نقل المصنف رحمه الله تعالى عن معاذ رضي الله عنه قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ان تأتي قوما من اهل الكتاب فادعهم الى شهادة ان لا اله الا الله واني رسول الله. فانهم اطاعوك لذلك فاعلمهم ان الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة. فانهم اطاعوك لذلك فاعلمهم ان الله قد افترظ عليهم صدقة تؤخذ من اغنيائهم فترد على فقرائهم فانهم اطاعوك لذلك فاياك جرائم اموالهم واتق دعوة المظلوم فانه ليس بينها وبين الله حجاب متفق عليه الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فهذا الحديث الشريف في الصحيحين من خبر معاذ رضي الله تعالى عنه في ارسال النبي صلى الله عليه وسلم له الى اليمن داعيا ومبينا ونذيرا انا رضي الله تعالى عنه من فقهاء الصحابة وجلتهم وعلمائهم فبعثه النبي صلى الله عليه وسلم وبين له ما ينبغي ان يعتني به في تبصيره ودعوته الى الاسلام فاول ما بدأ قال انك تأتي قوما من اهل الكتاب يعني اليهود او النصارى والغالب هم اليهود ثم بين وكذلك النصارى في جنوب الجزيرة كان لهم وجود في زمن النبي صلى الله عليه وسلم بين لهما يدعوهم اليه فقال فليكن اول ما تدعوهم اليه شهادة ان لا اله شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله وذلك ان اول ما يطلب من المكلف الاقرار بهذا التوحيد توحيد الله بالعبادة والافراد بالنبي صلى الله عليه وسلم بالاتباع فاشهد ان لا اله الا الله افراد لله عبادة فلا يعبد سواه واشهد ان محمدا رسول الله فلا يعبد الا بما جاء به لا يعبد الله عز وجل الا بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وعلى هذين الاصلين تقوم الديانة ولذلك قال فانهم اطاعوك لذلك فاول ما يطلب من المكلف هو شهادة هو هاتان الشهادتان. ثم بعد ذلك يبنى عليهما سائر المطلوبات من الفرائض والشرائع تعلمهم ان الله افترض عليهم خمس صلوات وهي المكتوبات الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء فانهم اطاعوك لذلك فاعلمهم ان الله افترض عليهم صدقة وهي الزكاة تسمى صدقة كما قال تعالى خذ من اموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها خذ من يقول صلى الله عليه وسلم فعلمهم ان الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من اغنيائهم فترد وترد في فقرائهم وبين بهذا ان الصدقة تكون في المال على من كان له مال وان هذا وهو الغني ثمان هذا يعود نفعه الى الفقراء من اهل الاسلام او من اهل البلد فقوله فقرائهم اي فقراء البلد او فقراء اهل الاسلام على قولين عند اهل العلم بعد ذلك نبهه الى ما يتعلق بالاموال والا يجحف باصحابها فقال واتق واياك وكرائم اي احذر ان تخص اشرف المال واطيبه واحبه وانفعه للناس بالاخذ بل خذ الوسط فلا يؤخذ الاعلى ولا يقبل الادنى بل واجب هو ما كان متوسطا بين العلو والدنو ولذلك قال واتق واياك وكرائم اموالهم. ثم بين له خطورة التعدي على الناس في اموالهم فقال واتقي دعوة المظلوم بعد ان ذكر صيانة الاموال من الاعتداء وكذلك الدماء وكذلك الاعراض كل مما ينبغي ان يتقى ويحذر ويتجنب لان لا يقع الانسان في الظلم بين له عظيم عاقبة الظلم خيبة من تورط فيه قال واتقي دعوة المظلوم المظلوم قد لا يملك شيئا يدفع به عن نفسه الظلم لا قوة ولا جائة لكنه يملك دعاء وسؤالا لمن بيده الملك. ولذلك ذكر اقوى اسلحة المظلومين الدعاء واتقي دعوة المظلوم والمظلوم سواء كان مظلوما في دم او كان مظلوما في مال او كان مظلوما في عرض والسياق جاء في سياق الاموال لكن الحديث العبرة بعمومه يشمل كل مظلوم مسلما كان او كافرا برا كان او فاجرا واتق دعوة المظلوم. وقد جاء النص بذلك في عدة احاديث منها حديث ابي هريرة في المسند باسناد جيد ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يستجاب دعوة دعوة المظلوم مستجابة ولو كان فاجرا ففجوره على نفسه يعني فجوره يجني عاقبته ولكن لا يمنع اجابة الله عز وجل. واتق دعوة المظلوم. احذرها وخافها وكيف يكون ذلك بتجنب فانك ان سلمت من الظلم لم يدع عليك لكن ان وقعت وتورطت في ظلم في مال او في دم او في عرض فلا تأمن الدعاء وهو في موضع اجابة واتق دعوة المظلوم فانه ليس بينها وبين الله حجاب قوله فانه ليس بينها وبين الله حجاب يفيد معنيين المعنى الاول انها لا ترد لان الحجاب يفيد الرد اذا وضع الانسان بينه وبين الناس حجاب رده كما يوضع الحجاب على اصحاب السلطة واصحاب المكانة والمنزلة ليمنعوا الناس عنهم فانه ليس بينها وبين الله حجاب فلا ترد والثاني انها لا تظيع تسمع فان الحجاب يمنع من السماع ولكن دعوة المظلوم تسمع وتجاب ولهذا قوله فانه ليس بينها وبين الله حجابا فهدهتين الفائدتين عدم الرد والاجابة. وقد جاء بيان هذا في حديث اخر عند المسند عند عند الامام احمد باسناد جيد ان النبي صلى الله عليه وسلم قال في الثلاثة الذين تستجاب دعوتهم قال ودعوة المظلوم. فان الله يرفعها فوق الغمام الغمام السحاب. وتفتح او وتفتح او لها ابواب السماء تفتح لها ابواب السماء ايذانا بالاجابة ولكنه يعلم ان الاجابة لا يعني ان تكون قريبة الحصول فكم من مظلوم فكم من ظالم يؤخر عقوبته كما جاء في حديث ابي موسى الاشعري قال صلى الله عليه وسلم ان الله يملي للظالم يعطيه ويمهله ويمد له بانواع المدد حتى اذا اخذه لم يفلته فمعنى الاجابة لا يعني المعاجلة بالعقوبة بالظرورة انما يعني انها لا تضيع ولذلك قال اتق دعوة دعوة المظلوم فانه ليس بينها وبين الله حجاب. وفي الحديث الاخر قال صلى الله وسلم الظلم ظلمات يوم القيامة. فعاقبتها وخيمة على الانسان في الدنيا وفي الاخرة ولا يعني التعجيل بحلول العقوبات ونزول المكروهات. ولذلك المقتول فات حقه لكنه يأتي يوم القيامة يأخذ بتلابيب من قتله واوداجه تشخب دما يقول ربي سل هذا فيما قتلني. الله اكبر في يوم لا درهم ولا دينار انما هي الاعمال ولهذا يا اخواني ينبغي للانسان ان يجد غاية جهده في ان يسلم من الظلم بكل اوجهه ومن قصد ذلك صادقا اعانه الله ان يجنبه الظلم. ولو وقع منه زلل او خلل او سهو اعانه الله على البراءة من حقوق العباد بخلاف الذي يتبع الظلم ظلما ويعقب الشر شرا والتعدي عدوانا فانه لن يسلم سيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون. اللهم اجعلنا من عبادك المتقين وحزبك المفلحين واوليائك الصالحين يا رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد