ذلك ادنى الا ترتابوا ذلك ادنى الا يحدث بينكم نزاع وخصومة ولذلك امرنا بالكتابة ثانيا من وسائل منع المنازعات منع حدوثها الاشهاد واشهدوا ذوي عدل منكم فالشهادة ايضا تحفظ الحق ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اما بعد فان اصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار عباد الله لقد فطر الله النفوس على محبة المال وتحبون المال حبا جما ومن طبائع هذه النفوس الشح والاستئثار وان يكون النصيب الاوفر لها ومن هنا جاءت الشريعة بالتذكير بالحقوق وجاءت باجراءات لفض النزاعات المالية فان الله تعالى قد علم انه سيكون بين العباد منازعات ومن كمال هذه الشريعة انها تحفظ الحقوق وانها تدعو الى العدل وانها تعالج المشكلات وانها تأتي بالاجراءات المانعة من وقوع الشر قبل ان يحدث وكذلك بسرعة رفعه اذا حدث والتخفيف من اثاره وهناك اجراءات جاءت في الشريعة لدرء المنازعات المالية ومعالجتها ومن ذلك الكتابة كما قال الله تعالى في اطول اية في القرآن يا ايها الذين امنوا اذا تداينتم بدين الى اجل مسمى فاكتبوه وامر بها وحث عليها ورغب فيها ولا تسأموا ان تكتبوا صغيرا او كبيرا ان تكتبوه صغيرا او كبيرا الى اجره. لماذا وتقيمه لصاحبه ثالثا جاءت الشريعة ايضا بحفظ الحقوق بالرهون فان لم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة فاذا عجز عن اداء الحق الذي عليه بيع هذا الرهن باذن القاضي فسدد الحق لصاحبه ويعاد الباقي لصاحب الرهن واذا بقي عليه شيء فهو في ذمته رابعا القرعة فان النبي صلى الله عليه وسلم في مواضع قد ارشد اليها في حل النزاعات وهي مذكورة في كتاب الله كما في قوله تعالى فساهم فكان من المدحضين والمساهمة هنا الاقتراع ووقع السهم عليه. وكذلك في قوله عز وجل وما كنت لديهم اذ يلقون اقلامهم ايهم يكفل مريم والقاء الاقلام هو اقتراع فيكفلها من خرجت في حصته وفي سهمه وفي نصيبه وقد اوصى رجل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم قبل ان يموت بعتق عبيده الستة ولم يكن له مال غيرهم وهنا لا تنفذ الوصية الا في الثلث فقط كما هو معلوم فكيف سيعين الاثنان من هؤلاء الستة اللذان سيعتقان ليذهب بقية الاربعة الى الورثة ماذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم لقد قسمهم الى ثلاث مجموعات بكل مجموعة اثنان ثم امر بالقرعة فالتي خرجت القرعة لها اعتقها اي المجموعة هذان الاثنان عتق والباقي الى الورثة وهكذا لما جاءه اخوان يتنازعان في ارث بينهما قد اندرست معالمه اي ذهبت واضمحلت فوعظهما النبي صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة وان الحاكم يأتي اليه الخصمان ولعل احدهما الحن بحجته من الاخر فيقضي له على نحو ما يسمع ولكن هذا القضاء لا يجعل المال المقضي به حلالا اذا كان في الحقيقة لغير المقضي له لان القاضي يحكم بالظاهر فانما اقطع له قطعة من نار فبكى الرجلان من هذه الموعظة وجعل كل واحد منهما ما له للاخر فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك امرهما ان يستهما ويتحللا وهكذا اذا اختلف ورثة في عقارات مثلا فتقسم بحسب عددهم وانصبتهم فاذا تماثلوا قسمت الى مجموعات متقاربة ثم ضربت بينهم القرعة فيأخذ كل واحد ما وقع له اذا لم يتفقوا على شيء فتقسم الى مجموعات متقاربة في القيمة وتظرب القرعة وهكذا تكون هذه وسيلة من وسائل فض المنازعات وايضا من تلك الوسائل البينة البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه اذا انكره ولهذه اصول بالقضاء والشرع والنبي صلى الله عليه وسلم ورهب في شهادة الزور وحذر من اليمين الغموس وهكذا تكون البينات والايمان في احكام عجيبة جاءت بها الشريعة ولولا هذا لادعى اناس دماء قوم واموالهم ومن الوسائل كذلك المانعة للنزاعات المالية تحديد الثمن في البيع والاجرة في الاجارة وهذا شرط اساسي لصحة البيع وصحة الاجارة فلا يصح بيع بثمن مجهول ولا تصح اجارة باجرة مجهولة وترى كثيرا ممن يستأجرون اجراء سواء كانوا عمالا لبناء او حمل او سيارة اجرة ونحو ذلك فيسأل كم الاجرة فيقولون لا نختلف وما تعطينا اياه ما يأتينا منك طيب ثم يختلفون في الغالب لماذا لانهم لم يحددوا الاجرة قبل الشروع في العمل والشرع يقضي على المنازعات ويسد ابواب الخصومات ولذلك كان لابد من تحديد الثمن في البيع وتحديد الاجرة قبل البدء في العمل ومن الوسائل ايضا ان الشريعة منعت الرجوع في الهبة وصورت العائدة في هبته بصورة غاية في السوء فقال عليه الصلاة والسلام العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه فنفر من ذلك غاية التنفير لان الرجوع في الحقيقة من اسباب المنازعات فاذا وهب وقبض الموهوب له فلا عودة الا الوالد فيما وهب ولده وذلك ان الوالد قد يحابي احد اولاده بعطية دون الاخرين فيقال له يلزمك شرعا اما ان تسحب الهبة من الذي اعطيته واما ان تعطي الاخرين مثله فقد لا يكون عنده قدرة او رغبة في اعطاء الاخرين مثله فلا يبقى الا سحب الهبة وكذلك من الوسائل الشرعية في فض المنازعات المالية وهو اصل عظيم وباب كبير من الفضائل الصلح رغب الله تعالى فيه ايما ترغيب وحث عليه والصلح خير وبين انه من اسباب الرحمة فاصلحوا بين اخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون وكذلك فان المصلح بين الطرفين بمنزلة اعلى من قائم الليل وصائم النهار نافلة وكذلك فان من فعله ابتغاء وجه الله له اجر عظيم لا خير في كثير من نجواهم الا من امر بصدقة او معروف او اصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه اجرا عظيما واصلحوا بين اخويكم وهذا الصلح فالمنا في المنازعات المالية قد يكون بين وارثين او شريكين او مستأجر واجير وصاحب عمل وعامل وقد يكون بين مقرض ومقترض وهكذا فالصلح اجتماع النفوس على شيء واتفاقها عليه كمخرج من النزاع وهو عبادة عظيمة تحقن بها الدماء وتصان بها الاموال وتطيب بها النفوس وتدفع بها الشحناء وتطيب بها الاموال لمن اصطلح هذا الصلح عمل به النبي صلى الله عليه وسلم واشار به فقد جاء كعب بن ما لك وابن ابي حدرد الى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يختصمان في دين للاول على الثاني فكشف النبي صلى الله عليه وسلم ستار حجرته وناداي كعبا واشار ان يضع النصف بيده اشار عليه ان يضع النصف بيده فقال لبيك وسمعا وطاعة يا رسول الله ثم قال لابن ابي حدرد قم فاقضه واشار الحاكم بالصلح ورضي كعب وامر الاخر بقضاء الباقي وكذلك لما جاءت امرأة ثابت ابن قيس تشكوه وتقول لا اطيقه وكان قد اعطاها حديقة يعني بستانا فقال النبي صلى الله عليه وسلم اتردين عليه حديقته ولما كان الامر قد بلغ عندها ما يربو على ذلك اجابت بالايجاب فقال عليه الصلاة والسلام للزوج اقبل الحديقة وطلقها تطليقة اقبل الحديقة وطلقها تطليقه وهكذا انتهت العلاقة بهذا الصلح والصلح قد يكون صلح حطيطة بان يحط احد الطرفين من حقه ليقضي الاخر الباقي وقد يكون صلحا عظيما على تنازل كلي فاذا تنازل له فانها صدقة عظيمة كما ذكر الله وان كان ذو عسرة فنظرة الى ميسرة وهذا نوع من الصلح وهو صلح الانذار وان تصدقوا هذا خير خير لكم يا عباد الله تصدقوا ببعضه تصدقوا بكله صلح تنازل وقد يكون صلح معاوضة كأن يكون اتلف له شيئا فيصطلحان على قيمة للمتلف وقد يكون صلح تخارج ان يختلف الورثة في عقار يختلفا وارثان في عقار فيترك احدهما نصيبه للاخر مقابل قيمة يصطلحان عليها فهذا صلح تخارج يخرج بموجبه احدهما للاخر عباد الله لا شك ان هذا الدين عظيم وهذا الشرع متين وهذه الاجراءات وغيرها اعلى بكثير مما جعلته البشرية من القوانين فهي وغيرها وما يتفرع عنها فيه الصلاح والفلاح والسعادة للبشر اللهم اجعلنا ممن يؤدون حقوقك وحقوق عبادك يا رب العالمين اجعلنا من القائمين بالحق وبه يعدلون اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وشفائها وذهاب غمومنا وهمومنا يا رب العالمين اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم الحمد لله وسبحان الله والله اكبر واشهد ان لا اله الا الله ولي الصالحين واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله امام المتقين وقائد الغر المحجلين والشافعي المشفع يوم الدين اللهم صل وسلم على عبدك ونبيك امامنا وقدوتنا واسوتنا وسيدنا محمد بن عبدالله وعلى اله وذريته الطيبين وخلفائه واصحابه الميامين وازواجه والتابعين لهم باحسان الى يوم الدين عباد الله لقد اظلكم شهر عظيم وهو احد الاشهر الاربعة ان عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا يعني قمريا يوم خلق السماوات والارض فهذا شيء قديم عند الله قبل ان نعرف نحن اسماءها انها عند الله بمكان. منها اربعة حرم ذلك الدين القيم فانتبهوا ذلك الدين القيم فتمشوا بموجب ذلك ذلك الدين القيم ماذا نفعل؟ قال فلا تظلموا فيهن انفسكم فان المعصية في الشهر الحرام اشد من غيره هي ثلاث متوالية ذو القعدة وذو الحجة والمحرم وواحد بينه وبينها فاصل رجب الذي نحن فيه الان والترجيب في لغة العرب التعظيم. وكان اهل الجاهلية يعظمونه ويتركون القتال فيه ويتركون الثأر فيه قد جاء الشرع بالقتال في سبيل الله وجمهور العلماء على نسخ قوله تعالى يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه وقال بعض العلماء انه ليس بمنسوخ لكن في قتال الدفع يدفع المسلمون واذا بدأ المسلمون القتال قبل الشهر الحرام فاقتضت المصلحة الاستمرار استمروا لكن لا يبتدئون فيه وجمهورهم على جواز ذلك اذا اقتضته مصلحة الشرع عباد الله هذا شهر عظيم والاعمال الصالحة تضاعف وكذلك السيئات تعظم في الزمن الفاضل والمكان الفاضل ولكن ليس لنا ان نخترع فضائل ما انزل الله بها من سلطان. ولا دليل عليها لان الله تعالى هو الذي له حق التحديد هذا له فضل في زمن كذا ومكان كذا وحال كذا. وليس التحديد الينا ورجب من جهة الصلوات والقيام والصيام والصدقة ليس له مزية على غيره من جهة العموم فمن كان يصوم البيض في غيره صام فيه من كان يصوم يوما ويفطر يوما في غيره صام فيه. من كان يقوم الليل في غيره قاما فيه وهكذا وقدومه يذكر بقرب رمضان ولذلك فاننا نسأل الله تعالى ان يبلغنا رمضان ونسأله ان يجعلنا في خير وعافية وامن وايمان انه رحيم رحمن. اللهم اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في امرنا. اللهم اغفر لنا اجمعين ولوالدينا وللمؤمنين يوم يقوم الاشهاد يوم الدين اللهم استر عيوبنا واقض ديوننا واهد ضالنا وارحم موتانا واشف مرضانا واجمع على الحق كلمتنا. اللهم اجعل بلدنا امنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين. اللهم من اراد ايماننا وعقيدتنا وتوحيدنا وامننا بسوء فاشغله بنفسه. ورد كيده في نحره اللهم امنا في الاوطان والدور واصلح الائمة وولاة الامور واغفر لنا يا عزيز يا غفور. اللهم اغث اخواننا المستضعفين اللهم اغث اخواننا المستضعفين. اللهم اغث اخواننا المستضعفين والله يا اخواني ان القلب يتفطر ونحن نرى صورهم يقتلون في البر ثم يهربون في البحر فيخدعهم اولئك القوم يأخذون الاجرة وينسحبون ويتركون القارب بما فيه فتسحب جثث الاطفال من الماء والله انها كربة عظيمة ونحن نرى اخواننا يموتون في البر وفي البحر. اللهم لا كاشف للبلوى غيرك فاكشف ما نزل بهم من ضر يا رب العالمين اللهم عليك باعداء الدين وبمن اخرج اخواننا من ديارهم اللهم رد اخواننا الى ديارهم سالمين اللهم لا تفرق جمعنا هذا الا بذنب مغفور وعمل مبرور وسعي متقبل مشكور ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي عظة لعلكم تذكرون فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم. ولذكر الله اكبر والله يعلم ما تصنعون