يقول احسن الله اليكم ما معنى قولكم في القاعدة المأمورات لا تسقط بالنسيان وباب التروك يسقط بالنسيان وما دليل ذلك؟ احسن الله اليكم. الحمد لله رب العالمين وبعد. اما القاعدة فنصها يقول باب المأمورات لا يسقط بالجهل والنسيان وباب التروك يسقط بهما بمعنى ان الشارع اذا امرك بتحصيل شيء فانك ان تركته نسيانا او غفلة فان ذمتك لا تبرأ الا بتحصيله فالمأمورات لا تسقط بالجهل فليس كل شيء تركته نسيانا او غفلة تبرأ ذمتك بعدم فعله بل لابد ان تفعله. فلو ان الانسان صلى بلا طهارة ناسيا فان الطهارة شرط شرط من شروط المأمورات فصلاته تعتبر باطلة فيجب عليه ان يتطهر ويعيد الصلاة ولو ان الانسان ترك استقبال القبلة ناسيا فان صلاته تبطل لان استقبال القبلة من شروط المأمورات وهذا يدلك على ان باب المأمورات اعظم طلبا عند الله عز وجل من باب التروك. فباب المأمورات اشرف وارفع منزلة واجرا عند الله عز وجل من باب ولكن لو ان الانسان صلى وعلى ثوبه نجاسة فان صلاته تصح. لماذا؟ لان ترك النجاسة من شروط التروك فتجاوز الشارع فيه ولو ان الانسان اكل ناسيا في نهار رمضان فان ترك الاكل من شروط التروك فتجاوز الشارع فيه نسيانا ولو ان الانسان فعل شيئا من محظورات الاحرام ناسيا فانه لا شيء عليه. فالشريعة تخفف في ارتكاب المحرم ولكن لا تخفف في ترك المأمور. فترك المأمورات لا يتجاوز فيه بالجهل والنسيان وباب التروك يسقط بهما ما الدليل على ذلك وفقك الله؟ فعدة ادلة ذكرتها في شروحاتي في قواعد الفقه. كتحرير القواعد ومجمع الفرائض وتلقيح الافهام العلية وغيرها من المؤلفات واذكر لك في هذا الصدد دليلين. دليل يدل على ان المأمورات لا تسقط بالجهل والنسيان. ودليل على ان الترك تسقط بهما فاما دليل الاول ففي الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان رجلا دخل المسجد والنبي وصلى الله عليه وسلم جالس في ناحيته فصلى ركعتين ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال وعليك السلام ارجع فصلي فانك لم تصلي. فقال الرجل في الثالثة او الرابعة والذي بعثك بالحق لا احسن غير هذا فعلمني. فعلمه النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة على الحديث المعروف فهنا لم امره باعادة هذه الفريضة التي ترك شيئا من شروطها او اركانها او واجباتها. نقول لانه ترك شيئا مأمورا بايجابه وهي الطمأنينة والطمأنينة من شروط المأمورات او من اركان المأمورات. وباب وباب الشروط لا يسقط وباب لا يسقط بالجهل والنسيان. فلم يعذره النبي صلى الله عليه وسلم في تركه للطمأنينة لانها من المأمورات. وهذا واضح الدليل الثاني على الجزئية الاخرى في صحيح الامام مسلم من حديث معاوية بن الحكم السلمي. رضي الله عنه. قال صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم فعطس رجل من القوم فقلت يرحمك الله. يعني انه تكلم في الصلاة جاهلا حكم الكلام فيها. والكلام في الصلاة ليس من باب المأمورات وان فما من باب التروك بمعنى ان سارع امرك بترك الكلام في الصلاة اي الكلام الاجنبي فهو من باب التروك. قال فرماني القوم بابصارهم فقلت وا ثكل امياه ما شأنكم تنظرون الي جعلوا يضربون على افخاذهم فعرفت انهم يصمتونني لكني صمت. فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم فبابي هو وامي ما رأيت معلما قبله ولا بعده احسن تعليما منه. فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني. ولكن قال ان هذه الصلاة لا فيها شيء من كلام الناس انما هو التسبيح والتكبير او قال والتهليل وقراءة القرآن او كما قال صلى الله عليه وسلم. والشاهد من هذا ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره باعادة الصلاة هذه مع انه ارتكب الحرام فيها وهو الكلام الاجنبي. لان الكلام من باب التروك اليس من باب المأمورات فالشارع لا يغتفر ترك المأمور جهلا او نسيانا ولكن يغتفر فعل المحظور جهلا او نسيانا لعلها وضحت والله