قد تكون في مكان دون مكان ووقت دون وقت وبين قوم دون قوم ولكن اهل هذه الغربة هم اهل الله حقا. فانهم لم يأوا الى غير الله ولم ينتسبوا الى غير رسوله صلى الله عليه وسلم آآ وهو كلام آآ مهم لفهم آآ يعني بعض المعطيات التاريخية التي كانت موجودة في تلك المرحلة وليس كلامه وحده. هناك ايضا كلام لغيره. ايضا ابن تيمية قد سبق ان شبه عصره يا ربي وحيد مريض غريب فقيل له يا موسى الوحيد من ليس له مثلي انيس والمريض من ليس له مثلي طبيب والغريب من ليس بيني وبينه معاملة فالغربة ثلاثة انواع غربة اهل الله واهل سنة رسوله بين هذا الخلق من يؤهله لذلك لسر عنده من معرفة من معرفة قدر النعمة ورؤيتها من مجرد فضل المنعم محبته وشكره عليها وليس كل احد عنده هذا السر فلا يؤهل كل احد لهذا العطاء وهي الغربة التي مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم اهلها واخبر عن الدين الذي جاء به انه بدأ غريبا وانه سيعود غريبا كما بدأ وان اهله يصيرون غرباء وهذه الغربة اياما الصبر فيهن او فان من ورائكم ايام الصبر الصبر فيهن مثل قبض على الجمر العامل فيهن اجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله قلت يا رسول الله اجرؤ خمسين منهم؟ قال اجر خمسين منكم من طبعة دار طيبة واخر منزلة من المجلد الثالث هي منزلة السر ولا يزال الحديث متتاليا متتابعا حول المنازل التي اه يركز عليها القوم واهل الطائفة الذين يركزون كثيرا على معاني المشاهدة والمكاشفة والمعاينة بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم لك الحمد لا احصي ثناء عليك انت كما اثنيت على نفسك اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد مرحبا بكم جميعا في هذا اللقاء الذي هو اللقاء الثاني والعشرين او الثاني والعشرون من جلسات او مجالس التعليق على القراءة والتعليق على مدارج السالكين للامام ابن القيم رحمه الله واليوم ننهي ان شاء الله المجلد الثالث ونبدأ بالمجلد الرابع وما الى ذلك حتى يصل الى الفناء وما الى ذلك بالتالي سنسير بنفس ما سرنا امس ان شاء الله من القراءة الانتقائية التي تتناول مقاصد المنازل وهناك بعض المواضع آآ مفيدة جدا في هذه المنازل. نستعين بالله سبحانه وتعالى قال الامام ابن القيم رحمه الله فصل ومنها منزلة السر. قال صاحب المنازل باب السر قال الله تعالى الله اعلم بما في انفسهم اصحاب السر هم الاخفياء الذين ورد فيهم الخبر قال ابن القيم رحمه الله اما استشهاده بالاية اللي هي الله اعلم بما في انفسهم فوجهه ان اتباع الرسل الذين صدقوهم واثروا الله والدار الاخرة على قومهم واصحابهم قد اودع الله قلوبهم سرا من اسرار معرفته ومحبته والايمان به خفي على اعداء الرسل فنظروا الى ظواهرهم وعموا عن بواطنهم فازدروهم واحتقروهم وقالوا للرسول اطرد هؤلاء عنك حتى نأتيك ونسمع منك وقالوا اهؤلاء من الله عليهم من بيننا فقال نوح عليه السلام لقومه ولا اقول لكم عندي خزائن الله ولا اعلم الغيب ولا اقول اني ملك ولا اقول للذين تزدري اعينكم لن يؤتيهم الله خيرا الله اعلم بما في انفسهم اني اذا لمن الظالمين قال الزجاج المعنى ان كنتم تزعمون انهم انما اتبعوني في بادي الرأي وظاهره فليس علي ان اطلع على ما في انفسهم فاذا من يوحد الله عملت على ظاهره ورددت علم ما في نفوسهم الى الله وهذا معنى الحسن والذي يظهر من الاية ان الله يعلم ما في انفسهم اذ اهلهم لقبول دينه وتوحيده وتصديق رسله. والله سبحانه وتعالى عليم حكيم يضع العطاء في مواضعه وتكون هذه الاية مثل قوله تعالى وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا اهؤلاء من الله عليهم من بيننا اليس الله باعلم بالشاكرين فانهم انكروا ان يكون الله سبحانه اهلهم للهدى والحق وحرمه رؤساء الكفار واهل العزة والثروة منهم كانهم استدلوا بعطاء الدنيا على عطاء الاخرة. فاخبر الله سبحانه انه اعلم بما يعني الان هو يقول الله اعلم بما في انفسهم هذه الاية التي او هذه الجملة التي قالها نوح عليه السلام لقومه المكذبين وعنا بها المؤمنين من اتباعه يقول لهم معنى معنى الكلام انتم تزدرون هؤلاء وتقولون آآ تزدرون هؤلاء لانكم حكمتم عليهم ظواهرهم وتقولون انهم امنوا بادي الرأي ولكن الله اعلم بما في انفسهم هنا يقول لك هناك قولان في تفسير الله اعلم بما في انفسهم. القول الاول انه الله اعلم ما في انفسهم. يعني انا اقبل منهم ظواهرهم واكلوا بواطنهم الى الله والمعنى الاخر الذي رجحه ابن القيم يقول يعني ليس هذا هو المقصود هنا. وانما المقصود هنا هو ان الله سبحانه وتعالى هداهم لانه يعلم ما في انفسهم من القابلية للشكر الاحسان والاعتراف بالنعمة العبادة وما الى ذلك. فصارت هنا الله اعلم بما في انفسهم من باب الثناء ومن باب الوصف الاستحقاق الايمان وليست من باب انه علي ظاهرهم وباطنهم آآ لله او على الله سبحانه وتعالى. ويقول ابن القيم انه هذي مثل قول الله سبحانه وتعالى اليس الله باعلم اي الذين يعلمون قدر نعمته فيشكرونه آآ فيشكروه عليها ثم قال لابن القيم قوله اصحاب السر هم الاخفياء الذين ورد فيهم الخبر قد يريد به حديث سعد ابن ابي وقاص حيث قال له ابنه انت ها هنا والناس يتنازعون في الامارات وقال اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الله يحب العبد التقي الغني الخفي ما هذا الحديث في صحيح مسلم وقد يريد به قوله صلى الله عليه وسلم رب اشعث اغبر مدفوع بالابواب او مدفوع بالابواب لا يؤبه له لو اقسم على الله لابره وقوله في الحديث الاخر وقد مر به رجل فقال ما تقولون في هذا؟ قالوا حري ان شفع ان يشفع وان خطب ان ينكح وان قال ان يسمع لقوله ثم مر به اخر فقال ما تقولون في هذا؟ فقالوا هذا حري ان شفع الا يشفع وان خطب الا ينكح. وان قال الا يسمع قوله فقال النبي صلى الله عليه هذا خير من ملء الارض من مثل هذا طيب هادا يعني موضع وحيد اخترته من اه منزلة السر ثم ننتقل بعد ذلك اه الى المجلد الرابع الى منزلة الغربة سنتجاوز منزلة النفس وننتقل الى منزلة الغربة. اه قال ابن القيم رحمه الله فصل قال شيخ الاسلام ويغسل به الهروي طبعا باب الغربة قال الله تعالى فلولا كان من القرون من قبلكم اولوا بقية ينهون عن الفساد في الارض الا قليلا ممن انجينا منهم استشهاده بهذه الاية في هذا الباب يدل على رسوخه في العلم والمعرفة وفهم القرآن فان الغرباء في العالم هم اهل هذه الصفة المذكورة في الاية وهم الذين اشار اليهم النبي صلى الله عليه وسلم في قوله بدأ الاسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ. فطوبى للغرباء قيل ومن الغرباء يا رسول الله؟ قال الذين يصلحون يصلحون او يصلحون اذا فسد الناس وقد قال الامام احمد حدثنا عبدالرحمن بن مهدي عن زهير عن عمرو بن ابي عمرو مولى المطلب بن حنطب عن المطلب بن حنطب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال طوبى للغرباء قالوا يا رسول الله ومن الغرباء؟ قال الذين يزيدون اذا نقص الناس فان كان هذا الحديث بهذا اللفظ محفوظا لم ينقلب على الراوي لفظه وهم الذين ينقصون الى زاد الناس فمعناه الذين يزيدون خيرا وايمانا وتقى اذا نقص الناس اسوء من ذلك والله اعلم وفي حديث الاعمش عن ابي اسحاق عن الاحوص عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الاسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء. قيل ومن الغرباء يا رسول الله؟ قال النزاع من القبائل وفي حديث عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ونحن عنده طوبى للغرباء قيل ومن الغرباء يا رسول الله؟ قال ناس صالحون قليل في ناس كثير من يعصيهم اكثر مما ممن يطيعهم. وقال احمد حدثنا هيثم ابن جميل قال حدثنا محمد مسلم قال حدثنا عثمان بن عبد الله عن سليمان بن هرمز عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ان احب شيء الى الله الغرباء قيل ومن الغرباء قال الفرارون بدينهم يجتمعون الى عيسى ابن مريم عليه السلام يوم القيامة وفي حديث اخر بدأ الاسلام غريبا وسيعود كما بدأ غريبا فطوبى للغرباء قيل ومن الغرباء يا رسول الله؟ قال الذين يحيون سنتي ويعلمون الناس. طبعا هذه روايات متعددة لحديث الغرباء اصل حديث الغرباء آآ في الصحيح يعني اصله في الصحيح اللي هو بدأ الاسلام غريبا وسيعود كما بدأ غريبا فطوبى للغرباء. هذا القدر صحيح في اه صحيح الامام مسلم رحمه الله تعالى. اه والروايات الزائدة اللي هم النزاع من القبائل ويزيدون اذا نقص الناس وكذا ليست يعني تحتاج الى تحريم من جهات البحث ومنها زيادات مضاعفة ضعفها آآ المحدثون او بعض المحدثين آآ وهناك بعض البحوث في في في هذه الروايات وتحقيقها ان شاء الله آآ اصير لها لاحقا يعني او انشر لكم الرابط لاحقا باذن الله قال وقال نافع عن مالك دخل عمر ابن الخطاب المسجد فوجد معاذ بن جبل جالسا الى بيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبكي فقال له عمر ما يبكيك يا ابا عبدالرحمن هلك اخوك؟ قال لا ولكن حدثني حبيبي صلى الله عليه وسلم وانا في هذا المسجد فقال ما هو؟ قال ان الله يحب الاخفياء الافياء الاتقياء الابرياء الذين اذا غابوا لم يفتقدوا واذا حضروا لم يعرفوا قلوبهم مصابيح الهدى يخرجون من كل فتنة عمياء اه مظلمة وهذا ايضا حديث مضاعف قال ابن القيم رحمه الله فهؤلاء هم الغرباء الممدحون المغبوطون ولقلتهم في الناس جدا سموا غرباء. فان اكثر الناس على غير هذه الصفات فاهل الاسلام في الناس غرباء والمؤمنون في اهل الاسلام غرباء واهل العلم في المؤمنين غرباء واهل السنة الذين يميزونها من الاهواء والبدع غرباء والداعون اليها الصابرون على اذى المخالفين هم اشد هؤلاء غربة ولكن هؤلاء هم اهل الله حقا ولا غربة عليهم وانما غربتهم بين الاكثرين الذين قال الله عز وجل فيهم وان تطع اكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله فاولئك اولئك هم الغرباء من الله ورسوله ودينه وغربتهم هي الغربة الموحشة وان كانوا هم المعروفين المشار اليهم فكما قيل فليس غريبا من ثناءت دياره ولكن ولكن من تنأين عنه غريب ولما خرج موسى عليه السلام هاربا من قوم فرعون انتهى الى مدين على الحال التي ذكرها الله وهو وحيد غريب خائف جائع فقال ولم يدعوا الى غير ما جاء به. وهم الذين فارقوا الناس احوج ما كانوا اليهم. فاذا انطلق الناس يوم القيامة مع الهتهم بقوا في فيقال لهم الا تنطلقون حيث انطلق الناس فيقولون فارقنا الناس ونحن احوج اليهم منا اليوم وانا ننتظر ربنا الذي ان كنا نعبده. فهذه الغربة لا وحشة على صاحبها بل هو انس ما يكون اذا استوحش الناس واشد ما تكون وحشته اذا تأنس فوليه الله ورسوله والذين امنوا وان عاداه اكثر الناس وجفوه ومن هؤلاء الغرباء من ذكرهم انس في حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم رب اشعث اغبر ذي طمرين لا يؤبه له لو اقسم على الله ابره وقال الحسن المؤمن في الدنيا كالغريب لا يجزع من ذلها ولا ينافس في في عزها للناس حال وله حال الناس منه فيران وهو من نفسه في تعبه ومن صفات هؤلاء الغرباء الذين غبطهم النبي صلى الله عليه وسلم التمسك بالسنة اذا رغب عنها الناس وترك ما احدثوه وان كان وان كان هو المعروف عندهم وتجريد التوحيد وان انكر ذلك اكثر الناس وترك الانتساب الى احد غير الله ورسوله لا شيخ ولا طريقة ولا مذهب ولا طائفة بل هؤلاء الغرباء منتسبون الى الله بالعبودية له وحده والى رسوله بالاتباع لما جاء به وحده. وهؤلاء هم القابضون على الجمر حقا واكثر الناس بل كلهم لائم لهم. فلغربتهم بين هذا الخلق يعدونهم اهل شذوذ وبدعة ومفارقة للسواد الاعظم هذي المعاني اه من المعاني التي تعين الانسان على ضبط معاييره لان من المعايير الفاسدة الزائفة المنتشرة بين الناس معيار الاكثرية معيار الاكثرية ان يكون الانسان مع الكثرة فهو مع الصواب وان يكون مع القلة فهو مع الشذوذ والخطأ هذا هذا معيار من المعايير السائدة وهذا المعيار كان يستعمله اقوام الانبياء الذين كذبوا بهم وان ان ما اتيتم به هو غريب لم نعرفه عن احد قبلكم ولم يتبعكم احد عليه الا الاراذل واناس قلة آآ والضعفاء اين انتم عن سادة القوم؟ اين انتم عن الكثرة؟ اين انتم عن البقية؟ اين انتم عن ابائنا واجدادنا الى اخره على اية حال قال رحمه الله ولهذا جعل للمسلم الصادق في هذا الوقت اذا تمسك بدينه اجر خمسين من الصحابة ففي سنن ابي داوود والترمذي من حديث ابي ثعلبة الخشني قال لكن المؤمن حين يتربى على هذا المعنى فان هذا مما يعينه على ضبط المعايير لديه ومما يعينه على الثبات ايضا اه على دين الله سبحانه وتعالى. طبعا يحتاج يعني ايضا الغربة ليست هي معيارا للصحة يعني الغربة ليست معيارا للصحة كما ان الكثرة ليست معيارا للصحة ولكن الغربة متحققة وواقعة كما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم ستقع وهي واقعة وكما قال ابن القيم واقعة في وقت دون وقت ومكان دون مكان فالذي يعيش مثلا في اه في اه مثلا في دولة اوروبية او شرقية او ايا كان في الشرق او في الغرب في بلد كله كفار ثم يهديه الاسلام فيسلم من بين قومه وحيدا او ليس معه الا عدد قليل جدا. هؤلاء اهل الغرب وهؤلاء اجرهم قد يكون مضاعفا على من يعيش في وسط مسلم وبين اناس مسلمين وبين صحبة طيبة والكل يعينه عليه وآآ فالغربة نسبية ولكن المهم هي هو ان الغربة بحد ذاتها ليست معيارا للصحة كما انها ليست معيارا الخطأ الغربة وصف اضافي ولكن المعيار الحقيقي هو المتابعة للكتاب ولسنة النبي صلى الله عليه وسلم ثم قالوا معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم هو النزاع من القبائل ان الله سبحانه بعث رسوله واهل واهل الارض على اديان مختلفة فبينهم عباد اوثان ونيران وآآ عباد صور وصلبان ويهود وصابئة وفلاسفة وكان الاسلام في اول ظهوره غريبا وكان من اسلم منهم استجاب لله ولرسوله غريبا في حيه وقبيلته واهله وعشيرته فكان المستجيبون لدعوة الاسلام نزاعا من القبائل بل احاد منهم تغربوا عن قبائلهم وعشائرهم ودخلوا في الاسلام فكانوا هم الغرباء حقا حتى ظهر الاسلام وانتشرت دعوته ودخل الناس فيه افواجا فزالت تلك الغربة عنهم ثم اخذ في الاغتراب والترحل حتى غاد عاد غريبا كما بدأ الاسلام الحق الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه هو اليوم اشد غربة منه في اول ظهوره. وان كانت اعلامه رسومه الظاهرة مشهورة معروفة فالاسلام الحقيقي غريب جدا واهله غرباء اشد الغربة بين الناس هذا الكلام الامام ابن القيم في تلك المرحلة اه اقرب لاعصار الفترات او لازمنة الفترات التي اه انقطعت فيها الرسالات ثم قال وكيف لا تكون فرقة واحدة قليلة جدا قليلة جدا غريبة بين اثنين وسبعين فرقة ذات اتباع ورئاسات ومناصب وولايات ولا يقوم لها سوق الا بمخالفة ما جاء به الرسول فان نفس ما جاء به يضاد اهواءهم ولذاتهم وما هم عليه من الشبهات والبدع التي هي منتهى فضيلتهم وعملهم والشهوات التي هي غايات مقاصدهم واراداتهم. فكيف لا يكون المؤمن السائل الى الله على طريق المتابعة غريبا بين هؤلاء الذين قد اتبعوا اهواءهم واطاعوا شحهم واعجب كل منهم برأيه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر حتى اذا رأيتم شحا مطاعا وهوى متبعا ودنيا مؤثرة واعجاب كل ذي رأي برأيه ورأيت امرا لا يد لك به فعليك بخاصة نفسك واياك وعوامهم فان ورائكم صبر الصابر فيهن كالقابض على الجمر اه ولذلك من هذا الحديث ومن غيره اخذ بعض اهل العلم اه ان ان انكار المنكر قد آآ يسقط في بعض الحالات آآ اذا اذا جاءت مثل هذه الحالة التي في الحديث وان كان لا يسقط اصله يعني يعني آآ قد تسقط بعض تفاصيله قد تسقط بعض صوره قد يؤدي الانسان الرسالة ثم آآ يعني آآ يعذر بعد ذلك لكن هناك حالات آآ يعني يتوسع فيها مجال العذر للمصلح عموما الكلام في المسألة فيها تفصيل كثير يمكن ايضا نراجع التفاسير المطولة عند قول الله سبحانه وتعالى يا ايها الذين امنوا عليكم انفسكم لا يضركم من ضل اذا ارتديتم؟ طبعا بلا شك الاية لم ليس ليست الاية في ترك انكار المنكر ولذلك صح عن ابي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه كما في مسند الامام احمد انه قال انكم تقرأون هذه الاية وتضعونها على غير مواضعها وان الناس اذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه اوشك ان يعمهم الله بعقاب وهذا صحيح عن ابي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه اه ولكن عموما المسألة فيها طول وايضا من موارد البحث فيها لمن اراد ان يبحث عند قول الله سبحانه وتعالى فذكر ان نفعت الذكر حيث بعضهم جعل ان هنا شرطيا سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الاية يا ايها الذين امنوا عليكم انفسكم لا يضركم من ضل اذا اهتديتم فقال بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى اذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا ودنيا مؤثرة واعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بخاصة نفسك ودع عنك العوام فان من وهذا الاجر العظيم انما هو لغربته بين الناس والتمسك بالسنة بين ظلمات اهوائهم وارائهم فاذا اراد المؤمن الذي قد رزقه الله بصيرة في دينه وفقها في سنة رسوله وفهما في كتابه واراهما الناس فيه من الاهواء والبدع والضلالات وتنكبهم عن الصراط المستقيم الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه. فاذا اراد ان يسلك هذا الصراط فليوطن نفسه على قدح الجهال. واهل البدع فيه وطعنهم عليه وازرائهم به وتنفير الناس عنهم وتحذيرهم منهم كما كان سلفهم من الكفار يفعلون مع متبوعه وامامه صلى الله عليه وسلم. فاما ان دعاهم ذلك وقدح فيما هم عليه فهنالك تقوم قيام ويبغون له الغوائل وينصبون له الحبائل ويجلبون عليه بخيل كبيرهم ورجله آآ طبعا آآ سبحان الله الانسان احيانا تغيب عنه هذه المعاني. يعني الانسان يقرأ قصص الانبياء ومقدار ما اوذوا ومقدار اصابهم وقص المصلحين وما يصيبهم ثم اذا اراد ان يكون مصلحا وان يدعوا الى الخير ويأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فصار عليه شيء من الاذى اغلب آآ جهازه ولا كتابه ولا قلمه وانكفأ وترك طريقه لماذا؟ والله تعرض لبعض الاذى. طيب يعني ما الذي كنت تنتظره اصلا؟ يعني انت ماذا كنت تنتظر؟ من خلال معرفتك بالقرآن والسنة ايش كنت تنتظر في ثنايا طريقك آآ الاصلاحي ايش كنت تتوقع من خلال معرفتك بقصص الانبياء والمصلحين فاذا كان يتوقع انه آآ يعني سيكون كل ما يجده في هذا الطريق هو عبارة عن ترحيب وثناء وتقديم ومكاسب دنيوية وما الى ذلك فهنا آآ قد يكون هذا من العلامات التي تدل على خطأ طريقه قد يكون هذا من العلامات التي تدل على خطأ طريقه لانه هذا ليس هو الطريق المعتاد آآ للاصلاح ولا لسنة المصلحين اه ولكن اه طبعا هو في نفس الوقت ليس معنى ذلك ان الانسان لا يصله شيء من الخير بل بالعكس يعني كما قال النبي صلى الله عليه وسلم عن الثناء على الرجل تلك عاجل بشرى المؤمن لكن اذا نظرت الى عموم الطريق فلا بد ان تكون في محطات في الطريق لابد ان تكون هناك مصاعب شديدة جدا على الانسان هذه سنة سنة جارية لا تتبدل ولا تتحول فالانسان يعني يوطن نفسه على مثل هذا ويعرف انه آآ اذا واجهته اشياء مثل هذه فهي علامات في الطريق لابد ان يمر بها وليست علامات ليرجع ويتنكر. قال رحمه الله فهو غريب في دينه لفساد اديانهم غريب في تمسكه بالسنة لتمسكهم بالبدع غريب في اعتقاده لفساد عقائدهم غريب في صلاته لسوء صلاتهم غريب في طريقه للضلال وفساد طرقهم غريب وفي نسبته لمخالفة نسبهم غريب في معاشرته لهم لانهم لانه يعاشرهم على ما لا تهوى انفسهم فبالجملة هو غريب في امور دنياه واخرته لا يجد من العامة مساعدا ولا معينا فهو عالم بين جهال صاحب سنة بين اهل بدع داع الى الله ورسوله بين دعاة للاهواء والبدع امن بالمعروف ناه عن المنكر بين قوم المعروف لديهم منكر والمنكر لديهم معروف آآ هذي ايضا يعني قضية انا لا احب ان اطيل في التعليقات حقيقة لكن فقط احيانا اشير بعض الاشارات آآ وهذه القضية ايضا تحتاج الى توازن لانه آآ احيانا الانسان آآ يبالغ في هذه القضية اه يصل الى مرحلة من اه الهجران ومن القطيعة. ما لا ينبغي ان يصل اليها. فالانسان دائما يحتاج الى توازن. يفهم المفاهيم اه يتشربها بشكل صحيح ويعلم انها علامات في الطريق ولكن في نفس الوقت اه هناك مقامات اخرى وهناك منازل اخرى وهناك ايات واحاديث اخرى. فالانسان المسدد والموفق هو الذي تكون لديه النظرة الشمولية آآ والكلام في التوازنات حقيقة كلام طويل لعل وعسى ان شاء الله في لقاء من في محاضرة من المحاضرات المنهجية القادمة ان شاء الله طيب اه ثم يقول في الصفحة التالية اه فصل النوع الثالث غربة مشتركة لا تحمد ولا تذم وهي الغربة عن الوطن فان ثمرة قرب القلب من الرب ووسيمه واستغراقه في محبته وذكره واستيلاء سلطان معرفته عليه والرب تبارك وتعالى وراء ذلك كله منزه مقدس عن اطلاع البشر على ذاته او انوار ذاته الناس كلهم اه في هذه الدار غرباء فانها ليست لهم بدار مقام ولا هي الدار التي خلقوا لها. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبدالله بن عمر رضي الله عنهما كن في الدنيا كأنك غريب او عابر سبيل وهكذا هو في نفس الامر لانه امر امر ان يطالع ذلك بقلبه ويعرفه حق المعرفة ولي من ابيات في هذا المعنى وحي على جنات عدن فانها منازلك الاولى وفيها المخيم ولكننا سبي العدو فهل ترى نعود الى اوطاننا؟ فهل ترى نعود الى اوطاننا ونسلم واي اقتراب فوق غربتنا التي لها اضحت الاعداء فينا تحكموا واي اغتراب فوق غربتنا التي لها اضحت الاعداء فينا تحكموا وقد زعموا ان الغريب اذا نأى وشطت به اوطانه ليس ينعم فمن اجل ذا لا ينعم العبد ساعة من العمر الا بعدما يتألم. قال وكيف لا يكون العبد في هذه الدار غريبا وهو على جناح سفر لا يحل عن راحلته اه الا اه بين اهل القبور فهو مسافر في صورة قاعد وقد قيل وما هذه الايام الا مراحل يحث بها داع الى الموت قاصد واعجب شيء لو تأملت انها منازل تطوى والمسافر قاعدون طيب ثم ننتقل الى منزلة المكاشفة في بعدها منزلة التمكن سنتجاوزها منزلة المكاشفة آآ ويبدوا معاكم الان نسخة ثانية ما اعرف صفحة كم عندكم لكن عندي صفحة سبعة وستين بعد بداية المنزلة بصفحتين تقريبا قال رحمه الله المكاشفة الصحيحة انا معاكم نفس النسخة جيد قال المكاشفة الصحيحة علوم يحدثها الرب سبحانه وتعالى في قلب العبد ويطلعه بها على امور تخفى على غيره وقد يواليها وقد يمسكها عنه بالغفلة عنها ويواريها عنه بالغين الذي يأسى قلبه فهو ارق الحجب او بالغيم وهو اغلظ منه واو بالراني وهو اشدها. فالاول يقع للانبياء عليهم السلام كما قال النبي صلى الله عليه وسلم انه ليغان على قلبي واني لاستغفر الله اكثر من سبعين مرة والثاني يكون للمؤمنين والثالث لمن غلبت عليه الشكوة. قال الله تعالى كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون. قال ابن عباس وغيره هو الذنب بعد لم يغطي القلب حتى يصير كالران عليه. والحجب عشرة حجاب التعطيل ونفي حقائق الاسماء والصفات وهو اغلظها. فلا يتهيأ لصاحب هذا الحجاب ان يعرف الله ولا ان يصل اليه البتة الا كما يتهيأ للحجر ان يصعد الى فوق الثاني حجاب الشرك وهو ان يتعبد قلبه لغير الله او ان يتعبد قلبه لغير الله. الثالث حجاب البدعة القولية كحجاب اهل الاهواء والمقالات الفاسدة على اختلافها. الرابع حجاب البدعة العملية كحجاب اهل السلوك المبتدعين. في طريقهم وسلوكهم. الخامس حجاب اهل الكبائر الباطنة بحجاب اهل الكبر والعشب والرياء والحسد والفخر والخيلاء ونحوها السادس حجاب اهل الكبائر الظاهرة وحجابهم ارق من حجاب اخوانهم من اهل اخوانهم من اهل كبائر الباطلة. هذا تنبيه مهم جدا انه الكبائر نوعان كبائر باطنة وكبائر ظاهرة الكبائر الظاهرة معروفة مثل الزنا وما الى ذلك شرب الخمر في الكبائر الباطنة مثل الكبر والعجب والرياء وما الى ذلك فهو يقول حجاب الكبائر الباطنة اعظم من حجاب الكبائر الظاهرة قال اه حجاب اهل الكبائر الظاهرة وحجابهم ارق من حجاب اخوانهم من اهل الكبائر الباطنة مع كثرة عباداتهم وزهاداتهم واجتهادهم فكبائر هؤلاء اقرب الى التوبة من كبائر اولئك فانها قد صارت مقامات لها لا يتحاشون من اظهارها واخراجها في قوالب عبادة ومعرفة فاهل الكبائر الظاهرة ادنى الى السلامة منهم وقلوبهم خير من قلوبهم. السابع حجاب اهل الصغائر ثامن حجاب اهل الفضلات والتوسع في المباحات. التاسع حجاب اهل الغفلة عن استحضار ما خلقوا له واريد منهم وما لله عليه من دوام ذكره وشكره وعبوديته العاشر حجاب المجتهدين السالكين المشمرين في السير عن المقصود هذه عشر حجب بين القلب بين الله سبحانه وتعالى تحول بينه وبينها وبين هذا الشأن وهذه الحجب تنشأ من اربعة عناصر عنصر النفس وعنصر الشيطان وعنصر الدنيا وعنصر الهوى فلا يمكن كشف هذه الحجب مع بقاء اصولها وعناصرها في القلب البتة وهذه الاربعة العناصر تفسد القول والعمل والقصد والطريق بحسب غلبتها وقوتها. او وقلتها فتقطع طريق القول والعمل والقصد ان يصل الى القلب وما وصل منه الى القلب قطعت عليه الطريق ان يصل الى الرب. فبين القول والعمل وبين القلب مسافة يسافر فيها العبد الى قلبه ليرى عجائب ما هنالك وفي هذه المسافة قطاع الطريق المذكورون فان حاربهم وخلص العمل الى قلبه دار فيه وطلب النفوذ من هناك من هناك الى الله فانه لا يستقر دون الوصول اليه وان الى ربك المنتهى. فاذا وصل الى الله سبحانه وتعالى اثابه عليه مزيدا في ايمانه. ويقينه ومعرفته وعقله وجمل به ظاهره وباطنه فهدى به باحسن الاخلاق والاعمال وصرف عنه به سيء الاخلاق والاعمال واقام الله سبحانه من ذلك العمل للقلب جندا يحارب به قطاع الطريق للوصول اليه فيحارب الدنيا بالزهد فيها واخراجها من قلبه. ولا يضره ان تكون في يده وبيته ولا يمنع ذلك من قوة يقينه بالاخرة يحارب الشيطان بترك الاستجابة لداعي الهوى فان الشيطان مع الهوى لا يفارقهم الى ان قال هذا كله اذا وجد العمل منفذا من القلب الى الرب سبحانه وتعالى وان دار فيه ولم يجد منفذا وثبت عليه النفس فاخذته وصيرته جندا لها فصالت به وعنت وطغت فتراه ازهد ما يكون واعبد ما يكون واشده اجتهادا وهو ابعد ما يكون لله. واصحاب الكبائر اقرب قلوبا الى الله منه وادنى منه الى الاخلاص والخلاص فانظر الى السجاد العباد الزاهد الذي بين عينيه اثر السجود اللي هو يقصد اللي من الخوارج اللي في وقت الرسول صلى الله عليه وسلم كيف اورثه طغيان عمله ان انكر على النبي صلى الله عليه وسلم واورث اصحابه احتقار المسلمين. حتى سلوا عليهم سيوفهم واستباحوا دماءهم وانظر الى الشرير بالسكير الذي كان كثيرا ما يؤتى به الى النبي صلى الله عليه وسلم فيحده على الشراب يعني يضربه الحد كيف قامت به قوة ايمانه ويقينه ومحبته لله ورسوله وتواضعه وانكساره لله حتى نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لعنه فظهر بهذا ان طغيان المعاصي اسلم عاقبة من طغيان الطاعات. وقد روى الامام احمد في كتاب الزهد عند الله سبحانه وتعالى اوحى الى موسى اه صلى الله عليه وسلم يا موسى انذر الصديقين فاني لا اضع عدلي على احد الا عذبته من غير ان اظلمه وابشر الخطائين فانه لا يتعاظمني ذنب ان اغفره. طيب ثم ننتقل الى منزلة المعاينة طبعا بعد المكاشفة في مشاهدة بعدين المعاينة كما تعلمون كلها من المنازل الاصطلاحية اه لكن هناك في معاينة موضع وسنختم به هذا الدرس اليوم ان شاء الله اه صفحة مية وتسعة قال رحمه الله تعالى اذا عرفت هذا في المعاينة نوعان معاينة بصر ومعاينة بصيرة فمعاينة البصر وقوعه على نفس المرء او مثاله الخارجي كرؤية مثال الصورة في المرأة وفي المرآة والماء ومعاينة البصيرة وقوع القوة العاقلة عن المثال العلمي المطابق للخارج. الخارجي فيكون ادراكه له بمنزلة ادراك العين للصورة الخارجية وقد يقوى سلطان هذا الادراك الباطن بحيث يصير الحكم له ويقوى استحضار القوة العاقلة لمدركها بحيث يستغرق ويغلب حكم القلب على حكم الحس والمشاهدة فيستولي على السمع والبصر بحيث يراه ويسمع خطابه في الخارج وهو في النفس والذهن لكن لغلبة الشهود وقوة الاستحضار وتمكن حكم القلب واستيلاءه على القوى صار ذلك كانه مرئي بالعين مسموع بالاذن بحيث لا يشك ولا يرتاب في ذلك البتة ولا يقبل عدلا. وحقيقة الامر ان ذلك كله شواهد وامثلة علمية تابعة للمعتقد فذلك الذي ادرك بعين القلب والروح انما هو شاهد دال على الحقيقة وليس هو نفس الحقيقة فان شاهد نور جلال الذات في قلب العبد يقصد ذات الله سبحانه وتعالى. شواهد نور اه جلال الذات في قلب العبد ليس هو نفس نور الذات الذي لا تقوم له السماوات والارض لا تقوم له يعني لا تصمد له لا تتحمله. فانه لو ظهر لها لتدكدكت ولا اصابها ما اصاب الجبل. وكذلك شاهد نور العظمة في القلب انما هو نور التعظيم والاجلال. لا نور نفس المعظم ذي الجلال والاكرام. وليس مع القوم الا الشواهد والامثلة العلمية والرقائق التي او صفاته او انوار صفاته وانما هي الشواهد التي تقوم بقلب العبد كما يقوم ويقوم بقلبه شاهد من الاخرة والجنة النار وما اعد الله لاهلهما وهذا هو الذي وجده عبد الله ابن حرام الانصاري يوم احد لما قال واها لريح الجنة اني لاجد ريحها دون احد اه طبعا هذا انس ابن النظر الاصح كما نبه المحقق ايضا وهو المشهور ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم اذا مررتم برياض الجنة فارتعوا قالوا ما رياض الجنة؟ قال حلق الذكر ومنه قوله ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة فهو روضة لاهل العلم والايمان لما يقوم بقلوبهم من شواهد الجنة حتى كانها لهم رأي عين آآ واذا قعد المنافق هناك لم يكن ذلك المكان في حقه روضة من رياض الجنة. ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم الجنة تحت ظلال السيوف فالعمل انما هو على الشواهد وعلى حسب شاهد العبد يكون عمله ونحن نشير بعون الله وتوفيقه الى الشواهد اشارة يعلم بها حقيقة الامر. فاول شواهد السائر الى الله والدار الاخرة ان يقوم به شاهد من الدنيا وحقارتها وقلة وفائها وكثرة جفائها وخسة شركائها وسرعة انقضائها ويرى اهلها وعشاقها صرعى حولها قد بدعت بهم وعذبتهم بانواع العذاب واذاقتهم امر الشراب اضحكتهم قليلا وابكتهم طويلا سقتهم كؤوس سمها ابعد كؤوس خمرها فسكروا وفسكروا بحبها وماتوا بهجرها هذا الموضوع حق الشواهد موضوع مهم جدا جدا الى الغاية بمعنى انه انت كيف تقيم وكيف تنظر هنا ترى اه اقبال الناس على الدنيا وحين ترى من رزق من الدنيا ما رزق ولكنه كان مع ذلك عاصيا والى ذلك. الناس الناس بما يقوم في قلوبهم من الشواهد على درجات فمنهم آآ من يقول مثل ما قال آآ الذين يريدون الحياة الدنيا لما رأوا قارون يا ليت لنا مثلما اوتي قارون انه لذو حظ العظيم هذا طبعا الان يعني بغض النظر عن المعاصي لانه في ناس بالعكس في ناس يتمنوا حتى المعاصي يعني مثلا يرون انسان مغرق في العلاقات مثلا الجنسية المحرمة وما الى ذلك فيتمنى الانسان ان يكون قد فتح له من الدنيا المحرمة مثل ما فتح فهذا يعني نسأل الله العافية منزلة احط لكن احنا نتكلم عن مجرد الدنيا اه انه انه تجد من لديه مثلا قصور الكبيرة والسيارات والذهب الطائل الى اخره فاه يعني ايش نظرته لمثل هذا؟ ايش نظرته؟ فهناك من ينظر الى انه هذا هو النعيم هذه هي اللذة هذه هي الحياة فهذا هذه الدنيا هذه الخير هذا الى اخره. وهناك من يرى اه ما وراء ذلك فهو يقول انه اه كيف للغريب الذي هو يعيش في هذه في الدنيا ان يرضى بمثل هذا كيف قبل ان ان يكون عبدا لهذه الدنيا وان تحكم قلبه بالغفلة؟ كيف رضي ان يلتهي بها عن الطريق الذي امامه وعن الاخرة الى اخره. طبعا اه هذا كله باعتبار ان ايضا هناك اه اسباب وهناك اشياء من الدنيا يعني محبوبة انه الانسان ينالها وما لاخيه ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة لكن القصد انه انه ايش قيمة هذه الدنيا التي تنظر اليها وتعرفون ان الله سبحانه وتعالى قال لا تمدن عينيك الى ما متعنا به ازواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وابقى. فهذه اللي نفتنهم فيه الذي لا يشاهدها يكون نقصه يكون رأيه وبصره. وبصيرته ناقصة. الذي لا يشاهد مقام لنفتنهم فيه عندما يرى زهرة الدنيا تكون مشاهدته ناقصة. لذلك هنا يقول لك اه ابن القيم هناك شواهد في القلب بقدر هذه الشواهد بقدر ما يعني تحييه بنفس الانسان بقدر ما يكون مستيقظا قريبا من الله سبحانه وتعالى اول شاهد هو انه يشاهد الانسان اه حقارة الدنيا والفتنة التي فيها. ثم يقول فاذا قام بالعبد هذا الشاهد منها ترحل قلبه عنها. وسافر في طلب الدار الاخرة. وحينئذ يقوم بقلبه شاهد من الاخرة ودوامها وانها هي الحيوان حقا فاهلها لا يرتحلون منها ولا يطعنون عنها بل هي دار القرار ومحط الرحال ومنتهى السير وان الدنيا بالنسبة اليها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ما الدنيا في الاخرة الا كما يجعل احدكم اصبعه في اليم بل ينظر بمتى ترجع وقال بعض التابعين ما الدنيا في الاخرة الا الا اقل من ذرة واحدة في جبال الدنيا ثم يقوم بقلبه شاهد من النار وتوقدها واضطرابها وبعد قعرها وشدة حرها وعظيم عذاب اهلها فيشاهدها فيشاهدهم وقد سيقوا اليها سوء جهز القلب عيوني والسلاسل والاغلال في اعناقهم فلما انتهوا اليها فتحت في وجوههم ابوابها فشاهدوا ذلك المنظر الفظيع وقد تقطعت قلوبهم حسرة المؤسسة وراء المجرمون النار فظنوا انهم واقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا فاراهم شاهدوا الايمان وهم اليها يدفعون واراهم اه شاهد الايمان وهم اليها يدفعون واتى النداء من قبل رب العالمين واه وقفوهم انهم مسؤولون ثم قيل لهم هذه التي كنتم بها تكذبون. افسحر هذا؟ ام انتم لا تبصرون؟ اصلوها فاصبروا او لا تصبروا سواء عليكم انما تجزون اينما كنتم تعملون فيراهم شاهدوا الايمان وهم في الحميم على وجوههم يسحبون وفي النار كالحطب يسجرون لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم فبئس اللحاف وبئس الفراش. وان استغاثوا من شدة العطش يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه. فاذا شربوه قطع امعائهم في اجوافهم ثم سهر ما في بطونهم شرابهم الحميم وطعامهم الزقوم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور وهم يصطلحون فيها ربنا اخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل او لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا ما للظالمين من نصير نسأل الله سبحانه وتعالى العافية وان يقينا عذاب النار قال فاذا قام بقلب العبد هذا الشاهد انخلع من الذنوب والمعاصي واتباع الشهوات ولبس ثياب الخوف والحذر واخصب قلبه من مطر اجفانه. وهان عليه كل مصيبة تصيبه في غير دينه وقلبه وعلى حسب قوة هذا الشاهد يكون بعده من المعاصي والمخالفات فيذيب هذا الشاهد من قلبه الفضلات والمواد او الفضلات والمواد المهلكة وينضجها ثم يخرجها فيجد القلب لذة العافية وسرورها فيقوم به بعد ذلك شاهد من الجنة وما اعد الله لاهلها فيها من ملاعين رأت لا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فضلا عما وصفه الله لعباده على لسان رسوله من النعيم المفصل الكفيل باعلى انواع اللذة من المطاعم والمشارب والملابس والصور والبهجة والسرور فيقوم بقلبه شاهد دار قد جعل الله النعيم المقيم الدائم بحذافيره فيها تربتها المسك وحصباؤها الدر وبناؤها لبن الذهب والفضة وقصب اللؤلؤ وشرابها احلى من العسل واطيب رائحة من المسك خرجوا من الكافور والذ من الزنجبيل ونسائها لو برز وجه احداهن في هذه الدنيا لغلب على ضوء الشمس ولباسهم الحرير من السندس بيستبرقي وخدمه بلدان كاللؤلؤ المنثور وفاكهتهم دائمة لا مقطوعة ولا ممنوعة وفرش مرفوعة وغذاؤهم لحم طير مما يشتهون شرابهم عليه خمرة لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون وخضرتهم فاكهة مما يتخيرون وشاهد حور عين كامثال اللؤلؤ المكنون فهم على الارائك متكئون في تلك الرياض يحضرون فيها ما تشتهي الانفس وتلذ الاعين وهم فيها يا خالدون اللهم انا نسألك الجنة ونعيمها فاذا انضم الى هذا الشاهد شاهد يوم المزيد والنظر الى وجه الرب جل جلاله وسماع كلامه منه بلا واسطة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم بين اهل الجنة في نعيمهم اذ سطع لهم نور فرفعوا رؤوسهم فاذا الرب تعالى قد اشرف عليهم من فوقهم وقال يا اهل الجنة سلام عليكم ثم قرأ قوله معنا سلام للرب الرحيم ثم يتوارى عنهم وتبقى رحمته وبركته عليهم في ديارهم. فاذا انضم هذا الشاهد الى الشواهد التي قبله فهناك يسير القلب الى ربه اسرع من سير الرياح في مهابها. فلا يلتفت في طريقه يمينا ولا شمالا. هذا وفوق وذلك شاهد اخر تضمحل فيه الشواهد وفيه هذه الشواهد ويغيب به العبد عنها كلها وهو شاهد جلال الرب تعالى وجماله وشاهد جلال الرب تعالى وجماله وكماله وعزه وسلطانه وقيوميته وعلوه فوق عرشه وتكلمه بكتبي وكلمات تكوينه وخطابه لملائكته وانبيائه فاذا شاهده شاهد بقلبه قيوما قاهرا فوق عباده مستويا على عرشه منفردا بتدبير مملكته امرا ناهيا مرسلا ومنزلا كتبه يرضى ويغطف ويثيب ويعاقب ويعطي ويمنع ويعز ويذل ويحب ويغضب ويرحم اذا استرحم ويغفر اذا استغفر ويعطي اذا سئل ويجيب اذا دعي ويقيل اذا اذا استقيل والاكبر من كل شيء واعظم من كل شيء واعز من كل شيء. واقدر من كل شيء واعلم من كل شيء ومن كل شيء فلو كانت قوى الخلائق كلهم على واحد منهم ثم كانوا كلهم على تلك القوة ثم نسبت تلك القوى الى قوته تعالى لا كانت اقل من قوة البعوضة بالنسبة الى قوة الاسد ولو قدر جمال الخلق كلهم على واحد منهم ثم كانوا كلهم بذلك الجمال ثم نسب الى جمال الرب تعالى لكان دون سراج ضعيف بالنسبة الى عين الشمس ولو كان علم الاولين والاخرين على رجل منهم ثم كان كل الخلق على تلك الصفة ثم نسب الى علم الرب تبارك وتعالى لكان ذلك الى علم الرب كنقرة عصفور في بحر وهكذا سائر صفاته كسمعه وبصره وسائر نعوته كماله فانه يسمع ضجيج الاصوات باختلاف اللغات على تفنن الحاجات فلا يشغله سمع عن سمع ولا تغلطه المسائل ولا يتبرم بالحاح الملحين سواء عنده من سر القول ومن جهر به فالسر عنده علانية والغيب عنده شهادة يرى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة ويرى نياض عروقها ومجاري القوت في اعضائها يضع السماوات على اصبع من اصابع يده والارض على اصبع الجبال على اصبع والشجر على اصبع والماء على اصبع ويقبض سماواته باحدى يديه والاراضين بالايات باليد الاخرى فالسماوات السبع في كفه كخردلة في كف العبد. ولو ان الخلق كلهم من اول اولهم الى اخرهم قاموا صفا واحدا ما احاطوا بالله عز وجل لو كشف الحجاب عن وجهه لاحرقت سبحاته ما انتهى اليه بصره من خلقه فاذا قام بقلب العبد هذا الشاهد اضمحلت فيه الشواهد المتقدمة من غير ان تعدم بل تصير الغلبة والقهر لهذا الشاهد وتندرج فيه الشواهد كلها ومن هذا ومن هذا شاهده فله سلوك وسير خاص ليس لغيره ممن هو عن هذا في غفلة او معرفة اه مجملة. فصاحبوا هذا الشاي سائل الى الله في يقظته ومنامه وحركته وسكونه وفطره وصيامه له شأن نون وللناس شأن هو في واد والناس في واد خليلي لا والله ما انا منكما اذا علم من ال ليلى بدا لي والله تعالى اعلم وصل اللهم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين