باطنه دون بعض كما فيحسن مثلا اذا كان في المسألة نص شرعي واضح او بخلاف ما اذا كان مثلا ذهن السائل لا يتحمل الجواب او كان الجواب قد يؤدي بالسائل الى من اجل الدعاية او لسلعة معينة او ضد تلك السلعة. وحينئذ لا يكون مقصود بالسؤال معرفة حكم الله عز وجل. وهكذا قد اه يأتي السؤال من غير ان يكون له حاجة استنقاص او التقليل من رتبة غيره. ومن هنا قال ابن عمر كنا نخير بين الناس في في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فنقول خيرهما ابو بكر ثم عمر ثم عثمان السلام عليكم وعليكم السلام حياك الله اكرمك الله استغفر الله استغفر الله استغفر الله الحمد لله رب العالمين نحمده ونشكره ونثني عليه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فان النبي صلى الله عليه وسلم قد بعث بالحنيفية السمحة ولذلك ليس بهذه الشريعة التي جاء بها اغلال ولا اثار كما كان على الشرائع السابقة وليس فيها ايضا انحلال وتجاف عن الاحكام. ولذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم كما ان من اجلال الله اجلال ذي الشيبة المسلم والامام المقسط وحامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه. ولذا كان من شأن اهل الفتوى ان يحملوا الناس على ما جاءت به الشريعة من التوسط في الامور فلا يذهبون بهم مذهب الشدة ولا بهم الى طرف الجفاء والانحلال بل يحملونهم على التوسط من غير افراط ولا تفريط هذا هو المفهوم من شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه الكرام. ولذا رد النبي صلى الله عليه وسلم التبتل بالبقاء وعدم الزواج. وقال لمعاذ لما اطال بالناس في الصلاة افتان يا معاذ، ومن المعلوم ان الخروج الى الاطراف عن العدل لا تقوم به مصلحة الخلق لان التشديد مهلكة والانحلال والجفاء مهلكة ايضا ولكن قد يكون في بعض المواطن يحصل عند بعض المكلفين نقص ومن ثم يحتاجون الى الى بيان ما جاءت به الشريعة من الرخص في مسائلهم. وليس هذا مضادا لما ذكرنا من ان شأن المفتي ان يكون على التوسط. ولكن يعلم بان حمل شريعة الناس على التوسط لا يعني انها حملتهم على كل تخفيف. وانما تحملهم على التخفيف الامور التي يوجد عندهم فيها شدة او نقص. والا للزم على ذلك كان يرتفع التكليف بالكلية عن المكلف بالنسبة للمجتهد في نفسه قد يحمل على نفسه من التكاليف والواجبات ما هو فوق اه وربما اقتدى به في مثل ذلك من لا يطيق العمل فينقطع ومن هنا بعض اهل الفتوى يخفون ما يقومون به من اعمال من هذا الجنس ذلك كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بل ربما ترك العمل خوفا من ان يعمل به الناس فيفرض عليهم فيكون هذا شاقا بهم ومن الامور التي تتعلق المستفتي الذي يجب عليه ان يقتدي باهل الاجتهاد ان المقلد اذا عرظت له مسألة دينية فيجب عليه ان يسألنا العلماء ولا يسعه في الدين الا السؤال عنها. لانه لا يتمكن ان يقوم باوامر الشرع والعمل بدينه لله الا بسؤال العلماء. وما لا يتم الواجب الا به فهو واجب. وقد قال تعالى فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون. وقال النبي صلى الله عليه وسلم الا سألوا اذ لم يعلموا فانما شفاء العين السؤال ولكن لا يجوز للمقلد ان يسأل الا من كان من اهل الفتوى ممن يعتبر ثوابه في شرع الله عز وجل وقد وجدت فيه آآ الصفات والشروط المشترطة في اهل الفتوى والاجتهاد لئلا يكون عمله من اسناد الامر الى غير اهله. وقد وقع الاجماع على عدم جواز سؤال من ليس من اهل العلم وفإن الله قال فاسألوا اهل الذكر ولم يجعل وعلى موجه لكل احد. ومن هنا نعلم ان بعض الناس قد يستفتي من زاول العمل مرارا يقول فلان قد حج مرات وبالتالي اسأله او يسأل من كان يزاول الصلاة في مسائل الصلاة او الجهاد في مسائل الجهاد فنقول هذا خطأ فان الواجب مراجعة اهل العلم وحينئذ اذا انا السؤال واجبا على العامي فيجب عليه الا يسأل الا من هو اهل لذلك ولو قدر ان المفتين تعددوا في البلد الواحد فالارجح من اقوال اهل العلم جواز اي واحد منهم. لان لانه في عهد الصحابة كان يسأل الفاضل والمفضول بلا نكير اذا تقرر هذا فان كون الفقيه او كون العامي يأخذ بقول فقيه لا يجيز له ان يطعن بمذهب غيره ولا ان يطعن في غير من يستفتيه من اهل العلم الطعن فيما في مذاهب الاخرين او في اقوالهم ليس من طريقة اهل الفتوى واهلي العلم. ولذا جاءت الشريعة بالنهي عن السباب كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم سباب المسلم فسوق ومن ذلك القدح في من يخالفنا في الفتوى وذلك يؤدي الى التدابر والتقاطع بين اهل المذاهب. ثم ان الطعن والتقبيح ربما يؤدي الى الانحراف ويكون سببا في اثارة الاحقاد وآآ حينئذ يجب على الانسان ان يحفظ لسانه في هذه الابواب والا يسخر من قول فقيه مهما استغربه. ومن الامور التي اه تتعلق بهذا فان اه كون انسان يذكر فضائل فقيه من الفقهاء ويذكر مميزات ذلك الفقيه وما لديهم من الصفات الفاضلة هذا لا يتناقض مع ما ذكرته سابقا ولا يؤدي الى القدح في غيره وقد ذكر الله جل وعلا انه اه ان الانبياء على مراتب وفظل بعظهم على بعظ في قوله تعالى ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض لكن بشرط الا يكون التفضيل على جهة ومن المسائل التي ينبغي ان تلاحظ في هذا ان من كان من المفتين فقوا قوله مع فعله وتكون احواله على مقتضى فتواه فهو ممن يوصف باوصاف العلم وبالتالي يقام معه مقام الامتثال التام. وحينئذ من كان هذا حاله فان وعظه يكون ابلغ في القلوب وقوله يكون انفع في الناس وفتواه تكون يكون لها الاثر العظيم في الخلق ممن لا يتصف بمثل هذه الصفات لانه قد ظهرت عليه ينابيع العلم واستنار به وكلامه يخرج من القلب فيقع في القلوب. وقد قال الا انما يخشى الله من عباده العلماء. ومن طابق فعله قوله فانه تصدقه القلوب. وتنقاد له طواعية النفوس بخلاف من لا يقوم بذلك المقام. وخصوصا فيما يتعلق مناهي فان كون المفتي والفقيه يترك ما ينهى عن آآ مما يحقق مكانة ذلك جاء الفقيه لان درع المفاسد اولى من جلب المصالح. وفي الحديث اذا نهيتكم عن شيء فانتهوا واذا امرتكم بامر فاتوا منه ما استطعتم والمناه لا تحتاج الا الى ترك بخلاف الاوامر فقد اجزوا المكلف عن ادائها. واذا تقرر هذا فان افعال اهل اقتداء على نوعين منها من يكون فعله من الادلة الشرعية كالاقتداء بفعل النبي صلى الله عليه وسلم او فعل اهل الاجماع. فمثل هؤلاء يقتدى بهم قصدا ويتحرى ما لديهم من العمل. وقد اقتدى الصحابة بالنبي صلى الله عليه وسلم في اشياء كثيرة واما من لم يكن كذلك فان آآ عدم ان الاقتداء به في فعله لابد ان يقارن ويقاس بغيره من الادلة الشرعية لانه ليس من ما يستدل به لذاته ومن الامور التي اشار اليها المؤلف ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بشيء من امور الدنيا وكان يحب امورا من امور الدنيا وكان ينال مما الله في الدنيا ما ابيح له كحبه للنساء والطيب والحلوى والعسل والدباء ونحو ذلك وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم بامور كثيرة من امور الدنيا فاستعاذ من الفقر والدين وغلبة الرجال وشماتة الاعداء والهم والرد الى ارذل العمر. وكان يمكنه ان يدعو او ان يخصص ودعواته بامور الاخرة. ومع ذلك دعا بامور الدنيا. وآآ من امور التي ينبغي ان تلاحظ في هذا ان غلبة الظن معمول بها في الاحكام تعين بالقرائن ان الفقيه قصد الى الفعل او الترك لا سيما في العبادات ومع تكرار الفعل منه فهذا يدل على انه قصد ذلك الفعل واراده. خصوصا اذا كان ذلك الفعل ليس من الامور الدنيوية وانما هو من الامور الاخروية ولذلك ننبه الى ان الفقهاء على ثلاثة مراتب كما ذكرنا سابقا اولهم اهل الفروع الذين يعرفون جزئيات بدون ان يعرفوا الكليات فهؤلاء ليسوا من اهل الفتوى وبالتالي لا يسوغ الاقتداء بافعالهم كما انه لا تؤخذ لا يؤخذ باقوالهم. اما من عرف الكليات والجزئيات فلا شك ان هذا يفتي وتؤخذ فتاواهم بالقبول وبالتالي فان افعالهم يقتدى بها. واما من عرف الكليات ولكنه تناسى الجزئيات فهذا يقع الاختلاف في مشروعية الاقتداء في افعاله كما وقع الخلاف في آآ فتاوى على ما تقرر سابقا وهناك اوصاف في اهل الفتوى ينبغي ان تلاحظ منها كثرة الاستدلال بالكتاب والسنة فان الذي يستند في فتاواه الى الادلة من الكتاب والسنة دليل على ان انه انه يوافق الحق في المسائل التي يفتي فيها غالبا وليس معنى هذا انه يلزم هو ان ان يستدل بهذين الاصلين في كل مسألة. لان بعض المسائل قد تبنى على اقيسه وعلى مفاهيم ودلالات قد لا يفهمها المستفتي وبالتالي لا يذكرها المفتي. ومن الاوصاف ان انه يتأنى في الفتوى في المسائل قبل ان يفتي فيها. فيفكر في المسألة التي يريد وفيها وينظر في انطباق الادلة عليها. وقد ورد عن الامام ما لك انه قال اني لافكر في مسألة منذ بضع عشرة سنة فما اتفق لي فيها رأي الى الان. وكان رحمه الله اذا جلس نكس تهو وحرك شفتيه يذكر الله ولا يلتفت يمينا ولا شمالا. واذا سئل عن مسألة تغير لونه وينكس رأسه ويحرك شفتيه ويقول ما شاء الله لا حول ولا قوة الا بالله وربما ما سئل عن خمسين مسألة فلا يجيب منها الا في المسألة او في المسألتين. وكان يقول من احب ان عن كل مسألة او عن مسألة فليعرض نفسه قبل ان يجيب على الجنة والنار. ويعرف كيف خلاصه في الاخرة ثم يجيب وقال ادركت اهل العلم والفقه ببلدنا وان احدهم اذا سئل عن مسألة كأن موت اشرف عليه. وتتسامعون بما ورد عن الصحابة رضوان الله عليهم انهم كانوا يتدافعون هنا الفتوى حتى تعاد الى من استفتي اولا. وورد عن السلف من التابعين من بعدهم كلمات كثيرة في هذا المعنى. ولذا قال ابن عجلان من اه اذا اخطأ العالم لا ادري اصيبت مقاتله. وكلامهم في ذلك كثير كلهم يخوفون من ان يتسرع الانسان في هذا الباب بل يتأنى فيه حتى يحكمه ويعرف حقيقة المسألة التي يريد ان يتكلم فيها وكيفية انطباق الدليل عنها. اذا فقد المفتي فحينئذ ماذا يعمل مستفتي بعض آآ المؤلف يقرر بانه يسقط التكليف عنه في ذلك. ويعامل بمعاملة حكم افعال قبل ورود الشرائع التي يحكم فيها بسقوط التكليف. وهذا فيه نظر وذلك اننا قررنا سابقا ان الدنيا لا تخلو من اهل الاجتهاد. ان الدنيا لا تخلو من اهل الاجتهاد. لقول النبي صلى الله عليه وسلم لا تزال طائفة من امتي على الحق ومن ذلك ان يكون فيهم اهل اد وفتوى، وبالتالي فان اه فان المستفتي لا يسقط عنه التكليف ويجب عليه ان عن اهل الفتوى فيما يتعلق بمسألته. لتبرأ ذمته بذلك او تعطوا في تلك المسألة ويأخذ بما لا يتعارض مع الاقوال فيها. وحينئذ نعلم ان اننا في مرات اننا نعلم اننا يجب علينا مراجعة اهل فيما يعرض علينا من المسائل وقد ذكر بعض اهل العلم للاجماع على انه لا يجوز للمكلف ايا كان هذا المكلف ان يقدم على عمل حتى يعرف حكم الله فيه ثم عقد المؤلف مسألة ذكر ان ذكر فيها ان فتاوى المجتهدين كالادلة الى العوام. وذلك ان وجود الادلة بالنسبة الى المقلدين وعدمها سواء هم لا يعرفون معاني الدليل ولا معنى الالفاظ ولا كيفية التعامل عند ورود التعارض بين هذه الادلة يخفى عليهم القدرة على استخدام انواع كثيرة من قواعد الاستنباط. وبالتالي فهم لا يستفيدون منها فائدة حقيقية في استخراج الاحكام وبالتالي ليس النظر في الادلة وطراية من شأنهم وانما شأنهم ان يسألوا العلماء. وذلك ان المقلد غير عالم لا يصح له ان يأخذ الحكم الشرعي الا بسؤال اهل الذكر. وكم من مرة وجدنا بعض الناس مسائل على مسائل وتكون خارجة عن مثالها وعن موافقتها. وكم من مرة قال وجدنا من يقول بان هذه المسألة تماثل تلك وتكون تخالفها في علة الحكم والوصف الذي يناط به وعقد المؤلف في اخر الكتاب لواحق للاجتهاد اولهما فيما يتعلق بالتعارض والترجيح. ومن المعلوم ان ادلة الشريعة لا يوجد فيها تعارض في نفس الامر. لقوله تعالى فلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا. فدل ذلك على انه لا يوجد تعارض حقيقي بين الادلة ومن هنا اجمع المسلمون على عدم وجود تعارض حقيقي. ولا تجد البتة دليلان بل ولا تجد البتة دليلين يجمع المسلمون على انهما متعارظان لا يمكن معرفة كيفية التوفيق بينهما. ومن المعلوم ان التعارض يشترط له ثلاثة شروط. الاول صحة الدليلين. فاذا كان احد الدليلين ضعيفا فلا يقال بمعارضته للدليل الصحيح. والثاني تنافيهما المدلول فاذا كان الدليلان يدلان على مدلول واحد فلا تعارض بينهما والشرط الثالث توافقهما في محل واحد فانه لو قدر ان احد الدليلين في محل والاخر في محل اخر فحينئذ لا يوجد تعارض حقيقي اذا التعارض في نفس الامر غير ممكن بالاطلاق اطلاقا. اما من جهة نظر المجتهد فقد يظن المجتهد ان بين الدليلين تعارضا. وهذا ممكن بلا خلاف. و اذا وجدت تعارظ فان الفقيه يحاول اولا ان يجمع بين الدليلين المتعارظين بحمل احدهما على محل وحمل الاخر على محل اخر. فان لم يستطع نظر في التاريخ. واذا نظر في التاريخ عمل المتأخر وجعله بمثابة ناسخ للمتقدم. فاذا لم يعرف التاريخ نظرا في الدليلين اي ايهما ارجح فعملا بالارجح. ويلاحظ هنا ان هذه الطرائق الثلاثة اذا دققت نظر فيها فانه لا يوجد بينها تعارض. لانك اذا جمعت بين الدليلين بحمل احدهما على محل والاخر على محل بل حينئذ لم يكن هناك تعارض لعدم لعدم تواردهما على محل واحد. وهكذا اذا قلت بالنسخ فهنا لا تعارض لانك حملت الدليلين على تاريخين مختلفين. وهكذا اذا قلت بالترجيح فانه في الحقيقة لا تعارض لانك قدمت هذا الدليل فكأنك جعلت الدليل الاخر غير صالح فمرة تجعل امور الدنيا من الادلة الدالة على قدرة الله عز وجل. والادلة الدالة على امور ايمان من البعث من البعث ونحوه من مثل قوله تعالى افلم ينظروا الى السماء فوقهم كيف بنيناها للاستدلال به في هذه المسائل. وحينئذ يلحق بالتعارض في الادلة ما يكون في معناها. كما لو تعارظ قولان لفقيه على المقلد فانه حينئذ يحاول ان يجمع بينهما او ان يحملهما على محلين مختلفين او يقوم بالترجيح بينهما. وقد ذكرنا ان الترجيح يكون بصفات العلم والورع والاكثرية هكذا ايضا اذا كان هناك علامات تعارضت آآ في محل واحد علامات تدل على الحكم كما لو وجد عندنا مثلا طير فيه سببان احدهما يقتضي الاباحة والاخر يقتضي التحريم. وهكذا لو قال جائنا شخصان فقال احدهما هذا الماء طاهر وقال الاخر هذا الماء نجس فاننا نعمل فيهما بقواعد دفع آآ التعارض. وهكذا لو تعارضت الاسباب كما لو اختلطت الميتة بالمذكاة او تعارضت الشروط كما لو تعارضت البينتان عند القاضي. وليعلم بان طرائق الترجيح ليست منحصرة بل هي كثيرة متعددة لا يمكن حصرها وذلك ان الترجيح مرتبط بظن وهذا الظن له مراتب وله اسباب ومنازل. وبالتالي فان اوجه الترجيح غير منحصرة وكما تقدمن الترجيح في الحقيقة راجعني لا تقوية احد الدليلين على اخر وبالتالي كانه ينفي وجود التعارض ولانه ابطل احد المتعارضين ومن ثم فليس هناك تعارض حقيقي. وما يظن انه من التعارض على اربعة انواع. الاول ان يتعارض دليل كلي مع دليل جزئي. ففي هذه الحال نعمل بالدليل الجزئي في موطنه ونعمل بالدليل الكلي في غير ذلك الموطن الجزئي. كما في قوله تعالى والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثة قرون ثم قال وولاة الاحمال اجلهن ان يضعن حملهن. فحينئذ نعمل بالحديث الثاني لانه جزئي في محل لوروده ونعمل في بقية الصور بالدليل الكلي. والجهة الثانية ان يقع ارض بين دليلين جزئيين كلاهما داخل تحت كلية واحدة. وهذا مثاله كما لو تعارض حديثان في مسألة واحدة كما في حديث صلى الفجر بغلس وحديث اسفروا بي الفجر وحينئذ نحاول ان نجمع بينهما فان عجزنا عملنا باحد الدليلين من باب النسخ او من باب الترجيح سواء قلنا بان الراوي قد غلط او وهم ومن ثم في الحقيقة لا يوجد تعارض حقيقي في هذا اه البحث. قد نتمكن من اعمال الدليلين بحمل احدهما على محل والاخر على محل كما في حديث النهي عن استقبال القبلة ببول وغائر فمع حديث صعدت على بيت حفصة فرأيته يبول كذا وكذا. فحملنا الاول على قال اه عاد البرية وحملنا الثاني على حال البنيان. والصورة الثالثة ان يقع تعارض بين دليلين جزئيين لا يدخلان تحت كلية واحدة. فمن امثلة ذلك لو وجد عندنا شخص لا يستطيع الوضوء ولا التيمم. فحينئذ تعارض في حقه دليل كليان احدهما او دليلان جزئيان كل منهما يتعلق بكلية مستقلة. احدهما قوله اقيموا الصلاة فهذا يأمره باداء الصلاة والثاني قول الله عز وجل يا ايها الذين امنوا اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم مما يأمره بالوضوء. فحينئذ نجد ان الصلاة راجعة الى كل امر كلي من الضروريات والطهارة راجعة الى امر كلي من التحسينات. وبالتالي فاننا نعمل الترجيح بينهما فنقدم المحافظة على الكلي في ذلك. واما الصورة الرابعة فان يقع اتعارض بين كليين من نوع واحد. وهذا قد ظن بعض الناس انه امر شنيع ولكن لو قدر وقوعه فانه لا بد ان يكون لكل واحد من الدليلين اعتبار مستقل وبالتالي يا لا يقع تعارض حقيقي بينها. ومثل المؤلف لذلك الادلة الواردة في امر الدنيا. فاننا قد وجدنا ادلة تقتضي ذم الدنيا وتطلب وعدم الالتفات اليها وفي المقابل وجدنا ادلة تقتضي مدحها والالتفات اليها واستعمالها فيما يعود بالنفع. فهناك نصوص قالت بان الدنيا لا فائدة في هؤلاء محصولة عندها وانما هي لعب كما قال تعالى وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور وكما قال انما الحياة لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم الايات وردتنا ايات تخبر بان دنيا زائلة سريعة كما في قوله تعالى انما هذه الحياة الدنيا متاع وقوله انما مثل الحياة الدنيا كما ان انزلناه من السماء فاختلط به نبات الارظ ونحو ذلك من النصوص واظرب لهم مثل الحياة الدنيا اما ان انزلناه من السماء فاختلط به نبات الارظ فاصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا وفي المقابل وجدنا نصوصا تجعل او تجعل المكلف يلتفت الى هذه الدنيا ومالها من فروج. وهكذا ايظا نجد ان بعظ النصوص تبين ان ما في الدنيا من النعم ومن الخيرات التي يعطيها الله عز وجل لاوليائه المؤمنين. ومن امثلة ذلك مثلا ما ذكره الله عز وجل في سورة النحل التي فيها ذكر ما تفضل الله به على العباد من النعم كما في قوله تعالى والانعام قلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون. الى ان قال ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون. ثم قال والخلى البغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون. ثم قال هو الذي انزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون. الى ان قال سبحانه وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها. في نصوص كثيرة كلها تعرف بذلك. فهنا تعارض كليا احدهما يدل على الترغيب في والحث عليها والثناء عليها واخر يدل على ذمها والتزهيد فيها. فحينئذ نحتاج نظر الفقيه الحق الذي يميز المقصود من كل نوع من هذه الانواع في الدنيا فكون الدنيا مجرد لعب ولا يظاد كونها من نعم الله عز وجل ومن فظله سبحانه وتعالى. وذلك ان العبد متى عرف اه متى جعل هذه الدنيا سبيلا الى معرفة آآ الحق وجعلها سببا من اسباب شكر الله عز وجل كانت في حقه نعمة بخلاف من استعملها في مساخط الله جل وعلا فانها تكون مذمومة في حقه ولذا قال تعالى كتب عليكم الوصية كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت ان تركه ايش؟ خيرا فسماه خيرا الوصية فلماذا؟ لانه حينئذ سيفعل به امرا محبوبا لله جل وعلا. ومن هنا قال تعالى يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم. في هذه الاية دلالة على ان من اتى بالقلب السليم فانه في يوم القيامة ينتفع بماله وولده لان الاستثناء من النفي اثبات كما هو مقرر عند اهل العلم ومنه قوله تعالى وما اموالكم ولا اولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى لا من امن وعمل صالحا فاولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات امنون فهؤلاء لما كانوا ممن امن قربتهم اموالهم واولادهم من الله زلفى. ولذلك كوعد الله اهل الايمان والعمل الصالح بان يعطيهم من الدنيا سواء في النصر كما في قوله انا لننصر رسله والذين امنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد او كان في امور الارزاق والنعم كما في قوله على من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة. وقال الا بذكر الله تطمئن القلوب وبذلك يعلم ان ذم الدنيا باطلاق لا يستقيم كما ان مدحها باطلاق لا يستقيم ولذا نجد الصحابة رظوان الله عليهم يطلبون الدنيا ويشتغلون بطلبها ويعملون فيها لان انهم يستعينون بها على شكر الله عز وجل ويجعلونها مركبا يرتحلون به للاخرة مع كونهم قد ملكوا الاموال العظيمة هم ازهد الناس في الدنيا. فمرتبة الزهد لا تعني عدم وجود الدنيا عند العبد. وانما معناها ان يستعمل العبد الدنيا فيما ينفعه في اخرته. ولذا ذكر العلماء مسألة ايهما افضل؟ الغني الشاكر ام آآ الفقير الصابر وبعضهم يطلقها فيقول ايهما افضل الغني؟ او الفقير. فالغني اذا كان غناه لا على الطاعة وانما يورده المعاصي والمهالك فالفقر احسن من حاله. واما اذا كان الغني اعينوا بغنى على امر اخرته فلا شك ان الغني الشاكر او لا حالا من الفقير الصابر خصوصا انه اطاع الله في حال الاختيار والثاني انما هو حال اضطرار في حقه لا يستطيع ورفعه ثم عقد المؤلف بابا اخر في احكام السؤال والجواب وهو علم الجدل وقد صنف الناس فيه مؤلفات وكان لنا ولغيرنا مؤلفات في هذا الباب قد قسم المؤلف الاسئلة الى اربعة انواع. النوع الاول سؤال العالم للعالم من اجل تحقيق علم او رفع اشكال قد يحصل له او لتذكر ما خشي انه قد نسيه. والنوع الثاني سؤال لمتعلم مثله لمذاكرته او للتمرن على التعلم قبل لقاء العالم والثالث سؤال العالم للمتعلم اما على جهة الاختبار مثل الاسئلة التي نجعلها في اخر هذه المحاضرة او من اجل ان ينبهه على اشكال قد يكون عنده يحاول ان يرفعه منه. فهذه الثلاثة جوابها مستحق لا يحسن بالانسان ان يمتنع عن جوابها. واما النوع الرابع فهو سؤال المتعلم للعالم. سؤال المتعلم للعالم وهو في الغالب يطلب معرفة ما لم يكن اعلمه سابقا. وهذا النوع لا يحسن الجواب فيه دائما. وانما يحسن الجواب في بعض التعمق فيما قد يعود عليه بالاشتغال عن واجب اوجبه الله عليه او يؤدي به الى تكلف ما لا يعنيه او يؤدي به او يكون ذلك السؤال لا ينبني عليه عمل او يكون السؤال من على جهة الاغاليط يريد ان يغلط العالم. وهكذا قد تأتينا اسئلة مثلا من اشخاص يريدون ان يشوهوا دين الاسلام من خلال صياغة السؤال بما تنفر منه نفوس بعض الخلق لانهم لا يقبلون الجواب في مثل تلك المسائل لعدم موافقتها لرغباتهم او هوائهم او لوجود طرق كثير لهذه المسألة على جهة ذم احد اقوالها حتى اه في النفوس ان ذلك القول مذموم ومن الامور التي ننبه فيه عليها في هذا ان السؤال ينبغي ان يكون على مقدار الحاجة والا يزيد السؤال عن ذلك المقدار. ولذلك قرر اهل العلم ان الاكثار من الاسئلة مذموم لقوله تعالى يا ايها الذين امنوا لا تسألوا عن اشياء تبد لكم تسؤكم ومن هنا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كثرة السؤال وكره عليه الصلاة والسلام اه المسائل وعابها. ولما قال له رجل في الحج في كل عام اعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم. ومثل هذا في قصة اصحاب البقرة حينما سالوا سؤالا بعد سؤال فتعنتوا في مثل ذلك. وقد ورد النهي عن الاغلوطات وهي المسائل التي تسأل وتطرح على العالم من اجل ان يغلط فيما عنده ولذا ورد عن كثير من التابعين التنبيه على هذا. فقال الاوزاعي مثلا اذا اراد الله ان يحرم عبده بركة العلم القى على لسانه الاغاليط. وقال الحسن شرار عباد الله الذين بشرار المسائل يعنتون بها عباد الله. وحينئذ نفهم ما ورد في حديث انس قال نهينا ان نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء فكان يعجبنا ان يجيء الرجل من اهل العاقل فيسأله ونحن نسمع. وكراهية السؤال في تلك المواطن اما لكون السؤال آآ كان واقعا عن امور لا تنفع في الدين او ان السؤال كان لغير حاجة احتاجوا اليها السائل او كان السؤال عن عمل لشخص اخر غير السائل وفي مرات قد يكون السؤال في ذلك الوقت وفي مرات يسأل عن مسائل دقيقة يريد بعض الناس ان يبرز نفسه انه عارف وعالم تلك الدقائق. وهكذا يظع مما ذكر اهل العلم انه ينهى عن فيه ان يسأل عن حكمة الحكم بحيث يظن ان العبد لا يمتثل الحكم الا من اجل حكمته لا من اجل طاعة الله عز وجل. وهكذا ينهى عن السؤال اذا بلغ التكلف والتعمق وقد قال تعالى قل ما اسألكم عليه من اجر وما انا من المتكلفين ومن ما ينهى عنه من الاسئلة تلك الاسئلة التي تورد على جهة الاعتراظ على ما في الكتاب والسنة وعدم قولي لهما وكذلك من الاسئلة التي ينهى عنها ان يسأل عن اعمال الاخرين خصوصا من مضى من ذلك ان يسأل عن عما شجر بين السلف الصالح وعن كلام بعض الائمة في بعضهم الاخر ومن ذلك ان تكون الاسئلة على جهة التعنت والافحام وطلب الانتصار على خصوم لا على جهة اه الرغبة في اظهار دين الله عز وجل. وقد قيل بان قوله تعالى بل هم قوم خصمون وقول النبي صلى الله عليه وسلم ابغض الرجال الى الله الالد الخصم هو مما يدخل في هذا باب وعقد المؤلف مسألة بين ان الاعتراظ على اهل الفضل والعلم ليس من شأن اهل التقوى ورع لان لان الاخذ بفتوى الفقيه بناء على الثقة فيه انه مئال للفتوى. وبالتالي لا ينبغي ان يعترض عليه. وكون الانسان يستفسر عن بعظ ما قد يستشكله لا يعني هذا انه اعتراظ كما سيأتي معنا بعض الوقائع التي فيها سؤال بعض الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم على جهة ايضاح الحكم لا على جهة الاعتراظ. وانتم تعلمون قصة موسى مع الخضر عليه عليهم السلام حينما آآ اشترط عليه الا يسأله عن شيء حتى يحدث له منه ذكرا. وتعرفون اعتراض عندما آآ قالوا بان انجعل فيها من يفسد فيها وآآ يسفك الدماء فرد الله عليهم بقوله اني اعلم ما لا تعلمون. ومن الاعتراض اعتراض ابليس الذي ارداه حينما ما امر بالسجود لادم فقال انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين. فمثل هذه هي الاعتراضات غير مقبولة لكن وذلك ان الاعتراظ مفظ او دال على امتناع آآ حصول الانسان على الفائدة يوقع النفرة بين الشيخ وتلميذه. لكن ينبغي ان يعلم اننا متى علمنا ان ذلك الفاضل من العلماء الذين يتصفون بالامانة والصدق وتحكيم الكتاب والسنة. ويسيرون على طرائق اهل الفضل والدين والورع. فحينئذ مثل وهؤلاء لا يحسن ان يعترض عليهم. ومن اشنع الاعتراضات ان يؤخذ كلام من لا يوثق في دينه فيقدح به في كلام اهل الفضل والثقة والامانة. لا بأس ان تعرظ مثل هذه الاشكالات على الفقيه من اجل ان يحلها لا من اجل ان يعترض عليه فيها وهكذا ايضا قد يكون في النصوص ظواهر يرد عليها احتمالات وجهود الاحتمال على الدليل لا يعني اننا نلغي الدليل بالكلية. بل علينا اولا ان نميز بين الاحتمال الوارد والاحتمال غير الوارد وبين الاحتمال الذي لا يقبل الا عند استناده الى دليل وبين اه الاحتمالات التي تقابل هذا النوع من الاحتمالات والا لو فتحنا باب الاحتمالات للاعتراظ بها على ادلة الشريعة فحينئذ يكون هذا من مناقضة مقصود الشارع في تصديق كلام الله وطاعته سبحانه وتعالى لا وبالتالي لو جرينا هذا المجرى لالغينا فائدة انزال الكتب وارسال الرسل السلام واذا تقرر هذا المعنى فليعلم بان الفقيه عند نظره للمسائل قد يكون يريد ان يصل الى الحق بنفسه فيكون ناظرا من اجل وصول حق. فحينئذ ما اداه اليه اجتهاده فهو حكم الله عز وجل في حقه. ولا يحتاج حينئذ الى مناظرة ويحسن به ان يشاور والمشاورة تكون حتى مع من يخالفه ليستوضح ما لديه فان المجتهد امين على نفسه. وبالتالي لا حرج عليه في ان يكتفي بما لديه واما في حال المناظرة فحينئذ ينبغي به ان يسير على القواعد اعد التي يتأدب فيها الانسان مع غيره اذا تقرر هذا فان العبد يتقرب لله عز وجل بتحكيم الكتاب والسنة على كل ما لديه. ومن اذا وجد من يخالفه في مسألة فانه يرد تلك المسألة الى ما في الكتاب والسنة لقوله اعلى فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر ولا يستعين الانسان بمن آآ بغيره ولو كان يخالفه في الرأي. واما اذا اكان المناظر مستقلا بنظره. فحينئذ ينبغي به ان يراعي آآ طرائق الشرعية والصفات التي يذكرها اهل العلم في هذا الباب. اذكر من الوقائع التي سئل عنها ان الصحابة لما نزل قوله تعالى الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن واولئك ايش؟ هم المهتدون. جاءوا الى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا واينا لم يلبس ايمانه بظلم. فهذا ليس على جهة اقتراض وانما على جهة التفهم. وبالتالي اخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالمعنى المراد بالاية فقال لم تسمعوا الى قول الحكيم. وهكذا يظن عندما سألت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم في اه ما يتعلق مناقشة الحساب فانها لما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول من نوقش الحساب عذب قالت ان الله عز وجل يقول فسن ايش فسوف يحاسبه حسابا يسيرا بالتالي هذا على جهة التفهم وليس على جهة الاعتراظ ومن ثم لا بد ان يعلم انه عند المناظرة لا بد ان يكون المنافق لك مسلما بنوع الدليل الذي تستدل به. فاذا كان من اهل الاسلام فتستدل عليه الكتاب والسنة لانه لا يوجد خلاف بين اهل الاسلام في حجيتهما وانهما الاصل الذي يرجع اليه عند التنازع واما اذا كنت تناظر من لا يحتج بهما فحينئذ تحتج عليه بما يتناسب مع حاله. ولكن يلاحظ ان الكتاب والسنة ليست ادلة سمعية مجرد بل فيها من الادلة العقلية ما تذعن له العقول السليمة. ولهذا احتج الله عز الا بعدد من الادلة العقلية على هؤلاء الكفار في مسائل منها اثبات قدرة الله ومنها وجوب عبادته سبحانه وتعالى ومنها اثبات آآ المعاد وحساب العباد في ذلك اليوم ومنها عبادة الاصنام التي تعبد من دون الله كما في قوله تعالى اذ قال ابراهيم اذ قال لابيه يا ابت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا وانظر الى ما ورد في صلح الحديبية فانه لما كتب بسم الله الرحمن الرحيم قالوا لا نعرف الرحمن الرحيم اكتب باسمك اللهم فكتب ما يعرفون صحته ليلتزموا به. وهكذا لما قال اكتب من محمد رسول الله قالوا لو نعلم انك رسول الله لاتبعناك ولكن اكتب اسمك واسم ابيك فكتبا محمد ابن عبد الله. فالمقصود ان الاصل الذي يرجع اليه ينبغي ان يكون هو الدليل على صحة الدعوى وان يكون متفقا على الاحتجاج به مسلما عند الخصم بيني ومن الامور التي اشار اليها المؤلف ان بعض اهل العلوم الاخرى قد يقصرون العلم على باب ويغفلون ابوابا اخرى بينما هي من طرائق العلم. ومن امثلة هذا مثلا معرفة حقائق الاشياء فان اهل المنطق يقولون لا يمكن لاحد ان يعرف حقيقة شيء مفرد الا التي هي التعريفات فمثل هذا الحصر نقول لا يصح ان يحصر فهناك طرائق يمكن ان نعرف بها حقائق الاشياء غير التعريفات. كما في المثال والاشارة تقول ما التفاحة؟ تقول مثل هذه او بالرسم بان ترسم ترسم تفاحة وهكذا ايظا في البراهين فانهم قولون لا تحصلوا اه التصديقات التي هي معلومات فيها نسبة بين شيء واخر الا من خلال البرهان الذي يبنى على مقدمتين تنتج عنهما نتيجة لذاتهما كونوا ذلك على اشكال معينة. فمثل هذا ايضا هذا الحصر لا يصح. ويمكن ان نعرف اه النسبة بين شيئين من غير هذا الطريق. على انهم يلتزمون مصطلحات منطقية و قد لا يفهمها كثير من الناس كما انهم يسيرون على طرائق ويستعملونها تجعل ما يريدون اليه بعيد المنال يمكن الوصول الى ذلك المطلوب بطريق اخصر سارة منه. وحينئذ قول هؤلاء بانه لا نتيجة الا من مقدمتين. وان المقدمة الواحدة لا تنتج هذا فيه نظر. ولذلك اذا قلت مثلا زيد حي فانك حينئذ تستفيد في الموت عنه وهذه نتيجة اخذناها من مقدمة واحدة وهكذا عندما تقول الجنس البشري ينقسم الى قسمين احدهما الذكر فحينئذ تفهم ان القسم الاخر هو الانثى ولو لم يوجد هناك مقدمتان فعرفت النتيجة بدون ان تكون مبنية على طريقها التي يرسمونها. وحينئذ نعلم ان من اكثر اسباب ظلال الخلق نفي وهم نسيهم المعلومة لكونهم لا يعلمون. فقد يجحدون ما لا يعلمونه. فكونك لا تعلم ليس معناه ان ذلك المعلوم لا يمكن الوصول اليه. واكثر ما اصيب الناس منه جحد ما لا يعلمون هذا ما ذكره العلامة الشاطبي في كتابه الموافقات فيما يتعلق بمسائل الاجتهاد وهي مسائل مهمة يحتاج الناس اليها كثيرا وفيها تفاصيل قد يحتاج اليها من يريد ان يتوسع في آآ علم آآ هذه المسائل وان لم تكن آآ هي المقصودة اصالة بارك الله فيكم ووفقكم الله لكل خير وجعلنا الله واياكم من الهداة المهتدين اسأله جل وعلا ان يصلح احوال الجميع وان يجعلنا واياكم ممن رظي الله عنه واحب ورفع درجته دنيا واخرة. هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين