يسر مشروع كبار العلماء بالكويت ان يقدموا لكم هذه المادة بسم الله الرحمن الرحيم ايها المستمع الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته قوله تعالى ثم انتم هؤلاء تقتلون انفسكم الاية يعني تقتلون اخوانكم ويبين ان ذلك هو المراد كثرة وروده كذلك في القرآن نحو قوله ولا تلمزوا انفسكم اي لا يلمز احدكم اخاه وقوله لولا اذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بانفسهم خيرا باخوانهم وقوله فاقتلوا انفسكم اي بان يقتل البريء من عبادة العجل من عبده منهم الى غير ذلك من الايات ويوضح هذا المعنى قوله صلى الله عليه وسلم ان مثل المؤمنين في تراحمهم وتوادهم كمثل الجسد الواحد اذا اصيب منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى قوله تعالى افتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض يتبين مما قبله ان البعض الذي امنوا به هو فداء الاسارى منهم والبعض الذي كفروا به هو اخراجهم من ديارهم وقتلهم ومظاهرة العدو عليهم وان كفروا بغير هذا من الكتاب وامنوا بغيره منه قوله تعالى واتينا عيسى ابن مريم البينات لم يبين هنا ما هذه البينات ولكنه بينها في مواضع اخر كقوله ورسولا الى بني اسرائيل اني قد جئتكم باية من ربكم اني اخلق لكم من الطين كهيئة الطير فانفخ فيه فيكون طيرا باذن الله وابرئ الاكمه والابرص واحيي الموتى باذن الله وانبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم الى غير ذلك من الايات قوله تعالى وايدناه بروح القدس هو جبريل على الاصح ويدل لذلك قوله تعالى نزل به الروح الامين الاية وقوله فارسلنا اليها روحنا الاية قوله تعالى ولقد جاءكم موسى بالبينات لم يبين هنا ما هذه البينات وبينها في مواضع اخر كقوله وارسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم. ايات مفصلات وقوله فالقى عصاه فاذا هي ثعبان مبين ونزع يده فاذا هي بيضاء للناظرين الاية وقوله فاوحينا الى موسى ان اظرب بعصاك البحر فانفلق. الاية الى غير ذلك من الايات وقوله تعالى خذوا ما اتيناكم بقوة واسمعوا قال بعض العلماء هو من السمع بمعنى الاجابة. ومنه قولهم سمعا وطاعة اي اجابة وطاعة ومنه سمع الله لمن حمده في الصلاة اي اجاب دعاء من حمده ويشهد لهذا المعنى قوله انما كان قول المؤمنين اذا دعوا الى الله ورسوله ليحكم بينهم ان يقولوا سمعنا واطعنا وهذا قول الجمهور وقيل ان المراد بقوله اسمعوا اي باذانكم ولا تمتنعوا من اصل الاستماع ويدل لهذا الوجه ان بعض الكفار ربما امتنع من اصل الاستماع خوف ان يسمع كلام الانبياء كما في قوله تعالى عن نوح مع قومه واني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا اصابعهم في اذانهم واستغشوا ثيابهم واصروا واستكبروا استكبارا وقوله عن قوم نبينا صلى الله عليه وسلم وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون وقوله واذا تتلى عليهم اياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسقون بالذين يتلون عليهم اياتنا وقوله قالوا سمعنا وعصينا لان السمع الذي لا ينافي العصيان هو السمع بالاذان دون السمع بمعنى الاجابة قوله تعالى يود احدهم لو يعمر الف سنة وما هو بمزحه من العذاب ان يعمر معنى الاية ان احد المذكورين يتمنى ان يعيش الف سنة وطول عمره لا يزحزحه اي لا يبعده عن العذاب والمصدر المنسبك من ان وصلتها في قوله ان يعمر فاعل اسم الفاعل الذي هو مزحزحه على اصح الاعاريب وفي لو من قوله لو يعمر وجهان الاول وهو قول الجمهور انها حرف مصدري وهي وسيلتها في تأويل مفعول به ليودوا. والمعنى يود احدهم ان يتمنى تعمير الف سنة ولو قد تكون حرفا مصدريا بقول قتيلة بنت الحارث ما كان ضرك لو مننت وربما من الفتى وهو المغيظ المحنق اي ما كان ضرك منك وقال بعض العلماء ان لو هنا هي الشرطية والجواب محذوف وتقديره لو يعمر الف سنة لكان ذلك احب شيء اليه وحذف جوابي لو مع دلالة المقام عليه واقع في القرآن وفي كلام العرب فمنه في القرآن قوله تعالى كلا لو تعلمون علم اليقين اي لو تعلمون علم اليقين لما الهاكم التكاثر وقوله ولو ان قرآنا سيرت به الجبال اي لكان هذا القرآن او لكفرتم بالرحمن ومنه في كلام العرب قول الشاعر فاقسم لو شيء اتانا رسوله سواك ولكن لم نجد لك مدفعا اي لو شيء اتانا رسوله سواك لدفعناه اذا عرفت معنى الاية فاعلم ان الله قد اوضح هذا المعنى مبينا ان الانسان لو متع ما متع من السنين ثم انقضى ذلك المتاع وجاءه العذاب ان ذلك المتاع الفائت لا ينفعه ولا يغني عنه شيئا بعد انقضائه وحلول العذاب محله وذلك في قوله افرأيت ان متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما اغنى عنهم ما كانوا يمتعون. وهذه هي اعظم اية في ازالة الداء العضال الذي هو طول الامل كفانا الله والمؤمنين شره قوله تعالى قل من كان عدوا لجبريل فانه نزله على قلبك باذن الله. الاية ظاهر هذه الاية ان جبريل القى القرآن في قلب النبي صلى الله عليه وسلم من غير سماع قراءة ونظيرها في ذلك قوله تعالى نزل به الروح الامين على قلبك. الاية ولكنه بين في مواضع اخر ان معنى ذلك ان الملك يقرأه عليه حتى يسمعه منه فتصل معانيه الى قلبه بعد سماعه وذلك هو معنى تنزيله على قلبه وذلك كما في قوله تعالى لا تحرك به لسانك لتعجل به ان علينا جمعه وقرآنه. فاذا قرأناه فاتبع قرآنه ثمان علينا بيانه وقوله ولا تعجل بالقرآن من قبل ان يقضى اليك وحيه. وقل رب زدني علما قوله تعالى اوكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم ذكر في هذه الاية ان اليهود كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم وصرح في موضع اخر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المعاهد لهم وانهم ينقضون عهدهم في كل مرة وذلك في قوله ان شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون وصرح في اية اخرى بانهم اهل خيانة. الا القليل منهم وذلك في قوله ولا تزال تطلع على خائنة منهم الا قليلا منهم نكتفي بهذا القدر والى لقاء قادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته