المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي من مثله كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها. كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون. يقول تعالى او من كان من قبل هداية الله له ميتا في ظلمات الكفر والجهل والمعاصي احييناه بنور العلم والايمان والطاعة. فصار يمشي بين الناس في النور متبصرا في اموره مهتديا لسبيله. عارفا للخير مؤثرا له مجتهدا في في تنفيذه في نفسه وغيره عارفا بالشر مبغضا له مجتهدا في تركه وازالته عن نفسه وعن غيره. افيستوي هذا بمن هو في الظلمات ظلمات الجهل والغي والكفر والمعاصي. ليس بخارج منها قد التبست عليه الطرق. واظلمت عليه المسالك. فحضره الهم والغم والحزن الحزن والشقاء فنبه تعالى العقول بما تدركه وتعرفه. انه لا يستوي هذا ولا هذا كما لا يستوي الليل والنهار. والضياء والظلمة والاحياء والاموات فكأنه قيل فكيف يؤثر من له ادنى مسكة من عقل ان يكون بهذه الحالة وان يبقى في الظلمات متحيرا فاجاب بانه زين للكافرين ما كانوا يعملون. فلم يزل الشيطان يحسن لهم اعمالهم. ويزينها في قلوبهم حتى استحسنوها ورأوها حقا وصار ذلك عقيدة في قلوبهم وصفة راسخة ملازمة لهم. فلذلك رضوا بما هم عليه من الشر والقبائح. وهؤلاء الذين في الظلمات يعمهون وفي باطلهم يترددون غير متساوين. فمنهم القادة والرؤساء والمتبوعون. ومنهم التابعون المرؤوسون والاولون منهم الذين فازوا باشقى الاحوال. ولهذا قال وكذلك جعلنا في كل قرية اكابر مجرميها ليمكروا فيها وما وكذلك جعلنا في كل قرية اكابر مجرميها اي الرؤساء الذين قد كبر جرمهم واشتد طغيانهم ليمكروا فيها بالخديعة والدعوة الى سبيل الشيطان. ومحاربة الرسل واتباعهم بالقول والفعل وانما مكروه وكيدهم يعود على انفسهم. لانهم يمكرون ويمكر الله. والله خير الماكرين. وكذلك يجعل الله كبار ائمة هدى وافاضلهم يناضلون هؤلاء المجرمين. ويردون عليهم اقوالهم ويجاهدونهم في سبيل الله. ويسلكون بذلك السبل الموصلة الى ذلك ويعينهم الله ويسدد رأيهم ويثبت اقدامهم. ويداول الايام بينهم وبين اعدائهم. حتى يدور الامر في عاقبته بنصرهم وظهورهم والعاقبة للمتقين. وانما ثبت اكابر المجرمين على باطلهم. وقاموا برد الحق الذي جاءت به الرسل حسدا منهم وبغيا. فقالوا واذا جاءتهم اية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثلما اوتي رسول الله اعلم حيث يجعل رسالته سيصيب الذين اجرموا صغار عند الله وعذاب شديد لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما اوتي رسل الله من النبوة والرسالة. وفي هذا اعتراض من على الله وعجب بانفسهم وتكبر على الحق الذي انزله الله على ايدي رسله. وتحجر على فضل الله واحسانه. فرد الله عليهم اللهم الفاسد واخبر انهم لا يصلحون للخير ولا فيهم ما يوجب ان يكونوا من عباد الله الصالحين. فضلا ان يكونوا من النبيين والمرسلين. فقال قال الله اعلم حيث يجعل رسالته. فمن علمه يصلح لها ويقوم باعدائها. وهو متصف بكل خلق جميل. ومتبرئ من كل خلق دنيء اعطاه الله منها ما تقتضيه حكمته اصلا وتبعا. ومن لم يكن كذلك لم يضع افضل مواهبه عند من لا يستأهله. ولا وعنده وفي هذه الاية دليل على كمال حكمة الله تعالى. لانه وان كان تعالى رحيما واسع الجود كثير الاحسان. فانه حكيم لا يضع الا عند اهله. ثم توعد المجرمين فقال سيصيب الذين اجرموا صغار عند الله. اي اهانة وذل كما تكبروا على الحق اذلهم الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون. اي بسبب مكرهم لا ظلما منه تعالى