما تولى وحسابه على الله. ايضا مسألة اخرى ان من قواعد الفقه ان نتبدل سبب الملك قائم مقام تبدل الذات او يعبر عن هذا المعنى بتعبير اخر اختلاف الاسباب بمنزلة اختلاف الاعيان اصل هذه القاعدة ما جاء في حديث هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم دخل على امنا عائشة يوما فقدمت له تمرا ليأكله وكان القدر يغلي من اللحم غيرها الا تجعلين لي نصيبا من هذا اللحم قالت له يا رسول الله هذا لحم قدم صدقة لبريرة فقال هو لها صدقة ولنا هدية. عندما قدمته لنا قدمته لنا هدية يعني عندما اخذناه من مالكه اخذناه على انه هدية وان كان اصله صدقة فهذا لا يضر بنا فدل هذا على ان تبدل الملك يوجب تبديلا في العين فاختلاف الاسباب بمنزلة اختلاف الاعياد اصحاب المكاسب الخبيثة اذا ارادوا ان يتوبوا. ماذا يفعلون بالمال؟ الذي ليس بمسروق ولا مغصوب ولا منهوب نقول لهم اشعلوا النار في هذا المال احرقوه في التنور؟ لا انما يتخلصون منه بتوجيهه الى المصارف العامة. عندما تستقبله المصارف العامة لا يكون مالا خبيثا في يدها انما الخبث يتعلق بالذمة الاولى. الحرمة تتعلق بالذمة الاولى فقط وبهذا تمضي يعني المعاملات بين العالم في سلاسة وسهولة ويسر والحمد لله على توسعته على عباده ورحمته بهم