الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته في هذه الليلة ايها الاحبة نتحدث عن الاستعاذة والاستعاذة كما هو معلوم ليست باية من كتاب الله تبارك وتعالى ولكن الله عز وجل امرنا عند قراءة القرآن ان نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم فاذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم كما امرنا الله تبارك وتعالى بالاستعاذة مطلقا من همزات الشياطين ومن حضورهم كما في قوله تبارك وتعالى وقل ربي اعوذ بك من همزات الشياطين واعوذ بك ربي اي يحضرون كذلك ايضا امرنا الله تبارك وتعالى ان نستعيذ عند نزغ الشيطان وذلك حينما امرنا الله جل جلاله بالعفو والصفح ومقابلة السيئة بالحسنة قال واما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله انه سميع عليم في سورة الاعراف وفي سورة فصلت انه هو السميع العليم وهكذا في ذكر اولئك المجادلين ان الذين يجادلون في ايات الله بغير سلطان اتاهم ان في صدورهم الا كبر ما هم ببالغيه فاستعذ بالله انه هو السميع البصير في سورة غافر. فهؤلاء من الانس. فذكر السميع البصير اولئك لا نراهم من شياطين الجن فامرنا ان نستعيذ بالسميع العليم لان هؤلاء لا يرون فناسب ذكر السمع والعلم الله عز وجل يسمع كلامهم وكذلك ايضا يعلم احوالهم فامتثالا لامر الله عز وجل نقول عند القراءة اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ومعنى اعوذ بالله يعني استجير والتجئ واعتصم واتحصن بالله وحده من الشيطان وهو كل عات متمرد بعيد عن الخير وعن رحمة ربه من الجن والانس والرجيم هو المطرود عن الخير المرجوم بالسب والشتم واللعن وما الى ذلك هذا معنى الاستعاذة ونحن في كل موضع نبين المعنى باختصار باقرب عبارة ثم بعد ذلك نذكر الفوائد التي يمكن ان يوقف عندها فيما يتصل الموضع الذي نتحدث عنه نحن ايها الاحبة مهما بذل الانسان ومهما اوتي من القوة والامكانات والقدر فانه لا يستطيع ان يحترز من الشيطان ووساوسه وخواطره لو ان الانسان جمعت له جيوش الارض وما فيها من العتاد والسلاح والرجال من اجل ان يحصنوه من الشيطان فانهم لا يغنون عنه قليلا ولا كثيرا لو ان الانسان بقي في حال من حمل السلاح والتحصن بالدروع المختلفة فان ذلك لا يغني عنه شيئا لو بقي الانسان دون اسوار عالية منيعة وقلاع فان ذلك لا يغني عنه من الشيطان شيئا فيصل اليه بوساوسه وخواطره وما يلقيه في قلبه مما يشوش فكره ويلبس عليه في قراءته ان كان يقرأ او في غير ذلك مما يزين به الباطل والمنكر لو بقي الانسان في صندوق محكم يتنفس عبر وسائط فانه لا يستطيع ان يتحصن من الشيطان وخواطره. اذا كيف يكون الاعتصام وكيف يكون الاحتراز والامتناع من الشياطين ذلك امر ميسور هو ان يقول اعوذ بالله من الشيطان الرجيم يلتجأ الى ربه ومليكه جل جلاله الذي يملك القدرة ليدفع عنه هؤلاء الشياطين ليدفع عنه وساوسهم وخواطرهم التي يصدون بها عن ذكر الله تبارك وتعالى واعظم هذا الذكر هو كلامه الذي فيه الهدى والشفاء والنور فيصرفونه عن قراءته او يصرفونه عن تدبره وذلك ان هذا القرآن هو الحاوي لجميع الهدايات وهو الطريق الى معرفة الله تبارك وتعالى ومعرفة الطريق الموصل اليه. كما سبق فالشيطان يجلب على العبد في مثل هذه الحالات اذا اراد ان يقرأ القرآن اذا اراد ان يتدبره ويوسوس له ليقطع قراءته ان لم يستطع ان يمنعه من ابتداء القراءة والاشتغال بها فهو يقطع عليه القراءة بامور كثيرة يصرفه بها فان لم يستطع فانه يشوش فكره بالوان الامور التي تفرق القلب فهو يلقي في قلبه من الشبه والايرادات الفاسدة عند القراءة ولربما يصور له امورا يكرهها عند قراءة بعض الايات او عند النظر والتدبر في بعض الصفات لله تبارك وتعالى فيضيق صدره ثم بعد ذلك يهم بالانصراف عن القراءة فرارا من هذه الخواطر والوساوس وهذا يعاني منه من يعاني ولكن الطريق ايها الاحبة هو الثبات والاستعاذة ولا التجاء الى الله تبارك وتعالى والاعتصام به. لان هؤلاء الشياطين يقلقون وينزعجون وارجو ان تستحضروا هذا المعنى جيدا اذا كان العبد في حال من الاعراض عن الله تبارك وتعالى فاراد ان يستقيم توجه اليه هؤلاء الشياطين بالوان الخواطر والوساوس فيضيق صدره ثم ينظر الى حاله قبل ذلك فيجد انه كان معافا منها فيشك في الطريق ويتردد في الاستمرار والثبات عليها ويقول كيف وقع لي هذا بعد الاهتداء وقبل ذلك كنت في سلامة وراحة من هذه الخواطر. هذا هو الشيطان لانه ينزعج من هذا كما تنزعج الشياطين التي تكون مبطنة بجوف الانسان ممن تلبس به. فاذا هم بالرقية او هم بامر مما يكون فيه برؤه وعلاجه ورفعته كأن يقرأ القرآن بتدبر او ان ينظر في التفسير او ان يحضر مجالس التفسير او نحو ذلك حصل له من الانزعاج في باطنه والقلق والضيق والالام والرؤى المزعجة السيئة التي ما كان يراها قبل ذلك يرى رؤى مرعبة ما الجديد؟ ما الذي تحول في باطن هذا الانسان؟ الذي تحول ان هؤلاء الشياطين تحركوا لانهم وجدوا امورا مزعجة بالنسبة اليهم تحرقهم قبل ذلك كانوا في حال من السكون في حال من الركون الى هذا المبتلى دون مزعجات فهذا هو الجديد الذي جد على هؤلاء الشياطين فيحتاج العبد الى ان يخرج من حوله وطوله وقوته ويستعين بربه تبارك وتعالى مظهرا عجزه وظعفه عن مقاومة هؤلاء الشياطين لكنه يعتصم بمن نواصي الخلق بيده ولا يتعاصى عليه شيء وهو ربه ومليكه وخالقه جل جلاله ولا خلاص الا بذلك لان هؤلاء الشياطين ايها الاحبة شياطين الجن لا يمكن مداراتهم ولا مصانعتهم ولا الاحسان اليهم بالهدايا والعطايا والهبات والكلام اللين الذي يكسر نفوسهم بخلاف الشياطين الانس فان الله تبارك وتعالى قال ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كانه ولي حميم فهذا ينفع معه المصانعة لطيب اصله اما شياطين الجن فلا ينفع معهم مصانعة ولا مداراة ولا عطايا ولا هبات وانما الطريق الوحيد هو كثرة الاستعاذة. ولذلك من يعاني من الوساوس والخواطر عليه ان يكثر من ذلك ويجتهد فيه والا يلتفت الى هذه الامور فانها لا تضره ولا تنقص مرتبته ولكن الشيطان يقلق حينما يراه وفي صلاح وفلاح وهدى واستقامة. فيحرك نفسه ويجلب عليه من اجل ان يشوش فكره وان يحزنه بعد ان يئس من النيل منه ومن اسقاطه واظلاله كذلك ايضا ايها الاحبة نحن حينما نريد القراءة فنحن نتطهر لها فان ذكر الله تبارك وتعالى مع الطهارة اكمل وافضل. فهذه طهارة حسية بقي معها نوع اخر من الطهارة يحصل بها الكمال مع الطهارة الاولى وهي الطهارة المعنوية. هذه الطهارة المعنوية هي التي تكون بالاستعاذة ولابد. فيحصل للعبد طهارتان طهارة قسية بالماء او ما يقوم مقامه وما ينضاف الى ذلك من المكملات مع تلك الطهارة كالسواك فانه مطهرة الفم والعبد مأمور عند الصلاة وعند القراءة ان يطهر فاه السواك تبقى طهارة اخرى وهي تطهير الفم والمكان من الشيطان لئلا يشغله ويكون ذلك ايضا تطهيرا لهذه الافواه من الرفث وكذلك اللغو فتكون مطيبة مهيئة القراءة لان الشيطان يساكن المواطن التي يكثر فيها الخبث الحسي والخبث المعنوي فاذا كانت الافواه مشغولة باللغو والقيل والقال والغفلة والنميمة والكذب وقول الزور وما الى ذلك فان الشياطين تجد بغيتها في تلك الافواه ويحتاج العبد الى شيء من التطييب وذلك بالاستعاذة وهكذا ايضا ايها الاحبة الملائكة تدنو من قارئ القرآن وتستمع قراءته والشيطان عدو الملك فامر القارئ ان يطلب من الله تبارك وتعالى المباعدة بينه وبين عدوه ابليس ومن انضم تحت رايته من الشياطين من ان يحضروه عند هذه القراءة فتحضر الملائكة والملائكة لا يجتمعون مع الشياطين بحال من الاحوال كذلك ايضا هذه الاستعاذة ايها الاحبة قبل القراءة هي شعار بانما سيأتي بعدها هو هو القرآن فنحن اذا اردنا ان نتكلم بكلام غير القرآن فاننا لا نبدأ بالاستعاذة ولا يشرع ذلك فيه وانما تكون مقدمة لتلاوة القرآن فتتهيأ النفوس لاستماعه وتلقيه كذلك ايضا هذا الشيطان ايها الاحبة يذكر الانسان بامور كثيرة اثناء هذه القراءة كما سبق فاذا لم يستطع فانه يصرف قلبه عن التدبر فيقرأ الانسان الجزء والجزئين والثلاثة ولربما لو شغله شاغل او صرفه صارف ثم بعد ذلك رجع الى مصحفه ينظر حينما اطبق مصحفه اين بلغ في هذه القراءة لربما تلتبس عليه الاجزاء؟ لماذا ايها الاحبة؟ لانه لم يعقل من قراءته شيئا هو لا يدري قرأ هذا الوجه او ذاك او هذا الجزء او ذاك فيبدأ يفتش ويقلب الصفحات مع ان عهده بذلك قبل دقائق وهكذا لربما يكون الانسان في قراءته المتحدة المتصلة يقرأ الانسان لربما في يوم الجمعة يقرأ سورة الكهف فيجد نفسه واضرب لهم مثل الرجلين جعلنا لاحدهما جنتين من اعناب. ثم يتذكر كانه انه لم يقرأ قصة اصحاب الكهف ولم تمر عليه وانه سرعان ما وصل الى قصة الرجلين فيبدأ يقلب النظر هل قرأ ذلك او قفزه؟ هذا كله من عمل الشيطان. احيانا يتذكر الانسان بعض الايات يريد ان يقف عندها تشوف لها حينما يهم بقراءة سورة من السور ثم يفاجأ انه في السورة التي بعدها. اين كان من تلك الايات التي كان يتطلع لقراءتها وتدبرها اطبق الشيطان على قلبه فانساه ذلك جميعا فكان لسانه يقرأ لكن قلبه بمعزل فيحول الشيطان بين العبد وقلبه فلا يدرك ولا يعقل من قراءته ولا من صلاته شيئا فيحتاج الى هذه الاستعاذة. كذلك ايضا حرص الشيطان يشتد على ابن ادم حينما يهم بالامور النافعة ومعالي هذه الامور والكمالات فاذا اقبل العبد على شيء ينفعه فان الشيطان بالرصد فيكون مشتغلا بصده وصرفه ليقطع عليه الطريق فهو بحاجة الى مدافعته وعندما يدفع وانما يدفع بهذه الاستعاذة هذا ما يتعلق الاستعاذة وغدا ان شاء الله تعالى نقف وقفات مع البسملة واسأل الله عز وجل ان ينفعني واياكم بما سمعنا وان يجعلنا واياكم هداة مهتدين تجدون مثل هذه الفوائد مفصلة في كلام اهل العلم كالحافظ ابن القيم رحمه الله في بعض كتبه كاغاثة الله فان ويذكر ذلك جمع من المفسرين فنسأل الله تبارك وتعالى لنا ولكم السداد والهدى والتوفيق والرشاد. اللهم ارحم موتانا واشفي مرضانا وعافي مبتلانا واجعل اخرتنا خير من دنيانا واسأله تبارك وتعالى ان يجعل القرآن ربيع قلوبنا ونور صدورنا وذهاب احزاننا وجلاء همومنا. اللهم ذكرنا فمنه ما نسينا وعلمنا منه ما جهلنا وارزقنا تلاوته اناء الليل واطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه