قال الامام النووي رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين في باب اليقين والتوكل وعن انس رضي الله عنه قال كان اخوان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فكان احدهما يأتي النبي صلى الله عليه وسلم والاخر يحترف فشكى المحترف اخاه للنبي صلى الله عليه وسلم فقال فلعلك ترزق به. رواه الترمذي باسناد صحيح على شر مسلم. يحترف يكتسب ويتسبب. الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد هذا الحديث حديث انس بن مالك رضي الله تعالى عنه فيه قصة اخوين احدهما كان يأتي الى النبي صلى الله عليه وسلم واتيانه الى النبي صلى الله عليه وسلم اما لتعلم او لحضور حلق علم او نحو ذلك من المقاصد التي يقصد لاجلها رسول الله صلى الله عليه وسلم والاخر اي الاخ الاخر يحترف يعني يعمل بانواع من الحرف يكتسب وهكذا كان الصحابة رضي الله تعالى عنهم في تلقيهم عن النبي صلى الله عليه وسلم فلما اخى النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والانصار كان احدهم يحترف يوما ان يعمل يوم اخوه من من المهاجرين او من الانصار يبقى عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم حتى اذا لقيه اخبره بما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث فيه خبر هذين الاخوين واحدهما كان يأتي النبي ولا يحترف والاخر يعمل ويكتسب فشكى الذي يعمل او اخبر الذي يعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم بحال اخيه وانه لا يحترف ولا يعمل بل هو يأتي الى النبي صلى الله عليه وسلم ويكون كسبه من قبل حرفة اخيه قال له النبي صلى الله عليه وسلم لعلك ترزق به لعلك ترزق به يعني ان يكون صرفك عليه وقيامك عليه سببا لمزيد في كسبك وذلك ان هذا الرجل كان قد تفرغ الاخذ عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فلفت النبي صلى الله عليه وسلم نظر الاخ الذي يحترف الى ان ما يكون من خير يجري عليه لعله بسبب ما ينفقه على اخيه الذي تفرغ لتحصيل العلم والاخذ عن رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد وقد رأى لنفسه فظلا على غيره قال انما ترزقون وتنصرون بضعفائكم وذلك ان سعدا رضي الله تعالى عنه رأى لنفسه مكانة على غيره اما في قوة بدن او قوة علم او قوة بذل وجهد. فنبهه النبي صلى الله عليه وسلم الى ان هؤلاء الضعفاء الذين لا يقدمون ما يقدمه الاقوياء من المنافع والمصالح هم باحتساب من ينفق عليهم سبب لرزقهم وسبب للمباركة فيما يجري عليهم. وقد جاء في رواية النسائي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لسعد انما تنصرون وترزقون بضعفائكم باخلاصهم باخلاصهم ودعواتهم وصلاتهم اي بما يكون من صالح اعمالهم هذا الرجل قد تفرغ للعلم فقال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم لاخيه لعلك ترزق به فاذا كان عندك من تنفق عليه اما لعجزه عن النفقة واما لاشتغاله بشيء لا غنى له به من تعلم علم او نفع الخلق في باب من ابواب الخير فاحتسب الاجر عند الله تعالى في ذلك فان الله تعالى يبارك لك في رزقك ويفتح لك من ابواب الرزق ما ليس لك على بال ووعد الله حق فالله لا يخلف الميعاد سبحانه وبحمده فيبارك الله في الارزاق ويجري عليك من الخير بسبب نفقتك على هذا الضعيف او هذا المنقطع او هذا الذي لا يحسن الاحتراف والعمل كالعاطل الذي لا يجد او الذي تفرغ لمصلحة اكبر من تعلم علم او تعليم او نفع خلق في باب من ابواب الخير فابشر فان الله سيجري عليك من الرزق ما يكون سببا ليه كسب زائد على ما يكون من كسبك لو لم تنفق عليه وليعلم ان البركة في الرزق تصير القليل كثيرا ومحق البركة يذهب من الكثير النفع العظيم. قال الله تعالى يمحق الله الربا ويربي الصدقات وجهان يربي الصدقات ينميها ويزيدها ويبارك في ما بقي من الاموال في ايدي اصحابها. واما الربا فتزداد الاموال لكنها تنقص في البركة والخير والنفع والثمرة والله لا يخيف الميعاد اسأل الله العلم النافع والعمل الصالح وان يبصرنا بما فيه خيرنا ورشدنا وصلى الله وسلم على نبينا محمد