الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ وليد بن راشد السعيدان حفظه الله يقدم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يقول السائل كيف نجمع بين حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي نهى فيه عن سب الاموات فقال لا تسبوا الاموات وبين حديث الجنازة المعروف فاثنوا عليها والحمد لله رب العالمين المتقرر عند العلماء انه ليس ثمة تعارض حقيقي بين الادلة الشرعية الصحيحة. وانما قد يثور في ذهن الناظر في الدليل شيء من التعارض فحينئذ نسمي هذا التعارض الذي ثار في ذهن الناظر والمجتهد تعارض ظاهري نسبي عربي. اما قولنا ظاهري يعني انه في ذات الامر وحقيقته ليس ليس هناك تعارض وانما التعارض في الظاهر فقط اي فيما يراه المجتهد. واما قولنا نسبي يعني انه يعتبر من من الامور المتعارضة عند هذا المجتهد الا انه من الامور الظاهرة الواضحة عند المجتهد الاخر. فهو تعارض بالنسبة الى هذا المجتهد فقط لكنه ليس تعارضا عاما لكل المجتهدين. فليس هناك دليلان لا لا يستطيع احد من علماء الامة ان يفك التعارض فيها. وانما التعارض يكون نسبيا بالنظر الى بعض المجتهدين دون غيرهم. واما قولنا عرضي فنعني به انه يعرض ويزول بالتعلم هذا دليل على انه ليس تعارضا ذاتيا. لانه لو كان تعارضا ذاتيا بين الادلة لما زال مطلقا. لكنه يعرض للمجتهد عروضا وبعد التعلم وسؤال اهل العلم وكشف الشبهة وازالة الاشكال يزول هذا الذي عرظ في ذهنه فاذا هو تعارض ظاهري نسبي عرضي. ومما يفرع على هذه القاعدة ما ذكره وفقه الله من كيفية الجمع بين حديثين ظاهرهما التعارف. ففي صحيح الامام البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها قالت قال النبي صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الاموات فانهم قد افضوا الى ما قدموا فهنا ينهى النبي صلى الله عليه وسلم عن سب الاموات. بينما نجد حديثا اخر وهو في الصحيح ايضا ان جنازة مرت على الناس والنبي صلى الله عليه وسلم معهم فاثنوا عليها خيرا فقال وجبت ثم مرت جنازة اخرى. فاثنوا عليها شرا فقالوا وجبت ولم ينهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ثناء الشر. مع ان ثناء الشر ظاهره انه سب لهذا الميت فكيف حديث ينهى فيه النبي صلى الله عليه وسلم عن سب الميت وحديث يقر فيه النبي صلى الله عليه وسلم من سب الاموات هذا هو الاشكال. والجواب عن ذلك ان نقول لقد اختلفت انظار اهل العلم رحمهم الله تعالى في وجه الجمع وازالة الاشكال بين هذه الاحاديث. واقرب الاقوال عندي ان شاء الله تعالى ان نجمع بينهما بقاعدة العمومي والخصوص. فاما قاعدة العموم فاما قوله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الاموات فهو نهي عام يدخل فيه سب الاموات بعد موتهم مباشرة ويدخل فيه سب الاموات بعد تكفينهم بعد تغسيلهم وتكفينهم ويدخل فيه سب الاموات بعد الصلاة عليهم ويدخل فيه سب الاموات في حال مرور الجنازة على المسلمين ويدخل فيه سب الاموات بعد الدفن ويدخل فيه سب الاموات فيما بعد الدفن من الازمنة. فكل هذه الاحوال والاوقات ينهى فيها عن سب الميت لان قوله لا تسبوا هذا عام ومطلق في جميع الاحوال والاوقات واما قوله فاثنوا عليها شرا هذا دليل خاص. فيجوز اذا مرت الجنازة واثنى الناس عليها خيرا اذا كانت من اهل الخير في الدنيا او اثنوا عليها شرا اذا كانت من اهل الشر في الدنيا فهذه الحالة مخصوصة من النهي عن سب الاموات اذا مرت جنازة رجل كان معروفا بالشر في الدنيا. وبالمعاصي والذنوب ثم اذنى الناس عليها شرا في هذه الحالة فانه لا حرج عليهم لان الدليل الذي ينهى عن سب الاموات عام مخصوص به هذه الحالة. فاولات قرروا عند العلماء ان العام يبنى على الخاص لانه لا تعارض بين عام وخاص. ولكن لا يجوز ان يستمر ثناء الشر بعد الدفن على هذا الرجل وانما الواجب السكوت عنه لان الدليل انما اجاز الثناء على من كان معروفا بالشر بما كان معروفا به حال مرور الجنازة على المسلمين فقط. فاذا النهي عن سب الاموات نهي عام يخص منه ذكر حال الميت في الدنيا من خير او شر حال مرور الجنازة. ولا تعارض بين عم وخاص ولله والمنة ومن اهل العلم من جمع جمعا اخر. وهو ان قوله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الاموات ان الالف واللام الداخلة على الاموات ليست هي الاستغراقية وانما هي ال العهدية. يعني لا تسبوا الاموات من اهل الاسلام واما قوله فاثنوا عليها شرا انما هي في جنازة المنافقين او في جنازة اه احد من اليهود او في جنازة احد من الكفرة فاثنى الناس عليها شرا فقالوا وجبت. فاذا يحمل النهي عن سب الاموات على اموات المسلمين الذين لم يظهر عليهم نفاق في حياتهم. ولا ردة ولا ما يوجب الثناء عليهم بالشر قوله فاثنوا عليها شرا على تلك الجنازة التي عرف صاحبها بالنفاق او عرف بارتكابه لما يوجب ردته وعن دينه وعلى كل حال فليس هناك تعارض بين الدليلين ولله الحمد والمنة الا ان نفسي تطمئن الى الجمع الاول اكثر من اطمئنان هذا الجمع الثاني وان كان له وجه من النظر لكن الاول كانه الاقرب وهو الجمع بينهما بقاعدة العموم والخصوص والله اعلم