الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته يقول الله تبارك وتعالى في جملة ما ذكره من خبر بني اسرائيل وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون لما ذكر قولهم قبله انه لن يدخل الجنة الا من كان هودا او نصارى قال تلك امانيهم قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين بلى من اسلم وجهه لله وهو محسن فله اجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون فهؤلاء هم الذين يدخلون الجنة ثم بعد ذلك ذكر حال هؤلاء من اهل الكتاب من اليهود والنصارى كيف كان بعضهم يضلل بعضا ويكفر بعضهم بعضا وهم يتلون الكتاب المنزل عليهم ولم يقف ذلك على هؤلاء بل قال الذين لا يعلمون من اهل الاشراك ممن لم ينزل عليهم كتاب قالوا مثل قولهم يعني قالوا بان اليهود والنصارى ليسوا على شيء. والمقصود ان الاية التي قبل هذه وهي قوله وقالوا لن يدخل الجنة الا من كان هودا او نصارى كما ذكرنا في الليلة الماضية ان هذا بمعنى اعني او بمعنى التقسيم ان اليهود قالوا لن يدخل الجنة الا من كان يهوديا والنصارى قالوا لن يدخل الجنة الا من كان نصرانيا. ويدل لهذا المعنى هذه الاية ان كل طائفة تنفي عن الاخرى انها على شيء من الدين الصحيح تنفي عنها انها على حق او على جادة صحيحة وهم يقرأون التوراة والانجيل وفيهما وجوب الايمان بجميع الانبياء عليهم الصلاة والسلام والايمان بجميع الكتب المنزلة فكون ذلك يصدر عنهم فيكفرون بعيسى صلى الله عليه وسلم عن اليهود او ان النصارى يكفرون بما جاء به موسى صلى الله عليه وسلم وهم يجدون في كتبهم لزوم الايمان بذلك جميعا. كذلك قال الذين لا يعلمون من اهل الاشراك كقولهم يعني ان كل من خالف ما هم عليه من الشرك يقولون بانه ليس على شيء فالله يحكم بينهم. يفصل بينهم يوم القيامة فيما اختلفوا فيه من امر الدين ويجازي كلا بعمله يؤخذ من هذه الاية الكريمة وقالت اليهود ليست النصارى على شيء ما جاء عن الامام احمد رحمه الله في هذه الطوائف المختلفة في الكتاب المخالفة له من اهل الكتاب ومن طوائف هذه الامة التي فارقت الجماعة وركبت الضلالة يقول بانهم مختلفون في الكتاب مخالفون للكتاب مجمعون على مفارقة الكتاب قد جمعوا وصفي الاختلاف الذي ذمه الله تبارك وتعالى في كتابه كما يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله فالله ذم الذين خالفوا الانبياء والذين اختلفوا على الانبياء كل هؤلاء في موضع الذم ويؤخذ من قوله تبارك وتعالى وقالت اليهود ليست النصارى على شيء يؤخذ منها شدة العداوة بين اليهود والنصارى وانهم لا يرون انهم على دين صحيح اصلا لكنهم يجتمعون في حرب المسلمين ولو ان ذلك وجه واستغل من قبل اهل الايمان لاشتغل بعض هؤلاء ببعض فبينهم من العداوة ما لا يقادر قدره بل ان بين اهل الطائفة الواحدة من العداوة والتفرق والاختلاف والتكفير ما لا يعلمه الا الله ولا يحصيه الا الله. طوائف اليهود اليهود على فرق مختلفة متناحرة يكفر بعضها بعضا والنصارى على طوائف وفرق وتحت كل فرقة من الفرق ما لا يحصيه العاد النصارى يفترقون الى ارثوذكس وتحتهم طوائف وينقسمون ايضا ويفترقون الى كاثوليك ويفترقون ايضا الى بروتستانت وكل فرقة تكفر الاخرى وتعاديها وترى انها على ضلالة وانها لا تمثل من الحق قليلا ولا كثيرا ولو ان هذا استغل من قبل المسلمين لاشتغل بعض هؤلاء ببعض اشتغل بعضهم ببعض ولكنهم اجتمعوا على حربنا يجتمع الذي في الكنيسة الشرقية هناك في روسيا مع صاحب الكنيسة الغربية وبينهم من العداوة ما لا يعلمه الا الله يكفر بعضهم بعضا وهم نصارى ولكن يجتمعون في حرب هذه الامة. يؤخذ من قوله تبارك وتعالى وقالت اليهود ليست النصارى على شيء ليست النصارى على شيء. اذا القضية ليس ان هؤلاء يختلفون معهم في مسائل فرعية او جزئية او قضايا قابلة الاخذ والرد ليسوا على شيء يعني يرون انهم على دين مختلق باطل والنصارى يرون ان اليهود على دين مختلق باطل فهم يتراشقون بالكفر وتتعصب كل طائفة لما عندها وهذا ذكره الله عز وجل لهذه الامة لتحذر من الوقوع في مثل ذلك فلا يصح لمن كان من اتباع هذا الدين ان يتفرق فيه وان يرمي من خالفه بالكفر والضلالة من غير موجب شرعي فيكون قد شابه هؤلاء من اهل الكتاب. كل طائفة يعني ممن ينتسب الى الاسلام حينما يشابهون هؤلاء تأخذ ببعض الدين او تأخذ بقضايا قد دخلها ما دخلها من التبديل والتحريف والتغيير والبدع والاهواء ثم بعد ذلك ترمي من خالفها الكفر والضلالة والله تبارك وتعالى قد جاء بهذا الدين كاملا شاملا وسمانا المسلمين وكان الجيل الاول الذين تلقوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الدين نقيا ينتسبون الى الاسلام فحسب لا يوجد بينهم مذاهب ولا طوائف ولا فرق انما ينتسبون الى النسب الشرعية وهم قد حققوا ما امرهم الله عز وجل به من قوله واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وحينما وقع بينهم القتال في الفتنة لم يؤدي ذلك الى تضليل بعضهم لبعض ولا تكفير بعضهم لبعض فكان بعضهم يشهد للاخر بالفضل والخيرية ويشهد له ان كان ذلك قد جاء عن الشارع يشهد له بالجنة وكان علي رضي الله عنه مع ما وقع من القتال مع اهل الشام يقول اني لارجو ان اكون انا وعثمان وطلحة في الجنة فهذا كان حالهم مع وجود مع وجود القتال فكانوا مجتهدين متأولين في ذلك اما الخلاف الذي ذمه الله تبارك وتعالى وهو ان يحصل التنازع بين طوائف الامة فيضلل بعضهم بعضا فهذا الدين ايها الاحبة الذي انزله الله على نبيه صلى الله عليه وسلم انزله نقيا كاملا شاملا لا يجوز لاحد ان يجزئه فيأخذ ببعض هذا الدين ثم بعد ذلك يتعصب لمن دخل معه في هذه الاعمال و يكون من لم يدخل معه مذموما معيبا فضلا عن ان يكون ضالا في نظره فهذا يكون من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا فمن اراد السلامة والنجاة والخلاص من هذا كله فليكن على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه رضي الله تعالى عنهم وارضاهم حيث لم يحصل بينهم هذا الشر والتفرق والاختلاف والتحول الى طوائف متنازعة فيسعنا ايها الاحبة ما وسعهم. ويكفينا ما كفاهم وفي هذا عبرة لمن اعتبر وتبصره لمن تبصر ويؤخذ من قوله تبارك وتعالى وهم يتلون الكتاب ان العتب على من نزل عليهم الهدى والوحي حينما يقع منهم الانحراف او التفرق ان ذلك يكون اعظم في حقهم والجرم يكون اشد ومن ثم فان العقوبة تكون اشنع فهؤلاء اهل الكتاب ويتلون في هذا الكتاب وكما قيل على قدر المقام يكون المنام فاذا كان هذا الذنب قد توجه لاهل الكتاب فان الذم الذي يتوجه لهذه الامة التي هي اشرف واعظم واكمل واعلم ونبيها اكرم واعظم وكتابها اشرف الكتب واعظم الكتب فان الذنب الذي يلحقهم حينما يفعلون فعل اولئك يكون اشد والنصوص الواردة في النهي عن التنازع والتفرق كثيرة جدا في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومع ذلك نجد من الاحوال التي تخالف ذلك وتضاده شيئا كثيرا امه نزل عليها نصوص كثيرة مستفيضة في هذا الباب تنهاهم تزجرهم عن الاختلاف وتأمرهم بالاجتماع ثم بعد ذلك يقع بينهم هذا الذي حذرهم الله عز وجل منه ويؤخذ من قوله تبارك وتعالى فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون. هذا خبر يراد به التوبيخ والوعيد يحكم بينهم اذا سيرجعون اليه ويفصل بينهم ويجازي كلا بعمله ثم لاحظ دخول الفاء فالله يحكم بينهم يوم القيامة فهذا باعتبار ما اهو مفرع على تلك المقالات وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وكذلك ايضا قول الذين لا يعلمون فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون. فهذا الحكم مسبب عن هذه المقالات التي قالوها والدعاوى التي ادعوها ولاحظ هنا فالله يحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون ما قال فيما يختلفون فيه قدم الضمير المتعلق بهم فيما هم فيه يختلفون وذلك الاهتمام بجانب هؤلاء المختلفين الذين جعلوا دينهم على هذه الحال والمثابة فكانوا اوزاعا جعلوا دينهم زبرا تنازعوه بينهم كما قال الحافظ ابن القيم رحمه الله صار لكل طائفة من الكتب التي تعتمدها وترجع اليها وتنبذ ما سواها فهذا فعل هؤلاء من اهل الكتاب وتقديم هنا الظرف في فيه على متعلقه يختلفون للاهتمام به وايضا لمراعاة فواصل الايات هذا ما يتعلق بهذه الاية الكريمة. واسأل الله عز وجل ان ينفعنا واياكم بما سمعنا وان يجعلنا واياكم هداة مهتدين. والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اذا كان لديكم سؤال نعم اتجدن اشد الناس عداوة الذين امنوا اليهود والذين اشركوا ان اقربهم مودة الذين امنوا الذين قالوا انا نصارى كمل الاية ذلك بان منهم قسيسين ورهبان وانهم لا يستكبرون واذا سمعوا ما انزل الى الرسول ترى اعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا امنا فاكتبنا مع الشاهدين. وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع ان يدخلنا ربنا امنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم فهذا فيمن امن منهم كالنجاشي ونحوه والله اعلم. اما هؤلاء الذين يحاربون المسلمين وعرفوا الحق فهم جمعوا بين الغضب والضلال والله اعلم لا اله الا