السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد. وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد فان حديثنا هذا اليوم عن خلق كريم من احسن اخلاقه صلى الله عليه وسلم واشدها وضوحا في حياته العملية ومخالطته للناس. ذلكم الخلق هو خلق الحياء الحياء الذي هو مشتق من الحياة فان الحياء والحياة شعبتان من قضية واحدة. لقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم يمتاز بهذا الخلق الكريم بل انه جعله من مفردات الايمان واصوله ففي الحديث الصحيح الذي رواه الشيخان من حديث ابي هريرة رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الايمان بضع وسبعون شعبة. او قال بضع وستون شعبة. فاعلاها قول لا اله الا الله وادناها اماطة الاذى عن الطريق والحياء شعبة من الايمان وفيهما عن عمران ابن حصين رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الحياء لا يأتي الا بخير وقال الحياء كله خير وسمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يعظ اخاه في الحياة اي انه كان يلومه على استحيائه فقال دعه فان الحياء لا يأتي الا بخير ان الحياء ايها الاخوة الكرام ويا ايتها الاخوات الكريمات حالة قلبية تدل على حياة القلب وحركته وانفعاله وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم صادق المشاعر لقد كان وجهه الشريف بابي هو وامي وامي صلى الله عليه وسلم مرآة لقلبه كان وجهه الشريف مظهرا لجميع الانفعالات الانسانية الايمانية التي تعتمد في قلبه فهو اذا سر وفرح تهلل وجهه حتى كأنه مذهبة وكان اذا كره شيئا عرف اصحابه ذلك في وجهه. لم يكن صلى الله عليه وسلم فاقد التعبير لم يكن صلى الله عليه وسلم مسلوب الانطباعات كان يعرف الرائي من نظره الى وجهه ما يدور في قلبه وهذا دليل الصدق ولذلك جاء في الحديث انه صلى الله عليه وسلم كان اشد حياء من العذراء في خدرها. فاذا رأى شيئا يكرهه عرفناه في وجهه. متفق عليه هذا الحياء ليس منقصة ولكنه دليل حياة القلب وصدق المشاعر وانطباعاته تظهر في قسمات وجهه وتعابيره ومن حيائه صلى الله عليه وسلم ما جاء في حديث المعراج الطويل انه لما تردد بين ربه عز وجل وموسى وكان في كل آآ روحة يحط عنه خمس صلوات حتى الة النوبة الى خمس صلوات وطالبه موسى عليه السلام ان يسأل ربه ان يحط عنه اكثر قال استحييت من ربي فهو يستحي من ربه عز وجل هو الله احق ان كما انه صلى الله عليه وسلم كان يستحي من اصحابه وكان يفاوت بينهم في درجة الحياء بسبب ما عندهم هم من الحياء. فمن الناس من يكون على درجة من الحشمة والحياء سيعامل بنفس الدرجة روى الامام البخاري ومسلم رحمهما الله من حديث عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم كان مضطجعا في بيتها كاشفا عن فخذيه او ساقيه فاستأذن ابو بكر ثم عمر ثم وهو على حاله تلك فلما استأذن عثمان جلس وسوى وثيابه فلما سألت في ذلك قال اني استحي او قال الا استحي من رجل تستحي منه الملائكة فنبينا صلى الله عليه وسلم يرعى هذا الجانب ويلاحظ حال الناس ويعامل كل احد بما يليق به وبدرجته من الحياء كما روى الامام مسلم ايضا في قصة زواج النبي صلى الله عليه وسلم بزينب رضي الله عنها قال وبقيت طائفة منهم من ضيوفه في البيت فاطالوا الحديث تشاغلوا بالحديث ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليجبههم بذلك او يظهر التبرم والضيق فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يطيف على بيوت نسائه ويلقي عليهن السلام وعاد فوجدهم على حالهم فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحي من ان يقول لهم في ذلك شيئا حتى انزل الله تعالى اية الحجاب والحياء ايها الاخوة الكرام ويا ايتها الاخوات الكريمات صفة للرب عز وجل فان الله سبحانه وتعالى قد قال عن نفسه ان الله لا يستحي ان يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها والله تعالى حيي كريم ستير يستحي ان يرفع العبد اليه يديه يدعوه فيردهما صفرا خائبتين. كما ان الحياء من صفات الانبياء قبل قبل نبينا صلى الله عليه وسلم. ففي حديث الشفاعة الطويل ان الناس اذا انجفلوا الى ادم ثم الى ابراهيم ثم الى موسى ثم الى نوح ثم الى موسى وعيسى صلوات الله وسلامه. كل واحد منهم يذكر خطيئة ويقول لست هناك يستحي ان يشفع عند ربه عز وجل لما بدر منه من خطيئة واحدة نبينا صلى الله عليه وسلم قد مايز بين الحياء المستحب وبين الخجل الذي لا ينبغي فانه ليس من الحياء ليس من الحياء ان يقع الناس في كشف العورات فان ذلك مناف للحياء وقد قال الله سبحانه وتعالى في قصة الابوين مع الشيطان يا بني ادم قد انزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ونجد ان الله سبحانه وتعالى قد قرن بين السوءة الظاهرة بين انكشاف السوءة الظاهرة وانكشاف السورة السوءة الباطنة في هذه القصة مما يدل على ان الله فطر العباد على الحياء من كشف العورات وها نحن ايها الكرام ويا ايتها الكريمات نعيش في زمن حصل فيه من العري والتبجح وكشف العورات ما ينبئ عن فساد البواطن. اذ لو كان الحياء في القلوب لما وجدت هذه المظاهر من التفسخ والعري والتكشف مما تشمئز منه النفوس الكريمة وتأباه العقول السليمة ايها الكرام ليس من الحياء ما يقع من بعض الناس من جفاء في الخطاب واستعمال للعبارات النابية فقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم اذا سمع شيئا من ذلك اباه فلما كانت اليهود تأتي الى النبي صلى الله عليه وسلم وتقول السلام عليكم. كان يقول وعليكم وكانت عائشة رضي الله عنها تتنبه لمرادهم اذ كانوا يدعون بالسام اي الموت على النبي صلى الله عليه وسلم فتقول وعليكم السام واللعنة فكان النبي صلى الله عليه وسلم يأبى ذلك ويقول مه يا عائشة انما اقول لهم وعليكم ليس من الحياء ايضا ان يجبه الانسان اخاه بما يسوء. فقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم اذا رأى من احد من اصحابه شيئا كان يسر اليه من ينبهه عليه فقد جاء رجل من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مرة وعليه ثياب فيه فكره النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لكنه لم يجبه بهذا وانما اشار الى بعض اصحابه قال لو قلتم له ان يغير هذه الصفرة فلم يكن يجبها فلم يكن يجبه احدا من اصحابه بما يسوء ولاجل ذا قال النبي صلى الله عليه وسلم قولا عاما في هذه المسألة فقال ان مما ادرك الناس من كلام النبوة الاولى اذا لم تستحي فاصنع ما شئت اذا لم تستحي فاصنع ما شئت. ففي هذا تنفير من الافعال المنافية للحياء. وان من اطلق لنفسه العنان في القول والعمل دون ضابط فانه في الحقيقة قد فقد الحياء ولكن لا ينافي الحياء ان يسأل الانسان عما يستحى عنه لحاجة دينية ولهذا قيل اثنان لا يتعلمان مستح ومستكبر. وقد روى الامام البخاري عن عائشة رضي الله عنها تعليقا قال نعم النساء. نساء الانصار لم يمنعهن الحياء ان يتفقهن في الدين وذلك ان سليم جاءت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ان الله لا يستحيي من الحق فهل على المرأة من غسل اذا احتلمت قال النبي صلى الله عليه وسلم اذا رأت الماء اذا رأت الماء فلا ينافي الحياء ان تسأل المرأة عن امر دينها كما لا ينافي الحياة ان يسأل الرجل ايضا عن امر دينه. ولهذا قال علي ابن ابي طالب رضي الله عنه كنت امرأ مذائا اي كثير الامداء فامر بعض اصحابه ان يسأل النبي صلى الله عليه وسلم ان يسأله عن حكم ذلك فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال فيه الوضوء متفق عليه ولا ينافي الحياء ان تعرض المرأة نفسها على الرجل الصالح. فقد ثبت في صحيح البخاري ان امرأة اتت النبي صلى الله عليه سلم فقالت يا رسول الله الك في حاجة تعرض نفسها عليه صلى الله عليه وسلم فقالت ابنة انس ما اقل حيائها واسوأتاه وسوءتاه فقال النبي صلى الله عليه وسلم هي خير منك رغبت في النبي صلى الله عليه وسلم تعرض عليه نفسها اننا ايها الاخوة والاخوات نعيش في زمن تمادى فيه اهل العري والتفسخ خلعوا جلباب الحياء حتى باتت تلك سمة بارزة في بلادهم ثم انتقل هذا الداء الى فناء المسلمين وصار كثير من المسلمين وللاسف يتساهل في اللباس فبتنا نرى من بعض نساء المؤمنين من يتساهلن في اللباس القصير والعاري والمشقوق والشفاف وبعضهم يتساهل هذا في هذا في بناته ونسائه فيؤدي ذلك الى ان ينشأ المجتمع على هذه النشأة ما احوجنا ان نتمثل هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الخلق الكريم وان نقوي جانب الحياء في نفوسنا فانه اذا قوي الحياء قوي القلب فحياة القلب تكون بالحياء. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين