والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه. اصبحنا واصبح الملك لله والحمد لله لا اله الا هو واليه النشور. اللهم انا اصبحنا منك في نعمة وعافية وستر. فاتم ان علينا نعمتك وعافيتك وسترك في الدنيا والاخرة. اللهم ما اصبح بنا من نعمة او باحد من خلقك ومنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر. لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك اللهم انا اصبحنا نشهدك ونشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك انك انت الله لا اله الا انت وحدك لا شريك لك وان محمدا عبدك ورسولك. اما بعد فهذه في متابعة في سلسلة ما لا يسع المسلم جهله في حلقتها الخامسة والخمسين. موضوع هذه الحلقة حول خلود الشريعة وصلاحيتها لكل زمان ومكان لقد اكدنا وقررنا مرارا ان الله جل وعلا لم يخلق خلقه عبثا ولم يتر خلقه سدى افحسبتم انما خلقناكم عبثا وانكم الينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق. لا اله الا هو رب العرش الكريم ايحسب الانسان ان يترك سدى؟ لا وربي. لن يترك الانسان سداه. بل خلقه الله جل وعلا لغاية وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. ما اريد منهم من رزق وما اريد ان يطعمون. ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين. ثم ارسل الله رسله وانزل الله كتبه ليبين لخلقه كيف يعبدونه وكيف يرضونه جل جلاله؟ وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ما اريد منهم من رزق ما اريد ان يطعمون ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين وكلمة العبادة لا تختصر في التمسكات والشعائر التعبدية فقط. لا تختزل في الصلوات والحج والنسك والاوراد والاذكار بل هي اسم شامل جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الاقوال والاعمال الظاهرة والباطنة. انزل الله كتبه وبعث الله رسله لكي يقيموا العدل والقسط في الناس لقد ارسلنا رسلنا بالبينات وانزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وانزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس. وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيم. فالدين ينصر بالكتاب الهادي وبالحديد الناصر بالكتاب الهادي وبالحديد الناصر انزل الله كتابه لكي يكون الحجة القاطعة والحكم الاعلى بين عباده فلا حلال الا ما احله الله ورسوله ولا حرام الا ما حرمه الله ورسوله ولا دين الا ما شرعه الله ورسوله. فالاسلام عقيدة اضيع شريعته خالدة على مدى الزمان كله وعلى مدى المكان كله. صالحة على مدى الزمان كله وعلى مدى مكاني كله بل ان شئت قل بتعبير ادق لا يصلح الزمان ولا يصلح المكان الا شريعة الله عز وجل لا يصلح اخر هذه الامة الا ما اصلح اولها لا تحدث لاحد من اهل دين الله نازلة الا وفي القرآن دليل على سبيل الهدى فيها. الله جل جلاله يقول ونزلنا عليك الكتاب كتاب التبيانا لكل شيء. فليست تنزل باحد من اهل دين الله نازلة الا وفي كتاب الله دليل على سبيل الهدى فيها. طيب هل الدليل وهذا البيان على نوعين؟ اما بطريق النص المباشر حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير الزانية والزاني فيجدوا كل واحد منهما مائة جلدة. انما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون. او بطريق الاحالة الى ادلة اخرى اعتبرها الشارع في كتابه ادلة وحججا على خلقه يعني الوقائع اما ان تندهي تحت نص مباشر او تحت قواعد عامة يمكن ان ترد وان تستنبط وان استخرج من هذه النصوص المباشرة. الله جل جلاله يقول ثم جعلناك على شريعة من الامر فاتبعها ولا تتبع اهواء الذين لا يعلمون. جاءنا الدين بشرائع تعصم من الزلل ملزمة واجبة الاتباع لا مقابل لها الا الهوى. وان احكم بينهم بما انزل الله اتتبع اهواءهم واحذرهم ان يفتنوك عن بعض ما انزل الله اليك. فان تولوا فاعلم ان ما يريد الله ان يصيبهم ببعض ذنوبهم. وان كثيرا من الناس لفاسقون. امر جازم بالحكم بجميع ما انزل الله نهي جازم عن اتباع الهوى اذ لا مقابل لحكم الله الا الهوى فان لم يستجيبوا لك اعلم ان ما يتبعون اهواءهم. ومن اضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله. بين الله جل جلاله ان نتباع هداه هو السبيل الى النجاة من الضلال والشقاء. وان الاعراض عن ذلك هو السبيل الى ضنك المعيشة في الدنيا وسوء العذاب وسوء المنقلب في الاخرة. فاما يأتينكم مني هدى ومن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا قال ربي لما حشرتني اعمى وقد كنت بصيرا؟ قال كذلك اتلك اياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى تقدم النبي صلى الله عليه وسلم بضمان الى الامة كلها الا يجل منها احد ما دامت معتصمة بالكتاب والسنة. فقال في حجة الوداع وقد تركت فيكم ما لم تضلوا بعده ان اعتصمتم به كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واقسم الله جل جلاله على نفي الايمان عن من لم يحكموا رسول الله في جميع امورهم. فقال تعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم. ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا وتسليما. بين الله جل جلاله ان الاعراض عن حكم الله جل وعلا. وايثار غيره عليه نفاق لا يجتمع مع اصل الايمان. الم ترى الى الذين يزعمون انهم امنوا بما انزل اليك وما انزل من قبلك يريدون ان يتحاكموا الى الطاغوت وقد امروا ان يكفروا به ويريد الشيطان ان يضلهم ضلالا بعيدا. واذا قيل لهم تعالوا الى ما انزل الله والى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا الى ان قال تعالى مقسما بذاته المقدسة فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم. ثم لا يجدوا في انفسهم مما قضيت ويسلموا تسليما. طب عندما يعيش الناس خارج بلاد المسلمين وتنعدم المرجعية الشرعية التنفيذية القادرة على استخلاص الحقوق وعلى رد المظالم. ماذا يفعل الناس؟ الاصل ان يلجأ الناس الى تحكيم الشريعة طواعية فيما بينهم. من خلال التحكيم الطوعي الاختياري. من خلال الرجوع الى المساجد والى ائمتها الى المراكز الاسلامية والى القائمين عليها. يلتمسون عندهم حلا شرعيا لما شجر بينهم من خصومات ومنازعات. اذا تقطعت الاسباب وغلقت الابواب ولم يكن من سبيل لحسم النزاع الا باللجوء للسلطان الوضعي عندئذ يصبح اللجوء الى القضاء الوضعي عند الانعدام البديل الشرعي القوي القادر على رد حقوق واستخلاص المظالم رخصة لكن يشترط ان تكون مطالبك امامه مشروعة والا تستحل من احكامه الا ما وافق الشرع المطهر. مثلا اذا مطلك مدين ظالم بمطله لانه غني قادر على الوفاء وعجزت عن استخلاص حقك منه من خلال التحكيم الشرعي فاللجوء الى القضاء الوضعي عند انعدام البديهي الشرعي او عند عجزه عن تنفيذ احكامه رخصة. لكن لابد ان تكون مطالبك امامه مشروعة. انت تطالب برد دينك؟ نعم ممكن تطالب بمصروفات الخصومة القضائية. اتعاب المحامي يمكن ان تحملها للمدينة بمطله الغني القادر على الوفاء الذي ظلمك بمطله يمكن ان تحمله مصروفات الخصومة لانه هو الذي انجأك الى القضاء وهو الذي لم يؤدي اليك حقك طواعية لكن ان تطالب بفوائد تأخير بفوائد ربوية هذا بغي وخروج عما انزله الله وعما بينه رسوله صلى الله عليه وسلم لا تستحل من احكامه الا ما وافق الشرع. لو ان امرأة يعني عملها زوجها وتركها معلقة لا طلقها ولا اعطاها نفقة ولا صرحها احسان. طب ماذا تفعل؟ تلجأ الى المساجد اولا ولكن الاسلامية اولا. فنويت لديها حلا واستطاعت ان تلزم هذا الزوج الناشز ان توقفه حيث اوقفه الله ورسوله فذلك خير. وذلك هو الذي ينبغي بل يتعين ان يصير الناس اليه. اما اذا عجزوا عن الزامه وعجزوا عن ربه عن بغيه. فليس امام الزوجة حينئذ الا ان تلجأ الى السلطان الوضعي. لكن كي تقاسم زوجها ماله فانه لا يحل مال امرئ مسلم الا بطيب نفس منه. لكن لتستخلص حقوقها منه لها نفقة لها ان طلقها لها مؤخر صداقها لها نفقة عدتها لها متعتها فلا تستحق اما بالاحكام التي حكم لها بها الا في حدود ما بذلته لها الشريعة المطهرة وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين وللمطلقة نفقة عدتها وللمطلقة مهرها المؤجل ان كان قد اجل منه شيء واتوا النساء صدقاتهن نحن فان قمنا لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا. الخلاصة احبابي ان الله جل وعلا ارسل رسله وانزل كتبه ومعهم شرائع بينة مفصلة لكي تكون حكما بين الناس. انا انزلنا اليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما اراك الله. ولا تكن للخائنين خصيما. واستغفر الله ان الله كان غفورا الرحيمة وما ارسلنا من رسول الا ويطاع باذن الله. والله جل وعلا جعل شرائعه على نحو بديع عجيب. في باب العبادات والثوابت جاءت الشريعة بتفصيلات دقيقة استوعبها كل شيء في باب المعاملات وقضايا السياسة الشرعية جاءت بقواعد عامة جاءت باطر هامة وتركت منطقة عفو تشريعي. تركض فيها خيول المجتهدين امنة ويسرة لكي لا تحبس الامة في التزامات قد يتجاوزها الزمان او المكان الله جل وعلا العليم الحكيم الخبير. يعلم ما قد يتغير من مصالح عباده. فعالجه وواجهه قواعد عامة واطر كبرى ثم ترك منطقة واسعة للعفو التشريعي تملؤها اجتهادات علماء الامة على مدار العصور على مدى الزمان وعلى مدى المكان. فلبى الفقه الاسلامي حاج جاءت الامة في مختلف اعصارها وفي مختلف امصارها اما بالرجوع الى النصوص ان كانت في المسألة نصوص مباشرة او فيما حمل عليها واستنبط منها بطريق الاجتهاد والاستنباط وترك لنا الفقه اسلامي ثروة تشريعية هائلة لا تزال الامة تغترف من معينها على مدى الزمان وعلى مدى لكي تلبي حاجات الناس ولكي تحقق مصالحهم في في ظل مرجعية الشريعة وحاكم نصوصها المعصومة المقدسة. اللهم اهدنا فيمن هديت. وعافنا فيمن عافيت. وتولنا فيمن توليت اللهم ارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه. اللهم وصلي وسلم وبارك على عبدك نبيك محمد. وعلى اله وصحبه وسلم. سبحانك اللهم وبحمدك الحمد اشهد ان لا اله الا انت استغفرك