بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه ايها الاخوة والاخوات سلام الله عليكم ورحمته وبركاته. وحياكم الله جميعا ومرحبا بكم مجددا حيثما كنتم مع هذه الحلقة من تفسير سورة الزمر مع الاية الخامسة الخامسة او الثالثة والخمسين من سورة الزمر مع قول الله جل جلاله بعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم هذا بلاغ قرآني وخطاب رباني لجميع المسرفين على انفسهم من الكفرة والفسقة وغيرهم دعوة لهم الى التوبة والانابة وبشارة لهم بان الله يغفر الذنوب جميعا لمن تاب منها ورجى عنها مهما عظمت مهما بلغت مهما كثرت وان كانت مثل زبد البحر الاية تتحدث عن المغفرة للتائبين لان الشرك لا يغفر لمن لم يتب منه لقول الله جل جلاله ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء يبقى عندنا ايتان في كتاب الله عز وجل قريت سورة النساء تقول ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. فهذا لمن مات بغير توبة فمن مات بغير توبة من الشرك لم يغفر له من مات بغير توبة من الكبائر او سائر الذنوب فهو الى الله جل جلاله في خطر المشيئة ان شاء الله عذبه وان شاء الله غفر له. ومن يمت ولم يتب من ذنبه فامره مفوض لربه ابن جرير الطبري يذكر في هذه الاية اقوال اهل التأويل لكن قبل هذا نقول ان ايات سورة النساء تتحدث عن المغفرة بغير توبة اية سورة الزمر تتحدث عن المغفرة للتائبين. ان الله يغفر الذنوب جميعا لمن تابوا منها اما الذين لم يتوبوا منها فيفرق بين من من ماتوا على شرك او من ماتوا على ما دون الشرك من ماتوا على شرك لن يغفر الله لهم ان الله لا يغفر ان يشرك به ونهينا عن الاستغفار لمن مات على شرك او كفر ما كان للنبي والذين امنوا ان يستغفروا للمشركين ولو كانوا اولي قربى. من بعد ما تبين لهم انهم اصحاب الجحيم وما كان استغفار ابراهيم لابيه الا عن موعدة وعدها اياه. فلما تبين له انه عدو لله الرأمين ان ابراهيم لاواه حليم اما من مات على ما دون الشرك فهو في خطر المشيئة ويصلى عليه ويستغفر له ويوقر امره الى الله سبحانه وتعالى ان تعذبهم فانهم عبادك وان تغفر لهم فانك انت العزيز الحكيم. لقد نزلوا بالله وهو خير منزول به وهذا امر. لا يتدخل بين الله وعباده فيه دي اية سورة الزمر الطبري يقول تلف اهل التأويل من المعنيون بهذه الاية؟ فذكر ان قوما ذكروا ان المعني بها قوم من اهل الشرك قالوا لما دعوا الى الايمان كيف نؤمن وقد اشركنا وزنينا وقتلنا النفس التي حرم الله والله يعد فاعل ذلك النار كما ينفعنا مع ما قد سلف منا الايمان انزل الله هذه الاية كايات سورة الفرقان والذين لا يدعون مع الله الها اخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله الا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلقى اثاما. يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا الا من تاب فانزل الله تعالى هذه الهداية لبيان ان الايمان يجب ما قبله ان التوبة تجب ما قبلها آآ ينقل او يروى عن ابن عباس انه قال ان اهل مكة ان اهل مكة قالوا يزعم محمدا ان من عبد الاوثان ودعا مع الله الها اخر وقتل النفس التي حرم الله لم يغفر له. فكيف نهاجر ونسلم؟ وقد عبدنا الالهة ان النفس التي حرم الله ونحن اهل الشرك فانزل الله تعالى قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله اي لا تيأسوا من رحمتي ان الله يغفر الذنوب جميعا وانيبوا الى ربكم واسلموا له امرهم بالتوبة وانهم ان تابوا تاب الله عليهم وغفر الله لهم القول الثاني في تفسير هذه الاية كما ذكر ابن جرير ان المعني بهذا اهل الاسلام ان ثم يكون تأويل الكلام ان الله يغفر الذنوب جميعا لمن يشاء لمن يشاء وقالوا اصحاب هذا القول انما نزلت هذه الاية في قوم صدهم المشركون عن الهجرة وفتنوهم في دينهم فاشفقوا الا يكون لهم توبة آآ ان ابن عمر ينوي فيقول ان عمر يقول نعم كنا نقول ما لمن افتتن من توبة وكانوا يقولون ما الله بقابل منا شيئا تركنا الاسلام ببلاء اصابنا بعد معرفته فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة انزل الله فيهم قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا فكتبها عمر بيده ثم بعث بها الى هشام بن العاص يقول فلما جاءتني جعلت اقرأها ولا افهمها فوقع في نفسي انها انزلت فينا لما كنا نقول فجلست على بعيري ثم لحقت المدينة لان الله قد فتح له باب الرجاء وباب التوبة والحمد وآآ الطبري يعلق في النهاية فيقول والصواب انها تشمل هؤلاء واولئك جميع الكفرة والفسقة ممن اسرفوا على انفسهم ثم يسر الله لهم التوبة. فتح لهم ابوابها ويسر لهم اسبابها والتوبة تجب ما قبلها والاسلام يجب ما قبله نعم يقول ابن جبير واولى الاقوال في ذلك بالصواب قول من قال عنا تعالى دركه بذلك جميع من اسرف على نفسه من اهل الايمان او الشرك لان الله عم بقوله يا عبادي جميع الذين اسرفوا على انفسهم فلم يخصص به مسرفا دون مسرف لا تيأسوا من رحمة لا تقنطوا من رحمة الله. القنوط هو اليأس من رحمة الله لا تيأسوا من رحمة الله. ان الله يغفر الذنوب جميعا. ان الله يستر على الذنوب كلها ويترك عقوبة اصحابه عليها انهم تابوا واناموا المغفرة فيها امران الستر والتجاوز عن العقوبة ان الله يغفر الذنوب جميعا يستر عليها جميعا ويترك العقوبة عليها جميعا انه هو الغفور الرحيم اذا تابوا منها يبقى القنوط هو القياس من الرحمة استبعاد الفرج واليأس منه. وهو يقابل الامن من مكر الله وكلاهما ذنب عظيم لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون لا يقنط من رحمة الله الا الضالون. لا يأمن مكر الله الا القوم الخاسر فهما طرفا نقيض القنوط استبعاد الفرج واليأس منه وهو يقابل الامن من مكر الله عز وجل استبعاد رحمة الله ابعاد حصول المطلوب لا تيأسا عند الكرب من فرجة تجلو النور ان في القرآن اية هي طب للقلوب ان بعد العسر يسرا قال علام الغيوب اذا اشتمدت على اليأس القلوب وضاق لما به الصدر الرحيم واوطنت المكاره واستقرت وارست في اماكنها الخطوب ولم ترى الانكشاف الضر وجها ولا اغنى بحيلته الاريم اتاك على قنوط منك عفو يمن به اللطيف المستجيب وكل الحادثات اذا تناهت فموصول بها فرج قريب اشتدي ازمة تنفرجي قد اذن ليلك بالبلج واذا تشاء من البشائر قطرة فان الله سبحانه وتعالى يشاء ان يغيثك بالمطر نعم واذا تشاء ان تغاث بقطرة اغاثك الله جل وعلا بصيد من المطر مدرار يتدفق من عنده جل جلاله ازا اعطى ادهش بعطائه وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشروا رحمته وهو الولي الحميد ومن اجل هذا يقول الله جل جلاله يصف الانسان في ضعفه وفي تقلبه في هذا الضعف البشري المقيت واذا ادقنا الناس رحمة فرحوا بها وان تصبهم سيئة بما قدمت ايديهم اذا هم يقنطون ثم قال ومن يقنط من رحمة ربه الا الضالون وقال انه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون. وفي الحديث لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنته احد ولا يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من جنته احد. حديث رواه مسلم نعم اه ثلاثة لا تسأل عنه رجل نزع الله رداءه فان رداءه الكبرياء وازاره العزة ورجل شك في امر الله والقنوط من رحمة الله فقد وصل هؤلاء في الهلاك والبعد عن الرحمة درجة لا يسأل معها عن مصيرهم وعاقبتهم لقد سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما الكبائر قال الشرك بالله والاياس من رح الله والقنوط من رحمة الله وينبغي للمؤمن ان يكون بين الخوف والرجاء يرجو رحمة الله ويخاف ذنوبه لا يغلب جانب الرجاء فيأمن مكر الله ولا يغلب لنا جانب الخوف فييأس من روح الله عز لا تقنطوا من رحمة الله. ان الله يغفر الذنوب جميعا. انه هو الغفور الرحيم هذه الاية ومثيلاتها فيها رد على الخوارج. الذين يكفرون بالذنوب والمعاصي وايضا رد على المرجئة والجهمية الذين اختزلوا الايمان في التصديق القلبي فقط والحقيقة ان الايمان حقيقة مركبة من القول والعمل قول القلب وهو تصديقه واقراره ومعرفته قول اللسان نطقه بالشهادتين واقراره بلوازمهما قول وعمل المقصود بالعمل عمل القلب محبته وانقياده واذعانه وقبوله واخلاصه وعمل الجوارح سائر ما افترض الله على عباده من اعمال الجوارح البخاري يقول لقيت اكثر من الف رجل من العلماء بالامصار فما رأيت ان احدا منهم يختلف في ان الايمان وعملي يزيد وينقص اصل الايمان يا احبائي تصديق الخبل والانقياد للامر. من لم يحصل في قلبه التصديق والانقياد ليس بمؤمن لم يثبت له عقد الاسلام ولهذا لما جاء نفر من اليهود الى النبي صلى الله عليه وسلم. وقالوا نشهد انك لرسول الله لم يكونوا مسلمين بذلك لانهم قالوا ذلك على سبيل الاخبار عما في انفسهم مما يعلمونه من انه رسول الله. لم يقصدوا ان شاء الايمان ولا الاجابة الى الايمان. ولهذا قال فلما لا تتبعوني؟ قالوا نخاف من يهود فعلم ان مجرد العلم وان مجرد الاخبار عنه ليس بايمان حتى يتكلم بالايمان على وجه الانشاء المتضمن الالتزام والانقياد. المتضمن الاجابة الى الايمان. والدخول في الاسلام. والانخلاع مما كان عليه من الكفر والشرك وعبادة غير الله لقد استفاض عن ابي طالب اقراره بنبوة محمد. وبتصديقه. وبان دينه خير الاديان قاطبة. لقد علموا وان ابننا لا مكذب لدينا ولا يعنى بقول البواطل ولقد علمت بان دين محمد من خير اديان البرية دينا. لولا الملامة او حذار مسبة لوجدتني سمحا بذاك مبين ومع هذا فانه قد امتنع من الاقرار بالتوحيد اقرارا انقياديا يقصد به الاجابة الى الايمان والدخول في الاسلام كراهية ان يره قومه بذلك فمات يوم مات على ملة عبدالمطلب ونهي نبينا عن الاستغفار له صلوات ربي وسلامه وعليه ايضا نقول احبائي الايمان ينتقض بالردة كما ينتقض الوضوء بالحدث. المتوضأ يحدس ينتقض وضوءه الايمان يتلبس صاحبه بناقض جلي قطعي بين من نواقض الايمان فان ايمانه ينتقض كما لو الحد او فارق ملة الاسلام الى ملة اخرى او انكر شيئا مما علم من دين المسلمين بالضرورة او ردا. من القواطع المتفقة على كونها من الدين ايضا مما يعلم من المعالم الرشد في هذا الباب ان الكفر الوارد في النصوص كفران. نوع ينقل عن الملة ونوع لا ينقل عنها اه سمي كفوا اصغر ام كفر عمل؟ ام كفر مجازي آآ التسمية لا تضر اثنتان في الناس هما بهم كفر الطعن في الانساب والناحات على الميت تباب المسلم فسوق وقتاله كفر. ومن المعلوم ان الطعن والنياحة والقتل ليست من نواقض الدين وليس من اسباب الردة عن الاسلام معاصي كبائر لا يكفر صاحبها الا بالاستحلال فهذا كفر اصغر هذا يقودنا الى القاعدة عدم تكفير اهل القبلة بمطلق الذنوب الا بالاستحلال او الجحود واصحاب الكبائر دون الشرك في خطر المشيئة. ان شاء الله عذبهم وان شاء الله غفر لهم والاستحلال قد يؤول الى كفر التكذيب ان ان كان انكارا للحكم الشرعي وتكذيبا له. وقد يؤول الى كفر الرد اذا كان امتناعا عن قبول قول الحكم الشرعي ورغم الاقرار بانه من عند الله. لان اصل الايمان كما قلنا ضيق الخبر والانقياد للامر. فكل ما ال الى التكذيب او الرد فانه يعود على اصل الايمان بالنقد على التفريق بين ان المعاصي ليست سواء. وان اهل القبلة لا يكفرون بمطلق الذنوب. ان الشريعة فرقت بين والكفر من ناحية وبقية الذنوب من ناحية اخرى كقول الله سبحانه ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن شاء او بقول الله تعالى ولكن الله حبب اليكم الايمان وزينه في قلوبكم وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان اولئك هم الراشدون. ففرق بين الكفر من ناحية والفسوق والعصيان من ناحية هي الاخرى تفريق الشريعة ايضا بين العقوبة المقررة للرد عن الدين والعقوبة المقررة للمعاصي. عقوبة الردة من بدل دينه فاقتلوه. عقوبة المعاصي تفاوتها القتل او القطع او الجن فيدل هذا على ان المعاصي تختلف عن الردة وان المعاصي ليست سواء ايضا احاديث الشفاعة فيها شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لاهل الكبائر من امته ولو كان هؤلاء كفارا لكانوا مخلدين في نار جهنم ولا تنفعهم شفاعة الشافعين فاجمع اهل السنة على ان المعاصي من امور الجاهلية وان فاعلها لا يكفر بارتكابها الا بالشرك وقد بوب البخاري في صحيحه بابا فقال باب المعاصي من امور الجاهلية. ولا يكفر صاحبها بارتكابها الا بالشرك لقول النبي صلى الله عليه وسلم انك امرؤ فيك جاهلية لكن بقيت كلمة اخيرة ان المعاصي بريد الكفر كما ان الحمى بريد الموت. عندما نقول ان المعاصي من امور الجهلية لا يكفر صاحبها بارتكابها الا بالشرك لا يعني هذا التهوين امر المعصية او التقليل من خطرها فليحذر الذين يخالفون عن امره ان تصيبهم فتنة او يصيبهم عذاب اليم المعاصي بريد الكفر يخشى على صاحبها من سوء الخاتمة. ان العبد اذا اخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء آآ فاذا نزع واستغفر وتاب صقل قلبه وان عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه وهو الران الذي ذكر الله جل جلاله في قوله كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون. كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون. الران الذنب فوق الذنب حتى يعمل احبابي تفي بهذا القدر في التعليق على هذه الاية الكريمة. وحتى نلتقي مع اية اخرى من سورة الزمر. استودعكم الله تعالى. وسلام عليكم ورحمته وبركاته