يسر مشروع كبار العلماء بالكويت ان يقدموا لكم هذه المادة بسم الله الرحمن الرحيم ايها المستمعون الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نقرأ من تتمة اضواء البيان التي وضعها الشيخ عطية محمد سالم ونحن في هذا اللقاء نكمل بقية حديث المؤلف حول قول الله تعالى فلا اقسم بالشفق والليل وما وسق قال اثابه الله قوله تعالى والليل وما وسق هو الجمع والضم للشيء الكثير وقيل فيه معان اخرى لكن هذا هو ارجحها معنا هنا والليل وما جمعه من المخلوقات قيل كأنه اقسم بكل شيء كقوله تعالى فلا اقسم بما تبصرون وما لا تبصرون وقوله والقمر اذا اتسق اي اتسع اي تكامل نوره وهو افتعل من وسق والقاعدة الصرفية الفعلي المثالي اي الذي فاؤه واو اذا بني على افتعل تقلب الواو تاء وتدغم التاء في التاء كما في قوله وصلته فاتصل ووزنته فاتزن وهكذا هنا وقوله لتركبن طبقا عن طبق قال ابن جرير اختلف القراء في قراءته فقرأه عمر ابن الخطاب وابن مسعود واصحابه وابن عباس رضي الله عنهم وعامة قراء مكة والكوفة لتركبن بفتح التاء والباء واختلف قارئ ذلك في معناه وقال بعضهم يعني يا محمد ويعني حالات الترقي والعلو والشدائد مع القوم وهذا المعنى مروي عن مجاهد وابن عباس وقيل طبقا عن طبق يعني سماء بعد سماء اي طباق السماء وهو مروي عن الحسن وابي العالية ومسروق وعن ابن مسعود رضي الله عنه انها السماء تتغير احوالها وتتشقق بالغمام ثم تحمر كالمهل الى غير ذلك وقد رجح القراءة الاولى والمعنى الاول وقرأ عامة قراء المدينة وبعض اهل الكوفة لتركبن بالتاء وبضم الباء على وجه الخطاب للناس كافة وذكر المفسرون لمعناه حالا بعد حال معاني عديدة طفولة وشبابا وشيخوخة فقرا وغنى وقوة وضعفا حياة وموتا وبعثا رخاء وشدة الى كل ما تحتمله الكلمة وقال القرطبي الكل محتمل وكله مراد والذي يظهر والله تعالى اعلم ان ذلك انما هو بعامة الناس ويكون يوم القيامة السياق في اصول البعث اذا السماء انشقت واذا الارض مدت فاما من اوتي كتابه بيمينه ثم ذكر الحساب والمنقلب ثم التعبير بالمستقبل لتركبن ولو كان لامر الدنيا من تغير الاحوال لكان اولى به الحاضر او الماضي وان كان من المستقبل ما سيأتي من الزمن لكنه ليس بجديد اذ تقلب الاحوال في شأن الحياة امر مستقر في الاذهان ولا يحتاج الى مثل هذا الاسلوب اما امور الاخرة من بعث وحشر وعرض وميزان وصراط وتطاير كتب واختلاف احوال الناس باختلاف المواقف في عرصات القيامة فهي الحرية بالتنبيه عليها والتحذير منها والعمل لاجلها في كدحه الى ربه ولذا جاء بذلك وهو مشعر باستمرار حالة الانسان بعد الكدح الى حالات متعددة ودرجات متفاوتة ولو اعتبرنا حال المقسم به من حيث تطور الحال من شفق او اخر ضوء الشمس ثم ليل وما جمع وغطى بظلامه ثم قمر يبدأ هلالا الى اتساق نوره لكان انتقالا من تغير حركات الزمن الى تغير احوال الانسان قطعا وان القادر على ذلك في الدنيا قادر على ذلك في الاخرة قوله تعالى ان الذين امنوا وعملوا الصالحات لهم اجر غير ممنون قيل المن القطع والنقص ومنه قول الشاعر قهد تناثر شلوه غبس كواسب ما يمن طعامها القهد ضرب من الضأن تعلوه حمرة صغيرة في اذانه والكواسب الوحوش اي ذئاب او سباع لا ينقطع طعامها وقال القرطبي مننت الحبل اذا قطعته وسأل نافع ابن الازرق ابن عباس عنها فقال غير مقطوع وقال هل تعرف ذلك العرب قال نعم قد عرفه اخو يشكر حيث يقول فترى خلفهن من سرعة الرجع منينا كأنه اهباء قال المبرد المني الغبار لانها تقطعه وراءها وقيل غير ممنون اي غير ممنون به عليهم لتكمل النعمة عليهم وقال ابن جرير غير ممنون اي غير محسوب ولا منقوص وذكره عن ابن عباس ومجاهد وقال ابن كثير غير مقطوع كقوله جل وعلا عطاء غير مجدود ورد قول من قال انه غير ممنون به عليهم لان لله تعالى ان يمتن على عباده وهم ما دخلوا الجنة الا بفضل من الله ومنة عليهم منه انتهى ومما يشهد لقول ابن جرير غير محسوب عموم قول الله تعالى ان الله يرزق من يشاء بغير حساب وخصوص قوله تعالى ومن عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فاولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب وقوله تعالى جزاء من ربك عطاء حسابا فهو بمعنى كافيا من قولك حسبي بمعنى كافيني والذي يظهر والله تعالى اعلم ان كلا المعنيين مقصود ولا مانع من احدهما وما ذهب اليه ابن كثير لا يتعارض مع قول الاخرين لان الممنون الممنوع هو ما فيه اذى وتنقيص كما في قوله ثم لا يتبعون ما انفقوا منا ولا اذى اما المن من الله تعالى على عبده فهو عين الاكرام والزلفى اليه سبحانه والعلم عند الله تعالى ايها المستمعون الكرام بهذا نأتي الى نهاية لقائنا املا ان يتجدد اللقاء بيننا وانتم بخير. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته