قال الامام النووي رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين الحديث الثاني عشرون عن ابي محمد عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال قال رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم اربعون خصلة اعداها منيحة العنز ما من عامل يعمل بخصلة منها رجاء ثوابها موعودها الا ادخله الله به الجنة. رواه البخاري. الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد هذا الحديث حديث ابي محمد عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما بين فيه النبي صلى الله عليه وسلم تعدد ابواب الخير وكثرة طرق البر وفرة صنوف الصالحات التي يصل بها الانسان الى مرضاة الله عز وجل ويدرك بها دخول الجنة الجنة هي دار النعيم الكامل وقد جعل الله تعالى لبلوغها وتحصيلها اعمالا اعظم ذلك توحيده من قال لا اله الا الله دخل الجنة ومن كان اخر كلامه من الدنيا لا اله الا الله دخل الجنة وجعل من الاعمال الواجبات ما يكون موجبا لدخول الجنة من الصلاة والزكاة والصوم والحج ثم من فضله وواسع كرمه ان جعل من اسباب دخول الجنة اعمالا كثيرة من التطوعات والمستحبات قال النبي صلى الله عليه وسلم اربعون خصلة اي عملا من الاعمال وصفة من الصفات اعلاها منيحة العنز يعني اعلاها من حيث المرتبة والمنزلة في استحقاق الثواب والاجر وادراك الفضل المرتب على تلك الخصال منيحة العنز ومنيحة العنز اي ان يمنح الانسان غيره عنزا يشرب من من حليبها ولبنها فالعنز هي انثى الماعز ومنحتها هي ان يهبها لمن ينتفع بها دون تمليك يعني يعطيه عنز يقول اشرب من حليبه يشرب من لبنها وهي لمالكها يوم يومين اسبوع اسبوعين على حسب ما يفتح الله تعالى عليه منيحة العنز طالت المدة او قصرت ومنه ايضا من يد مما يدخل في منيحة العنز ان يمنحه لبنة لان من ناحية العنز الغرض منه اللبن والحليب فاذا وفر عليه ذلك بان اهداه حليبا او لبنا من من ماشية عنده كان ذلك داخلا في قوله صلى الله عليه وسلم اعلاها منيحة العنز وذكر العنز لسهولة القيام عليها بخلاف البقر وبخلاف الابل فان القيام عليهما فيه من المشقة ما ليس في من العنز وفي كل الاحوال منيحة كل ما له لبن يدر من عنز او بقر او او نوق كله يدخل في هذه الفضيلة التي ذكر اعلاها منيحة العنز. ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم سوى هذا العمل فذكر اعلاه وابهم بقية الخصال الاربعين. فبقي من الخصال تسع وثلاثون خصلة لم يذكرها النبي صلى الله عليه وسلم. يقول في مجموع هذه الخصال ما من عامل يعمل بهن ان يعملوا بشيء من هذه الخصال رجاء ثوابها يعني يطمع في ادراك ما رتبه الله تعالى من الاجر على العمل وتصديق موعودها يعني موقن بان ما اخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من الثواب والاجر حاصل لمن عمل به. وهذا معنى الايمان والاحتساب فالتصديق هو الاحتساب هو الايمان ورجاء الثواب هو الاحتساب في قول النبي صلى الله عليه وسلم من صام رمضان ايمانا واحتسابا يعني تصديق الموعود رجاء الثواب. يقول صلى الله عليه وسلم رجاء ثوابها وتصديق موعودها الا ادخله الله الجنة واذا نظرت هذا العمل اليسير منيحة العنز بيسرها وسهولتها لا سيما على اصحاب المواشي وهذا الاجر العظيم المرتب عليه علمت عظيم فظل الله عز وجل وان دخول الجنة ليس بالعمل انما هو برحمة الله وفضله وان الله تعالى يطلب منا هذه الاعمال ويندبنا اليها لا لانها موجبة لهذا الفضل العظيم والثواب الجزيل. لكنها دليل التصديق وبرهان الايمان. وهي موجبة فضل الكريم المنان جل في علاه. فينبغي ان يجد العبد في بذل كل باب من ابواب الخير وطرق كل سبيل من سبل البر محتسبا الاجر رجاء الثواب وموقنا بحصول الاجر محققا تصديق الموعود. والله لا يخلف الميعاد وقال حسان بن عطية الراوي عن احد رواة هذا الحديث فالحديث من طريقه حسن بن عطية عن ابي كبشة السلولي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه يقول فعددنا من الخصال فلم نبلغ خمسة خمسة عشرة خصلة رد السلام وتشميت العاطس واماطة الاذى. ذكر عدد يعني انهم تدارسوا فيما بينهم الخصال التي ابهمها النبي صلى الله عليه وسلم فبلغوا خمس عشرة خصلة وهذا اجتهاد منهم. والا فالخصال كثيرة اطعام الطعام من ذلك اعانة الانسان في حمل متاعه في قضاء حاجته في تشميت العاطس في رد السلام اعمال عديدة هو في اكرام الجار بر الوالدين آآ وعد من ذلك ما لا حصر له في الصدقات والصالحات التي تدخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم اربعون خصلة ما من عامل يعمل بهن رجاء ثوابها وتصديق موعودها الا ادخله الله الجنة فلنجد ولنجتهد يا اخواني في الصالحات هذه الدنيا مزرعة وهي ميدان سباق البصير العاقل الذي يدرك هذا المعنى فيجد في كل ابواب الخير المتاحة له ولا يقتصر على عمل ولا يقتصر على باب بل ما تيسر له من البر سبق اليه فهي فرص ومنح وهبات من الله عز وجل ما جاء في طريقك من الصالحات لا تفوته بل خذه واحتسب الاجر عند الله. في رجاء الثواب وايقن بان الله لا يضيع عمل عامل من ذكر او انثى. اسأل الله ان يستعملنا واياكم بطاعته وان يجعلنا واياكم من اولياءه وان يجعلنا من حزبه المفلحين وعباده الصالحين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد