الحمد لله العزيز القهار خلق الليل والنهار وجعلها ادكارا لاهل الاعتبار واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له جعل الدنيا كساعة من نهار واشهد ان محمدا عبده ورسوله سيد الابرار صلى الله عليه وعلى اله واصحابه الاخيار وعلى من تبعهم باحسان الى يوم القرار. وبعد فان هذه الكلمة التي هي بعنوان ساعة من نهار هذه الكلمة وهذا العنوان جزء من اية وردت نكرة في سورة الاحقاف ومعرفة في سورة يونس وفيها الدلالة القاطعة على قصر الدنيا الزائلة وفناء هذه الدنيا والعجب كل العجب. ان من اعظم مدركات العقلية التي اتفق عليها عقلاء البشرية فناء الدنيا. وفناء الناس فيها ومع هذا نجد ان اغلب الناس الا من رحم الله اشد ما يتكالبون ويتقاتلون عليه انما هو هذه الدنيا التي هم اتفقوا على انهم سيرحلون عنها. كيف يدرك الانسان قصر الزمان الذي اخبر الله عز وجل عنه انه كساعة من نهار. عندما يتأمل الانسان ما قد مضى من الازمنة السابقة من عمره يدرك كانها ساعة من نهار وعندما ينظر الى الواقع يجد ان هناك اناس في عمره من اغماءه واترابه يموتون مساء صباحا يدفنون في الارض فالواقع يدل على ان هذه الدنيا ساعة من نهار. والناس عنها راحله. فالفناء فيها مشاهد. والا ما وصلت الينا ونحن نرى من ملك الدنيا باجمعها من الصالحين كسليمان رحل عنها فلما قضى عليه الموت ما دلهم على موته الا دابة الارض تأكل منسأته. ونحن نرى من ملك كفرعون ونمرود وكسرى وقيصر وغيرهم وغيرهم كلهم رحلوا عن الدنيا. بل نحن نرى ان الابرار وسادات البشر محمد صلى الله عليه وسلم واخوانه الانبياء والمرسلون ماتوا انك ميت وانهم ميتون. وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد. وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل. فسيد البشر صلى الله عليه وسلم قد مات وذهب وسادات البشر الانبياء قد ماتوا. الا يكون لنا في قول الله ساعة من نهار عظة ان نتأمل ان هؤلاء السادات من البشر. قد رحلوا من الدنيا وما تنعموا بها. بل عاشوا فيها عيشة الابتلاء الشديد الذي لم يكن له وجود في من سواهم من البشر بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم اد الناس بلاء الانبياء ثم الامثل فالامثل. واذكر ان احد طلاب العلم سمع شيخنا شمس الدين السلفي رحمه الله وقد قال اني حملت ما لا اطيق وحملت ما لم يتحمله احد من شدة ما كان عليه من البلاء. فقال له زميلنا هذا يا شيخ ليس الامر كذلك. فقال كيف قال ليس الله يقول لا يكلف الله نفسا الا وسعها. فما لا يطاق منفي في الشرع اوليس النبي صلى الله عليه وسلم قد قال اشد الناس بلان الانبياء ثم الامثل فالامثل سل فقال الشيخ رحمه الله اي والله صدقت. فما زال يستغفر حتى وصلنا الى المكان الذي كنا نريد ان نوصله. انسان يتأمل ما قيمة هذه الدنيا التي نتكالب عليها ونتقاتل فيها. بالزور والكذب والقيل والقال وكأننا فيها ابادي الاباد. وما هي الا ساعة من نهار. ونزول عنها وهل رأيتم مخلدا فيها؟ وهذا من اعجب ما يكون وقد سلك اناس واقوام كقوم هود صنعوا مصانع كما اخبر الله وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون. ما نفعتم مصانعهم التي بحثوا فيها عن اسباب الخلود. فكيف نخلد نحن؟ ومهما بحث بشر فلن يجدوا دواء للخلود في دار الفناء. اوليس قد قال عليه الصلاة والسلام ما انزل الله داء الا وانزل له دواء الا الموت. ما له دواء فاذا ينبغي علينا ان نستعد للميعاد وان ندرك اننا مارون في الدنيا كساعة من النهار نقدم لحياتنا احدنا يدرس الابتدائية ثم المتوسطة ثم ثانوية ثم الجامعة لاجل الوعاعة الدنيا. اكثر من ستة عشر سنة دراسية يوميا لا يقل عن خمس ساعات لاجل دعاعة الدنيا ماذا عملنا لاخرتنا؟ اين استعدادنا لها؟ الا نخشى؟ ونحن نهمل هذا الامر عياذا بالله ان نكون كالذي قال يا ليتني قدمت لحياتي الحياة امامنا ليست الحياة هي التي نحن فيها. يقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم لابن عمر كن في دنيا كأنك غريب او عابر سبيل تأمل هذا التشبيه البليغ من النبي صلى الله عليه وسلم. ونحن اليوم نرى اناسا يعيشون بيننا غرباء. وابناء سبيل كن في الدنيا كأنك غريب او عابر سبيل. انظر الى من عندك من الغرباء. الذين تركوا واهليهم وذويهم تركوهم وجاؤوا لاجل لقمة العيش. هل ترون احدا منهم يعمل ها هنا كانه مخلد فيها ام يأخذ ويرسل؟ وانت وانا وكلنا نعمل حوالات للمستخدمين عندنا كل شهر او شهرين او ثلاثة يرسلون طيب نحن يجب ان يكون فرحنا بما نقدم اعظم من فرحنا بما ندخر في ارصدتنا. ولذلك ابن عمر فهم هذا المعنى كن في الدنيا كأنك غريب او عابر سبيل. ترى الناس الذين يأتون بالترانزيت بالطيارة الى مطار الكويت ينتظرون رحلة اخرى ست ساعات انتظار عشر ساعات انتظار هل ترون هؤلاء يفكرون مع انفسهم لماذا لا نعمل للخلود في هذا المقام الذي مدته ست ساعات او ينشغلون عن مقصودهم والله ما رأينا عاقلا منهم يفعل ذلك. النبي صلى الله عليه وسلم يقول لنا كما في قوله لابن عمر كن في الدنيا كأنك غريب او عابر سبيل. وكان ابن عمر انظر الى التطبيق. اذا اصبح لا ينتظر المساء ما معنى اذا اصبح لا ينتظر المساء؟ اي لا يؤخر عملا يريد ان يعمله الى المساء يعمله مباشرة. لانه لا يمسي. واذا اصبح لا ينتظر المساء لا يؤخر امل المساء الى النهار ولهذا ينبغي للانسان ان يعمل لانه في ساعة النهار هذه. كيف يستعد لاخرته بزيادة اليقين والتأمل والتفكر والتدبر وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد. يسألونك عن الساعة اي انا مرساها فيما انت من طه الى ربك منتهاه انما انت منذر من يخشاها. كانهم يوم يرونها لم يلبثوا الا عشيا او ضحاها. كيف نستعد لما نحن مقبلون عليه؟ بالزيادة من العمل. والله لو قيل لاحدنا ان لك ترقية. بشرط ان تدخل دورة مكثفة. او زيادة راتب بشرط ان تداوم زيادة الساعات. نجد الناس اليوم يتكالبون على زيادة ذات العمل وعلى الترقيات. اين زيادة اعمالنا لاجل الدرجات؟ في الجنات من اعظم من اعظم الامور التي يجعل الانسان لا يغتر بدار الغرور يستعد لان يكون من اهل الجنة ان يكون زاهدا ورعا في الدنيا واعظم الزهد وحقيقته ان لا تتشوف النفس الى ما لا تملك. وان استخدم ما تملك في المباح. هذا حقيقة الزهد. والورع ان يترك الانسان ما لا بأس به خشية ان يقع فيما فيه بأس. اذا كنا نحن قد تيقنا اننا في ساعة من نهار فالواجب علينا الحرص على هذه الساعات فهي والله لا تعود. الحصن تأمل معي لو ان انسانا ادخل الاختبار. وقيل له ان مدة الاختبار ساعة كيف سيحل بسرعة؟ ويجتهد بسرعة. لو جاءه هاتف لن ينتبه لو جاءه شاغل لن يلتفت لماذا؟ لانها ساعة فيها نجاحه ورسوبه. ورب العزة يقولوا لنا مخبرا عن بقائنا في دنيانا مقرا عما قالوا. كأن لم يلبثوا ساعة من نهار هذا خبر الله جل في علاه. وقد جاء في القرآن ايات كثيرة ساعة من نهار ساعة من النهار. من نهار نكرة. الصواب ان مقصود ان مكث الانسان في الدنيا كساعة من نهار ايام الاخرة. وان يوما عند ربك كالف سنة مما تعدون. اذا كان اليوم عند الله كالف سنة مما نعد فلو عاش الانسان مائة سنة فعمره بالنسبة لالف سنة عمره يساوي كم؟ عشر طيب اذا كان عشر بالنسبة ليوم من ايام الله فاذا كانت ايام الله خالدة تالدة ابدة لا نهاية لها. فكم ستكون مدة مكثه في الدنيا؟ ساعة من النهار. ولهذا جاء في ايات اخرى عشية او ضحاها. وقال بعضهم يوما قالوا كم لبثتم في الارض في الارض عدد السنين قالوا لبثنا يوما او بعض يوم فاسأل العادين وقال اخرون منهم ان لبثتم الا عشرا. وقال اخرون انهم ما لبثوا الا الى وقال اخرون كما اخبر الله عنهم كانهم لم يغنوا فيها. الا بعدا لمدين كما بعدت الثمود. لم يغنوا فيها. عندهم مصانع عندهم بيوت. عندهم وعندهم كأنهم لم يغنوا فيها واخرون فلا تعجل لهم عليهم انما نعد لهم عدا. وقال المفسرون رحمهم الله ليس هذا بتناقض لان مكثهم في الدنيا لا يساوي الا اتى بالنهار بالنسبة للاخرة الابدة. ومن قال منهم عشية او ضحاها فلظن او بالنسبة الى طول عمره او قصر عمره ومن قال الا بتم الا عشرا فهذا اجتهاد منه كما جاء في القرآن الكريم. ويوم يحشرهم كان لم يلبثوا الا ساعة من نهار. الا ساعة من النهار في يونس. فالله جل وعلا يبين في هذه الاية الكريمة ان الكفار اذا حشروا وصاروا في دار القرار استقلوا مدة مكثهم في دار البوار. حتى يقولون كانها قدر ساعة من النهار وبين الله هذا المعنى في مواضع اخر على وجه التكرار كقوله جل وعلا في اخر تحقاف كانهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا الا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك الا القوم الفاسقون؟ وقال في اخر النازعات كأنهم يرونها لم يلبثوا الا عشية او ضحاها. وقال في اخر الروم ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير الساعة. وهذا امر عظيم ايها الاخوة. فالايات مقتضية انها عندهم ان الدنيا كانت قصيرة الى درجة ان كل واحد منهم اصبح يستقل مدة مكثه في هذه الدنيا قالوا لبثنا يوما او بعض يوم فاسأل العادين. ومصداقه من حيث النظرة العملية في الحديث. قال صلى الله عليه وسلم يؤتى بانعم من اهل النار انعم رجل تخيل ظع خيالك في جميع نعم نعم الدنيا هذا الرجل انعم انسان. ملكا وتيسيرا وصحة واولادا ومملكة الى اخره. يؤتى بانعم رجل من اهل من اهل الدنيا من اهل النار فيغمس في النار غمسة. غمسة. فيقال له هل مر بك نعيم قط يقول لا يا ربي ما رأيت نعيما قط. من شدة ما يرى من الهول علاوة على الدوام المقيم ان كان من الكافرين ويؤتى بابئس رجل في الدنيا من اهل الجنة. تخيل بل نوع بؤس هذا الرجل. مسجون مريض فقير مبتلى مزدجر ايا كان. تأمل الى حاله. النبي صلى الله عليه وسلم وصفه باب رجل على وجه الارض من اهل الدنيا من اهل الجنة. فيغمس في الجنة غمسة فيقال له هل مر بك بؤس قط؟ فيقول لا يا ربي. ما مر بي بؤس قط. لما يرى من النعيم والنعيم المقيم وما يرى من الخلود في دار السعادة الابدية. لهذا ايها الاخوة ينبغي على الانسان ان يفكر. هذه الايام ساعة من نهار. فكيف يغفل عنها والله ساعة اختبار كيف لا يغتنم لحظاتها مما يؤسف الانسان ان رجلا مسنا في يده ايباد او تليفون ويلعب رجله على القبر وشاب لحظات حياته فيما لا ينفع. وشابة في الذهاب والاياب. وامرأة في الاسواق كأن وكأنهم عندهم صكوك للبقاء في هذه الدنيا. وعجبا كان السلف احدهم اذا ذهب الى السوق لا يذهب ليتسكع. وانما يذهب يشتري حاجته ويخرج بسرعة مخافة ضياع الوقت مخافة الفتنة مخافة ان يقع في شباك ابليس وروي ان المأمون قرأ هذه الاية الكريمة قالوا لبثنا يوما او بعض يوم فاسأل الدين فلما مر بهذه الاية وعنده جماعة من الفقهاء فاشار الى ابن السماك ان يعظه فقال له رحمه الله اذا كانت الانفاس بالعدد ولم يكن لها مدد ما اسرع ما تنفد. نعم اننا اذا اعددنا ايام عمرنا نجدها معدودة. واذا معدودة فهي محدودة واذا كانت محدودة فهي مقضية منتهية كما قال الله في سورة في عدة ايات من كتاب الله عز وجل اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون والله جل وعلا يذكر قيام الساعة على سبيل المضي لتحققه وقربه. قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وهو يقرأ هذه الاية فاسأل العادين ويبكي ويقول اخر العدد رقم اخر او الرقم الاخير كان يقرأ هذه الاية لبثنا يوما او بعضا يوم فاسأل العادين كان يبكي ويقول اخر العدد خروج نفسك اخر العدد فراق اهلك اخر العدد دخول قبرك. ايها الاخوة ان قوله جل وعلا فاسأل العادين يؤكد لنا ان الانسان المعتبر الانسان المتعظ يدرك ان انفاسه معدودة فيحاسب نفسه ويضبط حياته لانه يعلم ان الحياة امامه وليست هي هذه الحياة لانها موصوفة بالدنيا. والعجب ان المنافقين والكافرين والمسلمين وان اليهود والنصارى والوثنيين كلهم يسمون دنيا بالدنيا اما يكفينا هذا الاتفاق على دنائتها؟ ما رأينا احدا منهم يسمي هذه الدنيا بدار الخلود. ما رأينا احدا منهم يسمي هذه الدنيا بدار السعادة. اطبقت الامم من الجن والانس على انها دنيا. دنيئة فعلامة تناكب عليها مر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم على ميتة جدي اصك فقال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة من يشتري هذا بدرهم؟ قالوا يا رسول الله لو كان حيا ما اشتراها احد منا ما لها قيمة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم ان الدنيا اهون عند الله من هذه على اهل وكلنا نعرف حديث ان الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة. ينبغي علينا ان ندرك ان هذه الايام مكثها يسير لان الله صدق من اخبر ان انهما مكث الا قليل. قال جل وعلا عنهم. قال ان لبثتم الا قليلا لو كنتم تعلمون. فهم قالوا يومنا او بعض يوم فالله قال الا بستم الا قليلا لو انكم كنتم تعلمون. فمدة اكفنا في الدنيا قليلة جدا بالنسبة الى طول مدة الخلود سواء في الجنة جعلنا الله واياكم من اهلها او في النار اعاذني الله واياكم منها. قال ان لبثتم وفي قراءة قل الا الا قليلا. وربنا جل وعلا لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم والكفار يستفزونه ويريدون منه ان يدعو عليهم قال الله له ولا تستعجل لهم. كانهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا الا ساعة من نهار فالدنيا فانية. لذلك جاء النهي عن طلب تعجيل العذاب لهم موظحا في ايات اخر كقوله تعالى وذرني والمكذبين اولي النعمة ومهلهم قليلا. وقوله تعالى فمهل الكافرين امهلهم رويدا. الناس يتعجبون من حلم الله على الكافرين. ومن حلمه على المشركين لكنها في الواقع ليس الا ساعة من نهار. وربما كان هذا من عدل الله ان ساعة الاختبار لم تنقضي وهي بالنسبة الى الله العزيز العليم الحكيم ساعة فتركه كما يترك الاستاذ تلميذه ساعة في الاختبار. ومهما فعل لا يبالي اخطأ او حتى ينتهي الاختبار فيحاسبه بعد ذلك على اساءته او على احسانه. ولذلك جل وعلا قال ومهلهم قليلا. قال فمهل الكافرين امهلهم رويدا. فهذا يوضح ان هذه الدنيا قليل. رويد يسير. فلا تعجل عليهم. انما نعد لهم عدا. نمتعهم قليلا ثم نضطرهم الى عذاب غليظ. قال ومن كفر فامتعه قليلا ثم اضطره الى عذاب النار. وقال منها كما اننا لا نحس ولا ندرك تسعة اشهر كنا في بطون امهاتنا والله لا ندرك كم سيكون مكثنا في هذه الدنيا لا نتذكر منها شيئا. كما ان الذين يصعقون لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل. ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد. وقال قل ان الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون. متاع في الدنيا ثم الينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون. قيل لنوح عليه السلام كما جاء في بعض الكتب في الاثار الاسرائيلية ان نبي الله نوح الذي عمر ما لم يعمر احد فقط في الدعوة مكث الف سنة الا خمسين عاما. كم كان عمره قبل النبوة؟ كم صار عمره بعد بعد النجاة وبعد الطوفان الله اعلم. قالوا له كم او كيف امضيت هذا العمر؟ قال كاني ادخل من باب واخرج من باب. ومصداقه تأمل في حياتك ان كنت من من اهل العشرين او الثلاثين او الاربعين او الخمسين او الستين او المئة كانك ما مضى عليك الا ساعات لا يتعجب الانسان عن ذكرياته كيف مضى عليه؟ كيف هذه الذكريات عليه يتعجب منها كأنها لمح البصر. كأنها لويحظات كأنها دقائق فكيف يغتر الانسان؟ يقول ابن القيم رحمه الله تعالى يقول وقال لنبيه ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلهيم الامل فسوف يعلمون. وفي هذا تعزية لما منعه اولياءه من التمتع بالدنيا وكثرة الاكل فيها وتأديب لمن بسط له فيها الا يطغى فيها. ولا يعطي نفسه شهواته ولا يتمتع بها ولام سبحانه محبيها المفتخرين بها المكاثرين بها ظانين ان الفضل والكرامة في سعتها وبسطها فاكذبهم الله. واخبر انه وليس كما قالوه ولا توهموه ومثلها لعباده بالامثلة التي تدعو كل لبيب عاقل الى الزهد فيها وعدم الوثوق بها والركون اليها. فاحضر صورتها وحقيقتها في قلوبهم بما لها مثلا كماء انزله من السماء فخالط نبات الارظ فلما اخذت به الارض زخرفها وتزينت بانواع النبات اتاها امره فجعل تلك الزينة يبسا هشيما والرياح كان لم يكن قط منه شيء. واخبر سبحانه عن ثنائها وسرعة انقضائها. وانه اذا عاين العبد الاخرة فكأنه لبث فيها ساعة من نهار او يوما او بعض يوم ونهى سبحانه ان يغتروا بها واخبرهم انها لهو ولعب وزينة وتفاخر ومتاع غرور وطريق ومعبر الى الاخرة. وانها عرظ عاجل لا ولم يذكر مريدها بخير قط بل حيث ذكره ذمه واخبر ان مريدها مخالف لربه تعالى في ارادته. فالله يريد شيئا ومريد الدنيا يريد خلافه. فهو مخالف لربه بنفس ارادته كفى بهذا بعدا عنه سبحانه. واخبر سبحانه عن اهل النار انهم انما دخلوا بسبب غرور الدنيا وامانيها لهم. قالوا وهذا كله تزهيد لهم منه سبحانه وترغيب في التقلل منها ما امكن. انتهى كلامه رحمه الله. اخرج ابن ابي شيبة عن عبد الله ابن عمه قال عبد الله بن عمرو بن العاص يقول يجمعون يوم القيامة فيقول اين فقراؤ هذه الامة او قال اين فقراء هذه الامة ومساكينها؟ فيبرزون فيقال ما عندكم فيقولون يا رب ابتلينا فصبرنا وانت اعلم ووليت الاموال والسلطان غيرنا فيقال صدقتم فيدخلون الجنة قبل سائر الناس بزمن. وهذا فيه حديث مرفوع فقراء امتي يدخلون قبل الاغنياء بخمسمائة عام. والله ما ندري من اي الاعوام هي؟ من اعوام الله فوحسرتا من ايام الدنيا فوالله خسارة ايضا. هنا عبدالله بن عمرو يقول يدخلون الجنة قبل سائر الناس بزمن وتبقى شدة الحساب على ذوي الاموال والسلطان. قيل فاين المؤمنون يومئذ اي من الاغنياء مؤمنون واغنياء. قال يوضع لهم كراسي من نور ويظلل عليهم الغمام. ويكون ذلك اليوم اقصر عليهم من ساعة من نهار. ولذلك نجد السلف رحمهم الله ادركوا هذا المعنى. فكان احرص على وقته من حرصنا على دنيانا. كان احدهم احرص على العبادة من حرصنا على ذهبنا والله نجد الناس اليوم يضعون الذهب والاموال في البنوك وفي الاماكن المحفوظة المصونة ويضيعون ساعات عمرهم كانها لا تساوي شيئا. بل ان بعضهم وهم المفاليس يقولون عندنا فراغ ما نعرف ماذا نفعل. يا مسيكين اذا عندك فراغ ادخل المسجد. اجلس اذكر الله ما تعرف تقرأ القرآن والله جلوسك في المسجد خير لك من الدنيا وما فيها. ايها الاخوة الكلام كثير حول هذه المسألة العظيمة التي يدركها كل عاقل فما ايامنا في الدنيا الا كساعة من نهار يقول جل وعلا افرأيت ان متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما اغنى عنهم ما يمتعون نعم الانسان العاقل يتفكر لو تعيش مئة سنة بعد ذلك الان لا تحس بانها يموتون ثم يبعثون لا يدركون كم مكثوا. قال كم لبثت؟ قال لبثت يوما او بعضا. قال بل لستمئة عام ما شعر اصحاب الكهف ماتوا فمكثوا في الكهف ثلاث مئة على العد القمري وازدادوا تسعا على العد الشمسي. وما احس احدهم انهم كم لبثوا وما احسوا ولا شعروا ولا عرفوا ولذلك جاء في الحديث ان الرجل الصالح اذا مات في قبره يفتح له فتحة في الجنة فيرى نعيمها ويقول يا ربي اقم الساعة كي ما اذهب الى اهلي وكي ما اذهب الى مكاني ومقامي فيقال له نم نومة العروس فينام نومة حتى اذا كانت الساعة يقوم يظن نفسه نام بين الظهر والعصر او بين العصر والمغرب. هذا حالنا. كان احد الملوك رأى رجلا عليه اثار التعاسة في نظره ثياب مرقعة رأس مشعث وجه جائع فامر عساكره فاتوا به. فامر له بغسل وطيب وثياب وطعام وشراب وفراش وثير. فلما اصبح قالوا له ائتوني بي فلما جاءوا به قال له الملك كيف اصبحت؟ قال ايها الملك ليلة مضت قال مجنون انت اكرمناك وتقول ليلة مضت قال ان كنت عملتها لله فهي بقيت لك وان كنت عملتها للجاه فهي عليك وبالنسبة لي ليلة مضت. قال خذوه وعذبوه فاخذوه عذبوه سجنوه جوعوه ظمأوه فلما اصبح قال جيئوني به فلما جيء به قال له كيف كانت ليلتك؟ قال ليلة مضت. قال بك جنون؟ قال بالنسبة لي ليلة مضت. ان كنت صابرا كنت مأجورا ان كنت جزعا كنت موزورا. وبالنسبة لك ان كنت محقا انت مثاب وان كنت ظالما فانت معاقب. هذه النظرة هي التي ينبغي ان تكون نظرتنا لهذه الدنيا وما يجري فيها. ولهذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وظع لنا نظاما عظيما. قال كن في الدنيا كأنك قريب او عابر سبيل. فلا ينبغي لعبد مسلم ان يغتر برخاء. ولا ان يأمل بقاء الدنيا ولا ان يدرك او ولا ان اه لا يعود نفسه على المصايب والمعايب. يجب على الانسان تجتهد وان يبذل قصارى جهده كيف يعمل لاخرته. اسأل الله جل وعلا ان يرزقنا واياكم حسن القول وحسن العمل وان يجعلنا واياكم كما قال امير المؤمنين علي رضي الله عنه ان للدنيا اهلين وان للاخرة اهلين فكونوا من اهل الاخرة ولا تكونوا من اهل الدنيا. اللهم انا نسألك يا مولانا الا تجعل الدنيا اكبر همنا. ولا مبلغ علمنا اللهم اجعل الاخرة هي دارنا ومقامنا. اللهم اجعل الجنة هي دارنا ومقامنا. وصلي اللهم وسلم وبارك وانعم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. الحمد لله رب العالمين