الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته باحسان الى يوم الدين. اما بعد مرحبا بكم حياكم الله ايها الاخوة الكرام في هذه المحاضرة التي هي فعاليات الدورة الصيفية الثامنة تقام في جامع شيخنا محمد في محافظة الحديسة واسأل الله الكريم رب العرش العظيم ان يجعلني واياكم من المقبولين وان يعيننا واياكم على ما فيه الرشد والخير من العلم النافع قال شعيب عليه السلام فيما قصه الرب جل وعلا قال يا قومي ارأيتم ان كنت على بينة من ربي؟ ورزقني منه رزقا حسنا وما اريد ان اخالفكم الى ما انهاكم عنه. ان اريد الا الاصلاح ما استطعت وهذا به تبين مجمل عمل هذا النبي الكريم. وخلاصة دعوته بعد هذا لعمله وجهده وحاله وطالب. عليه الصلاة والسلام جهر بتلك الكلمة العظيمة والسر الكبير. الذي تضمنه قوله جل وعلا وما توفيق الا بالله عليه توكلت واليه هذه الجملة المختصرة وما توفيقي الا بالله. فيها الافتقار الى الرب جل وعلا فيها اعلان العجز عن كل خير في الدنيا والاخرة في مقاصد المعاش والمعاد الا من طريق ربنا سبحانه وما توفيقي اي لا توفيق لي الا بالله بعد ذلك ذكر الطريق الذي يستنزل به التوفيق وذكر السبيل الذي يحصل به هذا المن من رب عظيم جليل الا وهو ما تضمنه قوله جل وعلا عليه توكلت واليه انيب. التوفيق ايها الاحباب مني بها يسعد الانسان في دنياه وفي اخراه التوفيق قال عنه جماعة من العلماء لم ينزل من السماء الى الارض اجل من التوفيق التوفيق قال عنه طائفة من اهل العلم هو خير ما نزل من السماء فان التوفيق به كمال العباد. به سعادتهم وراحتهم فما احسن التوفيق حيث يكون ما اجمله واحسنه حيث كان في امر دين او لامر دنيا. والناس مضطرون الى التوفيق فالعبد في غاية الظرورة الى توفيق الله جل وعلا. ليس في الكون احد يستغني عن حول الله وقوته وعن توفيقه وتسديده لو لم يوفق الله جل وعلا لو لم يوفق الله العبد ما تيسرت له منافعه. حتى شربة الماء لا تتيسر الا بتوفيق من الله جل وعلا وتيسير ولذلك التوفيق ضرورة لا يستغني عنها الانسان في كل حال من الاحوال والحاجة اي اليه ملحة. ولذلك قيل لبعضهم اي لبعض اهل العلم والسلف الصالحين. ما الذي لا يستغني عنه الانسان في حال من الاحوال. فبادر الجواب فقال التوفيق اذا لم يكن عون من الله للفتى فاول ما يجني عليه اجتهاده الانسان ضعيف برأيه ضعيف ببدنه ضعيف خلقا ورأيا وعلما وعملا وهذا الضعف لا يمكن ان يدرك به الانسان مصالحه. لا في دينه ولا في دنياه. انما يدرك مصالحه ويصيب ما نريد بتوفيق الرب جل وعلا فالانسان محتاج الى التوفيق حاجة ظرورية. فالعذر لي في كل حال انني في الوصف محتاج الى التوفيق فهذا وصف ذاتي لكل انسان. يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله والله هو الغني الحميد العباد الى الله هو فقرهم لتوفيقه وتسديده واعانته. وان يتولى شؤونهم سبحانه وبحمده في امر معاشهم وفي معادهم فلا عجب ولا غروة ان يكون التوفيق ضرورة من ضرورات الحياة المعاشية. كانه كما انه ظرورة من ظرورات الديانة والاستقامة وتحقيق مقصود الله تعالى في الوجود. اذ لا يتم شيء في دنيا الا بالتوفيق ولا يدرك الانسان مطلوبا الا بالتوفيق. ولا يقوم بعمل الا بالتوفيق. ولذلك قال سهل ابن عبد الله التستري وهو من الائمة اصحاب الحكم والبيان. يقول رحمه الله الاعمال بالتوفيق. يعني لا تتم ولا تصلح ولا تؤتي ثمارها الا بتوفيق من رب العالمين. ومن المنقول عن امير المؤمنين علي ابن ابي طالب رضي الله طبعا انه قال التوفيق خير قائد. خير ما يقودك ويبلغك مقصودك هو وفي قرب من الله جل وعلا وقد قال ابو سليمان الدراني وهو من الائمة العباد الزهاد الذين كان يتوافد اليهم كبار اهل العلم ليدركوا من حكمهم ونتاج علمهم وزهدهم ما يكون عونا لهم في طريقهم الى الله تعالى حتى وصفه الذهبي رحمه الله فقال الامام الكبير زاهد العصر ابو سليمان عبدالرحمن بن احمد وقد كان توفي رحمه الله في اول القرن الثالث الهجري. يقول رحمه الله في بيان ظرورة التوفيق ان السحاب يجري بالريح لو ذا الريح ما تحرك السحاب ان السحاب يجري بالريح وان العباد انما يجرون بالتوفيق اي انما يسيرون ويتنقلون ويتحولون بتوفيق من الله جل وعلا. ويقول الشافعي الامام رحمه الله اصل عمل التوفيق وثمرة التوفيق النجاح والمرء ان فقد التوفيق او عدم لم يهده الرأي الا للضلال ولا يزيد عدم التوفيق غير عمى هكذا هي ثمرة فقد التوفيق فاذا فقد الانسان التوفيق عمي وخذل ولم يصب خيرا يلخص لنا ابن القيم رحمه الله في كلمات عليها نور مدى حاجتنا لتوفيق ربنا سبحانه وبحمده يقول فالعباد متقلبون بين توفيقه وخذلانه. انا وانت البشر كلهم مؤمنهم وكافرهم ينتقلون ويتقلبون بين امرين بين توفيق الله تعالى وبين خذلانه فلا غنى لهم عن حال من او لا يخرجون عن حال من هاتين الحالين. يقول رحمه الله بل في الساعة الواحدة اي في كل لحظة بل في الساعة الواحدة العبد ينال نصيبه من هذا ومن هذا من التوفيق والخذلان في كل لحظة وهذا يبين ان التوفيق امر لا يستغنى عنه في لحظة من لحظات المعاش. اذ ان فقد التوفيق في لحظة معناه الخسار والخذلان فحاجة الانسان للتوفيق الى تنقطع ولا تتوقف ولا تقتصر على زمان او مكان او مرحلة من بل ما دمت ذا عرق ينبض وعين تلحق ونفس يتردد فانت بحاجة وضرورة الى توفيق من رب العالمين ان لم يوفق فانك مخذول. ولهذا لا تخلو ساعة ولا لحظة من ضرورة الانسان للتوفيق من رب العالمين. يوفقه ويسدده ويعينه ويلهمه الصواب في اقواله واعماله ان التوفيق ايها الاخوة لا يقتصر على جانب من جوانب الحياة ولا على موضع من مواضع العمل يعني كثير من الناس يظن ان التوفيق هو مثلا في الاختبارات. او في الملمات او في النجاح في بعظ جوانب الحياة واما ما عدا هذا فهو لا يحتاج الى التوفيق وهذا غلط وغلطه ظاهر. اذ ان عدم التوفيق هو عدم ادراك المطلوبات. من فقد التوفيق لم يصب شيئا من فقد التوفيق لم يدرك مطلوبا. من فقد التوفيق لا لا يحصل على مرغوب ومحبوب. ولهذا كونك تشاهد وتنظر حاجتك الى التوفيق في كل لحظة مما يحفزك ويشد نشاطك الى النظر في اسباب التوفيق وادراكها وتحصيلها ان العبد محتاج الى التوفيق لان كل اصابة في الدنيا وكل سعادة في الحياة وكل فوز في هذه الله اكبر لا حول ولا قوة الا بالله لا حول ولا قوة الا بالله من ادركها وعلم معناها علم انه مفتقر الى الله في كل حال. ليس له من الله الدنيا انما يكون من توفيق الله تعالى. ولذلك تأتي النصوص صريحة مبينة انه من الله لا من غيره. فيقول ربنا جل وعلا ان ينصركم الله وهو نوع من التوفيق فلا غالب لكم وان يخذلكم يرفع يده ونصره ويمنع مدده جل وعلا عنكم وان يخذلكم فلا ناصر لكم. اذا انت محتاج الى توفيق الله تعالى. وفيما اصبت انما اصبت بالله لم تصب بنفسك يقول الله لرسوله الذي بالغ في الجهد والاجتهاد. والبذل واخذ الاسباب. يقول له في غزوة احد وما رميت اذ رميت. ولكن الله رمى فهو الذي اصاب وهو الذي ناصر وهو الذي ايد وهو الذي وفق لادراك ما نلت وحزت من الخيرات اذا رمت اذا رمت سهام العزم صائبة فما رميت بل التوفيق راميها. ان التوفيق عنوان السعادة في الدنيا والاخرة. فمن ادرك التوفيق ادرك الفوز الكبير والنجاح العظيم. فما معنى التوفيق ما معنى التوفيق الذي هذه منزلته؟ وهذه مرتبته. يقول ابن القيم رحمه الله في بيان معنى توفيق الله للعبد اجمع العارفون اي اهل العلم الذين يغورون في المعاني ويعرفونها. اجمع العارفون ان التوفيق هو الا يكلك الى نفسك. الله اكبر. توفيق الله لعبده ان يتولى شأنه سبحانه انا وبحمده ان يكون هو المدبر لدقيق امرك وجلينك. توفيق الله لك الا يخليك ورأيك. ان لا يتركك واختيارك ان يتولى ذلك وان ييسر لك الاسباب التي تدرك بها خيرات الدنيا وفوز الاخرة توفيق الله لعبده ان يتولى شأنه سبحانه وبحمده. ان يكون هو المدبر لدقيق امرك وجليلك. توفيق والله الا يخليك ورأيك. الا يتركك واختيارك. ان يتولى ذلك وان ييسر لك الاسباب التي بها خيرات الدنيا وفوز الاخرة. ان التوفيق بقول اهل العلم العارفين بالله. يقول ابن ابن القيم الا يكلك الا يكلك الله الى نفسك. ثم يبين ما يقابل التوفيق وهو الخذلان. يقول والخذلان هو ان بينك وبين نفسك الله اكبر انه بيان التوفيق الذي تصبو اليه النفوس. قد يقول قائل انما هذا يكون في امر الدين لان يوفقك الله الهداية وان ييسر لك الاستقامة. لكن المعنى اوسع من ذلك. فان قيام الناس ليس فقط في دينهم انما الدنيا والدين بهما يكمل للانسان المعاش وبهما تطيب الدنيا وتصلح الاخرة. فان الله تعالى خلق الخلق ليعبدوه واستعمرهم في العبادة في هذه الدنيا وجعل الدنيا محلا حياتهم ومعاشهم قال الامام ابن القيم رحمه الله التوفيق ارادة الله من نفسه ان يفعل بعبده ما يصلح به وما يستقيم به حاله بان يجعله قادرا على فعل ما يرضيه. مجتنبا ما يحذره وينهيه وينهاه عنه ويضره او معنى كلامه رحمه الله. وهذا كذا في معنى التوفيق. والتوفيق بهذا يعلم انه لا الا من الله وهذا ما جهر به النبي الكريم شعيب حيث قال وماتفيقي الا بالله ليس لي توفيق في ادراك والامن من المخاوف الا بالله تعالى. من اين ارضيك الا ان توفقني. هيهات هيهات. ما التوفيق من قبلي؟ فالتوفيق من الله جل وعلا. لا يمكن ان يرضي العبد رب العبد ربه الا بتوفيق الله تعالى له. التوفيق الا يدعك الله تعالى ونفسك وهواك. ولذلك جاءت النصوص في البراءة من الحول والقوة. ولذلك نقول بعد كل صلاة اللهم لا مانع لما اعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد. اعلان للافتقار الى الله تعالى وان العبد لا تقوم حياته ولا تستقيم دنياه الا باللجأ الى الله جل وعلا والرجوع اليه. ولهذا كان قول العبد لا حول ولا قوة الا بالله كنز من كنوز الجنة انها كنز كما وصفها النبي صلى الله عليه وسلم لانها اعلان افتقار كامل وتخلي تام عن كل حول وقوة الا من قوة الله ومما يذكر في غريب القصص ان رجلين اختصما الى قاض في ارض ادعاها احدهما على الاخر وكان المدعي كاذبا فقال الارظ لي ولي من البينات كذا وكذا وكذا. فقال صاحبه اقبل قولك والارض لك بشرط ان تردد ما اقول. فقال قل ما شئت وساقول. فالارض لي. قال قل انا بريء من الاسلام ان كانت الارض لك. فقال الرجل هو بريء من الاسلام ان كانت الارض له. قال انا بريء من كذا وكذا مما لا يتبرأ منه مسلم ان كانت الارض لك. قال الرجل ثم قال له كلمة واستمع اليها قال له قل انا بريء من حول الله وقوته ان كانت الارض لك فقال الرجل هو بريء من حول الله وقوته ان كانت الارض له. فما اتم الكلمة الا سقط ميتا مفر ولا الى سواه ملجأ بل هو الملاذ المعاذ سبحانه وبحمده هو المفزع المهرب في كل دقيق وجليل وما توفيقي الا بالله. الا انما التوفيق ان كنت اهله مراعاة حق الله في السر والجهر توحيده في ذاته وصفاته وافعاله ايضا وفي النهي والامر. هذا هو التوفيق الحقيقي. ان تكون على ما ارادك الله تعالى مستسلما له سبحانه معظما اياه مقبلا عليه جل في علاه اخواني مضطرون للتوفيق. لا غنى بنا عن توفيق الله تعالى. فما هي الاسباب التي نستنزل بها توفيق الله تعالى ما هي الوسائل التي نستمطر بها فضل الله وتوفيقه التوفيق منا ومنحة وهبة وعطاء من الله جل وعلا فما هي الوسائل التي تدرك بها التوفيق؟ ذكر الله تعالى في كتابه ثلاثة طرق يدرك بها التوفيق وهي اصول جامعة للخير كله ينبثق منها ويندرج تحتها اسباب لا حصر لها لكنها اصول ثلاثة ذكر الله في هذه الاية سببين من اسباب التوفيق. في كلام شعيب لقومه. قال الله جل وعلا وما توفيقي الا بالله ثم بين الطريق الذي تستمطر به هذه المنحة وتستجلب به هذه المنة وهي توفيق رب العالمين فقال سبحانه وبحمده عليه توكلت واليه واليه انيب. هذان سببان من اسباب التوفيق صدق التوكل على الله تعالى والانابة اليه نبدأ اولا بالسبب الاول التوكل هو ان ينخلع الانسان من حوله وقوته ان يعلم انه لا يأتي بالحسنات الا الله ولا يدفع السيئات الا الله لا يأتي بما يحبه الانسان الا الله. ولا يدفع ما يكرهه الانسان الا الله. لا مانع لما اعطى ولا معطي لمن منع سبحانه وبحمده هذا هو التوكل مهما تنوعت العبارات. وتشكلت الالفاظ يدور على تحقيق هذا المعنى لا مانع لما اعطى ولا معطي لما منع التوكل حقيقته صدق الاعتماد على الله جل وعلا في جلب الخيرات ودفع المبرات. هذا به يتحقق للانسان صدقا يتحقق للانسان التوكل على الله جل وعلا. فالتوكل على الله اقرب الطرق التي ينال بها ينال بها التوفيق. اذا انخلع الانسان من حوله وقوته وعلم انه لا ضار ولا نافع لا منجي مهلك لا يأتي بالخيرات الا الله ولا يدفع السيئات الا الله تحقق له الخير. وهذه مرتبة تحتاج كمال في صدق العلم بالله تعالى لا لانك لا يمكن ان تتوكل وتعتمد الا على من صدقت في العلم به. انت الان لما تعطي شخص وتقول وكلتك انما تبحث وتتخير بين من تعرف من هو اهل للوكالة. وهو شأن من الشؤون الدنيوية. فكيف بمن عليه يكون عليه صلاح الدنيا وصلاح الاخرة. لا شك انه لا يكون الا لمن اتصف بصفات الكمال. فبقدر علم العبد رب يكون معه من صدق التوكل عليه. اذا صدق العبد في علمه على الله وعلم ما لله من كمالات في اسمائه وصفاته وتدبر ما يذكره الله في كتابه هو الله الذي لا اله الا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم هو الله الذي لا اله الا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر. تأمل هذه الايات التي يخبر الله فيها عن نفسه وكمالاته. لا شك ان هذا سينعكس على القلب تعظيما ومحبة وتفويضا وتوكيلا اليه جل وعلا وتوكلا عليه سبحانه وبحمده. اقرب الناس الى التوفيق من عرف نفسه بالعجز والذل وعرف ربه بالقوة والكمال اقرب الناس الى التوفيق من عرف انه لا حيلة له الا بالله جل وعلا. اقرب الناس الى التوفيق من ذل وتواضع وتبرأ من حوله وقوته ولم يقل انما اوتيته على علم عندي. فلم يعجب ولم يعجب بعمله بل اسند الامر الى الله. فما كان من خير فهو بتوفيق الله. وما كان من شرف من نفسه والشيطان وبهذا يحقق المؤمن التوكل الذي تستجلب به الخيرات. وقد قال ابن القيم من توكل على الله حق توكله. لو توكل في ازالة بل عن مكانه لتوكل لزال جبل عن مكانه اذا توكل على الله حق توكله وصدق في الاعتماد على الله في في ازالة هذا الجبل عن مكانه ازاله. الله تعالى الامر له انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون. ونحن قد نقول ان هذا من الخيالات ومن المبالغات لكن من علمه بالله علم انه على كل شيء قدير. ومن عباد الله من من لو اقسم على الله لابره هذا في كل امر قريب وبعيد فالله تعالى الذي خلق الكون لا يعجزه شيء سبحانه وبحمده ولذلك من تمام اسباب التوفيق واقرب وسائلها ان يتوكل العبد على الله تعالى ولذا بدأ شعيب عليه السلام في الاية فقال تلك الكلمة عليه توكلت عليه لا على سواه قطع النظر عن كل ما سوى الله جل وعلا وافرد التوكل به سبحانه وبحمده وعليه لا نظر الى غيره ولا توكل على سواه السبب الثاني هو الانابة. عليه توكلت واليه انيب. والانابة حقيقتها لزوم القلب طاعة الله تعالى لزوم القلب طاعة الله تعالى. والانابة ذكرها الله في في في كتابه في مواضع عديدة. وفي محال كثيرة اثنى الله على المنيبين ووعدهم جنة عرظها عرظها السماوات والارض. وذكر في حق المنيبين شيئا كثيرا من الخير. الانابة هي سبب من اسباب التوفيق. فاذا رزق العبد قلبا منيبا الى الله تعالى خاضعا له. مقبلا عليه ملازما لربه فانه سيستمطر بهذا الخير من الله جل وعلا. ولذلك قال بعض السلف ان التوفيق منك ان التوفيق منك اذا اطعته قريب. واذا عصيته بعيد. ولا ولا تكون الطاعة الا بالانابة فطاعة الله انما تكون بالانابة اليه. بالاقبال عليه سبحانه وبحمده. فمن اقبل عليه جل وعلا بالطاعات لم طيب هو الله سبحانه وبحمده ولذلك جاء في الصحيح اذا تقرب الي عبدي شبرا تقربت منه ذراعا واذا تقرب الي ذراعا تقربت اليه باعا واذا اتاني يمشي اتيته هرولة سبحانه وبحمده جل في علاه هو الغني عنا وعن عبادتنا هذا دليل على عظيم اقبال الله تعالى على عبده اذا اقبل عليه فهذا يدل على منته ورحمته. انظر كيف يفرح بتوبة عبده. المسيء المقصر المسرف على نفسه لا لا في الحديث لله اشد فرحا بتوبة عبده اذا تاب اليه من احدكم كان في فلاة مع له راحلته فاضلها فبحث عنها فلم يجدها حتى اوى الى شجرة فنام تحتها فلما استيقظ فاذا راحلته فوق رأسه فمن شدة الفرح قال اللهم انت عبدي وانا ربك. اخطأ من شدة الفرح اللهم انت عبدي وانا ربك. اخطأ من شدة الفرح. الله رب العالمين الغني عن عباده يفرح بتوبة احدنا اشد من فرحة هذا التي عليها زاد وسيلة نقله ومأكله ومشربه في هذه الفناء قاحلة والصحراء القاتلة. ان العبد اذا اقبل على الله تعالى بالتقرب اليه استوجب توفيقه سبحانه وبحمده ولذلك يقول ابو اسماعيل ابو سليمان الداراني رحمه الله ان التوفيق على قدر القربة يعني على قدر التقرب من الله فاذا زاد العبد في التقرب الى الله جل وعلا زاد الرب سبحانه وبحمده في العطاء والمن والتوفيق والتسديد. وبين الله تعالى ان توفيقه انما يكون باسباب فزمام الامور التوفيق نجاحها وكمالها وخطامها الذي تقاد به هو التوفيق ولم ينزل من السماء اجل من التوفيق. وهو مقرون بالاجتهاد. قال الله تعالى والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ومما يندرج تحت هذا مما يندرج تحت الانابة الى الله تعالى ان يلهج العبد بالدعاء والسؤال والتضرع الى الله تعالى في نزول التوفيق. ولذلك قال سهل بن عبدالله التستري التوفيق من الله ومفتاحه مفتاح توفيق التبرع والدعاء. هذا المفتاح الذي يفتح به التوفيق والنازل من رب العالمين. ان تدعو الله جل وعلا فالتوفيق بيد الله وبيد الله مفاتيحه سبحانه وبحمده. الدعاء والافتقار. صدق اللجأ والرغبة من اعظم ما يدرك به العبد توفيق الله سبحانه وبحمده. اذا دعا الانسان يطمئن فان الله سيجيبه ولن يخيبه لن يطرق باب رب العالمين طارق ويعود خائبا لا يمكن ان يخيب من من من طرق يد باب الكريم سبحانه وبحمده ولهذا يقول عمر اني لا احمل هما الاجابة لكنني احمل هم الدعاء. يعني ما اشيل هم ان يجيبني الله فالله مجيبني اذا دعوته. لكنني احمل هم الدعاء ان اوفق الى ان ادعو الله تعالى واسأله جل وعلا الحاجات. من اعظم اسباب التوفيق الاستكثار من الصلاة فالصلاة مفتاح خير عظيم. يستمطر به العبد التوفيق والسر في هذا ان الصلاة صلة بين العبد وربه سبحانه وبحمده والله عز وجل يعطي العبد من الخير بهذه الصلاة ما لا يقف له على بال ولا على خاطر. والناس نقص قدرهم من خير الصلاة لنقص لنقصانهم في اقامتها. فالله تعالى لم يأمر بالصلاة مطلقا انما امر بالصلاة على وجه تردد في كلامه وهو واقيموا الصلاة. فامر باقامتها واقامتها هو بذل المجهود في ان تكون قائمة على الوجه الذي يحب ويرضى ظاهرا وباطنا فمن الناس من يقيمها ظاهرا في حركاتها وسكناتها. لكن قلبه في واد وقد تشعبت به الافكار. وهذا لم يقمها على الوجه التام الذي تستمطر بها الخيرات. تستمطر بها بها الخيرات وتفيض بها موارد التوفيق ومواده. ان من ابواب التوفيق ومن اسبابه ان يصبر الانسان فانه لا يكون منيبا الا من كان صابرا. نحن ذكرنا ان السبب الثاني العام هو الانابة. وذكرنا تحت الانابة امورا. ومنها على الصبر والصبر مثل اسمه مر مذاقته مذاقته لكن عواقبه احلى من العسل. انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب. هذا يا اخواني ما جاء في عمل من الاعمال. لم يأتي هذا الكرم والمنح والعطاء والصبر والسحل للخيرات كما جاء في الصبر. انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب. فقد جاز اجر الصبر قانون الحساب والتقدير وهذا يدل على عظيم المنة التي يدركها من وفق الى الصبر. جاء في الصحيح من حديث ابي سعيد قال النبي صلى الله عليه وسلم وما اعطي احد عطاء عن خيرا ولا اوسع من الصبر. فالصبر من مفاتيح التوفيق الكبرى. ولهذا امر الله به كثيرا في كتابه واثنى على اهله ومجدهم وبين فضيلتهم وثوابهم كل هذا لتقوم النفوس بهذا العمل. العظيم الذي به يملك الانسان خيرا كثيرا فملاك التوفيق ان يكون الانسان صابرا. هذه جملة من الاسباب المندرجة تحت ان من اسباب التوفيق الكبرى حسن القصد نحن ذكرنا ان الله تعالى ذكر في القرآن العظيم ثلاثة اسباب من اسباب التوفيق. السبب الاول التوكل عليه توكلت. السبب الثاني الانابة. وعليه انيب واليه انيب. السبب الثالث هو حسن القصد وسلامة النية. حسن القصد وسلامة النية هي من اسباب التوفيق الكبرى. التي اذا وفق اليها العبد الله تعالى الى اسباب التوفيق وادرك بها جملة من الخيرات قال الله سبحانه وبحمده في الاشارة الى هذا السبب في حالة وقضية وهو ما يكون بين الزوجين من الشقاق يقول الله تعالى ان خفتم وان خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من اهله وحكما من اه حكما من اهله وحكما من اهلها ثم جاء الشاهد ان يريد اصلاحا يعني الحكمين من جهة الزوج ومن جهة الزوجة يريد اصلاحا يوفق الله بينهما. دل هذا على ان من اسباب سلامة القصد. ان من اسباب التوفيق سلامة القصد وحسن النية. فمن حسنت نيته وفقه الله تعالى الى خير وفتح له من ابواب ما ليس له على بال الانسان اذا سلم قصده وسلامة القصد بان يكون غرظه الخير وقصده النصح لله ولرسوله ولائمة كتابه ولائمة المسلمين وعامتهم. هذا هو معنى سلامة القصد. ان يكون خالصا من الدغل. خالصا من ارادة الشر بالناس خالصا من ارادة اه الاذى لاحد من الخلق ممن لا يستحق الاذى. هذا هو سلامة القصد. ان يكون من كل ارادة رديئة. اذا كان القلب على هذه الصفة فانه موفق الى خير كثير. ولو لم يكن او ذا شأن في الاعمال الا ان النوايا مطايا. النوايا مطايا فبقدر ما يقوم بقلب العبد من النية الصالحة. يؤتيه الله تعالى من من الخيرات ويفتح له من ابواب التوفيق ما ليس له على بال. واضرب لهذا مثلا نختم به هذه الاسباب وهو ما جاء في الصحيح من حديث انس وحديث جابر. في قصة خروج النبي صلى الله عليه وسلم باصحابه الى غزوة تبوك. فقد خرج النبي في غزوة عظيمة ذات عسرة ومشقة وشديدة وخرج في وقت اشتد فيه الحر وبعدت فيه المسافة والشقة على الناس وكان العدو مخوفا فهم الروم الذين لهم من السلطة والقوة والمكنة وفنون القتال ما ليس للعرب منه علم او معرفة طابت ثمار اهل المدينة طابت ثمارهم وتشوفت نفوسهم الى جني هذه الثمار. اجتمعت هذه الاسباب كلها في تلك الغزوة. وقل الزاد وقلت الرواحل حتى جاء الاشعريون الى النبي صلى الله عليه وسلم ليحملهم قال لا اجد ما احملكم عليه تولوا واعينهم تفيضوا من الدمع حزنا الا يجدوا ما ينفقون. خرج النبي باصحابه فقفل من تلك الغزوة ظافرا سالما منصورا صلى الله عليه وسلم ولما رجع قال في رجوعه بعد ما تم الامر ان اقواما بالمدينة ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا الا شاركوكم في الاجر. يعني اشتركوا معكم في الثواب. قالوا يا رسول الله وهم في المدينة قال وهم في المدينة حبسهم العذر وفي رواية حبسهم المرض. هؤلاء قوم خرجوا بابدانهم لا هم في المدينة. لكنهم خرجوا بقلوبهم ونواياهم ساروا بقلوبهم وسار اولئك بابدانهم. تشتان بين المسيرين لكن من سار ببدنه وقلبه حاز الفضيلة. ومن سار بقلبه وتعطل بدنه لسبب من الاسباب لم يفته الفضل. بل الله جل وعلا يعطي الثواب الجزيل على النية الصادقة ومن يخرج من بيته مهاجرا الى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع اجره على الله لا يطلب اجره من غير الله سبحانه وبحمده اذا النية والقصد يا اخواني لها اثر بالغ في التوفيق. كم من عمل ينجح ويبيع ويكبر خيره ويعظم نفعه بنية صالحة من من احد من قام به. او ممن تولاه. فلذلك ينبغي ان لا نعتمد في اعمالنا واقوالنا على الظواهر بل ينبغي ان نحرر البواطن وان نحقق ما في القلوب من المقاصد والغايات المقاصد ما ما يراها الناس. ولا تقع عليها ابصارهم. ولا يحاكمك عليها احد لكن الذي ينظر اليها رب العالمين. الذي يعلمها هو الذي ينظر الى قلوب العباد واعمالهم فلا تخفى عليه من شأنهم خافية. ان الله لا ينظر الى صوركم ولا الى اجسامكم. ولا ولكن ينظرون والى قلوبكم واعمالكم فيجب العناية بهذا حتى تستمطر الرحمات ويفوز العبد بالتوفيق. يعني نضرب مثالا على اثر النية الصالحة فيما يظهر للناس والا فالبواطن عند رب العالمين ما يمكن ان يحكم عليها احد هذه الكتب التي ذاعت وانتشرت لبعض اهل العلم. حتى دخلت كل بيت من بيوت العجم ومن بيوت العرب. على سبيل المثال كتاب رياض الصالحين الا النووي كثير من اهل العلم يقول ان هذا الانتشار انما كان لنية صالحة عند مؤلفه. فالنية الصالحة سبب من اعظم اسباب التوفيق لكثرة الخير. كم من اجر يجري على النووي في قبره في قراءة هذا الكتاب ودراسته وتذكير الناس فيه. انها اجور كثيرة لم يكن منها على بال ولم يكن له فيها تفكير لكن ذلك فضل الله وتوفيقه وما توفيقي الا بالله. ان التوفيق منا ومنحة من رب العالمين. اذا اتى الانسان بالاسباب فليبشر فان الله لا يقنف الميعاد. وقد قرن الله تعالى النتائج باسبابها. وجعل لكل شيء سببا فمن اتى بالسبب صادقا لابد ان يدرك النتيجة والله لا يخلف الميعاد سبحانه وبحمده بل ان العبد اذا صدق في الاتيان الاسباب سيدرك ظعف ما يتصور بل قد لا يدرك ما يفتح الله تعالى عليه من الفتوحات والخيرات. هذي المعاني تغيب عن اكثر الناس ويظنون ان انهم يدركون مصالح دنياهم واستقامة دينهم بجهدهم. ومن وكل الى نفسه فقد وكل الى هوان وضعف وخلي بينه وبين ردا وشر. ولهذا كان من الاذكار التي يرددها المسلم يا حي يا قيوم برحمتك استغيث لا تكلني الى نفسي ولا الى احد من خلقك طرفة عين. اصلح لي شأني كله ولا تكلني الى نفسي ولا الى احد من خلقك طرفة عين. كم هي مدة طرفة العين لمحة جزء من الثانية العبد لا يستغني عن توفيق الله وتدبيره وحسن تسديده ولا لمحة وهي قدر هذه اللحظة التي يغمض يغمض فيها البصير عينه. اللهم الهمنا رشدنا وقنا شر انفسنا نستمطر منك الفضل والجود والكرم ونسألك التوفيق والتسديد يا رب العالمين. وما توفيقي الا بالله عليه توكلت واليه انيب. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين