قال اي ربي ما ادنى اهل الجنة منزلة قال الله جل وعلا هو رجل يجيء بعدما ادخل اهل الجنة الجنة هذا اخر واحد يخرج من النار ويدخل الجنة اخر واحد الحمد لله الكريم الرحمن نحمده سبحانه رفع شأن الجنان وجعل الفردوس فوق العنان. اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ذو الفضل والاحسان. واشهد ان محمدا عبده ورسوله سيد ولد عدنان صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن سار على نهجه واقتفى اثره. الى يوم يقوم الناس للديان. اما بعد فايها الاخوة الاحبة ان دارنا التي كنا فيها وجاهد ابليس ووسوس وقاسم حتى اخرجنا منها هي الجنة وهي التي كنا فيها وان ابليس لم ييأس. ولن ييأس يحاول ليس فقط حاول في اخراجنا بل يحاول الا نرجع اليها ولكن ولكن الله جل وعلا بمنه وجوده وكرمه ارسل الرسل مبشرين ومنذرين وانزل معهم الكتاب وبين لهم ما اعد لهم من فضل وجود وكرم واحسان. كل ذلك حتى ترتفع الهمم عن الدنيا الدنية وتعلو الهمم وتتعلق بالجنان العلية ولذلك يقول الله جل وعلا مخبرا عن حال اهل الجنة ولكل درجات مما عملوا ودرجات ليست درجة واحدة بل هي درجات بحسب اعمالهم لا يكون فيه اهل الشر مثل اهل الخير. ولا يكون فيه اهل الصلاح مثل اهل الطلاح. ولا يكون في اهل التقى مثل اهل الفسق الله جل وعلا اكرم من ذلك واجل. افنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون. فلا لا شك ان الله سبحانه وتعالى الذي وعد الثواب والجنة. وجعل اهل الجنة كلهم مشتركين في ابحي الا انه سبحانه وتعالى فرق بين منازلهم فروقا عظيمة كبيرة جليلة فان بينهم من الفرق ما لا يعلمه الا الله. مع انهم كلهم قد رضوا بما اتاهم مولاهم وهم يحسب كل واحد منهم انه في نعمة وعافية. لكن الفردوس الاعلى جعلني الله واياكم من اهلها التي اعدها الله للمقربين من عباده. وللمصطفين من خلقه واهل الصفوة من اهل وداده ان الذين امنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا. خالدين فيها لا يبغون عنها حولا. امنوا عملوا الصالحات وانما اتى بصيغة الماضي امنوا وعملوا. كناية ودلالة على لزوم الايمان كأنه امر ثابت متقرر كالماضي الذي تقرر وثبت. فاذا ثبت الايمان وتقرر في القلب والعمل واصبحت سجية في العبد. فانه يكون من اهل جنان الفردوس خالدين فيها لا يبغون عنها حولا. امنوا بقلوبهم وعملوا الصالحات بجوارحهم. وشمل هذا الوصف عملوا عملوا جميع امور الدين. والمراد بالجنات في هذه الاية. وجنة الفردوس جاءت في ايتين في كتاب الله في سورة الكهف وفي سورة المؤمنين. والمراد بجنات الفردوس اعلى الجنة كما جاء تفسير ذلك من نبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه. واوسط الجنة وافضل الجنة. وهذا الثواب لمن كمل مع الايمان والعمل الصالح انه حصل التقوى. ويحتمل ان يراد بالفردوس جميع منازل الجنان فان الجنان كما ذكر ذلك ربنا جل وعلا في كتابه وكما بينه نبينا صلى الله عليه واله وسلم جنة المأوى وجنة النعيم وجنة عدن وجنة الفردوس. لكنما الفردوس في اوسطها والجنان الاخرى حولها والفردوس اعلاها رفعة وما حولها دون ذلك. فيحتمل في قوله ان الذين امنوا وعملوا الصالحات اولئك امنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا احتمل ان يكون المقصود بالفردوس المعنى اللغوي. لان الفردوس في اللغة العربية الاشجار الكثيفة الملتفة العالية فيشمل هذا الثواب كل طبقات اهل الايمان من المقربين والابرار والمقتصدين ولكن الصواب من ذلك ان الفردوس ها هنا مقصود به امرا خاصا المقصود بالفردوس ها هنا امر خاص فان في الفردوس نعيم القلوب والارواح والابدان وفيها ما تشتهيه انفسه وتلذ الاعين من المنازل الانيقة. والرياض الناظرة والاشجار المثمرة والطيور المغردة المشجية والمآكل اللذيذة والمشارب الشهية والنساء الحسان والخدم والولدان والانهار السارحة مناظر الرائقة والجمال الحسي والمعنوي. وفوق ذلك كله النعم دائمة وفوق ذلك كله رضا الله جل وعلا على العباد مستقر جعلني الله واياكم من اهل الفردوس وقوله جل وعلا في هذه الاية خالدين فيها نعمة بعد نعمة. فان هذا من تمام النعيم ان النعم فيها لا تعد وفوق ذلك لا تنفد. فنعم الجنة لا تعد من حيث الرقم. ولا تنفد من حيث الزمان. فاي اجل من هذه ان تكون في النعم غير محصورة عدا وغير مقطوعة زمانا وهذا من معاني قوله تعالى لا مقطوعة ولا ممنوعة. وقوله جل وعلا ايضا لا يبغون عنها حولا دليل على ان اهل الجنان مستقرين فيها. ما من انسان في الدنيا الا ويتمنى التحول الملك يتمنى لو يملك اكبر من هذا. ومن ملك عشر سنين يتمنى لو يملك عشرين سنة. ومن ملك جبلا من ذهب لو يملك جبلين من ذهب ونتأمل هذا الشيء العجيب ان اهل الجنة لا يبغون عنها حولا. لا تحولا ولا انتقالا لانهم لا يرون الا ما يعجبهم ويبهجهم ويسرهم ويفرحهم ولا يرون نعيما فوق ما هم فيه. فلذلك تنقطع عنهم المرادات التي فيها التحولات والله جل وعلا بين كيف ننال هذا الفردوس قد افلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون. يا اهل الايمان من اراد منكم الجنان وعلى وجه الاخص الفردوس الذي هو في العنان فلا بد ان يتصف بهذه الصفات التي جاءت في سورة المؤمنين. الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون. والذين هم لفروجهم حافظون الا على ازواجهم او ما ملكت ايمانهم فانهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فاولئك هم العادون. والذين هم لاماناتهم وعهدهم راعون والذين هم بشهاداتهم قائمون والذين هم على صلاتهم صلواتهم قراءتان يحافظون اولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون. وهذا تنويه من الله تبارك وتعالى بذكر عباده المؤمنين وذكر فلاحهم وسعادتهم وباي شيء وصلوا ذلك؟ وفي ظل ذلك كالحث على الاتصاف بهذه الاوصاف الجميلة والترغيب في الجنة. فليزن العبد نفسه وغيره على هذه الايات يعرف بذلك ما معه وما مع غيره من الايمان زيادة ونقصا كثرة وقلة ويعرف اين مقامه غدا اولئك هم الوارثون اي الموصوفون بتلكم الصفات العظيمة الجليلة هم الوارثون الذين يرثون الفردوس على الجنة واوسط الجنة فهم حلوا في هذه الدنيا بحلل الايمان فكان الجزاء من جنس العمل امل ان الله جل وعلا حلاهم من جنان الفردوس عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من امن بالله وبرسوله واقام الصلاة وصام رمضان كان حقا على الله ان يدخله الجنة جاهد في سبيل الله او جلس في ارضه. التي ولد فيها وفي رواية للبخاري هاجر او جلس في ارضه التي ولد فيها فقالوا يا رسول الله افلا نبشر الناس قال ان في الجنة مئة درجة اعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والارض فاذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس فانه اعلى الجنة واوسط الجنة. وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر انهار الجنة. اربع صفات عظيمة لهذه الجنة تأمل اوساط الجنة واعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن وفي حديثنا ان النبي صلى الله عليه اشار بيده هكذا وقال كالقبة ومنه تفجر الانهار لان انهار الجنة تفجر من تحت العرش هذا الحديث رواه البخاري وعن قتادة ابن دعامة السدوسي قال حدثنا انس بن مالك رضي الله عنه ان الربيع بنت البراء وهي عمته وهي ام حارثة ابن سراقة اتت النبي صلى الله عليه واله وسلم فقالت يا نبي الله الا تحدثني وكان قتل يوم بدر اصابه سهم غرب فان كان في الجنة صبرت هي التي تقول وان كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء يعني يتضرع الى الله حتى الله ينقذه هذه امرأة صالحة والله. فقال صلى الله عليه وسلم يا ام حارثة انها جنان في الجنة. وان ابنك اصاب الفردوس الاعلى. رواه البخاري وعن ثابت عن انس رضي الله عنه قال لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم جعل يتغشاه يعني يغشى عليه فقالت فاطمة رضي الله تعالى عنها واكرب اباه فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم ليس على ابيك كرب بعد اليوم فلما مات قالت يا ابتاه اجاب ربا دعاه يا ابتاه من جنة الفردوس مأواه. يا ابتاه الى جبريل ننعاه فدل على ان الفردوس منازل للنبيين وعلى رأسهم سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه يا فوز من كان مع محمد صلوات الله وسلامه عليه. الحديث رواه البخاري وعن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الجنة مئة درجة ما بين كل درجتين كما ما بين الارض والسماء الفردوس اعلاها درجة. ومنها تفجر انهار الجنة الاربعة. ومن فوقها يكون العرش فاذا سألتم الله فسلوه الفردوس رواه الترمذي وعن عبد الله ابن مغفل رضي الله تعالى عنه قال انه رضي الله تعالى عنه انه سمع ابنا له يقول اللهم اني اسألك الفردوس وكذا وكذا طبعا ما بعد الفردوس شيء. فقوله بعد الفردوس كذا وكذا. لا يصلح. ولذا قال عبد الله بن مغفل. فقال يا بني سل الله الجنة يكفيك انك تقول اللهم اسألك الجنة يكفيك انك تقول اللهم اني اسألك الفردوس فقال يا بني سليمان الجنة وتعوذ بالله من النار فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يكون في هذه الامة قوم تدون في الدعاء والطهور. رواه الامام احمد. فليس بعد آآ الفردوس غاية. اذا سألت الله بوجهه الا تسأل الا الفردوس اذا سألتم لا تسألوا بوجه الله الا الجنة. وفي رواية الا الفردوس وهذا يدلنا على ان الله جل وعلا عظيم ووجهه دائم فلا يناسب ان نسأل بالدائم والعظيم الا ما هو دائم بدوام الله الذي دومها وجميل بجمال الله الذي جملها وهو الفردوس جعلني الله واياكم من اهل الفردوس وعن عبد الله بن قيس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال جنان الفردوس اربع ثنتان من ذهب حليتهما وانيتهما وما فيهما وسنتان من فضة انيتهما وحليتهما وما فيهما اليس بين القوم وبين ان ينظروا الى ربهم عز وجل الا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن وهذه الانهار تشخب من جنة عدن ثم تصدع بعد ذلك انهارا. رواه الامام احمد بسند لا بأس به وكل واحد يتمنى ان يكون من اهل الفردوس لكن الجنان لا تنال بالاماني وانما تنال بالايمان والاعمال الصالحة والدعاء. لذلك النبي صلى الله عليه واله وسلم اشار الى الدعاء بقوله اذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس. علق قلبك بالشيء العالي ليش تصير همتك دنية؟ الله جل وعلا لا ينقصه شيء. اسأل من فضلك يعطيك سبحانه وتعالى. قال الحسن ابن محمد ابن الحنفية قال تعصي الاله وانت تظهر تظهر حبه عار عليك اذا فعلت شنيع لو كان انا حبك لو كان حبك صادقا لاطاته ان المحب لمن احب مطيع. ما ظر ما كانت الفردوس منزله ما كان في العيش من بؤس واقتار تراه يمشي حزينا خائفا شعثا الى المساجد يسعى بين اطماري وعن المغيرة ابن شعبة رضي الله تعالى عنه قال سأل موسى ربه عن مغيرة ابن شعبة رضي الله تعالى عنه مرفوعا قال سأل موسى ربه فيقال له ادخل الجنة فيقول اي ربي كيف؟ وقد نزل الناس منازلهم واخذوا اخذاتهم تصور انه خلاص امتلأت الجنة فيقول الله جل وعلا اترضى ان يكون لك مثل ملك من ملوك الدنيا؟ فيقول رضيت ربي فيقول لك كذلك لك ذلك ومثله ومثله ومثله ومثله. فيقول الرجل في الخامسة اي رب رضيت يقول الله جل وعلا له هذا لك وعشرة امثاله ولك ما اشتهت نفسك ولذت عينك فيقول رضيت ربي هنا وقف موسى. فقال اي ربي تعجب اذا كان هذا ادنى اهل الجنة. فقالا ربي فما اعلى اهل الجنة فاعلاهم منزلة ماذا اعددت اي ربي فاعلاهم منزلة فقال يا الله جل وعلا يا موسى اولئك الذين اردت غرست كرامتهم بيدي او بيدي لا اله الا الله شيء عجيب اولئك اردت غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها فلم تر عين قط ولم تسمع اذن ولم يخطر على قلب بشر قال المغيرة ومصداقه في كتاب الله عز وجل فلا تعلم نفس ما اخفي هم من قرة اعين جزاء بما كانوا يعملون. رواه الامام مسلم رحمه الله تبارك وتعالى. والله اسأل ان يرزقنا واياكم الفردوس وان يجعلنا من اهل الفردوس ولكن ايها الاخوة هذه الدنيا دار عمل فان كان الانسان قد اعد وقدم لداره فانه ينال. الا ترى ان الرجل الغريب اذا صار غريبا وفي بنيته العودة الى وطنه. والله مهما مكث سيرجع. المهم العزم الاكيد والنية الصادقة اهو العمل الجاد فمن كانت نيته متعلقة بالفردوس فانه ينال رضا الله جل وعلا ويدخل في في دار كرامته ويدخل في رحمة الله سبحانه وتعالى. لان تعلق القلب بهذه الامور الشرعية يعني في حد ذاته سببا من اسباب النجاة. اسأل الله جل وعلا ان يرزقنا واياكم الفردوس. وصلي اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين والحمد لله رب العالمين