الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته نشرع في هذه الليلة ان شاء الله بالكلام على سورة البقرة من جهة ما يستخرج من هذه السورة واياتها من الهدايات فاول ما يذكر في ذلك وبعض المقدمات التي تتعلق بهذه السورة واول هذه المقدمات ما يتصل اسمائها فان اسمها المشهور الذي يعرفه كل احد وسورة البقرة قد جاء ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم والاصل ان اسماء السور كما هو معلوم توقيفية بمعنى ان اسماء السور في الاصل متلقاة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام وان كان من الناحية العملية او الناحية الواقعية ان بعض الاسماء سمى بعض السور بعض السلف وبعض ما يذكر على انه من اسماء السور الواقع انه من قبيل الاوصاف وهذه السورة على كل حال تسمى بسورة البقرة هذا الاسم الوحيد وكذلك ايضا يقال لها مع سورة ال عمران الزهراوان وقد يكون ذلك من قبيل الوصف كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم اقرأوا الزهراوين البقرة وسورة ال عمران واما ثانيا ففي الاشارة الى بعض ما صح من فضائل هذه السورة كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال لا تجعلوا بيوتكم مقابر ان الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة الذي تقرأ فيه وقد ذكرنا في بعض المناسبات ان بناء الفعل هنا للمفعول ان ذلك يدل على ان وقوع القراءة بحد ذاته يكون سببا لطرد الشيطان سواء كان ذلك بقراءة احد من اهل البيت او بقراءة مجموعة منهم يعني يقرأ هذا بعضا منها وهذا يقرأ بعضا منها لو اقتسموها وقد يكون ذلك عن طريق المسجل قراءة مسجلة وان كان بالقراءة المباشرة ابلغ لان النبي صلى الله عليه وسلم قال الذي تقرأ فيه تقرأ فيه. ما قال الذي يقرأ اهله سورة البقرة بمجرد قراءة سورة البقرة بمكان في هذا البيت فان ذلك مؤذن طرد الشياطين الى غير ذلك من الفضائل وهذه السورة ايها الاحبة هي من اجل واعظم سور القرآن وهي كما نعلم اطول سوره وقد كان اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اذا حفظ الرجل البقرة وال عمران جل او جد في اعينهم وذلك كثرة ما تضمنته هاتان السورتان من الهدايات والعقائد والاصول الكبار لهذا الدين بالاضافة الى كثرة الاحكام والتشريعات كما سيأتي ان شاء الله كذلك ايضا لو نظرنا الى احوالهم ونظرهم وتعاملهم مع هذه السورة فاننا نجد شيئا عجبا. هذه المعازف ايها الاحبة لا تجوز لا في المساجد ولا في خارج المساجد وينبغي ان ينكر على من صدر ذلك منه انسان يتقرب الى الله عز وجل او انه يتعرض لمساخطه في بيته الذي رفع من اجل اقامة ذكره بمثل هذه المزامير مزامير الشيطان وعلى كل حال فهذا عمر رضي الله تعالى عنه كما اخرج البيهقي في الشعب بقي يتعلم سورة البقرة في اثنتي عشرة سنة فلما ختمها نحر جزورا فهذه المدة الطويلة لا شك انه كان يتفهم ما فيها من المعاني والهدايات والعقائد والاحكام والا فهو ذو قدرة على حفظها في ايام ولكن هكذا كانوا يتعلمون القرآن يتعلمون الفاظه ويتعلمون ايضا ما حواه من الهدايات بقي هذه المدة وفرحا واستبشارا بحفظها نحر جزورا بعدما حفظها في ثنتي عشرة سنة ويؤخذ من هذا جواز اظهار الفرح بحفظ القرآن والاحتفال بذلك وما تقيمه الجمعيات الخيرية او الحلق القرآنية من احتفال بهذه المناسبة هذا امر لا غضاضة فيه وليس من البدع لكن لو ان الواحد اراد ان يقيم حفلا حفظه للقرآن يتكرر في كل سنة. في هذا التوقيت بهذه المناسبة فيكون ذلك من قبيل البدع. ففرق بين ان يقام ذلك مرة بهذه المناسبة. كان يحتفل الانسان انه تخرج من مدرسة او من الجامعة او نجح في الاختبار او تفوق او انه قد حفظ كتاب الله تبارك وتعالى هذا لا اشكال فيه لكن ان تحول هذه المناسبة الى عيد يعود ويتكرر لكل تاريخ او وقت يوافق هذا الزمان الذي حفظ فيه فيحتفل ثانية فهذا لا يجوز اما الذي تقيمه الجمعيات الخيرية يقام حفل سنوي في تاريخ معين او متقارب فهم لا يقيمونه لنفس الحفظة الذين حفظوا في العام الماضي يحتفلون بهم مجددا لا وانما يحتفلون باخرين فهذا لا اشكال فيه بل هذا الفضل من الله تبارك وتعالى هو الذي ينبغي الفرح به لا بحطام الدنيا قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ايضا ذكر الامام مالك رحمه الله في الموطأ ان عبد الله ابن عمر رضي الله تعالى عنهما مكث على سورة البقرة ثمان سنين يتعلمها هذه المدة ايضا طويلة هذه مدة طويلة وهذا يدل على شرف هذه السورة وكذلك يدل على عظم ما تضمنته والشاعر المعروف الذي كان من شعراء الجاهلية ثم بعد ذلك هداه الله عز وجل للاسلام لبيد ابن ربيعة وهو من اشعر الشعراء وقد جاء عن الشافعي رحمه الله انه قال ولولا ان الشعر بالعلماء يزري لكنت اليوم اشعر من لبيدي. يعني يضرب به المثل في الشعر. بعدما اسلم رحمه الله رضي عنه كان يقول ما كنت لاقول بيتا من الشعر بعد اذ علمني الله البقرة وقال عمران تصور هذا الشاعر مجيد مشهور اشتهر بالشعر فاذا تخلى عن الشعر يكون قد تخلى عن سبب شهرته ومعرفة الناس به انما عرفوه بهذا الشعر فلما تعلم سورة البقرة وال عمران كان يقول ما كنت لاقول بيتا من الشعر بعد اذ علمني الله البقرة وال عمران الشيخ محمد الصالح العثيمين من المعاصرين على سبيل المثال استخرج من سورة البقرة من الفوائد المتعلقة بالاعتقاد او الاحكام وكذلك الاداب ما يزيد على الفين وخمس مئة فائدة استخرجها الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله من سورة البقرة فقط ولا تستغربون اذا كان صاحب التفسير الكبير يقول بانه يستخرج من البسملة فقط الف مسألة ومن سورة الفاتحة عشرة الاف مسألة والعلماء رحمهم الله استخرجوا من اشياء مثل حديث يا ابا عمير ما فعل النغير حديث قصير يداعب فيه النبي صلى الله عليه وسلم صبيا. بعضهم استخرج منه نحو مئة مسألة مثل هذا الغوص وهذه القدرة على الاستنباط اذا كان من هذا الحديث فقط الا يستغرب ان يستنبط هذا العدد واكثر من هذا العدد من هذه السورة العظيمة حيث تضمنت هذه السورة الواحدة جميع ما يحتاج اليه الناس بدينهم باصوله وفروعه قد افتتحها الله تبارك وتعالى بالايمان بالكتب والرسل ووسطها بالايمان بالكتب والرسل وختمها بالايمان بالكتب والرسل وذلك ان الايمان بالكتب والرسل هو عمود الدين وقاعدته وجماعه كما يقول شيخ الاسلام رحمه الله في الجواب الصحيح فهي تؤكد هذه القضية وترسخها وكذلك فيها من التفاصيل الكثيرة مما يتصل باليهود حيث قص الله عز وجل من قصصهم على نبيه صلى الله عليه وسلم وعلى هذه الامة اكثر مما ذكر في غيرها من السور اكثر مما ذكر في سورة ال عمران. في سورة ال عمران تحدث في سياق طويل عن النصارى وذلك كما قال شيخ الاسلام رحمه الله بان سورة البقرة نزلت اول مقدمه صلى الله عليه وسلم الى المدينة وكان الذين يجاورونه فيها هم اليهود وكانت هذه السورة في المدينة بعد القرآن المكي الذي كان يتنزل بالكلام عن حقائق الايمان بالله تبارك وتعالى واليوم الاخر. وما الى ذلك مما كان ينكره المشركون. فجاءت التشريعات مبسوطة في هذه السورة وجاء الحديث عن اليهود الذين كانوا يجاورون المسلمين بالمدينة النبوية بينما تأخر نزول سورة ال عمران وهي تتحدث في سياق طويل عن النصارى وذلك ان النصارى كانوا بعيدين عن المدينة وقد وقدم وفدهم متأخرا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من نجران كذلك ايضا لما كان اكثر دعائه صلى الله عليه وسلم في اول الامر للمشركين في السور المكية جاء الحديث في سياقات كثيرة في الرد عليهم ومجادلتهم وبيان تهافت دعاويهم وعقائدهم وفساد ما هم عليه من الاشراك لانهم يجاورونه في مكة في المدينة اصبح الذين يجاورونه اليهود فجاء الحديث في سورة البقرة مفصلا عن اليهود وعن اخبارهم واحوالهم مع المسلمين وكذلك ايضا ذكر الله تبارك وتعالى في اخرها احكام الاموال وجعلها على ثلاثة اصناف عدل وفضل وظلم فالعدل البيع ذكر فيها احكام البيع والظلم الربا فجاء فيها بيان حرمة الربا والفضل هو الصدقة وجاء في سياق طويل في الكلام على الصدقات وفضل الصدقات وما يؤثر عليها او يبطلها وكذلك ايضا ذكر الله تبارك وتعالى فيها ما يتصل بالمعاملات المالية من البيع والدين ونحو هذا كما ذكر شيخ الاسلام رحمه الله فهذه السورة لو اردنا ان نستعرض الموضوعات التي تحدثت عنها فهي في غاية الكثرة تحدثت عن تقرير اصول العلم وقواعد الدين فتح الله تبارك وتعالى بذكر كتابه الهادي للمتقين. فوصف حال اهل الهدى ثم الكافرين ثم المنافقين هذه جمل خبرية ذكرها الله في صدر هذه السورة. ثم ذكر بعدها الجمل الطلبية فكان اول امر في القرآن الامر بعبادة الله وحده لا شريك له ثم ذكر الدلائل على ذلك من فرش الارض وبناء السماء وانزال الماء واخراج الثمار رزقا للعباد. ثم قرر الرسالة وذكر الوعد والوعيد ثم ذكر مبدأ النبوة والهدى وما بثه في العالم من الخلق والامر ثم ذكر تعليم ادم الاسماء واسجاد الملائكة لادم لما شرفه الله تبارك وتعالى عليهم بما شرفه من العلم ثم ذلك ايضا تقرير لجنس ما بعث الله عز وجل به نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم من الهدى ودين الحق فقص جنس دعوة الانبياء ثم انتقل الى خطاب بني اسرائيل كما ذكرت في سياق طويل وقصة موسى صلى الله عليه وسلم معهم وضمن ذلك تقرير نبوة موسى عليه الصلاة والسلام وهو كما يقول شيخ الاسلام رحمه الله قرين النبي محمد صلى الله عليه وسلم فذكر الله تبارك وتعالى ادم الذي هو اول نبي. وذكر موسى الذي هو نظير ادم عليهم الصلاة والسلام وذلك انهما احتجا كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لما احتج موسى على ادم في اخراجهم من الجنة واجابه ادم عليه الصلاة والسلام بان ذلك امر قد قدره الله عليه يعني كيف يلومه على امر قد قدر عليه وكذلك ايضا فيما يتعلق بالاعتذار حينما تطلب منهما الشفاعة. فادم صلى الله عليه وسلم اعتذر اعتذر بالاكل من الشجرة وموسى عليه الصلاة والسلام اعتذر بقتل النفس قتل ذلك الغبطي فغفر الله عز وجل له وغفر لادم اكله من الشجرة فتاب عليه وذكر خبره في هذه السورة وكان في قصة موسى عليه الصلاة والسلام ايضا الرد على الصابئة ومن شابههم ممن يقر بجنس النبوات ولا يوجب اتباع ما جاءوا به ففي قصة موسى صلى الله عليه وسلم ما يدل على الالزام بالاتباع وكيف ان بني اسرائيل حينما ابوا اتباعه حل بهم ما حل من الطرد واللعن وكذلك ما وقع ايضا لفرعون وقومه وكذلك ايضا فيها الرد على اهل الكتاب مما جاء في مضامينها من الامر بالايمان بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وتقرير نبوته وذكر حال من عدل عن النبوة الى السحر كما هو وقع ذلك لبني اسرائيل. لما نبذوا كتاب الله تبارك وتعالى وراء ظهورهم كانت النتيجة انهم اتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان فاستعاضوا بالسحر عن الوحي والهدى والنبوة وذكر تبارك وتعالى في هذه السورة ايضا النسخ الذي ينكره بعضها وذكر ايضا النصارى وان الامتين لن يرضوا عنه حتى يتبع ملتهم كذلك ايضا بين في هذه السورة شرائع الاسلام التي على ملة ابراهيم فذكر ابراهيم صلى الله عليه وسلم الذي هو امام الحنفاء وذكر بناء البيت الذي بتعظيمه يتميز اهل الاسلام وكذلك ايضا ذكر استقباله وقرر ذلك فانه شعار الملة بين اهلها وغيرهم ولهذا يقال اهل القبلة للمنتسبين اليها من هذه الامة ولا يقال ذلك لغيرهم وكذلك ذكر من المناسك ما يختص بالمكان وذلك ان الحج له مكان وزمان والعمرة لها مكان فقط. والعكوف والركوع والسجود ايضا شرع فيه وكذلك ايضا هذه الامور لا تتقيد به ولا بمكان ولا بزمان ولكن الصلاة تتقيد باستقباله فذكر تبارك وتعالى هذه الانواع الخمسة من العكوف والصلاة والطواف والعمرة والحج والطواف يختص بالمكان فقط كما سبق ثم اتبع ذلك ما يتعلق بالبيت من السعي بين الصفا والمروة وانه لا حرج على من سعى بينهما خلافا لما كان يتوهمه من يتوهمه يظنون ان ذلك من امور الجاهلية وكذلك ايضا جاء ذكر الطواف بعد العبادات المتعلقة بالبيت بل وبالقلوب والابدان والاموال بعدما امروا به من الاستعانة بالصبر والصلاة الذين لا يقوم الدين الا بهما. وكان ذلك مفتاح الجهاد المؤسس على الصبر بعد ما امر الاستعانة بالصبر والصلاة واقام دعائم الدين لان ذلك من تمام امري البيت لان اهل الملل كما يقول شيخ الاسلام رحمه الله لا يخالفون فيه فلا يقوم امر البيت الا بالجهاد عنه وذكر الصبر على المشروع والمقدور وبين ما انعم به على هذه الامة من البشرى للصابرين فانها اعطيت ما لم تعطى الامم قبلها فكان ذلك من خصائصها وشعائرها كالعبادات المتعلقة بالبيت. ولهذا يقرن تبارك وتعالى بين الحج والجهاد لدخول كل منهما في سبيل الله فاما الجهاد فهو اعظم سبيل الله بالنص والاجماع كما يقول شيخ الاسلام رحمه الله وكذلك الحج في الاصح كما قال الحج من سبيل الله وبين ان هذا معروف عند اهل الكتاب ذلك بذمه تبارك وتعالى لكاتم العلم. ثم ذكر انه لا يقبل دينا غير هذا الدين. ففي اولها فلا تجعلوا لله اندادا وفي اثنائها ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا فالاول نهي عام والثاني نهي خاص. وذكرها بعد البيت لينتهى عن قصد الامداد المضاهية له ولبيته من الاصنام والمقابر ونحو ذلك ووحد نفسه قبل ذلك وانه لا اله الا هو الرحمن الرحيم. ثم ذكر وما يتعلق بتوحيده من الايات ثم ذكر الحلال والحرام واطلق الامر في المطاعم لان الرسول صلى الله عليه وسلم بعث بالحنيفية السمحة وشعارها وهو البيت وذكر سماحتها في الاحوال المباحة. يعني الاصل في المطعومات الحلم وفي الدماء بما شرعه من القصاص تناول ذلك وبينه ومن اخذ الدية ثم ذكر العبادات المتعلقة بالزمان فذكر الوصية المتعلقة بالموت ثم الصيام المتعلق برمضان وما يتصل به من الاعتكاف ذكره في عبادات المكان وعبادات الزمان فانه يختص بالمسجد وبالزمان استحبابا يعني ان من اهل العلم من يقول ان الاعتكاف انما يكون في رمضان وبعضهم يقول انما يكون مع الصوم. وبعضهم يقيده بوقت يعني بيوم وليلة او بليلة او بيوم او بما يكون طويلا في العرف يعني انه يكون من قبيل المكث الطويل فذلك هو العكوف. وكذلك ايضا وسط ذلك بين قاف والصلاة لان الطواف يختص بالمسجد الحرام والصلاة تشرع في جميع الارض والعكوف يكون بينهما ثم اتبع ذلك بالنهي عن اكل الاموال بالباطل واخبر ان المحرم نوعان نوع لعينه كالميتة ونوع لكسبه كالربا والمغصوب فاتبع المعنى الثابت بالمحرم الثابت تحريمه لعينه وذكر في اثناء عبادات الزمان المنتقل الحرام المنتقل ولهذا اتبعه بقوله يسألونك عن الاهلة الاية وهي اعلام العبادات الزمنية. واخبر انه جعل هذه الاهلة مواقيت للناس في امر دينهم ودنياهم وللحج يقول شيخ الاسلام تحجه الملائكة والجن فكان هذا ايضا في ان الحج مؤقت بالزمان كانه مؤقت بالبيت المكاني يقول ولهذا ذكر بعد هذا من احكام الحج ما يختص بالزمان مع ان المكان من تمام الحج والعمرة. وذكر المحصر وذكر تقديم الاحلال المتعلق بالمال وهو الهدي عن الاحلال المتعلق بالنفس وهو الحلق وان المتحلل يخرج من احرامه في حل بالاسهل فالاسهل. ولهذا كان اخر ما يحل عين الوطا فانه اعظم المحظورات ولا يفسد النسك بمحظور سواه. وذكر التمتع بالعمرة الى الحج لتعلقه بالزمان مع المكان. فانه لا يكون تمتعا حتى يحرم بالعمرة في اشهر الحج. وحتى لا يكون اهله حاضر المسجد الحرام. وهو الافقي فانه الذي يظهر التمتع في حقه لترفهه بسقوط احد السفرين عنه اما الذي هو حاضر فسيان عنده تمتع او اعتمر قبل اشهر الحج ثم ذكر وقت الحج وانه اشهر معلومات وذكر الاحرام والوقوف بعرفة ومزدلفة فان هذا مختص بزمان ومكان ولهذا قال فمن فرض فيهن الحج. ولم يقل والعمرة لانها تفرض في كل وقت ولا ريب ان السنة فرض الحج في اشهره ومن فرض قبله قال فالسنة فاما ان يلزمه ما التزمه كالنذر اذ ليس فيه نقض للمشروع وليس كمن صلى قبل الوقت. يعني العلماء اختلفوا في صحة الدخول في نسك الحج قبل اشهر الحج. فمنهم من اجازه ومنهم من منع منه فشيخ الاسلام يشير الى هذا ويقول يفترق ذلك عن الصلاة قبل دخول الوقت وذكر على كل حال احوال هؤلاء والاقوال في ذلك ثم يقول امر عند قضاء المناسك بذكره قضاؤها والله اعلم قضاء التفث والاحلال ولهذا قال بعد ذلك واذكروا الله في ايام معدودات. وهذا ايضا من العبادات الزمانية المكانية وهو ذكر الله تعالى مع رمي الجمار ومع الصلوات. ودل على انه مكاني قوله فمن تعجل في يومين وانما يكون التعجيل والتأخير في الخروج من المكان ولهذا تضاف هذه الايام الى مكانها فيقال ايام منى والى عملها فيقال ايام التشريق كما يقال ليلة جمع وليلة مزدلفة ويوم عرفة ويوم الحج الاكبر ويوم العيد ويوم الجمعة تضاف الى الاعمال واماكن الاعمال اذا الزمان تابع للحركة والحركة تابعة للمكان. يقول فتدبر تناسب القرآن وارتباط بعضه ببعض. وكيف ذكر احكام الحج فيها في موضعين مع ذكر بيته وما يتعلق بمكانه وموضع ذكر فيه الاهلة فذكر ما يتعلق بزمانه وذكر ايضا القتال في المسجد الحرام والمقاصة في الشهر الحرام لان ذلك مما يتعلق بالزمان المتعلق بالمكان. ولهذا قرن سبحانه ذكر كون الاهلة مواقيت للناس والحج وذكر ان البر ليس ان يشقي الرجل نفسه ويفعل ما لا فائدة فيه من كونه يبرز للسماء فلا يستظل بسقف بيته حتى اذا اراد دخول بيته لا يأتيه الا من ظهره فاخبر ان الهلال الذي جعل ميقاتا للحج شرع مثل هذا وانما تضمن شرع التقوى ثم ذكر بعد ذلك ما يتعلق باحكام النكاح والوالدات وما يتعلق بالاموال والصدقات والربا والديون وغير ذلك ثم ختمها دعاء العظيم المتضمن وضع الاثار والاغلال والعفو والمغفرة والرحمة وطلب النصر على القوم الكافرين الذين هم اعداء ما شرعه من الدين في كتابه المبين. هذا حاصلوا كلام شيخ الاسلام رحمه الله في مضامين هذه السورة وترابط الموضوعات التي فيها وعلى كل حال لعلي اتوقف عند هذا وبقي في هذه المقدمات بقية لعلي ان شاء الله تعالى اتي عليها الليلة الاتية والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه