السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله الذي هدى بكتابه القلوب وانزله في اوجز لفظ واعجز اسلوب فاعيت بلاغته البلغاء وابكمت فصاحته الفصحاء واذهلت روعته الخطباء وهو الحجة البالغة. والدلالة الدامغة والنعمة الباقية. والعصمة الواقية وهو شفاء الصدور والحكم العدل فيما احكم وتشابه من الامور واشهد ان لا اله الا الله واشهد ان سيدنا محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى اله الطيبين الطاهرين واصحابه الغر الميامين وازواجه امهات المؤمنين. وصل علينا يا رب معهم بمنك وكرمك ورحمتك. وانت ارحم الراحمين وبعد فان العلوم وان تباينت اصولها وشرقت وغربت فصولها وتعددت وتنوعت ابوابها واحكامها فانا لا اقلل من قدرها وشأنها. الا ان اعلاها قدرا واغلاها مهرا واقومها قيلا واوضحها سبيلا واصحها دليلا علم التفسير وهو شمس ضحاها وبدر دجاها ولم لا وشرف كل علم بشرف موضوعه وموضوع علم التفسير كلام ربنا الملك القدير الذي هو منبع كل حكمة. ومعدن كل فضيلة واصل الاصول وطريق الوصول الى النجاة والسعادة في الدنيا والاخرة بصحبة الحبيب الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا هو لقاؤنا الرابع والخمسون بعد المائتين. من لقاءات التفسير وهو اللقاء التاسع من لقاءات تفسيرنا لسورة ال عمران وكنا في اللقاء الماضي قد توقفنا بفضل ربنا جل وعلا عند الاية التاسعة عشرة من ايات السورة الكريمة الا وهي قول ربنا سبحانه وتعالى وما اختلف الذين اوتوا الكتاب الا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بايات الله فان الله سريع الحساب اي ما كان اختلاف اهل الكتاب من اليهود والنصارى لجهلهم بالحق او لعدم معرفتهم به او لعدم علمهم به وانما اختلفوا بسبب البغي والظلم والحسد والتنافس في الدنيا لشبه ابدوها ودعاو ادعوها قال بينهم فيها النزاع والخلاف ولذا جاء هذا التهديد الشديد من الله العزيز الحميد وقال سبحانه ومن يكفر بايات الله فان الله سريع الحساب اي من جحد ما انزل الله تبارك وتعالى من الايات ولم يذعن للحق الذي جاءت به فان الله سبحانه وتعالى سيجازيه ويحاسبه على كفره وجحوده وتكذيبه وسيعاقبه على مخالفته لايات الله جل جلاله الله سبحانه سريع الحساب والمجازاة للعباد باعمالهم لا يشغله شأن عن شأن فحسابه لخلقه اسرع من لمح البصر. كما قال الحسن بل لقد سئل علي ابن ابي طالب رضي الله عنه كيف يحاسب الله العباد كل العباد في يوم وقال عليه الصلاة والسلام كما يرزقهم في يوم يحاسب كل العباد في يوم كما يرزق كل العباد في يوم ثم خاطب الحق تبارك وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله فان حاجوك فقل اسلمت وجهي لله ومن اتبعني وقل للذين اوتوا الكتاب والاميين اسلمتم فان اسلموا وقد اهتدوا وان تولوا فانما عليك البلاغ والله مصير بالعباد هذه الاية العشرون من ايات سورة ال عمران وانا متعمد الا اطيل النفس في تفسيري كما فعلنا في سورة البقرة فانا نرجو ربنا تبارك وتعالى ولا راد لفضله سبحانه ولا حد لعطائه ان يبارك في الاوقات والاعمار حتى ننهي تفسير العزيز الغفار انه ولي ذلك والقادر عليه الله سبحانه وتعالى يخاطب نبيه صلى الله عليه وسلم فان حاجوك بعد هذا الحق الواضح البين اعلم يا رسول الله ان جدالهم عن عناد وكبر لانهم يعلمون الحق وحينئذ فاعرض عنهم وقل اسلمت وجهي لله تبارك وتعالى اي اخلصت عبادتي وتوجهي وقصدي ونيتي لله الملك الحق الاعظم الذي لا ند له ولا كفؤ له ولا شبيه له واذعنت وانقضت له غاية الانقياد والتسليم وفي لطيفة قرآنية رقيقة جميلة يأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم ان يدرج معه في هذا التسليم والانقياد والاذعان والاخلاص والعبادة والمحبة امره ان يدرج معه في هذا الفيض والفضل من اتبع من الصحابة واولي العلم والموحدين المخلصين والمؤمنين الصادقين في كل زمان ومكان الى ان يرث الله الارض ومن عليها ان حاجوك فقل اسلمت وجهي لله ومن اتبعني ايوة من اتبعني على الحق والهدى فقد اسلم وجهه لله ايضا معي متبعا لي باخلاص العبودية لله وصدق التوجه والقصد لله جل وعلا ويا له والله من شرف والله يا له من شرف شرف لهؤلاء الفضلاء السعداء ان يشهد لهم بانهم قد اخلصوا العبادة والعبودية لله واخلصوا القصد والنية والتوجه والانقياد والاذعان والاستسلام لله جل وعلا. ان يشهد لهم بذلك الصادق الذي لا ينطق عن هوا وانما هذه الشهادة بتوجيه لنبينا من ربنا جل جلاله ان حاجوك فقل اسلمت وجهي لله ومن اتبعني ايوة من اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم امر الله نبينا صلى الله عليه وسلم ان يقول للذين اوتوا الكتاب من اليهود والنصارى والاميين المرادون في هذه الاية هم مشركوا العرب هم مشركوا العرب الذين لا كتاب لهم والسؤال لماذا خص الله جل وعلا هؤلاء بالذكر خص اهل الكتاب والاميين اي المشركين من العرب عن رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم عامة لكل العالمين والجواب لان هؤلاء هم الذين خاطبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة بالدعوة والبلاغ واقام عليهم الحجة الله جل وعلا يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم قل لهؤلاء من اهل الكتاب والاميين ااسلمتم ااسلمتم لما بان لكم الحق بدليله وظهرت لكم الحجة واضحة كالشمس في ضحاها والنهار اذا جلاها ااسلمتم يعني انقذتم واذعنتم لله جل جلاله. واخلصتم توحيدكم وعبوديتكم له سبحانه وتعالى فان استجابوا واسلموا وقد اجتدوا للحق اهتدوا للهدى اهتدوا للصراط المستقيم وان تولوا واعرضوا واستكبروا وانكروا الحق فلا تحزن يا رسول الله ولا تبتأس وقد اديت ما عليك واديت ما كلفت به فانما عليك البلاغ هذه وظيفتك ليس عليك الحساب فانما عليك البلاغ فحسب والله جل وعلا وحده اعلم بمن ارتكس في ضلاله وشقائه ومن اشرق نور الايمان على قلبه فاطمئن باهتدائه الله جل وعلا اعلم بمن اهتدى ومن هو اهل للاهتداء واعلم بمن ضل وهو اهل للضلال والشقاء وهذه الاية من اعظم الادلة على ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مبلغ عن الله جل وعلا وانه لا يملك هداية البشر فضلا عن اجبارهم او اكراههم على الدخول في دين الله سبحانه وتعالى انا لا اعلم دليلا قط واكررها فانا لا اعلم دليلا قط. دليلا واحدا في القرآن كله من اول الفاتحة الى الناس ولا دليلا واحدا في السنة الصحيحة الثابتة عن الصادق كلها يأمر باكراه احد على الدخول في الاسلام. ابدا بل بل من قطعيات المنهيات تدبروا هذه الكلمات بل من قطعيات المنهيات حتى كان مجرد الاقتراب منها محل عتاب من الله جل جلاله للحبيب صلى الله عليه وسلم تدبر قوله جل جلاله ولو شاء ربك لامن من في الارض كلهم جميعا افانت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين الله الله الله ولو شاء ربك لامن من في الارض كلهم جميعا افانت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين. وقال له سبحانه وتعالى فذكر انما انت مذكر لست عليهم بمسيطر فذكر وظيفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ان عليك الا البلاغ انما انت مذكر الله جل وعلا عليه الحساب وانت يا رسول الله عليك البلاغ وما على الرسول الا البلاغ المبين فما عليك الا ان تبلغ الرسالة الربانية المنزلة عليك من عند رب البرية فاذا بلغت وقد اديت اديت ما عليك اما ان يهتدي هؤلاء او لا فليس من شأنك بل ولا من شأن كل العبيد انما هذا شأن العزيز الحميد فهداية الدلالة والارشاد والتعريف والبيان عليك وعلى اتباعك من العلماء الربانيين والدعاة الصادقين اما هداية التوفيق فلا تملكها يا رسول الله بل ولا يملكها ملك مقرب من الملائكة المقربين ولا اي نبي من الانبياء ولا اي مرسل من المرسلين انما هي بيد رب العالمين وحده تدبر قول ربي لحبيبنا صلى الله عليه وسلم انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو اعلم بالمهتدين وقال له جل وعلا وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وانك لتهدي الى صراط مستقيم. ايه التعارض ده يا مولانا بين الايتين؟ حاشا وكلا الحق يخرج من مشكاة واحدة لا تعارض بين ايات الله جل جلاله. وانما المراد وانك لتهدي الى صراط مستقيم. اي هداية دلالة وارشاد وتعريف وبيان. اما هداية التوفيق وهي جعل الهدى في القلب فهذا امر لا يملكه ملك مقرب ولا نبي مرسل ولو كان المصطفى صلى الله عليه وسلم انما هو امر بيد الله جل وعلا وحده الى ان يرث الله الارض ومن عليها ولو كانت هداية التوفيق بيد احد لهدى النبي عمه الذي يحبه. بشهادة القرآن وبحكم القرآن ان رسول الله احب عمه ابو طالب وانزل الله الاية في ابي طالب انك لا تهدي من احببت والمراد به هنا ابو طالب لو كانت هداية التوفيق بيد رسول الله لهدى عمه ابا طالب وهو يحبه ولهدى نوح ابنه وهو يحبه يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين. قال ساوي الى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من امر الله الا من رحم الايات ولهدى نوح امرأته الى التوحيد والايمان ولا هدى لوط امرأته. انا لا املك هداية نفسي فكيف املك هداية ولدي؟ او هداية زوجي لا يملكها اقصد هداية التوفيق لا يملكها ملك ولا نبي ولا رسول انما هي بيد الله سبحانه وتعالى وحده بلا منازع او شريك ان حاجوك وقل اسلمت وجاءني الله ومن اتبعني وقل للذين اوتوا الكتاب والاميين اسلمتم فان اسلموا وقد اهتدوا وان تولوا فانما عليك البلاغ والله بصير بالعباد الله جل وعلا يعلم من هو اهل للهدى ويعلم من هو اهل للشقاء بعدله وعلمه سبحانه وتعالى اما ثمود فهديناه يستحب العمى على الهدى فاخذتهم صاعقة العذاب الهوني بما كانوا يكسبون قال جل جلاله فلما زاغوا اجاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين ثم ذم الحق تبارك وتعالى اولئك الذين يكفرون بايات الله ولم يتفه هؤلاء الجاحدون بالكفر بايات الله فحسب بل راحوا يقتلون الانبياء والمرسلين ويقتلون العلماء الربانيين الذين يأمرون بالعدل ويأمرون بالقسط راحوا يقتلون الانبياء والامرين بالمعروف والامرين بالقسط راحوا يقتلونهم ظلما وعدوانا بغير وجه حق فقال الله سبحانه ان الذين يكفرون بايات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب اليم. الاية رقم واحد وعشرين