من الحديث في هذا يحتم على قارئ القرآن ان يتفقد قلبه بين الفينة والفينة وان يعالج كل خلل يهدم على نيته بالإفساد والفساد. وان يكثر من دعاء الله عز وجل بصلاح النية والباطن. في هذا بخصوصه وفي سائر التعبدات عموما. فلا ينبغي ان يقرأ القرآن ليمدح او ليثنى عليه او لينال منصبا او يفوز بجائزة او ليشير الناس اليه بالبنان او ليتفوق على اصحابه من القراء في المقام الاول يقول احسن الله اليكم ما توجيهكم لحافظ القرآن؟ اذا اراد ان تكون نيته في حفظه وقراءته خالصة لله. وهل تؤثر النية بالمحفوظ الحمد لله رب العالمين وبعد المتقرر في القواعد ان النية شرط في صحة المأمورات والمتقرر في القواعد الا ثواب الا بالنية. والمتقرر في القواعد انه يغتفر في المقاصد التبعية ما لا يغتفر في المقاصد الاصلية الاساسية وان من اعظم التعبدات قراءة القرآن وتدبره وتعقله وحفظه ومراجعته. فيجب على الانسان الا يقصد بهذا التعبد في القصد الاول الا ارادة وجه الله عز وجل والدار الاخرة. وليعلم العبد ان الله عز وجل مطلع على نيته وعالم بقصده فالله لا يخفى عليه ما في الصدور ولا يخفى عليه شيء في الارض ولا في السماء. فعلى العبد الا يطلب بقراءته من شهوات الدنيا وملذاتها. فان من قرأ القرآن ليقال قارئ او قرأ القرآن ليحصل مالا او قرأ القرآن لينال منصبا في القصد الاول فان فانه ليس له في الاخرة الا النار وبئس القرار. ففي صحيح الامام مسلم من حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان اول الناس يقضى عليه يوم يوم القيامة رجل استشهد فاتي به فعرفه نعمه فعرفها قال فما عملت فيها. قال تعلمت قال قال قاتلت فيك حتى استشهدت. فيقول كذبت ولكنك قاتلت ليقال جريء فقد قيل ثم امر به فسحب على وجهه حتى القي في النار ورجل تعلم العلم وعلمه. وقرأ القرآن فاوتي به فعرفه نعمه فعرفها. قال عملت فيها؟ قال تعلمت العلم وقرأت وعلمته وقرأت فيك القرآن. فيقول كذبت ولكنك تعلمت ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال قارئ فقد قيل ثم امر به فسحب على وجهه حتى القي في النار. انتهى موضع الشاهد فلا يجوز ان يزاحم المقام الاول والمقصود الاول اي شيء من هذه النوايا مطلقا. واما في الثاني فلا بأس على الانسان ان يدخل مثلا في مسابقة لينال جائزتها في المقام الثاني مع ان اصل دخوله فيها ان يجعلها وسيلة لاعادته على اتمام محفوظه من كتاب الله عز وجل تعبدا لله. واخلاصا لوجه الله. فيهتبي فرصة لتكون معينة له على اتمام حفظه مثلا او على اتقان مراجعته مثلا. فكل ذلك لا بأس به ولا حرج في المقام الثاني واما في المقصود الاول فلا يجوز ان يزاحم التعبد لله عز وجل بشيء من المقاصد اهم ما ينبغي الحرص عليه معالجة النية. لا سيما في الامور التعبدية التي لها منزلة عظيمة عند الناس كالانفاق في سبيل الله وقراءة القرآن واقراءه وتعلم العلم وتعليمه والجهاد في سبيل الله. فتلك الاعمال التعبدية العظيمة اما متى ما فسدت نيتها صارت وبالا على الانسان في الدارين. فالله الله يا طلاب القرآن اخلصوا نيتكم لله عز وجل وتفقدوا بواطنكم وحاولوا ان تصلحوا ما وقع في نياتكم من الخلل. واعلموا ان رفعتكم بكتاب الله انما تكون على مبنية انما ما تكون مبنية على حسن القصد. فمن ساء قصده لم يزيده القرآن وحفظه وتعلمه وتعليمه الا وبالا ونارا ولعنة في الدار طيب واما من حسن قصده فان القرآن لا يزيده تعلما وتعليما وحفظا ومدارسة ومراجعة الا رفعة في الدارين والله اعلم