يقول المصنف رحمه الله تعالى عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كل امتي يدخلون الجنة الا من ابى قيل ومن يأبى يا رسول الله قال من اطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد ابى رواه البخاري. الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين من نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد. هذا الحديث الشريف حديث ابي هريرة رضي الله تعالى عنه فيه بشارة ونذارة فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول كل امتي يدخلون الجنة والمراد بالامة هنا هم من اجاب النبي صلى الله عليه وسلم الى ما دعا اليه من الايمان بالله والايمان برسله على نحو ما جاء به في دين الاسلام فالامة هنا امة الاجابة كل امتي اي جميع من اجابني الى ما دعوته اليه فان جزاؤه الجنة. وهذا بيان عظيم الاجر والفظل المرتب على اجابة النبي صلى الله عليه وسلم الدخول فيما جاء به من الهدى ودين الحق صلى الله عليه وسلم. كل امتي يدخلون الجنة بشارة الا من ابى. وهنا نذارة اي الا من لم يستجب فالاباء هو عدم الاستجابة تقول ابيت كذا اي رفضته ولم اقبله ولم اجبه ثم لما كان الاباء او المرفوض عدم المستجاب له مجهولا لما كان عدم المستجاب له مجهولا قالوا يا رسول الله ومن يأبى اي من الذي يصدق عليه انه ابى فاجابهم النبي صلى الله عليه وسلم بجواب موجز مختصر يبين من ابى ومن فاز بالرضا. فقال صلى الله عليه وسلم من اطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد ابى من اطاعني اي من استجاب وقبل وانقاد لما جئت به فالطاعة تتضمن القبول والانقياد لما جاء به صلى الله عليه وعلى اله وسلم فانه لا يكون مستجيبا ولا طائعا الا من قبل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم واستجاب له بالانقياد لما دعاه اليه من الهدى ودين الحق. كما قال تعالى يا ايها الذين امنوا استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم لما يحييكم فالاية فالاية الكريمة بينت ان الواجب على كل مؤمن ان يستجيب لله ولرسوله وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم من اطاعني دخل الجنة فجزاؤه وثواب دخول الجنة وهذا يشمل كل من اطاعه صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من الهدى ودين الحق في العقائد واعمال القلوب وفي الجوارح وما يكون من الشرائع والاحكام فانقادت فانقاد قلبه فرضي قلبه واسلم قلبه لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم واعتقده واسلم وجهه وجوارحه انقيادا للنبي صلى الله عليه وسلم فيما امر به وفيما نهى عنه. هذه هي الطاعة التي يستوجب بها دخول الجنة على وجه الكمال. ودخول الجنة بالنسبة من امن بالنبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم على مرتبتين. المرتبة الاولى دخول الجنة بلا عذاب ولا حساب. وهؤلاء فئة بينهم النبي صلى الله عليه وسلم وهم من كمل الايمان في قلبه والانقياد في عمله و هناك من اهل الايمان من هو دون ذلك ممن له سيئات ذنوب خالف فيها امر النبي صلى الله عليه وسلم فهؤلاء على درجتين. الدرجة الاولى او على مرتبتين او حالين. الدرجة الاولى من رجحت حسناته على سيئاته. فهذا يدخل الجنة والمرتبة الثانية والحالة الثانية ممن اطاع النبي صلى الله عليه وسلم في الجملة وخالفه في بعض ما امر به هو استوت حسناته وسيئاته او رجحت سيئاته على حسناته. فهذا لا يدخل الجنة ابتداء الا ان يتوب الله تعالى عليه ويتجاوز عنه ويعفو عنه. فذاك فضل الله يؤتيه من يشاء. والا فانه من استوت حسناته سيئاته او رجحت سيئاته على حسناته عوقب بقدر ما معه من سيء العمل ثم بعد ذلك يؤول مآل يكون مآله الى الجنة. هذا النوع الاول ممن آآ ابى وهو من كان اباؤه جزئيا اما الاباء الكلي بعدم قبول ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فهذا يجعلنا نفسر قوله صلى الله عليه وسلم كل ام بامة الدعوة فامة الدعوة هم كل من خاطبهم النبي صلى الله عليه وسلم برسالته من الناس سواء كانوا من اهل الكتاب او من غيرهم فهؤلاء اذا اجابوا النبي صلى الله عليه وسلم الى التوحيد وما دعاهم اليه دخلوا الجنة على نحو التقسيم السابق واما من لم يجب النبي صلى الله عليه وسلم وعصاه فهذا قد ابى ومآله النار لكنها نار تختلف عن نار العصاة واصحاب السيئات من المخالفات مع وجود التوحيد والقيام قبول ما جاء به سيد الانام صلى الله عليه وسلم. فهؤلاء نارهم نار مؤقتة. اما من ابى الدخول في الدين ولم يستجب للنبي صلى الله عليه وسلم فان ابائه يفضي به الى دخول نار الخلود التي لا خروج منها. نعوذ بالله من الخسران. وهم الذين ذكر الله تعالى تأبيد عقوبتهم في النار. في قوله تعالى في سورة النساء ان الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا الا طريق جهنم خالدين فيها ابدا. وكان ذلك على الله يسيرا وفي سورة الاحزاب قال الله تعالى ان ان الله لعن الكافرين واعد لهم سعيرا. خالدين فيها ابدا لا يجدون ولا نصيرا وفي سورة الجن قال تعالى الا بلاغا من الله ورسالاته ومن يعص الله ورسوله يدخله نارا خالدا فيها وكان ذلك على الله يسيرا. هذه المواضع الثلاث التي ذكر الله تعالى فيها التأبيد اهل النار ممن لم يجيبوا النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقبلوا ما جاء به من الهدى ودين الحق فينبغي للمؤمن ان يجد وان يجتهد في طاعة رسول الله ما استطاع الى ذلك سبيلا. فان طاعته تهديء الى الرشد طاعته توجب النجاح طاعته تفضي الى الفوز طاعته سعادة الدنيا والاخرة طاعته هدى كما قال تعالى وايه كما قال تعالى ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما. اللهم بلغنا هذا الفوز واسمك بنا سبيل الرشاد واعنا على طاعتك وطاعة واعدنا من معصيتك ومعصية رسولك. وصلى الله وسلم على نبينا محمد