هو ان يخلو قلبه من الاهتمام بالدنيا او او التعلق فيها قال فعند ذلك يتحرك قلبه لمعرفة ما يرضى به ربه منه فيفعله ويتقرب به اليه وما يسخطه منه فيجتنبه وانما الصور لاشكال يعني يعني صورة الانسان نفسه. يعني الانسان يعني الوجوه الحسنة وما الى ذلك ومن اسباب السكر حب الصور وغيره وحب الصور وغيرها سواء كانت مباحة او محرمة فان الحب اذا استحكم وقوي اسكر صاحبه وهذا مشهور في اشعارهم وكلامهم كما قال الشاعر سكران سكر هوى وسكر مدامة ومتى افاقة من به سكراني. وفي المسند عن النبي صلى الله عليه وسلم حبك الشيء يعمي ويصم انه اول شاهد يقوم بقلب العبد ليحيي به القلب او ليحيا به القلب هو ان يرى حقيقة الدنيا ثم يزهد فيها فهنا يقول لك اول الفتوح التي يمكن ان ان تأتي على الانسان واول تباشير الفجر ان يعمي عن رؤية مساوئ المحبوب ويصم عن سماع العدل واللوم فيه واذا تمكن واستمكن اعمى قلبه واصمه بالكلية. وهذا ابلغ من الشكر فاذا انضم الى سكر المحبة فرحة الوصال بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم لك الحمد لا نحصي ثناء عليك انت كما اثنيت على نفسك استعينوا بالله وننطلق في المجلس الرابع والعشرين من مجالس القراءة المقاصدية مع التعليق على اه كتاب مدارج السالكين للامام ابن القيم رحمه الله تعالى وقد اقتربنا من الانتهاء من الكتاب اه خاصة واننا كما كما اشرت قبل يومين او ثلاثة ايام من اننا آآ يعني نصير في المنازل الاصطلاحية كثيرا في في المنازل الاخيرة وذلك ان القوم والطائفة يعني كل ما ارتفعوا او كلما تقدمت بهم منازل ذهبوا الى القضايا الاصطلاحية كثيرا والى الامور المتعلقة بالفناء والسكر وما الى ذلك اه كما تعودنا ننتقي بعض ما يناسب اه طرحه في مثل هذه المقامات التي يراد بها التركيز على القضايا السلوكية والتزكوية مع بعض الفوائد الاخرى اه في منزلة القبض في اه صفحة مية وواحد وتسعين في المجلد الرابع يتكلم آآ الهروي رحمه الله تعالى على آآ ثلاث فرق يشملهم مقام القبض فقال وهم على ثلاث فرق آآ او قبل ذلك قال والمقصود ان الرب ان الرب سبحانه حال بين هؤلاء الظنائن وبين التعلق بالخلق وصرف قلوبهم وهممهم وعزائمهم اليه. قال وهم على ثلاث فرق فرقة قبضهم اليه قبض التوقي فظن بهم عن اعين العالمين يقول الامام ابن القيم رحمه الله اي سترهم عن اعين الناس وقاية لهم وصيانة عن ملابستهم فغيبهم عن اعين الناس فلم يطلعهم عليهم. وهؤلاء هم اهل الانقطاع والعزلة عن الناس وقت فساد الزمان ولعلهم الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم يوشك ان يكون خير مال المرء غنما يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر. وقوله ورجل معتزل في شعب من الشعاب يعبد ربه ويدع الناس من شره قال الامام ابن القيم وهذه الحال تحمد في بعض الاماكن والاوقات دون بعض والا فالمؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على اذاهم افضل من هؤلاء العزلة في وقت تجب فيه فالعزلة في وقت تجب فيه ووقت تستحب فيه ووقت تباح فيه ووقت تكره فيه ووقت تحرم فيه ويجوز ان يكون قبض التوفي بالفاء اجسادهم الى اخره الفرقة الثانية قال الهروي عنها وفرقة قبضهم بسترهم في لباس التلبيس واسبل عليهم اكلة الرسوم فاخفاهم عن عيون العالم قال الامام ابن القيم رحمه الله هذه الفرقة هم عن ناس مخالطون والناس يرون ظواهرهم وقد ستر الله حقائقهم واحوالهم عن رؤية الخلق لها فحالهم ملتبس على الناس لا يعرفونه فاذا رأوا منهم ما يرون من ابناء الدنيا من الاكل والشرب واللباس والنكاح وطلاقة الوجه وحسن العشرة قالوا هؤلاء من ابناء الدنيا واذا رأوا وذلك الجد والهمم والصبر والصدق وحلاوة المعرفة والايمان والذكر. وشاهدوا منهم امورا ليست من امور ابناء الدنيا. قالوا هؤلاء من ابناء الاخرة التبس حالهم عليهم وهم مستورون عن الناس باسبابهم وصنائعهم ولباسهم لم يجعلوا لطلبهم وارادتهم اشارة تشير اليه اعرفوني فهؤلاء هم الصادقون. هؤلاء يكونون مع الناس والمحجوبون لا يعرفونهم ولا يرفعون بهم رأسا. وهم من سادات اولياء الله صانهم الله عن معرفة الناس كرامة لهم لان لا يفتتنوا بهم واهانة للجهال بهم فلا ينتفعون بهم وهذه الفرقة بينها وبين الاولى الاولى اللي هي الفرقة التي تعتزل الناس قالوا هذه الفرقة بينها وبين الاولى من الفضل ما لا يعلمه الا الله. فهم بين الناس بابدانهم وبين الرفيق الاعلى بقلوبهم. فاذا فارقوا هذا العالم انتقلت ارواحهم الى تلك الحضرة فان روح كل عبد تنتقل بعد مفارقة البدن الى حضرة من كان يألفهم ويحبهم فان المرء مع من احب آآ قوله واسبل عليهم اكلة الرسوم اي اجرى عليهم احكام الخلق يأكلون كما يأكلون ويشربون كما يشربون ويسكنون حيث يسكنون ويمشون معهم في الاسواق ويعانون معهم الاسباب وهم في واد والناس في واد. فمشاركتهم اياهم في ذلك هي التي سترتهم عن معرفتهم وعن ادراك حقائقهم فهم تحت سطور المشاركة ووراء هاتيك الستور محجب بالحسن كل العز تحت لوائه لو ابصرت عيناك بعض جماله لبذلت منك الروح في ارضاءه ما طابت الدنيا بغير حديثه كلا وللاخرى بدون لقائه يا خاسرا هانت عليه نفسه اذ باعها بالغبن من اعدائه لو كنت تعلم قدر ما لقد بعته لفسخت ذاك البيع قبل وفائه او كنت كفئا للرشاد وللهدى ابصرت لكن لست من اكفاءه ثم ذكر الفرقة الثالثة وقال قال ابن الهروي فرقة قبضهم منهم اليهم فصافاهم مصافاة سر فظن بهم عليهم. قال ابن القيم هذه الفرقة انما كانت اعلى من الفرقتين المتقدمتين. لان الحق سبحانه قد سترهم عن نفوسهم لكمال ما اطلعهم عليه وشغلهم به عنهم فهم في اعلى الاحوال والمقامات والالتفات لهم اليها. فهؤلاء قلوبهم معه سبحانه لا مع سواه. فلن يكونوا من السوا ولا السوا من بل هم مع السوا بالمجاورة والامتحان لا بالمساكنة والالفة قلوبهم عامرة بالاسرار وارواحهم تحن اليه حنين الطيور الى الاوكار. قد سترهم وليهم وحبيبهم عنهم واخذهم اليه منهم اه ثم ننتقل بعد ذلك الى آآ الى السكر منزلة السكر طبعا هو ذكر الامام ابن القيم انه هذا هذا اللفظ ليس صحيحا انه يستعمل في مقامات العبودية وقال في اول صفحة من المنزلة قال وهذا المعنى لم يعبر عنه في القرآن ولا في السنة ولا العارفون من السلف بالسكر اه اصلا وانما ذلك من اصطلاح المتأخرين وهو بئس الاصطلاح فان لفظ السكر والمسكر من الالفاظ المذمومة شرعا وعقلا وعامة ما يستعمل في السكر المذموم الذي يمقته الله ورسوله. قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى ثم اه قال في اخر الصفحة وايضا فمن المعلوم ان هذه الحال ان هذا الحال يحصل في الجنة عند رؤية الرب تعالى وسماع كلامه على اتم الوجوه ولا يسمى سكرا ونحن لا ننكر المعنى المشار اليه بهذا الاسم وانما المنكر تسميته بهذا الاسم ولا سيما اذا انضاف الى ذلك اسم الشراب او تسمية المعارف بالخمر والواردات بالكؤوس والله جل جلاله بالساقي فهذه الاستعارات والتسمية هي التي فتحت هذا الباب ثم قال اه اخذ يذكر معاني يحصل بها آآ السكر او غياب العقل عن الانسان من غير شرب الخمر فقال في اخر صفحة مئتين وتسعة وقد يكون سبب السكر غير تناول المسكر اما الم شديد يغيب به العقل حتى يكون كالسكران وقد يكون سببه خوف عظيم هجم عليه وهل اه وهلة واحدة حتى يغيب عقل من هجم عليه. ومن هذا قوله تعالى وترى الناس سكارى وما هم بسكورى ولكن عذاب الله شديد وهم سكارى من الدهش والخوف وليسوا بسكارى من الشراب فسكرهم سكر خوف ودهش لا سكر لذة وطرب وقد يكون سببه قوة الفرح بادراك المحبوب بحيث يختلط كلامه وتتغير افعاله بحيث يزول عقله ويعربد اعظم من عربدة شارب الخمر وربما قتله سكر هذا الفرح ومن هذا قول سكران الفرح بوجد راحلته في المفازة بعد ان استشعر الموت اللهم انت عبدي وانا ربك اخطأ من شدة فرحه وسكرة الفرح فوق سكرة الشراب فصور في نفسك حال فقير معدم عاشق للدنيا اشد العشق ظفر بكنز عظيم فاستولى عليه امنا مطمئنا فكيف تكون سكرته وقد يوجبه غضب شديد يحول بين الغضبان وبين تمييزه بل قد يكون سكر الغضب اقوى اقوى من سكر الطرب ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان ولا يستريب من شم رائحة الفقه ان الغضب اذا وصل لصاحبه الى هذه الحال فطلق لم يقع طلاقه. وقد نص الامام احمد على ان الاغلاق الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم لا طلاق ولا عتاق في اغلاق انه الغضب وقال ابو داوود اظنه الغضب والشافعي سمى نذر اللجاج والغضب نذر الغلق وذلك لان الغضبان قد انغلق عليه باب القصد والتمييز بشدة غضبه واذا كان الاكراه غلقا فالغضب الشديد اولى ان يكون غلقا وكذلك السكر غلق والجنون غلق فالغلق والاغلاق ايضا كلمة جامعة لمن انغلق عليه باب يقول ابن القيم يريد ان المحب تشغله شدة وجده بالمحبوب وحضور قلبه معه وذوبان جوارحه من شدة حبني عن سماع الخبر عنه وهذا الكلام ليس على اطلاقه. فان المحب الصادق احب شيء اليه الخبر عن محبوبه وذكره القصد والتمييز بسبب من الاسباب وقد اشبعنا الكلام في هذا في كتابنا المسمى اغاثة النهبان في طلاق الغضبان ثم قال ومن اسباب السكر حب الصور وغيرها سواء كانت مباحة او محرمة. طبعا ابن القيم دائما يتكلم عن الصور والصور. طبعا لا يقصد الصور يعني المرسومة قوي السكر وتضاعف فيخرج صاحبه صاحبه عن حكم العقل وهو لا يشعر واكثر ما ترى من عربدة العاشق وتخليطه هو من هذا السكري ولكن لما الف الناس ذلك واشتركوا فيه لم ينكروه وانما ينكروه من كان خارجا عنه. فاذا افاقوا بين الاموات علموا انهم حينئذ كانوا في سكرتهم يعمهون طبعا الله سبحانه وتعالى وصف قوم لوط لما جاءوا بنية الاذى للملائكة عند لوط عليه السلام اه الله سبحانه وتعالى وصفهم انهم في سكرتهم يعمهون اه مع انهم يعني ليس المقصود والله اعلم السكر الذي بالشراب ولكن هذا هذا الغفلة والتعلق بالشهوات الامور الدنيوية حتى تكون هي مدار حياة الانسان يكون كالسكران ولو لم يغب عقله بالمعنى الحسي ولكن اذا نظرت كما قال ابن القيم من بعيد او اذا نظر من ليس في هذه الحالة اه ستجد انهم كانوا اقرب ما يكون في حالة السكر يعني السكران لا لا يبصر لا يبصر جيدا لا يقيس جيدا لا اه يوازن جيدا. لا يرتب الامور على الامور بشكل جيد. وكذلك من آآ اسكرته الشهوات والملذات وحب الدنيا هو لا يقيس الامور بشكل جيد. ولا يفاضل بين الدنيا القصيرة الحقير وبين الاخرة العظيمة الطويلة الخالدة فلاجل ذلك يعبث ويلهث في دار مغلقة صغيرة قصيرة وكأنها هي دار الخلد ولا يرى اعلى ولا ابعد من شهواته ولذاته القريبة فيظل سكرانا في هذه الملذات حتى آآ يعني كما قال ابن القيم فاذا افاقوا بين الاموات علموا انهم حينئذ كانوا في سكرتهم يعمهون قال ومن اقوى اسباب السكري الموجبة له سماع الاصوات المطربة لا سيما ان كانت من صورة مستحسنة وصادفت محلا قابلا فلا تسأل عن سكر السامع وهذا السكر يحدث عندها من جهتين احداهما انها في نفسها توجب لذة قوية ينغمر معها العقل الثاني انها تحرك النفس الى نحو محبوبها وجهته كائنا ما كان فيحصل بتلك الحركة والشوق والطلب مع التخيل المحبوب واحضاره في النفس وابناء صورته الى القلب واستيلائه على الفكر لذة عظيمة تقهر عقله فتجتمع لذة الالحان ولذة الاشجان فتسكن الروح سكرا عجيبا اقوى والذ من سكر الشراب وتحصل به نشوة آآ الذ من نشوة اشرف اه ومن ها هنا استشهد الشيخ على السكر بقول موسى عليه السلام لما سمع كلام الرب جل جلاله ربي ارني انظر اليك وقد ذكر الامام احمد وغيره ان الله سبحانه وتعالى قولوا يوم القيامة لداوود مجدني بذلك الصوت الذي كنت تمجدني به في الدنيا فيقول يا ربي كيف وقد اذهبته المعصية؟ فيقول الله تعالى انا ارده عليك فيقوم عند ساقي العرش فيمجده فاذا سمع اهل الجنة صوته استفرغ نعيم اهل الجنة واعظم من ذلك اذا سمعوا كلام الرب جل جلاله وخطابه لهم منهم اليه بلا واسطة. وقد ذكر عبدالله بن الامام احمد في كتاب السنة اثرا في ذلك كأن الناس يوم القيامة لم يسمعوا القرآن اذا سمعوه من الرحمن جل جلاله فاذا انضاف الى ذلك رؤيتهم وجهه الكريم الذي تغنيهم لذة رؤيته عن الجنة ونعيمها فامر لا تدركه العبارة ولا قليلا من كثير فهذا صوت لا يلج كل اذن وصيب لا تحيا به كل ارض وعين لا يشرب منها كل والد وسماع لا يضرب عليه كل سامع ومائدة لا يجلس عليها طفيلي اه ثم ننتقل الى اه مئتين وسطعش عند قول الهروي وللسكري ثلاث علامات الضيق عن الاشتغال بالخبر والتعظيم قائم. واقتحام لجة الشوق والتمكن دائم والغرق في بحر السرور والصبر هائم كما قال عثمان بن عفان رضي الله عنه لو طهرت قلوبنا لما شبعت من كلام الله وقال بعض العارفين كيف يشبعون من كلام محبوبهم وهو غاية مطلوبهم يعني كما قلت لكم هذه المنازل فيها الامور الاصطلاحية كثيرة جدا. لذلك نحن سنتجاوز اشياء كثيرة هناك مبحث آآ معرفي لمن اراد ان يستفيد في منزلة المعرفة صفحة مئتين وسبعة وخمسين عن الفرق بين العلم والمعرفة اه وفي منزلة المعرفة كذلك اه تكلم كثيرا عن الاسماء والصفات الاسماء والصفات فايضا من اراد ان يتوسع في هذا الباب يقرأ في منزلة المعرفة. انتقل الى منزلة الفناء منزلة الفناء صفحة ثلاث مئة وعشرة في الكتاب في المجلد الرابع فعندنا موضع اساسي سنقرأه في منزلة الفناء لكن قبل ذلك قبل هذا الموضع الاساسي سأقرأ بعض الامور اليسيرة ثم ننتقل الموضع الاساسي الذي سنقرأ فيه صفحة ثلاث مئة وستة وعشرين لكن قبل ذلك آآ قال الهروي رحمه الله فصل قال صاحب قال ابن القيم فصل قال صاحب المنازل باب الفناء قال الله تعالى كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام الفناء المذكور في الاية ليس هو الفناء الذي تشير اليه الطائفة فان الفناء في الاية الهلاك والعدم اخبر سبحانه ان كل من على الارض يعدم ويموت ويبقى وجهه سبحانه وهذا مثل قوله انك ميت وانهم ميتون مثل قوله كل نفس ذائقة الموت اه واما الفناء الذي تترجم عنه الطائفة فامر غير هذا ولكن وجد الاشارة بالاية ان الفناء المشار اليه هو ذهاب القلب وخروجه عن هذا العالم وتعلقه بالعلي الكبير الذي له البقاء فلا يدركه الفناء والفناء الذي يترجم عليه هو غاية التعلق ونهايته فانه انقطاع عما سوى الرب تعالى من كل وجه انقطاع عما سوى الرب سبحانه وتعالى من كل وجه ولذلك قال الفناء في هذا البلاء في هذا الباب اضمحلال ما دون الحق علما ثم جحدا ثم حقا. طيب احنا ايضا مر معنا سابقا الكلام عن الفناء والدرجات الثلاثة بالفناء اه فما يحتاج اه نعيدها اه هو في صفحة ثلاث مئة واربعة وعشرين قال اول شيء لم يرد في الكتاب ولا في السنة ولا في كلام الصحابة والتابعين مدح لفظ الفناء ولا ذمه ولا استعملوا لفظه في هذا المعنى المشار اليه البتة ولا ذكره مشايخ الطريق المتقدمون ولا جعلوه غاية ولا مقاما. وقد كان القوم احق بكل كمال واسبق الى كل غاية محمودة ونحن لا ننكر هذا اللفظ مطلقا ولا نقبله مطلقا. ولابد فيه من التفصيل. وبيان صحيحه من معلوله ووسيلته من غايته فنقول بالله التوفيق وهو الفتاح العليم هذي الاسطر السبعة او الستة على اختصارها ولكنها قضية منهجية في غاية الاهمية والخطورة الا وهي الموقف الصحيح من المصطلحات الحادثة المتعلقة بامور شرعية مصطلح الفناء يقول لك لم يرد في الكتاب ولا في السنة ولا في كلام الصحابة ولا التابعين ولا حتى عند مشايخ الطريق المتقدمين عند المشايخ الصوفية المتأخرين صار هذا اللفظ هو من الالفاظ الاساسية والكبرى وغاية المطلوب فيقول لك ايش الموقف من هذا اللفظ؟ هل ننكر هذا اللفظ لانه لم يرد في الكتاب ولا في السنة ولا في كلام الصحابة او نقبله هو يقول لك لا نقبله ولا نرده لا نقبله باطلاق ولا نرده باطلاق وانما نفصل وانما نفصل وهذه الطريقة هي الطريقة التي آآ يعني هي الطريقة المنهجية في التعامل مع المصطلحات المصطلح ان كان يحمل معاني حق فلا نرده مطلقا وايضا اذا كان يحمل معاني باطلة فلا نقبله مطلقا فالمنهجية في التعامل مع المصطلحات الحادثة هي دائما التفصيل فيقال ان اردت بالفناء مثلا هذا المقام وهذا المقام فنعم وان اردت به هذا فلا وقل مثل ذلك في اي مصطلحات موجودة اليوم ومتداولة في التعبير عن بعض القضايا التي لها ارتباط شرعي لا نقبلها اه مطلقا ولا نردها مطلقا وهذا له امثلة وشواهد كثيرة على اية حال. الموضع الذي نريد قراءته في ثلاث مئة وستة وعشرين قال رحمه الله تعالى اعلم ان القلب اذا خلى من الاهتمام بالدنيا والتعلق بما فيها من مال او رياسة او صورة وتعلق بالاخرة والاهتمام بها من تحصيل العدة والتأهب للقدوم على الله عز وجل فذلك اول فتوحه فذلك اول فتوحه وتباشير فجره هذا يشبه اه منزلة او الكلام في الشواهد الذي كان قبل يومين وهذا عنوان صدق ارادته فان كل من ايقن بلقاء الله وانه سائله عن كلمتين يسأل عنهما الاولون والاخرون ماذا كنتم تعبدون؟ وماذا اجبتم المرسلين لابد ان ينتبه لطلب معرفة معبوده. والطريق الموصلة اليه فاذا تمكن في ذلك فتح له باب الانس بالخلوة والوحدة والاماكن الخالية التي تهدأ فيها الاصوات والحركات فلا شيء اشوق اليه من ذلك فانها تجمع عليه قوى قلبه وارادته وتسد عليه الابواب التي تفرق همه وتشتت قلبه فيأنس بها ويستوحش من الخلق ثم يفتح له باب حلاوة العبادة بحيث لا يكاد يشبع منها ويجد فيها من اللذة والراحة اضعاف ما كان يجده في لذة اللهو واللعب ونيل الشهوات بحيث انه اذا دخل في الصلاة ود الا يخرج منها ثم يفتح له باب حلاوة استماع كلام الله فلا يشبع منه واذا سمعه هدأ قلبه به كما يهدأ الصبي اذا اعطي ما هو شديد المحبة له ثم يفتح له باب شهود عظمة الله المتكلم المتكلم به وجلاله وكمال نعوته وصفاته وحكمته ومعاني خطابه بحيث يستغرق قلبه في ذلك حتى يغيب فيه ويحس بقلبه وقد دخل في عالم اخر غير ما الناس فيه ثم يفتح له باب الحياء من الله وهو اول شواهد المعرفة وهو نور يقع في القلب يريه ذلك النور انه واقف بين يدي ربه عز وجل فيستحيي منه في خلواته وجلواته ويرزق عند ذلك دوام المراقبة للرقيب ودوام التطلع الى حضرة العلي الاعلى حتى كانه يراه شاهده فوق سماواته مستويا على عرشه ناظرا الى خلقه سامعا لاصواتهم مشاهدا لبواطنهم فاذا استولى عليه هذه هذا الشاهد غطى عليه كثيرا من من الهموم بالدنيا وما فيها فهو في وجود والناس في وجود اخر. هو في وجود بين يدي ربه ووليه ناظر اليه بقلبه. والناس في حجاب عالم الشهادة في الدنيا فهو يرى وهم لا يرونه ولا يرون منه الا ما يناسب عالمهم ووجودهم ثم يفتح له باب الشعور بمشهد القيومية فيرى سائر التقلبات الكونية وتصاريف الوجود بيده سبحانه وحده فيشهد فيشهده مالك الضر والنفع. والخلق والرزق والاحياء والاماتة فيتخذه وحده وكيلا ويرضى به ربا ومدبرا وكافيا. وعند ذلك اذا وقع نظره على شيء من المخلوقات دله على خالقه وبارئه وصفات كماله ونعوت جلاله. فلا يحجبه خلقه عنه سبحانه. بل يناديه كل من المخلوقات بلسان حاله اسمع اه شهادتي لمن احسن كل شيء خلقه بل يناديه كل من المخلوقات بلسان حاله اسمع شهادتي لمن احسن كل شيء خلقه فانا صنع الله الذي اتقن كل شيء. فاذا استمر له ذلك فتح عليه باب القبض والبسط فيقبض عليه او فيقبض عليه حتى يجد الم القبض لقوة لوالده ثم يقبض وعاءه بانوار الوجود فيفنى عن وجوده وينمحي كما ينمحي نور الشمس وكما يمحو نور الشمس نور الكوكب يطوي الكون عن قلبه بحيث لا يبقى فيه الا الله الواحد القهار. وتفيض انوار المعرفة والمعاملة والصدق والاخلاص والمحبة من قلبه كما بلوغ الشمس عن جرمها فيغرق حينئذ في الانوار كما يغرق راكب البحر في البحر وذلك انما يكون في الرياضة والمجاهدة وزوال احكام الطبيعة وطول الوقوف على الباب وهذا هو من علم اليقين لا من عين اليقين ولا من حق اليقين اذ لا سبيل اليهما في هذه الدار فان عين اليقين مشاهدة وحق اليقين مباشرة. نعم قد يكون حق اليقين في هذه الدنيا بالنسبة للوجود الذهني وما يقوم القلوب فقط ليس الا كما تقدم تقريرهم مرارا ونحن لا تأخذنا في ذلك لومة لائم وهم لا تأخذهم في كون ذلك العيان في العيان لومة لائم وهم عندنا صادقون عليهم ونحن عندهم محجوبون عن ذلك غير واصلين اليهم فان استمر على حاله واقفا بباب مولاه لا يلتفت عنه يمينا ولا شمالا ولا يجيب غير من يدعوه اليه ويعلم ان الامر وراء ذلك وانه لم يصل بعده ومتى وهم انه قد وصل انقطع وانقطع عنه المزيد رجي ان يفتح ان يفتح له فتح اخر رجي ان يفتح له فتح اخر وهو فوق ما كان فيه مستغرقا قلبه في انوار مشاهدة الجلال بعد ظهور انوار الوجود الحق ومحو وجوده هو ولا يتوهم ان وجود صفاته وذاته تبطل بل الذي يبطل هو وجوده النفساني الطبعي ويبقى له وجود قلبي روحاني ملكي فيبقى قلبه سابحا في بحر من انوار اثار الجلال فتنبع الانوار من باطنه كما ينبع الماء من العين حتى يجد الملكوت الاعلى كانه في باطنه وقلبه ويجد قلبه عاليا على ذلك كله صاعدا الى من ليس فوقه شيء. ثم يرقيه الله سبحانه فيشهده انوار الاكرام بعدما شهد انوار الجلال فيستغرق في نور من انوار اشعة الجمال وفي هذا المشهد يذوق المحبة الخاصة الملهبة للارواح والقلوب فيبقى القلب مأسورا في بيد حبيبه ووليه ممتحنا بحبه. وان شئت ان تفهم ذلك تقريبا فانظر اليك والى غيرك وقد امتحنت بصورة بديعة الجمال وباطنا فملكت عليك قلبك وفكرك وليلك ونهارك فيحصل لك نار من المحبة فتضرم في احشائك يعز معها الاصطبار. وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. فيا له من قلب ممتحن مغمور مستغرق بما ظهر له من اشعة انوار الجمال الاحدي والناس مفتونون ممتحنون بما يفنى من المال والصور والرئاسة معذبون بذلك قبل اصوله وحال حصوله وبعد حصوله واعلاهم رتبة من يكون مفتونا بالحور العين او عاملا على تمتعه في الجنة بالاكل والشرب واللباس والنكاح. وهذا المحب قد ترقى في درجات المحبة على اهل المقامات ينظرون اليه في الجنة كما ينظرون الى الكوكب الدري الغابر في الافق لعلو درجته وقرب منزلته من حبيبه ومعيته معه فان المرء مع من احب ولكل عمل جزاء وجزاء المحبة المحبة والوصول والاصطناع والقرب فهذا هو الذي يصلح وكفى بذلك شرفا وفخرا في عاجل الدنيا فما ظنك بمقاماتهم العالية عند مليك مقتدر. فكيف اذا رأيتهم في موقف القيامة وقد اسمعهم المنادي لينطلق كل قوم مع ما كانوا يعبدون يبقون في مكانهم ينتظرون معبودهم وحبيبهم الذي هو احب شيء اليهم حتى يأتيهم فينظرون اليه ويتجلى لهم ضاحكا. والمقصود ان ان هذا العبد لا يزال الله يرقيه طبقا بعد طبق ومنزلا بعد منزل الى ان يوصله اليه ويمكن له بين يديه او يموت في الطريق فيقع اجره على الله فالسعيد كل السعيد. والموفق كل الموفق من لم يلتفت عن ربه تبارك وتعالى يمينا ولا شمالا ولا اتخذ سواه ربا ولا وكيلا لا حبيبا ولا مدبرا ولا حكما ولا ناصرا ولا رازقا وجميع ما تقدم من مراتب الوصول انما هي شواهد وامثلة اذا تجلت له الحقائق وفي الغيب بحسب استعداده ولطفه ورقته من حيث لا يراها ظهر من تجليها شاهد في قلبه وذلك الشاهد دال عليها ليس هو عينها فان نور الجلال في القلب ليس هو نور ذي الجلال في الخارج. فان ذلك لا تقوم له السماوات والارض. ولو ظهر للوجود لتدكتك لكنه شاهد دال على ذلك. كما ان المثل الاعلى شاهد دال على الذات والحق وراء ذلك كله منزه عن حلول واتحاد وممازجة لخلقه. وانما تلك رقائق وشواهد تقوم بقلب العارف تدل على قرب الالطاف منه في عالم الغيب حيث يراها. واذا فني فانما يفنى بحال نفسه لا بالله ولا فيه. واذا بقي فانما يبقى اله هو ووصفه لا ببقاء ربه وصفاته ولا يبقى بالله الا الله ومع ذلك فالوصول حق يجد الواصل واثار تجلي الصفات في قلبه واثار تجلي الحق في قلبه ويوقف القلب فوق الاكوان كلها بين يدي الرب تبارك وتعالى وهو على عرشه. ومن هنا ومن هنا يكاشف باثار الجلال والاكرام فيجد العرش والكرسي تحت مشهد قلبه حكما وليس الذي يجده تحت قلبه حقيقة العرش والكرسي. بل شاهد ومثال علمي يدل على قرب قلبه من ربه وقرب ربه من قلبه وبين الذوقين تفاوت فاذا قرب الرب تعالى من قلب عبده بقيت الاكوان كلها تحت مشهد قلبه. وحينئذ يطلع في افقه شمس التوحيد فينقشف تشع بها ضباب وجوده محل ويتلاشى. وذاته وحقيقته موجودة بائنة عن ربه وربه بائن عنه. فحينئذ يغيب العبد عن نفسه ويفنى وفي الحقيقة هو باق غير فان ولكنه ليس في سره غير الله فقد فني فيه عن كل ما سواه. اه الى اخره الكلام ونكتشف بهذا القدر وصل اللهم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين