القيام بترجمة مشاهير المحدثين. وبيان ابرز اللفتات في حياتهم العلمية والحديث عن اصحاب الكتب منهم مع بيان موجز لمناهجهم فيها. وتأثيرهم في العلمية والمعرفية للامة. برنامج مشاهير المحدثين العصور تقديم الدكتور لبيب نجيب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه الطيبين الطاهرين. اما بعد فهذه هي الحلقة الثانية في برنامجنا مشاهير المحدثين عبر عبر الحصول وعلاقتنا هذه حول علم من اعلام الائمة وامام من ائمتها هو الامام الاوزاعي واسم الامام الاوزاعي رحمه الله عبدالرحمن بن عمرو بن يحمد الاوزاعي ويحمد على وزن يكرم الشامي الدمشقي البيروتي ونسب الى بيروت لانه تحول اليها وبقي فيها مرابطا الى ان مات. كنيته ابو عمرو ولد رحمه الله تعالى سنة ثمان وثمانين هجرية وكانت وفاته سنة مائة وسبعة وخمسين هجرية ولد الامام الاوزاعي رحمه الله في بعلبك ونشأ في مدينة الكرك ثم تحول الى دمشق ومنها الى بيروت وقد حكى الاوزاعي رحمه الله عن سبب اختياره لبيروت ليقيم فيها بقية عمره. حيث قال مررت بقبور بيروت فاذا بامرأة سوداء في القبور فقلت لها اين العمارة يقصد اين المدينة فقالت هذه واشارت الى القبور. وان كنت تريد الخراب فامامك. واشارت الى البلد قال فعزمت على ان اقيم بها وقد اعجبه حسن جواب هذه المرأة حينما اشارت الى المدينة وسمتها خرابا لان كل ما في هذه الدنيا مآله الى الخراب والعمارة الحقيقية ان يعمر الانسان اخرته نشأ الاوزاعي رحمه الله تعالى يتيما اذ مات ابوه وهو صغير فنشأ في عناية امه ورعايتها يحدث الاوزاعي رحمه الله عن نشأته فيقول مات ابي وانا صغير فذهبت العب مع الغلمان فمر بنا فلان وذكر شيخا جليلا من العرب ففر الصبيان حين رأوه وثبت انا فقال لي ابن من انت؟ فاخبرته فقال يا ابن اخي يرحم الله اباك فذهب بي الى بيته فكنت معه حتى بلغت فالحقني في الديوان وخرجت في بعث الى اليمامة فلما قدمناها ودخلنا مسجد الجامع وخرجنا قال لي رجل من اصحابنا رأيت يحيى ابن ابي كثير وهو من ائمة المحدثين وكبار علماء المسلمين معجبا بك رأيت يحيى ابن ابي كثير معجبا بك يقول ما رأيت في هذا البعث اهدى من هذا الشاب يقصد الاوزاعي رحمه الله وكان يحيى ابن ابي كثير قد رأى حسن صلاته وقال ما اشبهها بصلاة عمر ابن عبد العزيز اي ان صلاة الاوزاعي كانت تشبه صلاة امير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز وصلاة عمر ابن عبد العزيز قد شبهها كثير من التابعين بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم قال الاوزاعي فجالسته يقصد انه جالس يحيى ابن ابي كثير فكتبت عنه اربعة عشر كتابا او قال ثلاثة عشر كتابا فاحترق كل ما كتبته عنه اي بعد ذلك بمدة ان هذه القصة التي حكاها الاوزاعي رحمه الله تبين لنا كيف كانت بدايته في طلب العلم وسماع الحديث وتبين لنا ايضا ان كتب الاوزاعي التي كتبها عن يحيى بن ابي كثير رحمة الله عليهما قد احترقت ومحنة احتراق الكتب ابتلي بها عدد من المحدثين واهل العلم كابن لهيعة وسراق الدين ابن الملقن. كما سيشار اليه في حلقات قادمة كان الاوزاعي رحمه الله تعالى فقيرا شأنه شأن كثير من المحدثين والعلماء والفقهاء ابتلوا بالفقر ومع شدة فقره الا انه كان عزيز النفس وكان يقول لابنه محمد يا بني لو اننا نقبل من الناس كل ما يعرضونه علينا لاوشك فبنا ان نهون عليهم وفي مرة بعث الاوزاعي رحمه الله تعالى بنصيحة الى الخليفة ابي جعفر المنصور وهذا بدوره عمل من الاوزاعي رحمه الله بقول النبي صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث النصيحة لائمة المسلمين فبعث الاوزاعي رحمه الله بنصيحة الى الخليفة ابي جعفر المنصور فامر له ابو جعفر المنصور بمال فلم يقبله وقال الاوزاعي انا في غنى عنه مع شدة حاجته اليه قال انا في غنى عنه وما كنت لابيع نصيحتي بعرض من الدنيا ومما يدل على زهد الاوزاعي رحمه الله وورعه انه عرض عليه ان يتولى القضاء فرفض توليه شأنه في ذلك شأن كثير من العلماء والائمة. الذين رفضوا ان يتولوا القضاء. ومنهم شيخه مكحول الذي كان يقول لان اقدم فتضرب عنقي احب الي من ان الي القضاء وذلك لكثرة الاحاديث الواردة في الترهيب من تولي القضاء كان الاوزاعي رحمه الله تعالى صاحب تبتل وتنسك وعبادة يثير الصلاة قال الوليد بن مسلم ما رأيت اكثر اجتهادا في العباد من الاوزاعي وكان من عادته انه يقعد بعد الفجر يذكر الله عز وجل الى ان تطلع الشمس ويقول ان هذا هدي السلف وقد جاد احاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ترغب وتحث ان يقعد المسلم ان يقعد المسلم بعد الفجر. يذكر الله عز وجل حتى تطلع الشمس ويقول ظمرة بن ربيعة رحمه الله حققنا مع الاوزاعي سنة خمسين ومئة فما رأيته مضطجعا في المحمل في ليل ولا نهار كان يصلي. فاذا غلبه النوم استند الى القتب وقال بشر بن المنذر رحمه الله رأيت الاوزاعي كأنه اعمى من الخشوع. ويقول عبيد بن عثمان رحمه الله من نظر الى الاوزاعي اكتفى به مما يرى عليه من اثر العبادة. كنت اذا رأيته قائما يصلي كأنما انظر الى جسد ليس فيه روح ويقول عقبة بن علقمة لقيته اي الاوزاعي. يوم الجمعة رائحا الى المسجد. فسلمت ثم دخل فاتبعته فاحصيت عليه قبل خروج الامام صلاته اربعا وثلاثين ركعة اي عدد ما صلى من الركعات قبل ان يخرج الخطيب لخطبته وكان قيامه وركوعه وسجوده حسنا وهذا من الاوزاعي عمل بسنة غفل عنها كثير من المسلمين وهي الصلاة قبل الجمعة بمن جاء مبكرا قال عمير بن عفان قالت لي امي دخلت على امرأة الاوزاعي فرأيت الحصير الذي يصلي عليه مبلولا فقلت يا اختي اخشى ان يكون الصبي بالها هنا فقالت زوجة الاوزاعي تلك دموع الشيخ اي انه حين يصلي في الليل كان يبكي رحمه الله حتى يبتل الحصير الذي يصلي عليه وللاوزاعي رحمه الله تعالى كلمات مضيئة تصلح ان تكون نبراسا لطالب العلم منها قوله طالب علم بلا سكينة ولا حلم كالاناء المنخرط اي الذي به ثقوب. كلما حمل فيه شيء تناثر منه يشير بهذا الى ان طالب العلم عليه ان يعمل بعلمه. والا كان علمه وبالا عليه وفي ذلك يقول ابو اسحاق في تائيته وان اوتيت منه طول باع وقال الناس انك قد علمت فلا تأمن سؤال الله فيه بتوبيخ علمت فهل عملت؟ فرأس الامر تقوى الله حقا وليس بان يقال لقد رؤست لقد طاق الاوزاعي رحمه الله تعالى بلادا كثيرة بطلب العلم وسماع الحديث كمكة والمدينة والعراق والشام وسمع من ائمة المحدثين واعلام التابعين كعطاء وقتادة والزهري ونافع ويحيى بن ابي كثير وغيرهم رحمهم الله تعالى جميعا ومما اتصف به الامام الاوزاعي رحمه الله انه كان منصفا رجاعا الى الحق اذا تبين له فقد ذكر الامام عبدالله بن مبارك رحمه الله قصة تبين لنا مدى انصاف الاوزاعي فيقول قدمت الى الشام. فمررت على الاوزاعي فرأيته ببيروت فقال لي يا خرساني اي ان الاوزاعي قال لابن المبارك يخرساني لان ابن المبارك من خراسان من هذا المبتدع الذي خرج بالكوفة؟ يكنى ابا حنيفة لان اخبارا بلغت الاوزاعي تسيء الى الامام ابي حنيفة فبنى عليها الامام الاوزاعي رحمه الله حكما سيئا على الامام ابي حنيفة قال عبدالله بن مبارك فسكت فرجعت الى بيتي فاقبلت على كتب ابي حنيفة فاخرجت منها مسائل من جياد المسائل. وبقيت في ذلك ثلاثة ايام فجئت في اليوم الثالث وهو مؤذن مسجدهم وامامهم. اي ان الاوزاعي رحمه الله كان يؤذن في المسجد ويؤم الناس فيه والكتاب في يدي وقد ضمنه مسائل من محاسن المسائل التي تكلم فيها الامام ابو حنيفة فقال لي اي شيء في هذا الكتاب؟ فناولته فنظر في الكتاب وجعل يقرأ مسائله مسألة مسألة ثم صلى بالناس ثم بعد صلاته استمر في قراءة الكتاب. فقال لي يا خرساني لمن هذا الكتاب فقلت له لشيخ لقيته بالعراق اسمه النعمان بن ثابت فقال هذا نبيل من المشايخ اذهب فاستكثر منه. فقال له عبدالله بن المبارك هذا هو ابو حنيفة الذي نهيت عنه طبعا الامام عبدالله بن مبارك رحمه الله ذكر له اسمه فقال هذا النعمان بن ثابت لان الاوزاعي رحمه الله يعرف ابا حنيفة بكنيته لكن لا يعرفه وباسمه فلما بين له ان صاحب هذه المسائل هو نفسه الامام ابو حنيفة الذي نهيت عنه تبين له جلالة الامام ابي حنيفة. ثم ان الاوزاعي رحمه الله تعالى التقى بابي حنيفة وجرى بينهما نقاش في مسائل فقهية فابهره ابو حنيفة بعلمه وفقهه. فلما افترقا قال الاوزاعي لابن المبارك غضبت الرجل بكثرة علمه ووفرة عقله واستغفر الله تعالى لقد كنت في خطأ ظاهر الزم الرجل فانه بخلاف ما بلغني عنه لقد كان الاوزاعي رحمه الله فقيها طليعا مارس الفتيا منذ سن مبكرة وكان مفتي الشام. وقد ذكر بعض واصحابه ان عدد المسائل الذي افتى فيها سبعون الف مسألة توفي الاوزاعي رحمه الله تعالى بسبب غريب. وهو انه دخل الحمام اي مكان الاستحمام فادخلت زوجته فحما الى الحمام لئلا يصيبه البرد واغلقت الباب. وذهبت ونسيت الامر. فهاج الفحم فكأنه اختنق وعالج الباب ليخرج فلم يستطع فمات في الحمام. وقد امر القاضي زوجته ان تعتق رقبة لانها تسببت في في قتله هذه هي حياة الامام الاوزاعي. وهذا طرف من اخبارها. وباذن الله تعالى لنا لقاء مع امام اخر في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته القيام بترجمة مشاهير المحدثين. وبيان ابرز اللفتات في حياتهم العلمية والحديث عن اصحاب الكتب منهم مع بيان موجز لمناهجهم فيها. وتأثيرهم في العلمية والمعرفية للامة. برنامج مشاهير المحدثين عبر العصور تقديم الدكتور لبيب نجيب