يسر مشروع كبار العلماء بالكويت ان يقدموا لكم هذه المادة بسم الله الرحمن الرحيم ايها المستمعون الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في هذه الحلقة وما يليها نمضي مع المؤلف رحمه الله في تفسير سورة الواقعة قال اجزل الله مثوبته قوله تعالى اذا وقعت الواقعة ليس لوقعتها كاذبة الذي يظهر لي صوابه ان اذا هنا هي الظرفية المضمنة معنى الشرط وان قوله الاتي اذا رجت الارض رجا بدل من قوله اذا وقعت الواقعة وان جواب اذا هو قوله فاصحاب الميمنة الايات وهذا هو اختيار ابي حيان خلافا لمن زعم انها مسلوبة معنى الشرط هنا وانها منصوبة باذكر مقدرة او انها مبتدأ وخلافا لمن زعم انها منصوبة بليس المذكورة بعدها والمعروف عند جمهور النحويين ان اذا ظرف مضمن معنى الشرط منصوب بجزائه وعليه فالمعنى اذا قامت القيامة وحصلت هذه الاحوال العظيمة ظهرت منزلة اصحاب الميمنة واصحاب المشأمة وقوله في هذه الاية الكريمة اذا وقعت الواقعة اي قامت القيامة الواقعة من اسماء القيامة الطامة والصاخة والازفة والقارعة وقد بين جل وعلا ان الواقعة هي القيامة في قوله فاذا نفخ في الصور نفخة واحدة وحملت الارض والجبال. فدكتا دكة واحدة فيومئذ وقعت الواقعة وانشقت السماء فهي يومئذ واهية وقوله تعالى في هذه الاية الكريمة ليس لوقعتها كاذبة فيه اوجه من التفسير معروفة عند العلماء كلها حق وبعضها يشهد له قرآن الوجه الاول ان قوله كاذبة مصدر جاء بصفة اسم الفاعل فالكاذبة بمعنى الكذب كالعافية بمعنى المعافاة والعاقبة بمعنى العقبى ومنه قوله تعالى عند جماعات من العلماء لا تسمع فيها لاغية قالوا معناه لا تسمع فيها لغوا وعلى هذا القول فالمعنى ليس لقيام القيامة كذب ولا تخلف بل هو امر واقع يقينا لا محالة ومن هذا المعنى قولهم حمل الفارس على قرنه فما كذب اي ما تأخر ولا تخلف ولا جبن ومنه قول زهير ليث يعثر يصطاد الرجال اذا ما كذب الليث عن اقرانه صدقة وهذا المعنى قد دلت عليه ايات كثيرة من كتاب الله كقوله تعالى الله لا اله الا هو ليجمعنكم الى يوم القيامة لا ريب فيه الاية وقوله تعالى وان الساعة اتية لا ريب فيها وقوله تعالى ربنا انك جامع الناس ليوم لا ريب فيه وقد قدمنا الايات الموضحة لهذا في سورة شورى الكلام على قوله تعالى وتنذر يوم الجم لا ريب فيه الوجه الثاني ان اللام في قوله لوقعتها ظرفية وكاذبة اسم فاعل صفة لمحذوف اي ليس في وقعة الواقعة نفس كاذبة بل جميع الناس يوم القيامة صادقون بالاعتراف بالقيامة مصدقون بها ليس فيهم نفس كاذبة بانكارها ولا مكذبة بها وهذا المعنى تشهد له في الجملة ايات من كتاب الله لقوله تعالى لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الاليم وقوله تعالى ولا يزال الذين كفروا في مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتة او يأتيهم عذاب يوم عقيم وقد قدمنا الايات الموضحة لهذا في سورة النمل الكلام على قوله تعالى بل ادارك علمهم في الاخرة. بل هم في شك منها بل هم منها عامون قال رحمه الله وباقي الاوجه قد يدل على معناه قرآن ولكنه لا يخلو من بعد عندي ولذا لم اذكره واقربها عندي الاول قوله تعالى خافضة رافعة خبر مبتدأ محذوف اي هي خافضة رافعة ومفعول كل من الوصفين محذوف قال بعض العلماء تقديره هي خافظة اقواما في دركات النار رافعة اقواما الى الدرجات العلى الى الجنة وهذا المعنى قد دلت عليه ايات كثيرة كقوله جل وعلا ان المنافقين في الدرك الاسفل من النار وقوله تعالى ومن يأتيه مؤمنا قد عمل الصالحات فاولئك لهم الدرجات العلى جنات عدن تجري من تحتها الانهار وقوله تعالى وللاخرة اكبر درجات واكبر تفضيلا والايات بمثل هذا كثيرة معلومة وقال بعض العلماء تقديره خافضة اقواما كانوا مرتفعين في الدنيا رافعة اقواما كانوا منخفضين في الدنيا وهذا المعنى تشهد له ايات من كتاب الله تعالى كقوله جل وعلا ان الذين اجرموا كانوا من الذين امنوا يضحكون واذا مروا بهم يتغامزون الى قوله فاليوم الذين امنوا من الكفار يضحكون على الارائك ينظرون الى غير ذلك من الايات وقال بعض العلماء تقديره خافضة بعض الاجرام التي كانت مرتفعة كالنجوم التي تسقط وتتناثر يوم القيامة وذلك خفض لها بعد ان كانت مرتفعة كما قال تعالى واذا الكواكب انتثرت وقال تعالى واذا النجوم انكدرت رافعة اي رافعة بعض الاجرام التي كانت منخفضة كالجبال التي ترفع من اماكنها وتسير بين السماء والارض كما قال الله جل وعلا ويوم نسير الجبال وترى الارض بارزة وقوله وترى الارض بارزة لانها لم يبقى على ظهرها شيء من الجبال وقال تعالى وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب وقد قدمنا ان التحقيق الذي دل عليه القرآن ان ذلك يوم القيامة وانها تسير بين السماء والارض السحاب الذي هو المزن وقد صرح تعالى بان الجبال تحمل هي والارض ايضا يوم القيامة وذلك في قوله جل وعلا فاذا نفخ في الصور نفخة واحدة وحملت الارض والجبال فدكتا دكة واحدة وعلى هذا القول فالمراد تعظيم شأن يوم القيامة وانه يختل فيه نظام العالم وعلى القولين الاولين فالمراد الترغيب والترهيب ليخاف الناس في الدنيا من اسباب الخفض في الاخرة فيطيع الله ويرغب في اسباب الرفع فيطيعوه ايضا قال رحمه الله وقد قدمنا مرارا ان الصواب في مثل هذا حمل الاية على شمولها للجميع وبهذا نأتي ايها المستمعون الكرام الى نهاية لقائنا هذا املا ان نلقاكم قريبا باذن الله وانتم بخير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته