اي من المحدثين يمكنك اذا فاتك واحد منهم ان تسمع من الاخر قال فخرجت الى نيسابور وكنت كثيرا اذاكر البرقاني بالاحاديث في كتبها عني ويظمنها ويظمنها مجموعة وحدث عني وانا اسمع القيام بترجمة مشاهير المحدثين. وبيان ابرز اللفتات في حياتهم العلمية والحديث عن اصحاب الكتب منهم مع بيان موجز لمناهجهم فيها. وتأثيرهم في الحياة العلمية والمعرفية للامة. برنامج مشاهير المحدثين العصور تقديم الدكتور لبيب نجيب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه الطيبين الطاهرين اما بعد فهذه هي الحلقة التاسعة عشرة بهذا البرنامج المبارك باذن الله مشاهير المحدثين عبر العصور وسنقف في هذه الحلقة مع الحافظ الكبير الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى واسمه احمد بن علي بن ثابت بن احمد المشهور بالخطيب البغدادي ترجع وصوله الى عشيرة عربية ولد رحمه الله تعالى سنة ثلاث مئة واثنين وتسعين هجرية وكانت وفاته سنة اربع مئة وثلاثة وستين هجرية اي انه عاش نحوا من واحد وسبعين سنة وكان والده رحمه الله احد حفاظ القرآن الكريم وكان اماما وخطيبا في قريته التي تقع جنوب غرب بغداد ولذا كان يوصف بالخطيب اي والده والصق هذا الوصف بالابن ايضا تبعا لابيه وفي كنف هذا الوالد الصالح نشأ الحافظ البغدادي رحمه الله تعالى وحبب اليه والده العلم فحفظ القرآن وشهد مجالس العلم والحديث ثم عهد به والده الى شخص يقوم بتأديبه واسمه هلال ابن عبد الله المقرئ وتلقى الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى القراءات عن عدد من الشيوخ لقد كان الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى متعلقا بالقرآن الكريم فلما كان في الحج كان يختم في كل يوم بقراءة ترتيل ثم يجتمع عليه الناس فيقولون له حدثنا فيحدثهم بحديث رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ويقول عبد المحسن الشيحي رحمه الله مشيت مع الخطيب البغدادي من دمشق الى بغداد اي في رحلة عودته من دمشق الى بغداد فكان له في كل يوم وليلة ختمة وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى عليه ان ييسر له القرآن فيختم في كل يوم مرة ويقول الله سبحانه وتعالى ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر وان تيسير تلاوة القرآن انما تكون لمن ادام تلاوته وبعد اتمام علم القراءات والتمكن فيها شرع الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى بسماع الحديث وتوجه نحو علومه فكان اول سماع للحديث سنة سنة ثلاث واربعمئة بمدينة بغداد وكان عمره رحمه الله تعالى نحو اثني عشر سنة وبدأ يحضر مجالس الفقهاء ويأخذ عنهم الفقه كالشيخ ابي حامد الاسرائيلي وبالطيب الطبري وهما من كبار الفقهاء في ذلك الوقت واخذ الفقه ايضا عن ابي نصر ابن الصباغ وهؤلاء جميعا من فقهاء الشافعية وبعد ان اخذ عن علماء بلده انطلق رحمه الله تعالى في طلب العلم وسماع الحديث فرحل الى البصرة والكوفة وكان عمره نحو عشرين سنة ثم دخل بغداد وفي اثناء رحلته توفي والده رحمه الله وكان ذلك في سنة اربع مئة واثني عشر هجرية يقول الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى استشرت البرقاني والبرقاني احد مشايخه وهو تلميذ الدارقطني وقد مر معنا عندما ذكرنا شيئا من حياة الحافظ الدارقطني ان البرقاني كان يسأله عن علل الحديث ويجيبه الحافظ ابو الحسن الدارقطني رحمهما الله تعالى يقول الخطيب البغدادي رحمه الله استشرت البرقاني في الرحلة الى عبدالرحمن بن النحاس بمصر او اخرج الى نيسابور فقال لي ان خرجت الى مصر فانما تخرج الى رجل واحد فان فاتك ضاعت رحلتك اي ان فاتك لقاؤه بان مات مثلا فقد ضاعت رحلتك فلا يوجد غيره ممن تسمع عنه الحديث اي في تلك البلاد وان خرجت الى نيسابور ففيها جماعة وهذا من اجلال شيخه له ولقد كان شيخه البرقاني يحبه فعندما عزم الخطيب البغدادي رحمه الله على السفر الى نايسابور كتب له شيخه رسالة الى الحافظ ابي نعيم الاصبهاني يوصيه به خيرا ويبين حرصه على كتابة الحديث وسماعه ولقد استغرقت رحلته الى نيسابور وما جاورها من البلاد نحو اربع اربع سنوات وبعد ذلك توجهت همته الى بلاد الشام فقصد دمشق ودخلها عدة مرات وزار بيت المقدس ودامت رحلته هذه الى بلاد الشام نحو تسع سنين كل هذه السنوات والخطيب البغدادي رحمه الله تعالى يقطع الامصار مصرا بعد مصر والبلدان بلدا بعد بلد في طلب العلم وتحصيل حديث النبي صلى الله عليه وسلم لقد انتجت هذه الرحلة مصنفات نافعة رائقة للخطيب البغدادي التي من ابرزها كتاب تاريخ بغداد الذي يسمى تاريخ مدينة السلام ولقد ابرز في هذا الكتاب مآثر هذه المدينة العظيمة وذكر عظماءها وفي ذلك يقول القائل جلا محاسن بغداد فاودعها تاريخه مخلصا لله محتسبا وقام في الناس بالقسطاس منحرفا عن الهوى وازال الشك والريبة لقد ترجم في كتاب تاريخ بغداد لعدد كبير من عظماء هذه المدينة فلقد زادت عدد التراجم في هذا الكتاب عن سبعمائة عن سبعة الاف وثمانمائة ترجمة واورد في اثناء تلك التراجم اكثر من اربعة الاف وثلاثمائة حديث وكل مصنفات الخطيب البغدادي مصنفات رائعة وقد اثنى عليها بعضهم فقال شعرا تصانيف ابن ثابت الخطيب الذ من الصبا الغظ الرطيب يراها اذ رواها من حواها رياضا للفتى اليقظ اللبيب ويأخذ حسن ما قد صاغ منها بقلب الحافظ الفطن القريب فاية راحة ونعيم عيش توازي كتبها بل اي طيب لقد حاز الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى ثناء علماء عصره فقال ابن ماكولا كان ابو بكر الخطيب اخر الاعيان ممن شاهدناه معرفة وحفظا واتقانا وضبطا لحديث رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وتفننا في علله واسانيده وعلما بصحيحه وغريبه وفرده ومنكره ومطروحه ثم قال ولم يكن للبغداديين بعد الدارقطني مثله وقال مؤتمن الساجين ما اخرجت بغداد بعد ابي الحسن الدارقطني مثل الخطيب البغدادي وقال ابو اسحاق الشيرازي الفقيه المعروف ابو بكر الخطيب يشبه يشبه بالدارقطني لمعرفة الحديث وفي حفظه ومع علمه الواسع الا ان الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى كان متواضعا جم التواضع وهكذا ينبغي للمرء اذا زاد علمه زاد تواضعه سأله رجل مرة فقال له هل انت الحافظ ابو بكر فقال انا احمد بن علي انتهى الحفظ الى الدارقطنين يقول ذلك تواضعا رحمه الله لقد كان الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى يتمنى امورا ثلاثة فلما حج سأل الله عز وجل ان يحققها له ذكر ابن عساكر رحمه الله ان الخطيب البغدادي لما حج شرب من ماء زمزم ثلاث شربات وسأل الله عز وجل ثلاث حاجات اخذا بالحديث ماء زمزم لما شرب له فالحاجة الاولى ان يحدث بتاريخ بغداد في بغداد والحاجة الثانية ان يملي الحديث بجامع المنصور والحاجة الثالثة ان يدفن عند بشر الحافي وهو احد العباد المشهورين فحقق الله عز وجل له الامنيات الثلاث تعرض الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى لمحنة جعلته يفارق بغداد اكثر من عشر سنين وتنقل حتى وصل الى دمشق وكانت دمشق انذاك تابعة للفاطميين وكان الخطيب البغدادي رحمه الله يحدث الناس بفضائل الخلفاء الاربعة في الجامع الاموي في دمشق فسعى به بعض الوشاة الى الفاطميين وكاد ان يقتل لولا ان الله نجاه فخرج من دمشق ثم الى مدينة صور ثم الى بيت المقدس ثم عاد ادراجه الى مدينة بغداد وكان انذاك قد بلغ السبعين من عمره وعندما استقر في بغداد بدأ يحدث في جامع المنصور بكتابه تاريخ بغداد وبسنن ابي داوود. وبهذا يتحقق للخطيب البغدادي امران مما سأل الله سبحانه وتعالى ان يحققهما له توفي الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى في ذي الحجة سنة اربع مئة وثلاثة وستين. وشيعه العلماء والكبراء. وكان ممن حمل جنازته الشيخ ابو اسحاق احد كبار فقهاء الشافعية وكان ينادى امام الجنازة هذا الذي كان يذب الكذب عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندما مات الخطيب البغدادي كان قد اوصى ان يدفن بجانب قبر بشر الحافي يقول اسماعيل ابن ابي سعد الصوفي كان الشيخ ابو بكر بن زهراء الصوفي قد اعد لنفسه قبرا بجانب قبر بشر الحافي فلما مات الخطيب البغدادي وكان قد اوصى ان يدفن الى جانب قبر بشر الحافي فجاء اصحاب الحديث الى ابن الزهراء وسألوه ان يدفنوا الخطيب البغدادي في قبره وان يؤثره به فامتنع وقال هذا موضع قد اعددته لنفسي فلا يؤخذ مني رجاء الى الشيخ ابي سعد الصوفي. وذكروا له وذكروا له ذلك فاحذر ابن الزهراء فقال له انا لا اقول لك اعطهم القبر ولكن اقول لك لو ان بشرا الحافي كان حيا وانت الى جانبه فجاء ابو بكر الخطيب ليقعد دونك اكان يحسن بك ان تقعد اعلى منه فقال ابو بكر بن الزهراء لا بل كنت اجلسه مكاني فقال فهكذا ينبغي ان تكون هذه الساعة فطاب قلبه واذن ان يدفن الخطيب البغدادي بجانب قبر بشر الحافي. وبهذا تحققت الامنية الثالثة التي يتمناها الخطيب البغدادي عندما شرب ماء زمزم فرحم الله الخطيب البغدادي واجزل له الاجر والثواب والى لقاء قادم مع علم اخر من اعلام المحدثين استودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته القيام بترجمة مشاهير المحدثين. وبيان ابرز اللفتات في حياتها العلمية والحديث عن اصحاب الكتب منهم مع بيان موجز لمناهجهم فيها. وتأثيرهم في ايات العلمية والمعرفية للامة. برنامج مشاهير المحدثين العصور تقديم الدكتور لبيب نجيب