بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على النبي الكريم. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين. يقول المصنف رحمه الله تعالى عن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه فقلت له لما تصنع هذا يا رسول الله؟ وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر. قال افلا احب وان اكون عبدا شكورا متفق عليه هذا لفظ البخاري ونحن في الصحيحين من رواية المغيرة بن شعبة. الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد هذا الحديث الشريف حديث عائشة رضي الله تعالى عنها في قصة ما شهدته من النبي صلى الله عليه وسلم من الجد والاجتهاد في العبادة حيث اخبرت انه كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه ومعنى تتفطر قدماه اي تتشقق كما قال الله تعالى اذا السماء انفطرت انشقت فكان صلى الله عليه وسلم يقوم من الليل اي يطيل القيام والصلاة في الليل حتى يبلغ به الحال ان تتشقق قدماه من طول القيام والعبادة فقالت له اتصنع هذا يعني القيام والجد في العبادة على هذا النحو الذي وصفت وقد غفر وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال النبي صلى الله عليه وسلم مجيبا لسؤالها الذي اوردته وهو كيف تصنع هذا؟ يعني لست بحاجة لهذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال صلى الله عليه وسلم افلا اكون عبدا شكورا؟ افلا احب ان اكون عبدا شكورا وهذا الاستفهام استفهام تعجب واجابة بتقرير الامر على نحو من الاثبات لحاجته صلى الله عليه وسلم الى ما كان يعمله وان ما كان يفعله من العبادة على هذا النحو الذي يبلغ به ان تتشقق قدماه ليس امرا لا حاجة اليه فيه بل كان محتاجا اليه وفاء لحق ربه عليه في انعامه عليه بمغفرة الذنوب وحط الخطايا اذ كل عبادة يتقرب بها العبد الى ربه جل وعلا اما ان تكون تعلم فعلا لما امر طلبا لرضاه فعلا لما امر طلبا لرضاه واما ان تكون شكرا على ما اعطاه فالعبادة اما ان تكون عبادة شكر على الهبات والعطايا واما ان تكون عبادة امتثال طلبا لرضاه جل في علاه ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يتعبد الله تعالى على هذا النحو من الاجتهاد والجد وفي الرواية الاخرى في رواية المغيرة التي اشار اليها المؤلف رحمه الله كان يقيم الليل حتى ترم قدماه اي تنتفخ من طول القيام كل هذا من صنيعه صلى الله عليه وسلم مع عظيم ما بوأه الله من المنزلة ورفيع المكانة وبه يعلم ان العبادة ليست فقط للافتكاك من العقوبة بل عبادة السابقين شكر لله عز وجل على ما انعم عليهم وافاض سبحانه وبحمده من الانعام. ولهذا يقول العلماء خوف الملائكة والنبيين ليس خوفا عدم امن فان الله امنهم من العقوبة بما بشرهم به من الامن من العقوبات وادراك المطلوبات لكنه خوف اجلال وتعظيم لله عز وجل وهذا ما كان يفعله صلى الله عليه وسلم فلم يكن يقيم الليل صلى الله عليه وسلم لاجل انه غير امن من العقوبة فالله تعالى قد امنه انا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر اتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما. كل هذه هبات وعطايا لكنه كان يفعل ذلك صلى الله عليه وسلم شكرا لله على انعامه الحديث فيه جملة من الفوائد من فوائده حرص الصحابة على فهم سنته وسيرته صلى الله عليه وسلم ومن فوائده سؤالهم عما اشكل عليهم من حاله صلى الله عليه وسلم منه ايضا مبادرته صلى الله عليه وسلم للاجابة على اسئلتهم بما يزيل ما اشكل عليهم ومنه ايضا ان قيام الليل للنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن واجبا اذ انه قال افلا اكون عبدا شكورا ويمكن ان يقال بل القيام مو واجب لكن هذه الصفة من طول القيام لم تكن واجبة. بل هي لشكر الله عز وجل ومنه ايضا ان الانسان لا حرج عليه في ان يتعبد الله تعالى بشيء قد يلحقه به نوع اذى في بدنه ونقص في صحته بما لا يوقعه في مضرة خارجة عن المعتاد. فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم حتى تتفطر قدماه. في رواية حتى ترم قدماه وهذه منزلة عالية قد يصل اليها الانسان اقباله على ربه فيهون عليه ما يلقاه من الاذى والاثر البدني في ازاء ما يلقاه ويتنعم به من المعنى الروحي. وهذا الذي اشار اليه صلى الله عليه وسلم في الوصال لما كان يواصل في الصوم يوم تلو يوم فلا يفطر بينهما قال اني ابيت عند ربي اني ابيت يطعمني ربي ويسقيني. فكان غذاءه الروحي القلبي بمنزلة من الرجحان ان غمر فيه ما كان يلقاه من الجوع والعطش صلوات الله وسلامه عليه والمقصود ايها الاخوة اذا كانت هذه حال سيد الورى الذي حط الله عنه الذنوب والخطايا وبلغه اعلى المنازل والدرجات فما احوجنا الى الجد في العبادات والاجتهاد في صالح الاعمال قدر الطاقة والله تعالى يحب من العبد العمل وان كان قليلا اذا ادامه. فلنجتهد في التقرب الى الله بكل ابواب الخير ولنصبر ولنحتسب فما اسرع تقضي الايام وانقضاء الاعمار وعند ذلك يصبح ذو الاحزان فرحان جاذلا بما فتح الله عليه من الاجور والهبات. اللهم استعملنا في طاعتك واصرف عنا معصيتك واجعلنا من حزبك واوليائك وصلى الله وسلم على نبينا محمد