بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد قال الامام النووي رحمه والله تعالى في كتابه رياض الصالحين في باب اليقين والتوكل عن ابن عباس رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول اللهم لك اسلمت وبك امنت وعليك توكلت اليك انبت وبك خاصمت. اللهم اعوذ بعزتك لا اله الا انت لا اله الا انت ان تضلني انت الحي الذي لا تموت انت الحي الذي لا تموت والجن والانس يموتون متفق عليه وهذا لفظ مسلم واختصره البخاري. الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فهذا الحديث حديث عبد الله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في الصحيحين وهو بعظ ما كان يقوله النبي صلى الله عليه وسلم بافتتاح صلاة الليل اللهم انت نور السماوات والارض ومن فيهن اللهم انت قيام السماوات والارض ومن فيهن الى اخر الدعاء وفي اثنائه في رواية مسلم كان يقول صلى الله عليه وسلم اللهم لك اسلمت اللهم يعني يا الله لك اسلمت ان قدت لك اتبعت امرك والاسلام في مثل هذا السياق يتعلق بالعمل الظاهر. لان لانه عطف عليه الايمان فقال اللهم لك اسلمت وبك امنت اي وبك اقررت وصدقت تصديقا جازما لا ريب فيه ولا شك فيكون الاسلام فيما يتعلق بالعمل الظاهر والايمان فيما يتعلق بعمل القلب وبه يكمل حال الانسان اللهم لك اسلمت وبك امنت ثم بعد ذلك ذكر ثمرة الانقياد حكم الله عز وجل وثمرة الايمان به قال وعليك توكلت اي فوضت الامر صدقت في الاعتماد والتوكل عليك في كل ما اطلبه من تحصيل مرغوب او الامن من مرغوب وهذا يدل على ان التوكل ثمرة الايمان فكلما ازداد الانسان ايمانا زاد توكلا على الله عز وجل واليك انبت اي رجعت وذلك ان الانسان قد يحصل منه عثرة قد يحصل منه تقصير قد يحصل منه غفلة فيحتاج الى دوام الاوبة والرجوع والانابة اليه سبحانه وتعالى. فقال واليك انبت اي في حال حصول شيء من القصور او التقصير فاني اليك منيب واليك انبت اي رجعت بالتوبة والاستغفار ولزوم الايمان والاسلام والتوكل عليك وبك خاصمت اي بما تفتحه من الحجج اخاصم من يخاصمني في ديني او فيما هو من حقوقك فالمخاصمة ليس بحولي ولا بقوة انما بعونك وتسديدك وهدايتك وتوفيقك والانسان لا يخلو من خصام في هذه الدنيا لان الخصوم متنوعون فمنهم من يخاصمك في دينك ومنهم من يخاصمك في دنياك على اختلاف مراتب درجات الخصومة ولهذا كان الانسان محتاجا الى عون الله في دفع ما يكرهه من شأن الخصوم ولا يمكن ان يسلم ويستقيم له حاله الا بان يكون مخاصما بالله ومن خاصم بالله لم حدوده ومن خاصم بالله كفي من كل ما اهمه في شأن من خاصمه واعتدى عليه بعد هذه الامور الخمسة اللهم لك اسلمت وبك امنت وعليك توكلت واليك انبت وبك خاصمت جاء السؤال والطلب اعوذ بعزتك لا اله الا انت اعوذ بعزتك اي احتمي واعتصم والتجأ اليك متوسلا بعزتك والعزة هي الغلبة والقوة والظهور والقدرة فهي صفة تجمع صفات العظمة والامتناع والقدرة والغلبة اعوذ بعزتك لا اله الا انت توسل بالتوحيد اي مقرا بانه لا معبود حق سواك فما هو المطلوب ان تضلني اعوذ بعزتك احتمي بعزتك ان اقع في شيء من الضلال والظلال هو الهلاك والضياع والذهاب عن الحق والهدى وهو نوعان ظلال بعدم العلم وظلال بعدم العمل عدم العلم ظلال وعدم العمل بالعلم ظلال وكلاهما مما استعاذ منه النبي صلى الله عليه وسلم في هذا دعاء متوسلة الى الله بعزته ومعتصما ومتوسل اليه بتوحيده ان تضلني اي ان اقع في شيء من الضلال او ان اتورط في شيء من الانحراف الذي يخرجني عن الصراط المستقيم بعد الاقرار بما تقدم من الاعمال الجليلة العائدة الى العبادة والانابة والاستعانة والتوكل جاء الطلب ثم عاد متوسلة الى الله عز وجل مظهرة الافتقار اليه فقال اعوذ بعزتك لا اله الا انت ان تظلني انت الحي الذي لا يموت الحي الذي لا يموت فلا يسأل سواه ولا يلجأ الى غيره طيب وسائر الخلق؟ قال والجن والانس يموتون وذكر موت الجن والانس لاجل يتم اعتقاد الانسان انه لا حول له ولا قوة الا بالله. وانه لا يمكن ان يدرك ما يؤمل الا بلجأه الى الله واعتصامه مهيبة وتوكله عليه هذا الدعاء النبوي تضمن توسل الى الله عز وجل بالعمل ثم بعد ذلك جاء الطلب توسل الى الله بالعمل حيث اقر له بالاسلام له والايمان به والتوكل عليه والانابة اليه والمخاصمة به كل هذه اعمال توسل بها بين سؤاله بين يدي سؤاله وطلبه فقال اعوذ بعزتك لا اله الا انت توسل بصفاته والهيته ان تضلني وعاد الى تمام اظهار تمام الافتقار الى الله بقوله انت الحي الذي لا يموت والجن والانس يموتون. ومن يموت لا يلجأ اليه في تحصيل مطلوب اذ هو فقير عاجز مقهور مربوط انما يلجأ الى الحي القيوم الذي هو قائم على كل نفس بما كسبت والخلاصة ان هذا الذكر العظيم وهذا الدعاء الجليل يبين عظيم افتقار الانسان الى هداية الله. وقد قال الله عز وجل يا عبادي كلكم ضال الا من هديته كلكم ظال ما فينا احد الا وهو معرض للظلال ولا يمكن ان يسلم به ولا يمكن ان يسلم منه الا باللجأ الى الله عز وجل وسؤال الهداية فاستهدوني اي اطلبوا الهداية مني اهدكم اي ادلكم واعينكم فالهداية هنا تتضمن الدلالة والاعانة على تحصيل المطلوب وسلوك الصراط المستقيم اللهم اهدنا فيمن هديت املأ قلوبنا بالتوكل عليك واليقين بامرك وحكمك لا اله غيرك سبحانك وبحمدك وصلى الله وسلم على نبينا محمد