يسر مشروع كبار العلماء بالكويت ان يقدموا لكم هذه المادة بسم الله الرحمن الرحيم ايها المستمع الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نستكمل في هذه الحلقة الحديث عن حكم ميتة البحر قال المؤلف رحمه الله وقال البيهقي في السنن الكبرى في باب من كره اكل الطافي ما نصه اخبرنا ابو بكر ابن الحارث الفقيه انبأنا علي ابن عمر الحافظ حدثنا محمد بن ابراهيم بن فيروز حدثنا محمد بن اسماعيل الحساني حدثنا ابن نمير حدثنا عبيد الله بن عمر عن ابي الزبير عن جابر رضي الله عنه انه كان يقول ما ضرب به البحر او جزر عنه او صيد فيه فكل وما مات فيه ثم طفى فلا تأكل وبمعناه رواه ايوب السختياني وابن جريج وزهير بن معاوية حماد بن سلمة وغيرهم عن ابي الزبير عن جابر موقوفا وعبد الرزاق وعبد الله بن الوليد العدني وابو عاصم ومؤمل بن اسماعيل وغيرهم عن سفيان الثوري موقوفا وخالفهم ابو احمد الزبيدي رواه عن الثوري مرفوعا وهو واهم فيه اخبرنا ابو الحسن ابن عبدان انبأنا سليمان بن احمد اللخمي حدثنا علي ابن اسحاق الاصبهاني حدثنا نصر بن علي حدثنا ابو احمد الزبيدي حدثنا سفيان عن ابي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا طفى السمك على الماء فلا تأكله واذا جزر عنه البحر فكله وما كان على حافته فكله قال سليمان لم يرفع هذا الحديث عن سفيان الا ابو احمد ثم ذكر البيهقي بعد هذا الكلام حديث ابي داود الذي قدمنا والكلام الذي نقلناه عن النووي قال مقيده عفا الله عنه فتحصل ان حديث جابر بالنهي عن اكل السمك الطافي ذهب كثير من العلماء الى تضعيفه وعدم الاحتجاج به وحكى النووي اتفاق الحفاظ على ضعفه كما قدمنا عنه وحكموا بان وقفه على جابر اثبت واذا وهو قول صحابي معارض باقوال جماعة من الصحابة منهم ابو بكر الصديق رضي الله عنه وبالاية والحديث المتقدمين وقد يظهر للناظر ان صناعة علم الحديث والاصول لا تقتضي الحكم برد حديث جابر المذكور لان رفعه جاء من طرق متعددة وبعضها صحيح رواية ابي داوود له مرفوعا التي قدمنا ضعفوها بان في اسنادها يحيى بن سليم الطائفي وانه سيء الحفظ وقد رواه غيره مرفوعا مع ان يحيى ابن سليم المذكور من رجال البخاري ومسلم في صحيحيهما ورواية ابي احمد الزبيري له عن الثوري مرفوعا عند البيهقي والدار قطني ضعفوها انه واهم فيها قالوا خالفه فيها وكيع وغيره رووه عن الثوري موقوفا ومعلوم ان ابا احمد الزبيري المذكور وهو محمد بن عبدالله بن الزبير بن عمرو بن درهم الاسدي ثقة ثبت وان قال ابن حجر في التقريب انه قد يخطئ في حديث الثوري هاتان الروايتان برفعه تعبدان برواية بقية ابن الوليد له مرفوعا عند البيهقي وغيره وبقية المذكور من رجال مسلم في صحيحه وان تكلم فيه كثير من العلماء ويعتضد ذلك ايضا برواية عبدالعزيز بن ابن عبيد الله له عن وهب بن كيسان عن ابي الزبير عن جابر مرفوعا ورواية يحيى بن ابي انيسة له عن ابي الزبير عن جابر مرفوعا وان كان عبدالعزيز بن عبيد الله ويحيى بن ابي انيسة المذكوران ضعيفين لاعتضاد روايتهما برواية الثقة ويعتضد ذلك ايضا برواية ابن ابي ذئب له عن ابي الزبير عن جابر مرفوعا عند الترمذي وغيره الظاهر انه لا ينبغي ان يحكم على حديث جابر المذكور بانه غير ثابت لما رأيت من طرق الرفع التي روي بها وبعضها صحيح كرواية ابي احمد المذكورة والرفع زيادة وزيادة العدل مقبولة قال في مراقي السعود والرفع والوصل وزيد اللفظ مقبولة عند امام الحفظ الى اخره نعم لقائل ان يقول هو معارض بما هو اقوى منه بان عموم قوله تعالى احل لكم صيد البحر وطعامه وقوله صلى الله عليه وسلم في البحر هو الطهور ماؤه الحل ميتته اقوى من حديث جابر هذا ويؤيد ذلك اعتراضه بالقياس لانه لا فرق في القياس بين الطاف وغيره وقد يجاب عن هذا بانه لا يتعارض عام وخاص وحديث جابر بخصوص الطافي فهو مخصص لعموم ادلة الاباحة الدليل على كراهة اكل السمك الطافي لا يخلو من بعض قوة والله تعالى اعلم والمراد بالسمك الطافي هو الذي يموت في البحر فيطفو على وجه الماء وكل ما علا على وجه الماء ولم يرصد فيه تسميه العرب طافيا ومن ذلك قول عبد الله ابن رواحة رضي الله عنه وان العرش فوق الماء طاف وفوق العرش رب العالمين ويحكى في نوادر المجانين ان مجنونا مر به جماعة من بني راسب وجماعة من بني طفاوة يختصمون في غلام فقال لهم المجنون القوا الغلام في البحر فان رسب فهو من بني راسب وان طفا على وجهه فهو من بني طفاوة وقال البخاري في صحيحه باب قول الله تعالى احل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم. قال عمر صيده مسطيد وطعامه ما رمى به وقال ابو بكر الطافي حلال وقال ابن عباس طعامه ميتته الا ما قدرت منها والجري لا تأكله اليهود ونحن نأكله وقال شريح صاحب النبي صلى الله عليه وسلم كل شيء في البحر مذبوح وقال عطاء اما الطير فارى ان نذبحه وقال ابن جريج قلت لعطاء صيد الانهار وقلات السيل صيد بحر هو قال نعم ثم تلا هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح اجاج ومن كل تأكلون لحما طريا وركب الحسن على سرج من جلود كلاب الماء وقال الشعبي لو ان اهلي اكلوا الضفادع لاطعمتهم ولم يرى الحسن بالسلحفاة بأسا وقال ابن عباس كل من صيد البحر نصراني او يهودي او مجوسي وقال ابو الدرداء في المري ذبح الخمر النينان والشمس انتهى من البخاري بلفظه ومعلوم ان البخاري رحمه الله لا يعلق بصيغة الجزم الا ما كان صحيحا ثابتا عنده وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري في الكلام على هذه المعلقات التي ذكرها البخاري ما نصه قوله قال عمر هو ابن الخطاب صيده مسطيد وطعامه ما رمى به وصله المصنف في التاريخ وعبد ابن حميد من طريق عمر ابن ابي سلمة عن ابيه عن ابي هريرة قال لما قدمت البحرين سألني اهلها عما قذف البحر فامرتهم ان يأكلوه فلما قدمت على عمر فذكر القصة. قال فقال عمر قال الله تعالى في كتابه احل لكم صيد البحر وطعامه صيده معصيد وطعامه ما قذف به قوله وقال ابو بكر هو الصديق حلال وصله ابو بكر بن ابي شيبة والطحاوي والدارقطني من رواية عبد الملك ابن ابي بشير عن عكرمة عن ابن عباس قال اشهد على ابي بكر انه قال السمكة الطافية حلال ساد الطحاوي لمن اراد اكله واخرجه الدار قطني وكذا عبد بن حميد والطبري منها وفي بعضها اشهد على ابي بكر انه اكل السمك الطافية على الماء وللدارقطني من وجه اخر عن ابن عباس عن ابي بكر ان الله ذبح لكم ما في البحر فكلوه كله فانه ذكي نستكمل ما بقي في الحلقة القادمة والى اللقاء. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته